ترشيحات: 15 كتابًا لفهم إيران ووجوهها المتعددة

إيران التي تتوارى خلف طبقات من التاريخ والسياسة والثقافة والدين، فلا تراها العين إلا من خلال شقوق ضيقة، ولا تلمسها اليد إلا عبر أوراق الكتب. هذه القائمة ليست مجرد عناوين، بل مفاتيح لبوابة واسعة تطل على وجوه إيران المتعددة؛ وجوه التاريخ الذي صنعها، والسير التي حكتها، والرحلات التي كشفت ملامحها، ومرايا السرد التي مر بها طيفها.
لفهم إيران اليوم، والتغيرات التي مر بها المجتمع، لا بد من العودة إلى محطات تاريخية شكّلت مسارها؛ من الثورة الدستورية في بدايات القرن العشرين إلى تثبيت دعائم الجمهورية الإسلامية في نهاياته، ثم محاولات الاقتصاد الإيراني في مواجهة العقوبات المفروضة عليه في العصر الحديث، ثم مقارنة ذلك بالصورة التي شكّلتها هوليوود عن إيران في المخيلة العالمية. في هذا السياق، نرشّح لكم الكتب التالية:
جذور الجمهورية وتاريخها السياسي
1- إيران: دراسة تاريخية وجيوسياسية – د. جمال واكيم ود. فؤاد خشيش
بحث وقراءة في تاريخ إيران الماضي والحديث. يسلّط الكتاب الضوء على فترة تاريخية تمتد من نهايات القرن التاسع عشر وثورتها الدستورية وحتى بدايات القرن الحادي والعشرين التي توطدت فيها دعائم الجمهورية الإسلامية. يتعرض الكتاب لأهم التطورات التي لحقت بإيران كدولة ومجتمع على مختلف الأصعدة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والديمغرافية والحضارية، بأبرز شخصياتها السياسية والدينية والفكرية.
2- موسوعة تاريخ إيران السياسي – حسن كريم الجاف
موسوعة علمية من أربعة أجزاء تتناول مراحل التاريخ الإيراني منذ أساطيره الأولى، والسلالات المقيمة والحاكمة، وحتى سقوط الشاه وقيام الثورة.
3- الاقتصاد المقاوم: إيران من صناعة الأباريق إلى تقنية النانو – صادق النابلسي وزياد نصر الدين
كيف واجه الاقتصاد الإيراني العقوبات ليُصنَّف في عام 2010 ثالث أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط؟ أي تدابير وإجراءات اتخذها لحماية صادراته النفطية التي تُشكِّل حوالي 80% من صادراته، وتُحقّق ما يقارب 60% من دخله؟ وما هي الخطط والبرامج الاقتصادية الوطنية التي وضعها للزراعة والصناعة ولغيرها من القطاعات؟ هذا الكتاب يبحث في كل ذلك.
4- إيران.. الثورة الخفية – تييري كوفيل (ترجمة: خليل أحمد خليل)
لا يعادل الأهمية الاستراتيجية لإيران سوى الجهل بهذا البلد. ماذا كانت تداعيات الثورة الحقيقية سياسيًا ودينيًا واجتماعيًا؟ كيف تحوّل المجتمع؟ وإلى أي حد يمكن وصف النظام بأنه إسلامي؟
هذا كتاب توثيقي لخبير الشؤون الإيرانية الفرنسي، عن بلد التناقضات الذي يجمع بين مجتمع خاضع لضغط قوي من النظام، وتعاظم المطالب الديمقراطية داخليًا، والتوتر المتصاعد في قضايا المرأة والشباب.
5- إيران وهوليوود – القوة الناعمة لصناعة صورة الآخر – حوراء حوماني
دراسة قيّمة لكاتبة وصحفية وأستاذة جامعية لبنانية، تنظر في كيفية استخدام أمريكا لقوتها الناعمة، ممثلة في هوليوود، في التأثير على صورة إيران أمام الرأي العام العالمي، من خلال تحليل كمي ونوعي للأفلام الأمريكية التي تناولت إيران جزئيًا أو كليًا منذ عام 1979 وحتى 2016.
يرصد الكتاب أبرز القضايا والموضوعات التي ركّزت عليها أفلام هوليوود عن إيران، والصور والرسائل التي روّجت لها، وأُطرها النظرية.
