الفياض يناور: تنازلات سياسية لتفادي مصير الحرس الثوري

مع ازدياد التوقعات بهجوم وشيك على إيران، تبرز الضغوط الكبيرة التي تمارسها واشنطن على بغداد لدفعها إلى سحب قانون الحشد الشعبي من التصويت في البرلمان. أجرى فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، لقاءً مهمًا ومطولًا على قناة دجلة، أجاب فيه عن كثير من الأسئلة الحساسة، وحاول التأكيد بشكل مبالغ فيه على طاعة الحشد الشعبي للقائد العام للقوات المسلحة، وأن الحشد ليس لديه ولاء خارجي بعيدًا عن الدولة العراقية، في محاولة لطمأنة واشنطن بشأن توجهات الحشد، والتأكيد أن لا عدو خارجيًا للحشد وأن عمله يقتصر على حماية العراق.
خلال اللقاء، قدَّم الفياض تنازلات كبيرة عن مواقف الحشد السابقة بخصوص وجود القوات الأمريكية، أو بشأن موقفه إزاء الهجوم الإسرائيلي على غزة، وكذلك فيما يخص حدود العلاقة بين الحشد وإيران، إلى درجة فاجأت العديد من المراقبين، الذين اعتبروا أن تغييرًا كبيرًا طرأ على توجهات الحشد نتيجة الضغوط الأمريكية، وتصاعد دعوات السياسيين العراقيين لحل الحشد الشعبي أو دمجه في القوات المسلحة العراقية. تلك الدعوات لم تقتصر على السياسيين السنّة أو الكرد، بل تبنّى بعضها أطراف سياسية شيعية، خشية أن تتخلى الولايات المتحدة عن دعم النظام السياسي العراقي، وتتركه فريسة للقوى المناوئة له.
قانون الحشد
في معرض جوابه عن مسودة مشروع قانون الحشد الشعبي المقدَّمة إلى البرلمان العراقي والتي لم تُقر حتى الآن، لخّص الفياض موقفه بأن الحشد يختلف عن مؤسسات الدولة العراقية الأخرى؛ فالحشد شارك في القتال ضد تنظيم داعش قبل أن يكون له قانون أو تعريف رسمي، وذلك بسبب السرعة التي تطلّبتها مواجهة التحدي الذي فرضه التنظيم، ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه أمام حالة الانهيار العسكري الحكومي. لكن في عام 2016، ارتأت القوى السياسية تشريع قانون يحدد شكل الحشد، وقد تم ذلك بالفعل.
غير أن الفياض ــ كما يرى منتقدوه ــ تجاهل عمدًا أن الحشد الشعبي كان استجابة لدعوة المرجع الشيعي علي السيستاني لانخراط الشباب في المؤسسات العسكرية النظامية والقتال ضد داعش، ولم تكن الدعوة لتشكيل هيئة عسكرية مستقلة بعيدة عن مؤسسات الدولة. ولهذا السبب لم يُشرَّع قانون للحشد في السنوات الثلاث الأولى. أما قدرة الحشد على المشاركة بسرعة، فترجع إلى أن نواته الأولى كانت فصائل مسلّحة لا علاقة لها بالدولة، تشكّلت برعاية إيرانية وبغضّ طرف حكومي، فوجدت في دعوة السيستاني فرصة للظهور علنًا وممارسة نشاطاتها بشكل قانوني وبعيدًا عن المساءلة.
وفيما يخصّ قانون الحشد الشعبي المطروح على البرلمان، أوضح الفياض أن البداية كانت مع قانون الخدمة والتقاعد، لكن بسبب الخلافات البرلمانية وعدم إقراره لعدة أشهر، قدّمت هيئة الحشد مشروع قانون جديد يتضمّن فقرة الخدمة والتقاعد، نظرًا إلى أن القانون الصادر عام 2016 لا يفي بالغرض ويفتقر لتفاصيل كثيرة تنظم عمل الحشد. غير أن أطرافًا سياسية ــ بحسب الفياض ــ حاولت التشويش على القانون ومنع إقراره.
وردًا على فرضية تشابه قانون الحشد مع قانون الحرس الثوري الإيراني، قال الفياض إن هذا غير صحيح ولا يوجد أي شبه، مضيفًا: “إننا نتشرف بتضحيات الحرس الثوري الإيراني الذي ساعدنا في معارك تحرير المناطق العراقية من داعش، وعلى رأسهم قاسم سليماني الذي ينظر إليه العراقيون بالتقديس والعرفان، لكننا قوة عراقية محلية الأهداف، ولا نعمل خارج العراق”.
