خطة سعودية جديدة في الأزمة اليمنية لتجاوز فشل محادثات الكويت

فشلت مشاورات السلام اليمنية في الكويت بعد 3 أشهر من انطلاقها برعاية أممية، حيث عادت من حيث بدأت دون أن تحرز أي تقدم في إيجاد تسوية للأزمة اليمنية، مع تمسك كل أطراف الأزمة بمواقفهم الأساسية، وإجراءات المناورات السياسية فقط على حساب المفاوضات.
حيث انحصرت الجلسات الأيام الماضية على لقاءات منفصلة للمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد بالوفدين (الحوثي – الحكومة اليمنية) ومسؤولين كويتيين ودبلوماسيين، ووسط تصريحات تتحدث عن عودة المشاورات إلى الصفر، أعلنت الكويت، موقفًا مفاجئًا، بأنها أبلغت الأطراف اليمنية المشاركة في المشاورات، بتحديدها مهلة 15 يومًا لحسم الخلافات. وما لم يتم الوصول إلى اتفاق خلال هذه المدة، التي بدأت عمليًا مع استئناف المفاوضات، فإن الكويت ستعتذر عن إكمال الاستضافة.
وذلك بعدما أعلن نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، أن بلاده حددت مهلة مدتها 15 يومًا للأطراف اليمنية، لحسم مشاورات السلام التي تستضيفها بلاده برعاية أممية، في تطور لافت بعد 5 أيام من الانسداد التام للجولة الثانية من المشاورات.
ويبدو من ذلك أن المشاورات الجانبية التي دارت بين السعودية والحوثيين منذ مارس الماضي، والتي أثمرت عن تهدئة على الحدود، قد بدأت بالانهيار، مع عودة الغارات الجوية للتحالف على معاقل الحوثيين في صعدة، شمالي اليمن، واستمرار المليشيا في إطلاق صواريخها الباليستية صوب أراضي المملكة العربية السعودية.
وعلى هذه الخلفية وافق الوفد الحكومي على الانضمام إلى المشاورات بعد اتفاقه مع المبعوث الأممي على سقف زمني لا يتعدى أسبوعين، تتم خلالهما مناقشة عدة قضايا بينها الانسحاب من المدن وتسليم السلاح واستعادة مؤسسات الدولة والإفراج عن المعتقلين.
بيد أن وفد الحوثي وصالح أعلن رفضه أجندة الجولة الثانية من المشاورات، وقال المتحدث باسم جماعة الحوثي ورئيس وفدها المفاوض محمد عبد السلام إنهم يريدون اتفاقًا سياسيًا شاملًا للأزمة اليمنية، مما يعني تمسكهم بمناقشة ملف الرئاسة وحكومة الشراكة قبل البدء في إجراءات الانسحاب من المدن وتسليم السلاح وإطلاق المختطفين، وهو ما يرفضه وفد الحكومة اليمنية.
ويرى مراقبون أن تلك التصريحات تعد مؤشرا قويا على انسداد مبكر للجولة الثانية من مشاورات السلام في الكويت، التي أجلت يوما عن موعدها نتيجة اشتراط وفد الحكومة إيجاد “ضمانات” وفق المرجعيات الثلاث.
عرض سعودي جديد
تتحدث تسريبات لمصادر مقربة من جماعة الحوثي عن مقترحات جديدة، مدعومة من السعودية، لاتفاق من مرحلتين الأولى في الكويت والأخرى في مدينة مكة السعودية، حيث يتم الاتفاق النهائي.
وتوضح مصادر مقربة من المشاركين في المشاورات لصحيفة “العربي الجديد” اللندنية أن محادثات الأسبوع الأول والذي يمثل نصف المدة المقررة للجولة الجديدة من المفاوضات انعقدت بأجواء شديدة التعقيد، وانتهت أمس الخميس من دون أي آمال بالوصول من خلال النقاشات إلى تقدم فعلي، وسط ضغوط دولية يواجهها الطرفان، تمهيدًا لمشروع اتفاق يقدم خلال الأيام القليلة المقبلة لتخرج به المشاورات.
وتتحدث مصادر مقربة من وفد جماعة الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، عن تفاصيل المقترح المدعوم من السعودية الذي يشمل اتفاقًا على مرحلتين، الأولى في الكويت، ويتم التوصل خلالها إلى اتفاق بتثبيت وقف إطلاق النار، وتشكيل لجنة عسكرية وأمنية بتوافق الطرفين، تتولى الإشراف على تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، وتشمل انسحاب المليشيات من العاصمة صنعاء، ومدن أخرى، وإنهاء حصار المدن، والعديد من الخطوات الأخرى.
ووفقاً للمعلومات المسربة، فإن المقترح يتضمن أن يتم توقيع المرحلة الثانية من الاتفاق في مدينة مكة بإشراف السعودية. ويشمل هذا الجزء الجانب السياسي المتمثل بتشكيل حكومة توافقية وبقية الترتيبات، وهو مرهون بالنجاح في المرحلة السابقة الخاصة بالانسحاب. فيما تشير مصادر إلى أن الحوثيين قد يعترضون على هذا المقترح، غير أن الوقت قد لا يكون في صالحهم، مع ضغط المدة التي حددتها الكويت للمفاوضات.
ضغوط دولية لإتمام أي اتفاق
تشير الأجواء العامة إلى وجود إرادة دولية لممارسة ضغوط على الأطراف المختلفة للخروج باتفاق سياسي مبدئي في الأزمة اليمنية ينهي حالة الاحتراب هذه.
ويؤكد هذا الأمر بيان الاجتماع الرباعي الذي عقده وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، ونظيره الأميركي، جون كيري، والبريطاني، بوريس جونسون، والإماراتي، عبدالله بن زايد، في لندن، يوم الأربعاء الماضي، لمناقشة الوضع في اليمن، والذي صرحوا فيه بأنه “آن الأوان للتوصل لاتفاق في الكويت”.
وكشف البيان عن أن الوزراء “بحثوا تسلسل اتفاق محتمل، وأكدوا على أن الحل الناجح يشمل ترتيبات تتطلب انسحاب الجماعات المسلحة من العاصمة ومناطق أخرى، واتفاق سياسي يتيح استئناف عملية انتقال سياسي سلمية وتشمل الجميع”.
وأكد البيان أن الوزراء “اتفقوا على ضرورة ألا يهدد الصراع في اليمن دول الجوار، وعاودوا تأكيد أن إعادة تشكيل حكومة ممثلة للجميع “.
وعليه يؤكد مراقبون احتمالية إتمام اتفاق هذه المرة ولو كان “هشًا”، لكن لا أحد يعرف إمكانية تطبيقه على الأرض خاصة مع استمرار المعارك بل واشتدادها في الأيام الأخيرة.