مرآة الفرد والمجتمع
ليست السير الذاتية مجرد حكايات شخصية، بل شهادات على صراع أجيال مع النظام والمجتمع. بناء سردي يلتقط مسار إنسان في مواجهة الزمن والتجارب، ليكشف عن طبقات شخصية تتقاطع مع تاريخ أوسع وجماعة أكبر. هذه المعايشة تتحوّل معها التجربة الفردية إلى شهادة زمنية للكاتب على عصره. هي أيضًا مساحة للمصارحة والمكاشفة، حيث يواجه صاحبها نفسه والآخرين بما عاشه من انتصارات وانكسارات، لتصبح حياته أحيانًا نصًا قابلًا للتأويل. اخترنا لكم هذه السير الإيرانية الثلاثة، وكلها مُترجمة إلى العربية:
1- رسائل إلى معذّبي: الحب، الثورة، والسجن في إيران – هوشنغ أسدي (ترجمة: ماجد عاطف)
رسائل لتجربة رجل مع التعذيب، نكتشف فيها النفس الإنسانية وعذاباتها وتقلباتها.
يلتقي الصحفي والمترجم الإيراني، والمؤسس المشارك لجمعية نقاد السينما وكتّاب السيناريو الإيرانيين، معذّبه على الورق بعد غياب دام 25 عامًا. يحكي عن حياته وفترة سجنه المليئة بالمفارقات، حيث جمعته صداقة خلف الزنازين برجل دين شاب يُدعى علي خامنئي، في ظل نظام الشاه، ليُعتقل ثانية بعد الثورة الإيرانية. يعيش الكاتب الإيراني اليوم في منفاه في باريس، وشارك في تأسيس موقع إخباري ناطق بالفارسية.
2- كامليا: سيرة إيرانية – كامليا انتخابي فرد (ترجمة: أسامة منزلجي)
صحفية وكاتبة إيرانية، كانت في السادسة من عمرها عند قيام الثورة الإيرانية عام 1979. اختارت عائلتها أن تبقى في طهران، على الرغم من اختفاء بعض أفرادها على أيدي قوات الخميني. لمّا كبرت، وكتبت للجريدة الإصلاحية “زن”، سُجِنَت بتهمة تهديد الأمن القومي وتحدي نظام الحكم الإسلامي. كيف كافحت لتنال حريتها؟ هذا كتاب بقلمها يحكي سيرتها.
3- إيران تستيقظ.. مذكرات الثورة والأمل – شيرين عبادي (ترجمة: حسام عيتاني)
مذكرات فريدة يتضافر فيها الحزن، والبهجة، والحنين، والأمل، لمحامية وكاتبة وناشطة ومعارضة، كرّست نفسها من أجل حقوق الإنسان، وتجاوز صدى صوتها حدود إيران حتى فازت بجائزة نوبل للسلام. في كتابها السّيري، تتحدث القاضية التي أقصتها الثورة من منصبها لأن “النساء غير مؤهلات للعمل كقضاة”، عن المثل العليا للثورة الإيرانية، وعن خيبة أملها حيال الوجهة التي اتخذتها بلادها منذ ذلك الحين.
في عيون العرب
يجمع أدب الرحلات بين المشاهدة والسرد، حيث يتحوّل الطريق إلى نصٍ مكتوب، وتُصبح الأمكنة أبطالًا تتنفس عبر اللغة والكاتب في هذا النوع لا يكتفي بوصف الجغرافيا أو تسجيل المسافات، بل يلتقط الحياة كما تُعاش، والتفاصيل الصغيرة التي قد تغيب عن العين المتسرّعة.
إنه نص يتيح للقارئ السفر وهو في مكانه، فيُعيد تشكيل العالم من منظور شخصي يجمع بين الانبهار والاكتشاف، وبين الانطباع الذاتي والحقائق الملموسة. وفيما يلي ما يساعدك على السفر إلى إيران على جناحين من الورق:
1- عربية في إيران: الإيرانيون كما لم نعرفهم – ندى الأزهري
سافرت الكاتبة والناقدة السينمائية السورية الفرنسية في رحلات عديدة إلى إيران، وأقامت بها أربع سنوات متتالية، كوّنت فيها صداقات، وتعلّمت بعض الفارسية، ورأت البلاد من نظارة نسائية.
تحكي في كتابها تجارب معيشية أشبه بخطوط عريضة لإيران حتى لا تسقط في فخ التعميم، وتُعرّفنا بأهم الروايات، والأفلام، والكُتّاب، والمخرجين، التي لا تفوت على الراغب في التعرّف على إيران.