وأشار الفياض إلى أن الحشد طُوّر ليشمل جميع مكونات العراق، باستثناء إقليم كردستان الذي يمتلك قوات البيشمركة. كما بيّن أن “شركة المهندس” التابعة للحشد هي شركة عراقية شُكّلت وفق قانون الشركات العراقي.
نرى أن ما أدلى به الفياض منافي للواقع تمامًا، من ناحية التشابه الذي يكاد يكون مطلقًا بين الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني، وأن التشريع الجديد للحشد الشعبي يُراد له خلق نسخة عراقية من الحرس الثوري. فالحرس الثوري الإيراني تأسس لحماية النظام الإيراني من أي تهديد داخلي قد ينفذه الجيش الإيراني ضد النظام، وفي العراق ترى معظم القوى السياسية الشيعية أن الحشد الشعبي هو القوة الحامية للنظام السياسي العراقي الحالي، الذي يُقاد من قبل الشيعة. ومن هنا يُنظر إلى وجود الحشد كضرورة لحماية هذا النظام من أعدائه الداخليين. وما جرى في إيران من تقوية للحرس الثوري على حساب الجيش الإيراني، يراد له أن يتكرر في العراق عبر تقوية الحشد الشعبي على حساب الجيش العراقي.
أما عن انفتاح الحشد على جميع مكونات الشعب العراقي، فالمكوّنات الأخرى ــ ما عدا المكوّن الشيعي ــ ليست سوى ديكور شكلي للإيحاء بأن الحشد ليس مؤسسة طائفية، بينما تركيبته الأساسية تقوم بالكامل على العناصر الشيعية. أما بقية المكوّنات، فليس لها أي تأثير فعلي داخل الحشد. والدليل على ذلك أن العنصر الشيعي ينتمي إلى فصائل مسلّحة سابقة ذات توجهات عقائدية وولاءات خارجية وانضباط عسكري، في حين أن الحشد العشائري السنّي، أو المسيحي، أو باقي الأقليات، ليسوا سوى مجاميع عسكرية لا يجمعها رابط عقائدي، بل تربطهم بالحشد الرواتب التي يتلقونها والنفوذ المحدود على مناطقهم. وفي اللحظة التي تُقطع فيها هذه المنافع، لن يبقى لديهم أي دافع للاستمرار في هذا الارتباط.
أما تأكيد الفياض أن أهداف الحشد الشعبي محلية بحتة ولا علاقة لها بأي عمل خارجي، فالواقع يكذّب ذلك. فقد شهدت سوريا تواجدًا واضحًا لفصائل عراقية منضوية في الحشد الشعبي، قاتلت إلى جانب النظام السوري ضد شعبه، وتلقّت رواتبها ودعمها اللوجستي من الحشد والحكومة العراقية. ويكفي أن نشير إلى أن رئيس أركان الحشد الحالي عبد العزيز المحمداوي (أبو فدك) هو زعيم فصيل “كتائب حزب الله” الذي قاتل في سوريا، وله ارتباطات خارجية مستقلة عن الدولة العراقية. كما أن الأمين العام لكتائب “سيد الشهداء”، أبو ولاء الولائي (هاشم بنيان السراجي)، أحد القيادات البارزة في الحشد، قاد هذا الفصيل في كلٍّ من سوريا والعراق (وهو اللواء 14 في الحشد).
أما حديثه عن “شركة المهندس”، فهي محاكاة شبه حرفية للهيكل الاقتصادي في الحرس الثوري الإيراني، حيث تتولى مؤسسة “خاتم الأنبياء” إدارة استثمارات الحرس لتحقيق الاكتفاء الذاتي بعيدًا عن الدولة. ويراد لشركة المهندس أن تتحوّل مستقبلًا إلى قوة اقتصادية كبرى داخل العراق، تنافس جميع الأنشطة الاقتصادية وتُبقي الاقتصاد رهينة بيد الحشد. ويُضاف إلى ذلك أن قانون الحشد يتيح له تلقي الدعم المالي والتبرعات بشكل مباشر، ما يجعله عرضة لتلقي دعم خارجي بلا رقابة حكومية، وهو ما يُعدّ في قوانين معظم دول العالم خيانة عظمى.
