“البوكيمون جو” تسلب عقول الشباب

يمشي محني الرأس، عيناه لا تكادان تفارقان شاشة هاتفه الجوال الذي بين يديه، يسرع تارة ويتوقف أخرى، يرفع رأسه ينظر يمينًا ويسارًا ويبتسم كأنه وجد ضالته.
هذا حال “فادي”، الشاب التونسي الذي غيرت لعبة “بوكيمون جو” نسق حياته منذ انتشارها في تونس، فبعد أن كان يقضي معظم وقته في البحث عن عمل بين الشركات والإدارات العمومية والخاصة، أصبح يقضي جل وقته في البحث عن “البوكيمونات” الافتراضية وجمعها.
يقول فادي لنون بوست إن سبب تحميله للعبة بوكيمون جو يعود لحالة الفراغ التي يعيشها وهوس أصدقائه بهذه اللعبة الحديثة.
وتتمثّل لعبة بوكيمون جو في التقاط البوكيمونات الصغيرة ذات الأشكال المتعددة والقوى السحرية المختلفة من الشوارع والمتنزهات والساحات العامة والمحلات وأماكن أخرى، ومبارزة بعضها وتدريب عدد منها، وعلى مستخدم هذه اللعبة أن يتجول في الشوارع للبحث عن الكائنات المنتشرة مستعينًا بالتطبيق الذي سيظهر أمامه على شكل خريطة معدّلة للوصول إلى كائنات البوكيمون.
تم إطلاق هذه اللعبة المطورة وفق تقنية الواقع المعزز التي تضيف عناصر افتراضية إلى العالم الحقيقي الذي يظهر عبر الكاميرات الموجودة في الهواتف الذكية، هذا الشهر لأجهزة أندرويد وأي أو إس من قبل شركة نيانتيكس
ويضيف “هذه اللعبة أعادت ذكريات الماضي وسنوات التسعينات لذهني، عندما كنت صغيرًا كنت شديد الولع والإعجاب بلعبة البوكيمون عند طرحها في الأسواق في نسختها الأولى”.
واستوحت لعبة بوكيمون جو من الرسوم المتحركة “بوكيمون” التي لاقت رواجًا كبيرًا بداية سنة 1996 والسنوات التي تلتها.
ويؤكد فادي أن هذه اللعبة غيرت نسق حياته كليًا، فلم يعد يهتم بشيء غير جمع البوكيمونات في الشارع وفي المقهى وفي كل مكان تصله قدمه التي أعياها البحث عن شغل يعيله وأهله.
“عدم توفر وظيفة يحتم عليّ الاهتمام بأي شيء آخر حتى لا يجد اليأس لي طريقًا، أجري خلف البوكيمون خير من أن أسرق وأفعل الحرام”.
يسكت فادي ثم يقول وفي شفتيه ابتسامة “تذكرت حادثة وقعت لي الأسبوع الماضي مع صديق لي عندما كنا في السيارة، كنت ممسكًا الهاتف بيدي، أبحث عن البوكيمونات وصديقي ممسكًا المقود بيد واليد الثانية تبحث عن البوكيمونات أيضًا، ثم أوقف السيارة وحلف ألا يزيد خطوة واحدة إن لم أغلق الهاتف لأنه يخاف أن أتفوق عليه وأمسك عدد أكبر منه من البوكيمونات”، يقول فادي إن هذه الحادثة أكدت له حجم الهوس بلعبة البوكيمون جو، ليس في تونس فقط بل في كل أنحاء العالم.
تقول شركة “سيميلارويب” المتخصصة في تحليل أداء التطبيقات المختلفة “إن للعبة بوكيمون جو الآن عددًا من المستخدمين اليوميين من خلال الهواتف التي تستخدم نظام تشغيل أندرويد أكثر من عدد الذين يستخدمون تويتر في الولايات المتحدة.”
عدد التغريدات التي تناولت لعبة البوكيمون جو وصلت إلى أكثر من 15 مليون تغريدة
وتؤكد “سيميلارويب” أن اللاعبين يستخدمون اللعبة لمدة 43 دقيقة يوميًا، وهو وقت أطول من استخدام تطبيقات واتساب وإنستاغرام وسناب شات.
ونشرت خلال الأسبوع الأول لإطلاق هذه اللعبة الجديدة زهاء 15.3 مليون تغريدة تتعلق بها، وهو عدد يزيد عن التغريدات الـ 11.7 مليون المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الأسبوع الذي شهد إجراء الاستفتاء (الأسبوع الرابع من الشهر الماضي)، وضعف التغريدات الـ 7.5 مليون المتعلقة ببطولة يورو 2016 الكروية في أيامها السبعة الأولى.
ويتطلب اصطياد البوكيمون، حسب فادي، العثور عليها، إلى جانب وجود بوكيمونات نادرة يتطلب امتلاكها تفقيس بعض البيوض، ويستطيع اللاعبون جمع البيوض في مواقع معينة يطلق عليها “بوكيستوبPokestops “ وهي عبارة عن معالم عالمية مشهورة تظهر في اللعبة، ولكن على اللاعبين السير على أقدامهم لمسافات معينة من أجل أن تفقس هذه البيوض، فأكثر البوكيمونات ندرة تتطلب مسيرة لا يقل طولها عن 10 كيلومترات، بينما لا يتطلب تفقيس بيوض البوكيمون الأقل ندرة إلا مسيرة 5 كيلومترات أو كيلومترين.
باتت “بوكيمون جو” أكثر الألعاب درًا للأرباح بعد حوالي أسبوع من طرحها على منصات تحميل التطبيقات الإلكترونية لمجموعتي “غوغل” وآبل”.
جون هانكه الرئيس التنفيذي لشركة نيانتك التي طورت لعبة بوكيمون جو بالتعاون مع “بوكيمون كومباني” التابعة لشركة نينتندو، قال في تصريح صحفي الجمعة الماضية، إنه يريد إطلاق اللعبة التابعة لشركة نينتندو في نحو مائتي دولة ومنطقة، في وقت قريب نسبيًا، وإنه يعمل على تعزيز سعة الخادم ليتيح توسيع نطاق اللعبة.
باتت “بوكيمون جو” أكثر الألعاب درًا للأرباح بعد حوالي أسبوع من طرحها على منصات تحميل التطبيقات الإلكترونية لمجموعتي “غوغل” وآبل”، كما تصدرت قائمة أكثر التطبيقات تحميلاً عبر متجر “آبل” الإلكتروني وتنافس “تويتر” على صعيد حركة البيانات عبر الإنترنت.
ارتفعت أسهم شركة نينتندو 77% في غضون أسبوع واحد، لتصل إلى أعلى مستوياتها في ست سنوات، بدعم من النجاح الذي حققته اللعبة، وهو ما أضاف 15 مليار دولار إلى قيمتها السوقية.
فادي ليس الوحيد بين أبناء جيله المغروم بهذه اللعبة، ففي تجولك في معظم شوارع تونس وحدائقها العامة ومقاهيها، تجد أشخاصًا يحدقون بهواتفهم الذكية، هم “صيادون” يحاولون البحث عن الشخصيات الوهمية الصغيرة في العالم الحقيقي.