احتجاجات في المغرب بعد مقتل شاب سحقًا في شاحنة للقمامة

900x450_uploads201610292523f9926d

خلال الأسابيع الماضية، عبر المغرب بنجاح استحقاقًا ديموقراطيًا آخر، بنجاح الانتخابات التشريعية التي جرت في وقت مبكر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إلا أن المجتمع المغربي يمر بحالة عارمة من الغضب جرّاء عنف شرطة البلاد، والتي تجلت في حادثة قتل شاب أطلق عليه ناشطون “بوعزيزي المغرب”.

القصة بدأت قبل يومين، عندما اشترى الشاب “محسن فكري” كميات من أسماك “أبوسيف” الممنوع صيدها، إلا أن السلطات المحلية قامت بمصادرة الأسماك، ورميها في شاحنة للنفايات، ما أغضب الشاب ليقرر الدخول إلى الشاحنة، مطالبًا باسترداد بضاعته، لكن آلة سحق القمامة جرى تشغيلها، ليقتل الشاب مسحوقًا في مشهد مؤلم.

صُوّر الحادث الذي وقع في مدينة الحسيمة شماليّ البلاد، في مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع في المغرب وخارجه.

الفيديو يُظهر عملية مصادرة رجال الأمن المغربي لكمية من الأسماك، وسُمع فيه صوت رجل أمن يدعو سائق شاحنة لـ”طحن” الشاب بآلة شفط النفايات، حينما أراد أن يحول دون إتلاف بضاعته.

ولاقى الشاب تضامنا كبير على فيسبوك وتويتر، أمس السبت، عبر هاشتاغ “طحن مو” والتي تعني “اطحن أمه”.

واختار النشطاء هاشتاغ “#طحن_مو”، الذي قيل إنها العبارة التي استعملها أحد رجال الشرطة لأمر سائق شاحنة الأزبال بطحن محسن، الذي ارتمى في الشاحنة بعدما تمت مصادرة بضاعته.


على جانب آخر حمّل حزب الأصالة والمعاصرة المعارض والمقرب من الملك، الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية المسؤولية في هذه “الفاجعة المؤلمة ووقائع أخرى مماثلة من خلال طريقة تعاطيها وتعاملها التي تضرب في الصميم أبسط حقوق المواطن وهي، الكرامة والعيش الكريم والحق في الحياة”.

ورغم الاستياء العارم، إلا أن كثير من المعلقين المغاربة حذروا من استغلال الحادث لإشعال الأوضاع في البلاد.

بل إن البعض اعتبروا أن ما فعله شكري يُعد انتحارًا، وأن الدولة لا تتحمل أي مسؤولية مقابل ذلك.

أما مديرية الأمن الوطني فقد أصدرت بيانًا قالت فيه إن “مجموعة من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تداولت أخبارًا غير صحيحة، مفادها أن أحد الشرطيين قد طالب سائق السيارة التي كانت محملة بالأسماك بمبلغ مالي على سبيل الرشوة، وأن مسؤولًا أمنيًا هو من أعطى تعليماته لسائق الشاحنة بتشغيل آلية الضغط على النفايات (Benne-tasseuse) المتواجدة في المقطورة الخلفية، مما أفضى إلى الوفاة”.

المديرية أكدت، أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد شرعت فعلا في إجراء بحث شامل ودقيق في الحادث، تحت إشراف النيابة العامّة المختصّة، وذلك لتحديد جميع ظروف وملابسات هذه القضية .. مشددة على أن الأخبار التي أثارتها مواقع التواصل الاجتماعي تبقى غير صحيحة وتحتاج التصويب “تنويرا للرأي العام”، وفق صياغة البيان.

ووفقا للبيان، أيضا، فإن “المزاعم التي تنسب لموظف شرطة إعطاء الأمر لسائق الشاحنة بتشغيل آلية الضغط على النفايات، المتصلة بالمقطورة، تبقى بدورها مجرد ادعاءات غير صحيحة.. على اعتبار أن ذراع التحكم في هذه الآلة الضاغطة توجد في الجهة اليمنى لآخر الشاحنة، ويستحيل على السائق التحكم فيها، وهي المهمة التي يضطلع بها عادة، مستخدمون آخرون غير السائق”.

ويُنتظر أن تنظم اليوم الأحد، ابتداء من الساعة الخامسة مساء بتوقيت الرباط، وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان، ووقفة أخرى في ساحة الأمم المتحدة في الدار البيضاء، ووقفة مماثلة في ساحة الكتبية في مراكش، وأخرى في ساحة الأمم في طنجة، إضافة إلى وقفات مماثلة في مدن مغربية أخرى حسبما دعا الناشطون.

لكن رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، والمكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، عبد الإله بنكيران، دعا أنصار حزب “العدالة والتنمية” إلى عدم الاستجابة لأي احتجاج على مقتل شكري. وأوضح أنه “تم فتح بشأن الحادث تحقيق من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي انتقلت لعين المكان لهذه الغاية”.

العديد من مؤيدي حزب العدالة والتنمية شاركوا في النقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أيد بعضهم المشاركة في الفعاليات الاحتجاجية المنددة بمقتل شكري، في حين عبر البعض الآخر عن دعمه للمسار الرسمي والذي يثق الكثير من المغاربة في كونه قادرًا على التعامل مع الحادث وتداعياته.

وبشكل عام، تتعرض الشرطة المغربية لانتقادات بسبب عنفها المفرط في التعامل مع المتظاهرين في بعض الأحيان، وكذلك بسبب تعاملها مع المهاجرين واللاجئين الأفارقة، لكن تبقى المملكة المغربية أفضل حالا من العديد من الدول العربية، إذ تصنفها منظمة فريدوم هاوس كدولة “حرة جزئيا” على مقياسها لعام 2016.