وقد أنكر الفياض بشدّة وجود أي علاقة بين ما يسمى “فصائل المقاومة العراقية” أو “الفصائل الولائية” وبين كتابة مسودة القانون الجديد، بل زعم أن القانون يعزز انفصال الحشد عن هذه الفصائل التي “لا تنتمي له”. وأكد أن الحشد ليس مسؤولًا عن أعمالها، محاولًا التبرؤ من عملياتها التي شملت القتال في سوريا، أو استهداف السفارة الأمريكية في بغداد وقنصليتها في أربيل، أو مهاجمة المنشآت النفطية والقوات الأمريكية. بل ذهب الفياض إلى أبعد من ذلك حين قال: “نحن كحشد مستعدون للدفاع عن السفارة الأمريكية إذا صدرت لنا أوامر بذلك.”
وأوضح أن الحشد لا يملك قيادة عمليات خاصة به، بل يخضع لقيادة العمليات المشتركة. لكنه تهرّب من الإجابة عن سؤال مباشر حول ما إذا كان الحشد سيشارك في حرب ضد الفصائل الولائية إذا قررت الحكومة محاربتها، خشية الوقوع في حرج مع تلك الفصائل.
هل انتهت الحاجة للحشد الشعبي؟
وفيما يخص الدعوات المتصاعدة لحل الحشد، رد الفياض، أن لا أحد يريد ذلك، لا شعبيًا ولا برلمانيًا ولا حتى المرجعية الدينية. وأكد على نقطة مهمة، بأن المرجعية إذا أمرت بحل الحشد، فأنا أول المؤيدين لها. وهو كلام عاري عن الصحة ويتناقض مع مواقف سابقة لقادة الحشد الذين قالوا بأن السيستاني ليس له الحق بحل الحشد لأن مرجعيتهم هو علي خامنئي.
لا احد يستطيع حل الحشد الشعبي لا رئيس الوزراء ولا الجمهورية ولا القوة السياسية ” سماحة الشيخ الأمين قيس الخزعلي (اعزه الله) pic.twitter.com/eStU6yHAyW
— المرشد أكرم الكعبي (@FqJBdi0PS7z7x3H) August 23, 2025
ثم تساءل الفياض قائلًا: “من هو المجنون الذي يقول إن الحاجة للحشد قد انتفت؟” فيما نحن ــ على حد تعبيره ــ نعيش في بحر متلاطم من كل الجبهات بأكثر مما كان في عام 2014.
وعن سبب اعتراض الولايات المتحدة على إقرار قانون الحشد الشعبي، قال: “أنا لست معنيًا بالرد على ما تقوله أي دولة في العالم. نحن كقوة ندافع عن العراق، وليس لدينا عداء مع أي جهة، وليس لنا أي دور خارجي.”
وردّ الفياض على ادعاء بعض الكتل السياسية أن الحشد يحاول ابتلاع الدولة شيئًا فشيئًا، بالقول إن الحلّ للحيلولة دون ذلك هو إقرار قانون الحشد الشعبي لتنظيم عمله، حتى يتم إلزامه بقوانين رادعة.
كما استهجن ربط الحشد الشعبي بإيران، مفسّرًا ذلك بأنها ادعاءات صادرة عن جهات “مرتبطة بالولاء لإسرائيل”، متهمًا كل جهة ترفض قانون الحشد بالولاء لتل أبيب. ومع ذلك، قال الفياض: “نحن كحشد لم نشارك ضد إسرائيل في هجومها على غزة، ولا في هجومها على إيران، ولا في حرب سوريا. إنما لدينا مشاعر تعاطف كباقي العرب والمسلمين مع إخواننا في غزة، ونستنكر الجرائم بحقهم، لكن لم يكن لنا دور عسكري ضد إسرائيل.”وهو بذلك يقدّم لإسرائيل والولايات المتحدة “عربون سلام” بأن الحشد ليس عدوًا لهما، ولا يعمل عسكريًا ضدهما، حتى في حال إبادة غزة أو استهداف إيران.