تقول لنا: من هم الإيرانيون؟ كيف يتصرفون ويفكرون؟ ماذا يحبون؟ كيف يُظهرون مشاعرهم؟ وكيف يُفاجئوننا في سلوكهم اليومي؟
2- مذكرات إيرانية – عادل حبة
فاز هذا الكتاب بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، وهو يأتي ضمن سلسلة أدب اليوميات. يروي فيه الكاتب العراقي رحلته إلى إيران في مهمة تنظيمية خلال العمل السري للحزب الشيوعي العراقي. تبدأ عتبة الحكاية من بيروت، إلى موسكو، ومنها إلى إيران، مرورًا بمدنها المختلفة، وانتهاءً بالسجن.
يُعطي الكاتب نظرة أفقية عمودية للواقع الإيراني على مستويات عدّة: السياسي منها، والثقافي، والاجتماعي، والاقتصادي، خلال فترة حياته هناك مطلع ستينيات القرن الماضي.
3- إيران في عيون صحفي عربي – حمدي العطار
سلسلة طويلة من الحلقات، يضمّها هذا الكتاب لصحفي وروائي عراقي في جريدة “الزمان” العراقية عن البلد الجار، معتمدًا على رحلات عديدة قام بها إلى هناك، بدءًا من الجنوب حيث المحمّرة والأحواز، وحتى المدن الواقعة على بحر قزوين والحدود التركية، متساقًا جبالًا، وعابرًا أنهارًا، ومقيمًا بالسهول والوديان.
بين الواقع والخيال
وفي الفن الذي يتيح للمبدع أن يخلق عالمًا كاملًا يعكس فيه الواقع وينحرف عنه، يظل الكاتب مشحونًا بالأسئلة والأفكار والمشاعر، يحملها على عاتقه، ويَبُثّها في أوراقه. يبتكر مساحته التي تتجاور فيها الحكايات الشخصية مع القضايا الكبرى، فيغوص القارئ في أعماق الشخصيات المتجوّلة بين المكان والزمان، ويعيش معها حيوات متعددة. نرشّح لكم أربعة نصوص بين الرواية والقصة:
1- أمي العزيزة.. ما الأمر! – علي أشرف درويشيان (ترجمة: د. أحمد موسى)
مجموعة قصصية مترابطة من اثنتي عشرة قصة، استحسنتها التيارات المناضلة، وهاجمها رجال الدين، لنقدها اللاذع لظواهر اجتماعية مثل الفقر، والتهميش، والطبقية، وكذلك المعتقدات المذهبية، والطقوس المرتبطة بها.
2- المأساة الإيرانية – سيمين دانشور (ترجمة: د. أحمد موسى)
هذه أول رواية نسائية في إيران، يعتبرها البعض معيارًا في الأدب الفارسي يُقاس عليه. تدور أحداثها في مدينة شيراز خلال السنوات الأخيرة للحرب العالمية الثانية، راسمةً الفضاء الاجتماعي السائد في الفترة بين 1941-1956، والحياة الإقطاعية وقت احتلال الإنجليز لإيران. صدرت لأول مرة عام 1969، ووصلت إلى الطبعة الثامنة والعشرين عام 2021. تُعتبر إحدى أكثر الروايات قراءةً في إيران، كما تُرجمت إلى 17 لغة.
3- جِشمهايش – بزرك علوي (ترجمة: د. أحمد موسى)
من أهم الروايات الإيرانية وأكثرها انتشارًا، بعد أن اعتُبرت غير صالحة للنشر لأعوام عديدة. نُشرت في عهد حكومة مصدّق، الذي شهد الكثير من الحريات، وتتناول فترة أوج الشاه التي انتشر فيها الاستبداد، والدكتاتورية، والفساد، حتى أصبحت هذه الفترة بكل وقائعها وأحداثها جزءًا من الوعي الجمعي، والتاريخ السياسي والاجتماعي للإيرانيين.
4- امرأة من طهران – فريبا وفي (ترجمة: د. أحمد موسى)
تُعدّ هذه الرواية نموذجًا للرواية النسوية في إيران، ترويها ربّة منزل، لنرى من خلالها العوالم الداخلية لآلاف النساء الإيرانيات، ونسمع صوت النسوة المحاصرات بالقضايا الدينية، والاجتماعية، والثقافية، والأخلاقية، في مجتمع كالمجتمع الإيراني.
من يقرأ إيران في ضوء هذه الأبواب الأربعة، سيصل إلى فسيفساء مركّبة من البشر، والحكايات، والأحداث. هي بلد يطل على العالم من خلال حدائق الشعر، ودهاليز السياسة، وإرث الذاكرة، تنتظر من يفهمها.