حادث “سيارة الترحيلات” في مصر حاضر بقوة في مهرجان كان السينمائي

حدث في صيف 2013، مقتل 37 معتقلًا مصريًا داخل سيارة ترحيلات تابعة للأمن خارج سجن أبوزعبل، جراء اختناقهم بالغاز المسيل للدموع بعد احتجاز دام 6 ساعات في سيارة الترحيلات دون وجود منافذ كافية للهواء في جو صيف أغسطس الحار.
اعتقل هؤلاء 37 عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقوة من قبل قوات الأمن المصرية التي طوقت الاعتصامات يوم الأربعاء 14 أغسطس، الساعة السادسة صباحًا، وخلال الـ 12ساعة التالية، قتل أكثر من 1000 متظاهر بالرصاص الحي.
فيما تمت عملية اعتقالات عشوائية واسعة من شوارع العاصمة المصرية القاهرة، كان من بينهم 37 شخص تحولوا إلى جثث هامدة في غضون ساعات معظمها منتفخة، وجوهها حمراء متحرقة سوداء.
ادعت الشرطة المصرية أن من بداخل السيارة حاولوا خطف شرطي، وهو ما اضطروا على إثره لإطلاق الغاز المسيل للدموع داخل السيارة، لكن الرواية التي خرجت على لسان أهالي الضحايا أكدت أن أجهزة الأمن تعمدت ترك المعتقلين مكدسين داخل السيارة دون ماء ولا هواء في جو قاسي وهو ما أدى إلى اختناقهم وعندما طالبوا بالخروج، أطلق عناصر الأمن عليهم الغاز المسيل للدموع، الذي أدى إلى قتلهم جميعًا اختناقًا في سيارة الترحيلات.
أعلنت الجهات القضائية بعدها فتح تحقيق في الحادث، لكنه ذهب إلى طي النسيان سريعًا مع الأحداث المتلاحقة التي شهدتها البلاد بعد ذلك، وسرعان ما صدر حكمًا مخففًا على ضابط بتهمة الإهمال.
فيلم اشتباك أعاد الحادث إلى المشهد
تناول فيلم مصري اسمه “اشتباك ” الواقعة مرة أخرى، حيث دارت أحداث الفيلم داخل سيارة ترحيلات تابعة للشرطة مكتظة بالمتظاهرين المعتقلين عشوائيًا من المؤيدين والمعارضين، متناولًا جزءًا كبيرًا مما حدث في مصر بعد ثورة يناير 2011.
مخرج الفيلم الشاب المصري محمد دياب، استلهم من الواقعة فكرة الفيلم، وقد حرص الفيلم أن تكون هذه الحادثة نواة للحالة التي تمر بها الأوضاع في مصر، التي أظهرها وكأنها تعيش حالة مؤقتة صعبة باختلاف تنوعاتها في سيارة ترحيلات.
اختير فيلم “اشتباك” للمشاركة في مهرجان “كان” في فرنسا، أحد أكبر مهرجانات السينما العالمية في دورته الحالية، وذلك ضمن مسابقة “نظرة ما” في المهرجان الذي افتتح الأربعاء 11 مايو ويستمر حتى 22 مايو.
يقول المخرج محمد دياب في حوار مع صحيفة “نيو يورك تايمز”: “أردت أن أصنع فيلمًا عن الثورة، لكن كلما جاءتني فكرة، تغيرت الأوضاع لأجد الفكرة لم تعد صالحة، فالأحداث تتحرك بسرعة”.
وفي العام 2013 عقب أحداث الانقلاب العسكري وما تلاه من أحداث فض الاعتصامات، جاءت فكرة هذا الفيلم لشقيقه خالد، حيث عني الفيلم بالتركيز على وضع مجموعة من الثوار والمواطنين متبايني الاتجاهات السياسية في مكان واحد، فكتبا الفيلم معًا.
المعتقلون جميعهم في السيارة يجدون أنفسهم، كما يقول مخرج الفيلم مضطرين لاكتشاف إنسانية بعضهم البعض، بدلًا من القوالب التي اعتادوا أن يروها في بعضهم، بعد أن اضطروا لهذه الصورة القسرية من “التعايش” داخل سيارة الترحيلات.
كما يُضيف دياب أن الجميع نصحوه بألا يصنع هذا الفيلم الذي سيغضب الجميع، لتناوله فترة حساسة تشهد انقسامًا مجتمعيًا حادًا في طريقة النظر إليها.
أبطال الفيلم جاءتهم دعوات لحضور افتتاح مهرجان كان السينمائى الدولى الذين يفتتح فيلمهم في مسابقة “نظرة ما”، وهم نيللى كريم وطارق عبد العزيز وأحمد مالك وهانى عادل والمخرج محمد دياب وخالد دياب والمنتج محمد حفظي.
فيما يأمل طاقم الفيلم أن يحصل على جائزة في المهرجان، بالرغم من حساسية تناول الموضوعات السياسية في الفترة الحالية بمصر، إلا أنهم يرون أطروحتهم الفنية دعوة للتصالح المجتمعي بين المصريين المتواجدين في مرحلة انتقالية شبهوها بـ “سيارة الترحيلات”.