غير أن هذه النقطة بالذات تناقض تصريحات الكثير من قادة الحشد، الذين أكدوا أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي في حال تعرّضت إيران لهجوم. بل وصل الأمر بأحدهم أن صرّح: “سأكون بصف إيران لو دخلت بحرب مع العراق، فكيف الحال مع إسرائيل؟” فضلًا عن وجود مسؤولين عراقيين حاليًا كانوا يقاتلون إلى جانب إيران ضد بلدهم العراق خلال حرب الثمانينات.
أما من جانبها، فإيران لا تتحرّج من كشف موقف الحشد الموالي لها. فقد قال ممثل المرشد الإيراني علي خامنئي في العراق، مجتبى حسيني: “الحشد الشعبي يقف بجانب إيران، وأن حلَّه أو دمجه مجرد حلم.”
قال مجتبی حسيني، ممثل المرشد الإيراني، علي خامنئي، في العراق، إن “المطالب الأميركية بشأن نزع سلاح الحشد الشعبي أو حله ليست سوى أحلام بعيدة المنال”.
وأضاف أن “الولايات المتحدة تسعى لتكرار السيناريو الذي فرضته في سوريا داخل العراق، لكن الظروف لا تسمح بذلك”، مؤكدًا أن “الشعب… pic.twitter.com/QI4EHv0YUd
— إيران إنترناشيونال-عربي (@IranIntl_Ar) August 23, 2025
فيما يتعلّق بأزمة رواتب الحشد التي حدثت بعد امتناع مصرف الرافدين عن توزيعها على المنتسبين، قال الفياض إن هناك إجراءً فنيًا بتحويل صرف الرواتب إلى بنوك أخرى، وليس في الأمر أي مشكلة، محاولًا التهوين من القضية. غير أن ما تم تداوله في وسائل الإعلام العالمية عكس ذلك تمامًا؛ إذ نشرت صحف دولية أن واشنطن كانت وراء تعطيل بطاقات الصرف الآلي، في “قرصة أذن” للحشد، ورسالة واضحة بأنها قادرة على خنقه وقطع شريانه المالي إذا أصرّ على تمرير قانون الحشد الشعبي في البرلمان.
وفي هذا السياق، أنكر الفياض أن تُصرف رواتب لمسلحين ذوي ولاءات خارجية، لكن الواقع ــ كما تؤكده مصادر عراقية ــ أن الحشد يدفع رواتب للفصائل الولائية الموالية لإيران والتي قاتلت في سوريا، كما يصرف رواتب لمجاميع مرتبطة بـحزب العمال الكردستاني، بل ويدعمه تسليحيًا ولوجستيًا، في إطار تعاون عسكري واضح بين الطرفين. وهذا الحزب ليس عراقيًا، ويخوض حربًا انفصالية ضد دولة جارة تربطها علاقات وثيقة مع بغداد، فضلًا عن تقديم الحشد دعمًا لجماعة الحوثي في اليمن.
وفي محاولة أخرى للتبرؤ من الفصائل الولائية، قال الفياض إن شرعية الحشد الشعبي تنبع من القانون، بينما الفصائل الأخرى تستمد شرعيتها من “جهات أخرى” لم يسمّها. وفي هذا الإطار، نأى بنفسه عن مسؤولية الحشد في حادثة الهجوم على دائرة الزراعة في الدورة وسط بغداد، التي قُتل فيها عناصر من الشرطة الاتحادية بعد اشتباك مع مسلحين من أحد فصائل الحشد. فبينما أنكر الفياض أي صلة للحشد بالحادثة، أكّد المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة أن أفرادًا من لواءين في الحشد شاركوا بالهجوم. واعترف الفياض لاحقًا أن الفصيل المسؤول هو “كتائب حزب الله”، وهو أحد تشكيلات الحشد نفسه، ما يكشف تناقضًا واضحًا في أقواله.
أما بشأن الوضع في سوريا، فقد أعرب الفياض عن قلقه من “العبث الإسرائيلي” هناك وخطر التقسيم، معتبرًا أن أمن العراق مرتبط باستقرار سوريا. غير أن الواقع يشير إلى أن العراق لا يزال يحتفظ بضباط سابقين من النظام العراقي البائد، وسبق أن عُقدت اجتماعات في النجف قبل أحداث الساحل السوري بمشاركة ضباط من النظام السوري السابق وفصائل من الحشد وقيادات إيرانية لمناقشة مسألة إسقاط النظام السوري الجديد.
