صيادو غزة.. ما بين مشقة الصوم ومعاناة الصيد

على ضوء قمر ليل رمضان، يمخرون عباب البحر متسلحين بالصبر في رحلة عنوانها التعب والمشقة تدوم لساعات طوال من أجل كسب قوت يومهم في محاولة منهم للتغلب على الحصار الذي أغلق كل أبواب القطاع حتى تلك التي تفتح على البحر.
بقوارب بسيطة وشباك صيد غالبيتها مهترئة تبدأ القصة اليومية التي يرويها الصياد الأربعيني أبو أحمد قائلاً: “بنبلش صيدنا على آذان المغرب والعشاء وفطورنا بكون هناك بعرض البحر بنروح بنام ساعتين ثلاثة وقبل آذان الفجر بنتسحر وبنسرح لحد ما تصير الساعة 7 ونص بنبيع السمك يلي صدناه وبنغزل الشبك اللي تعرض لتلف بفعل الصخور المتراكمة بالقرب من الشاطئ”.
وعند سؤاله عن معاناة الرحلة أشار أبو أحمد متحسرًا إلى حال الصيادين والخطر الذي يتعرضون له من بحرية الاحتلال الإسرائيلي في عرض البحر من أجل توفير مصدر دخل لبيوتهم قائلاً: “اليهود مش سايبينا نترزق من خير بحرنا ولا سايبنا نتهنى بـ6 أميال، كل يوم بنتعرض لإطلاق نار ومصادرة لبعض مراكب الصيادين”، كلام انتهى بتنهيدة لسان حالها يقول “ربنا يريحنا منهم ويصلح هالحال ي بنت”.
معاناة بفعل إهمال داخلي وضعف إمكانات يزيده المعاناة الأكبر التي يصنعها الاحتلال الإسرائيلي
أما خطواتنا على شاطئ البحر مع الصياد أبو يوسف الذي أشار بإصبعه نحو الشمس وبدأ حديثه بـ”هذه السنة إجا رمضان في عز الحر، درجة حرارة عالية ورطوبة كثيرة، لهيك بنحاول نتصايد بدري الصبح ومرات المغرب حسب السمك إذا كان ظاهر وموجود”، حديث طويل أخذنا به أبو يوسف نحو حياة الصيد، لكنه أعاد تأكيد ما قاله الصياد أبو أحمد عن معاناة الصياد الغزي.
6 أميال هي المساحة المسموح بالصيد فيها، وهي كما يقول أبو يوسف منطقة مليئة بالصخور تؤدي لتلف مراكب الصيادين وخسارة مادية كبيرة لتصليحها ومجهودًا شاقًا من أجل نقلها من الشاطئ لمكان الصيانة، مستطردًا “نحن كصيادين طالبنا الجهات الحكومية أكثر من مرة بإزالة هذه الصخور التي تؤدي لقلب المركب وإحداث أضرار فيه وإصابة بعض الصيادين الموجودين على متنه لكن لم يحدث شيء”.
يتبدد الليل ليبلغ الصائد بأن الوقت انتهى وعليك سحب الشباك حتى الشاطئ وفتح هدية البحر الذي لا يبخل على راكبيه
معاناة بفعل إهمال داخلي وضعف إمكانات يزيده المعاناة الأكبر التي يصنعها الاحتلال الإسرائيلي الذي ينغص عليهم رحلة صيدهم بإطلاق النار والاعتداءات المتكررة إضافة الى اعتقال الصيادين.
وبابتسامته المنهكة المليئة بحكايات الألم والأمل يختتم أبو يوسف خطواته معنا على ذلك الشاطئ الذي وحده صديق حكاياتهم، يشكرنا قائلاً: “إن شاء الله بنتهي رمضان بحرية هذا البحر وحرية كل ذرة تراب في فلسطين وكل عام وشعبنا الصامد بخير وراحة بال”.
وهكذا هي شمس الصيادين بغزة، تشرق صباحًا ويتبدد الليل ليبلغ الصائد بأن الوقت انتهى وعليك سحب الشباك حتى الشاطئ وفتح هدية البحر الذي لا يبخل على راكبيه.