تمثل الطاقة الشمسية أحد المجالات التي يتزايد الاهتمام بها في السعودية انطلاقًا من أنها تتميز بوفرة مصادرها؛ حيث تعد المملكة أكثر المناطق في معدلات الإشعاع الشمسي في العالم، وقد نجحت في تحقيق تقدم ملحوظ في مؤشر الطاقة الشمسية العالمي عندما تقدمت من المرتبة الـ 14 إلى المرتبة الـ 12 عالميًا وتسعى للانتقال إلى قائمة الدول الـ 10 الأولى في مؤشر الطاقة الشمسية.
تمتاز الطاقة الشمسية بالمقارنة مع مصادر الطاقة الأخرى بأن التقنية المستخدمة فيها بسيطة وغير معقدة بالمقارنة مع التقنية المستخدمة في مصادر الطاقة الأخرى، كما أن الطاقة الشمسية هي طاقة نظيفة لا تلوث الجو وتطلق الغازات كما في إنتاج النفط والغاز.
وتهدف السعودية من خلال خططها الطموحة أن تكون من أهم منتجي الطاقة الشمسية النظيفة وأن تتمكن خلال السنوات المقبلة من تصديرها؛ لذلك جاء مقترح مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة الذي يقوم على تطوير تقنيات حديثة ونظيفة ذات تكلفة مجدية اقتصاديًا للطاقة الشمسية، بهدف تلبية الطلب العالمي خاصة في أشهر الصيف وذلك من خلال اقتراح إنتاج ما مجموعه 41 جيجاواط بشكل تدريجي حتى حلول عام 2032.
وبعد إقرار إستراتيجية “التحول الوطني” في المملكة العربية السعودية التي أقرها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بدأت الجهود تسير على قدم وساق في مجالات الإصلاح الاقتصادي وتنويع مصادر الطاقة، فالبلد الذي يحتوي على ثلث احتياط النفط في العالم وتصدر منه 10.3 مليون برميل يوميًا تسعى أن تكون رائدة في مجال الطاقة الشمسية النظيفة، حيث وقعت الهيئة الملكية في ينبع السعودية في بداية شهر يناير عقدًا مع “مجموعة الأفندي السعودية” لإنشاء أكبر مصنع تجاري متكامل في الشرق الأوسط لإنتاج الشرائح السيليكونية والخلايا الشمسية.
حيث سيعتبر المصنع حال إتمامه نقلة نوعية في المملكة في تنويع مصادر الطاقة لديها وتلبية الطلب على استخدام الطاقة الشمسية في إنتاج الطاقة الكهربائية محليًا وإقليميًا.
وحسب صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية نقلت عن رئيس مجلس إدارة شركات “مجموعة الأفندي” قوله إنّ المصنع سيكون قادرًا على الإنتاج قبل نهاية العام الحالي 2016، مشيرًا أنه سينتج ألواح طاقة شمسية تولد 120 ميغاواط أو ما يعادل (45 ألف لوح طاقة شمسية) سنويًا من الطاقة الكهربائية اللازمة لتغطية الطلب المتزايد على هذه الطاقة المتجددة على أن تصل الطاقة الإنتاجية عند اكتمال تنفيذ المشروع إلى 1 غيغاواط سنويًا.
انخفاض أسعار النفط إلى حدود 35 دولارًا للبرميل فرض على المملكة تحديات جمّة كان آخرها العجز المالي الذي منيت به الميزانية المالية لسنة 2015 بنحو 97.9 مليار دولار وتطمح المملكة تخفيض العجز في السنة المقبلة إلى 87 مليار دولار.
لذلك كان لزامًا على المملكة التفكير مليًا بمصادر دخل جديدة، ومحاولة الابتعاد قليلاً عن الثروة النفطية إلى الطاقة المتجددة والمستدامة التي ستدعم الاقتصاد الوطني وترفع المحتوى المحلي، على حد قول المهندس ماجد الضحوي فإن المصنع “من أبرز العوامل الأساسية والداعمة للدورة الاقتصادية”.
الجدير بالذكر أن حجم استثمارات السعودية في مجال الطاقة الشمسية يقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار لتمويل محطات توليد الطاقة الشمسية في كل من ميناء ينبع في منطقة المدينة المنورة ومدينة الجبيل شرق السعودية إضافة إلى مشروع بناء مصنع لإنتاج مادة “البولي سيليكون” على ساحل الخليج بقيمة 380 مليون دولار.
وإذا تم استكمال المشروع من قِبل مجموعة الأفندي فإن المملكة ستملك أكبر مصنع للطاقة الشمسية بالشرق الأوسط في عام 2016، وبحسب صحيفة الفايننشال تايمز فإن السعودية ستكون الأولى عالميًا في الطاقة الشمسية إذا استمرت على هذا المنوال في الاستثمار في هذا المجال خصوصًا أن بيئتها خصبة لذلك.
وكان الأمير محمد بن سلمان استقبل مجلة الإيكونوميست في 4 يناير وأجابهم عن الطريقة التي ستزيد فيها المملكة العوائد غير النفطية؛ حيث قال “نحن نتحدث عن ضرائب أو رسوم مدعومة من المواطنين، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة وضرائب على بضائع بعينها ضارة (مثل السجائر)، وستؤدي إلى توليد عوائد جيدة، ولكن ليست العوائد كلها، ولدينا العديد من الفرص في مجال التعدين، ولدينا أكثر من 6% من احتياطي العالم من اليورانيوم، ولدينا رصيد لم يتم الاستفادة منه، ولدينا في مكة وحدها 4 ملايين متر مربع من الأراضي غير المستصلحة والمملوكة من الدولة وقيمتها في السوق عالية، ولدينا العديد من الأرصدة التي يمكننا تحويلها إلى أرصدة استثمارات، ونعتقد أنه يمكننا الحصول على 100 مليار دولار من العوائد غير النفطية في السنوات الخمس المقبلة”.
وكان جواب الأمير عن تنويع مصادر الدخل والقطاع الاقتصادي بعيدًا عن النفط “تلك القطاعات التي سيتم تنويع الدخل فيها هي قطاع المعادن وإجراء إصلاحات على نظام الدعم، كما أنّ هناك نسبة 20% من أبناء الطبقة المتوسطة والدنيا ممن تستفيد من الدعم ونحن نستهدف 80% وسنحاول أن نحافظ على مصالح الطبقات المتوسطة والمتدنية وستؤدي إلى توليد عوائد جيدة بالإضافة إلى الأراضي غير المستصلحة في مكة والمدينة ذات القمية السوقية العالية والسياحة الدينية حيث نطمح لزيادة عدد الحجاج إلى مدينتي مكة والمدينة وهو ما سيعطي قيمة مضافة للأرصدة المملوكة من الدولة في كلا المدينتين”.