وعن الانسحاب الأمريكي من العراق، قال الفياض إن هناك جداول زمنية لهذا الانسحاب، وإن العراق لن يواجه خطرًا بعده، “لأنه لا أعداء لنا”، على حد وصفه، متهمًا بعض الأطراف بمحاولة تخويف العراقيين من الانسحاب واصفًا ذلك بـ”تبريرات المفلسين”. غير أن مصادر عراقية أكدت أن قيادات سياسية شيعية وقيادات في الحشد الشعبي تخشى من انسحاب أمريكي مبكر، لأنه سيجعل العراق عرضة لضربات إسرائيلية بعد رفع الغطاء الأمريكي، أو قد يفتح الباب أمام انتفاضة داخلية تُطيح بالنظام الحالي. بل ذهب بعض المراقبين إلى القول إن واشنطن قد تعمل على تقويض النظام العراقي بسبب ارتباطه الوثيق مع إيران.
وعلّق الفياض على دعوات حل الحشد الشعبي أو دمجه بالقوات الأمنية واصفًا ذلك بأنه “انتحار”. لكنه لم يوضّح ما إذا كان هذا الانتحار يخص النظام السياسي الحالي أم الفصائل المسلحة المنضوية تحت الحشد. ومع ذلك قال إنه إذا صدر أمر بحل الحشد أو دمجه فلن يتردّد في التنفيذ، لكنه عبّر عن ثقته بأن “الإدارة السياسية للدولة لا يمكن أن تنتحر”، مؤكدًا أن مثل هذا القرار سيكون “انتحارًا” سياسيًا.
الشيخ الأمين: الحشد الشعبي جهاز رسمي وقانوني أُقِرَّ بقانون صوّت عليه البرلمان عام 2016، ولا يمكن حله أو دمجه إلا بقانون جديد من البرلمان. pic.twitter.com/P9leQdpMWt
— المكتب الإعلامي للشيخ الأمين (@khazalimedia) August 22, 2025
نشاط الفياض السياسي
أما الحديث عن نشاط الفياض السياسي، فهو ينسف كل ادعاءاته السابقة بأن الحشد لا يسعى للاستيلاء على الدولة تدريجيًا، وأنه يمتثل لأوامر القيادة السياسية. فكيف لرئيس هيئة عسكرية ما زال في الخدمة حتى الآن أن يشارك في العمل السياسي ويؤسس كتلة سياسية؟ إنه بذلك يسعى للجمع بين منصبه العسكري ونشاطه السياسي. وقد علّق على الاتهامات الموجهة إليه، بأنه يسعى للاستحواذ على أصوات السنّة في المناطق التي يتواجد فيها الحشد، بالقول إن هذه “ادعاءات سياسية تُطلق في أجواء المنافسة الانتخابية”. وأضاف أن “التعايش الحقيقي وتعزيز الوحدة الوطنية يكون من خلال حمل السلاح والدفاع عن الأمن”، مشيرًا إلى أن الحشد دفع بأهالي المناطق السنية إلى حماية أنفسهم والمشاركة في حفظ الأمن.
وعن مدى الخلافات بينه وبين قيس الخزعلي، زعيم فصيل “كتائب أهل الحق”، أنكر الفياض وجود أي خلافات، وقال إن عناصر هذا الفصيل موجودون ضمن الحشد، ولا توجد معهم أي مشكلات. وهذا تأكيد آخر على أن الحشد مكوّن من مجموعة فصائل مسلّحة تدين بالولاء لقادتها لا لهيئة الحشد أو للدولة العراقية.
ستظل مواقف الحشد الشعبي مرهونة بجملة من العوامل، تشمل التوازنات الإقليمية والتحديات الأمنية الداخلية. ومن المرجّح أن تشهد الأيام المقبلة المزيد من التطورات في هذا السياق، خاصة مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وانعكاسها المباشر على الساحة العراقية. ومن الواضح أن استراتيجيات الحشد ستؤثر بشكل بالغ على مستقبل العراق السياسي والأمني، وأن مواقفه ستتغيّر تبعًا لحجم التحدي المفروض على السيطرة الشيعية داخل العراق. فكلما ازداد هذا التحدي، قدّم الحشد وحكومة بغداد المزيد من التنازلات لواشنطن، حفاظًا على مكاسبهم وخشية من انقلاب الأخيرة عليهم.