الخبراء ينصحون.. لا تجلس للعمل فترات طويلة

العمل

ترجمة حفصة جودة

هل تظل جالسًا في مكتبك طول وقت العمل؟ يجب عليك أن تمشي خمس دقائق كل ساعة من ساعات العمل، فهذا من شأنه أن يحسن المزاج ويمنع الخمول دون الحد من التركيز والانتباه في العمل، ولا يتسبب في شعورك بالجوع، وفقًا لدراسة جديدة.

وجدت الدراسة أيضًا أن فواصل المشي القصيرة أكثر فعالية في تحسين الصحة من المشي لفترة طويلة مرة واحدة قبل العمل، وهذا يمنحك حلًا بسيطًا وواقعيًا لقرار العام الجديد بممارسة الرياضة، خاصة لهؤلاء الذين يعملون في مكاتبهم كل يوم.

بالطبع هناك دراسات كثيرة تقول بأن الجلوس لفترات طويلة دون انقطاع له عواقب جسدية وعاطفية غير مرغوب فيها، فقد أظهرت الدراسات أن الجلوس لفترة طويلة دون حركة يقلل من تدفق الدم إلى الساقين، ويزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين، وتراكم لويحات خطيرة في الشرايين.

كما أن الأشخاص الذين يجلسون للعمل ثماني أو تسع ساعات متواصلة، والتي نسميها ساعات العمل المعتادة، أكثر عرضة للإصابة بأمراض السكري والسمنة والاكتئاب، مقارنة بالأشخاص الذين يتحركون كثيرًا طول اليوم.

استجابة لذلك، اقترح الباحثون وبعض أصحاب الأعمال عدة طرق متنوعة تساعد الناس على التقليل من أوقات جلوسهم في المكتب، ومن ضمنها “مكتب عمل قائم” يسمح بالعمل وقوفًا أمامه، و”مكاتب جهاز المشي” وهي مكاتب متصلة بجهاز مشي يسمح بالعمل والمشي في نفس الوقت، لكن هذه الاقتراحات باهظة الثمن مما يجعلها غير مناسبة لكثير من حالات العمل.

كما يخشى الخبراء من أن هذا النشاط الجسدي في المكتب قد يؤدي إلى الشعور بالكثير من التعب والجوع والتشتيت مما يجعل الطباع حادة، ويكون له تأثير سيء على الأداء في العمل والصحة على المدى البعيد.

بالنسبة للدراسة الجديدة والتي نُشرت الشهر الماضي في “المجلة الدولية لسلوكيات التغذية والنشاط البدني”، قام الباحثون في مركز “آنشوتز” الطبي بجامعة كلورادو ومعهد جونسون آند جونسون للأداء البشري، وغيرهم من المؤسسات، باختبار عدة طرق لزيادة الحركة بين الأشخاص العاملين بالمكاتب (يمول هذه الدراسة جونسون آند جونسون بالإضافة إلى مركز أبحاث كلورادو للتغذية والسمنة).

في البداية قام الباحثون بدعوة 30 شخصًا يعملون في مكاتب منذ فترة إلى عيادة الجامعة، وقاموا بإجراء مجموعة من الاختبارات الصحية والاستبيانات، قام الباحثون بقياس معدل ضربات القلب ومستوى هرمون التوتر، ثم طلبوا من المتطوعين تحديد مستوى شعورهم بالحيوية أو التعب على مقياس رقمي، وكذلك تحديد مدى سعادتهم، وهل يشعرون بالجوع كثيرًا أم أن إقبالهم على الطعام يعد ضعيفًا.

انتهى المتطوعون أيضًا من بعض الألعاب الحاسوبية والتي تهدف في المقام الأول إلى اختبار قدرتهم على التركيز واتخاذ القرارات، بعد ذلك وفي 3 زيارات لاحقة للعيادة، يحاكي كل متطوع يوم عمل لمدة 6 ساعات.

في أول زيارة جلس المتطوعون مدة ساعات العمل كاملة دون انقطاع باستثناء الذهاب إلى دورة المياه، في الزيارة الثانية قام المتطوعون بالمشي لمدة نصف ساعة في أول اليوم ثم جلسوا للعمل لمدة 5 ساعات ونصف دون أي فواصل أخرى، في الزيارة الثالثة جلس المتطوعون للعمل 6 ساعات، لكنهم بدأوا كل ساعة بالمشي 5 دقائق باستخدام أجهزة المشي في العيادة.

في بداية ونهاية كل جلسة قام الباحثون بتحليل الدم لفحص مستوى هرمون التوتر، وبشكل دوري خلال اليوم قاموا بسؤال المتطوعين عن حالتهم المزاجية وطاقتهم ومدى شعورهم بالتعب وشهيتهم للطعام، كما كرر المتطوعون اختبارات الحاسب لقياس مهارات التفكير في نهاية كل جلسة، بعدها حلل الباحثون البيانات.

أظهرت الأرقام باستخدام جميع الإجراءات أن المتطوعين سجلوا شعورًا أفضل عندما لم يجلسوا للعمل ست ساعات متواصلة، حيث قالوا إنهم يشعرون بنشاطٍ أكبر خلال اليوم عندما يقومون بالمشي، سواءً كانت مرة واحدة طويلة أول اليوم أو عدة مرات قصيرة موزعة على مدار اليوم.

من ناحية أخرى كان المشي عدة مرات في اليوم لمدة خمس دقائق أكثر فعالية من المشي لمدة 30 دقيقة مرة واحدة، فقد سجل المتطوعون شعورًا أكبر بالسعادة وأقل بالتعب، ورغبة أقل في تناول الطعام مقارنةً بالأيام الأخرى، كما أن شعورهم بالحيوية يزداد طول اليوم، لكن الشعور بالحيوية يصبح مستقرًا قبل الظهر عندما يمشون فترة واحدة طويلة في الصباح لمدة 30 دقيقية.

لم تكن هناك فروق في درجات الاختبارات المعرفية سواء عند الجلوس طول اليوم أو المشي في أثناء اليوم، كما أن مستوى هرمونات التوتر كان ثابتًا في كل جلسة.

يقول جاك جروبل مؤلف الدراسة ومؤسس مساعد لمعهد جونسون آند جونسون: “تشير هذه النتائج إلى أن القليل من النشاط مُقسم خلال اليوم يعتبر طريقة سهلة وبسيطة لتحسين الصحة”.

وأشار جروبل إلى أن فواصل المشي القصيرة لا تجعل الأشخاص يشعرون بالتعب أو الجوع بل كان لها تأثير عكسي، كما أنها لم تؤثر في قدرة الأشخاص على التركيز وبالتالي ليس لها تأثير سلبي أو إيجابي على الإنتاج.

ومع ذلك فهذه الدراسة كانت صغيرة الحجم وقصيرة المدى ومحدودة بسبب اعتمادها على تصورات المتطوع واستجابته للتجربة، لكن جروبل يرى أن الحركة تحسّن الوضع في كل الأحوال، ولذلك يقترح أن تضيف إلى قائمة أعمالك للعام الجديد، تخصيص خمس دقائق للقيام بمجهود بدني كل ساعة مثل صعود الدرج وهبوطه أو المشي في ممر طويل أو حتى التمشية بجوار المكتب.

المصدر: نيويورك تايمز