الغضب من حرب غزّة يعيد رسم خريطة سباق عمدة نيويورك

ترجمة وتحرير: نون بوست
بعد مرور عامين على الهجوم الإرهابي لحماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 والغزو الإسرائيلي اللاحق لغزّة، أظهر استطلاع جديد أجرته صحيفة نيويورك تايمز وجامعة سيينا أن سكان نيويورك يميلون بشكل عام للتعاطف مع الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين في النزاع المستمر.
وأوضحت النتائج وجود فجوة كبيرة في الآراء تجاه النزاع، حيث تعاطف 44 بالمئة من الناخبين المسجلين مع الفلسطينيين مقابل 26 بالمئة مع إسرائيل، وهو فارق ملحوظ في مدينة تضم أكبر تجمع يهودي خارج إسرائيل. كما أظهر الاستطلاع أن غالبية الناخبين يرون أن انتقاد إسرائيل ليس بالضرورة معادياً للسامية بنسبة 51 بالمئة مقابل 31 بالمئة.
وساهمت إدارة إسرائيل للحرب وقيودها على المساعدات لغزّة في تدهور صورة إسرائيل لدى سكان نيويورك، ما دفع الكثيرين – بمن فيهم حلفاء تقليديون – لتغيير موقفهم والتحدث ضد حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وبينما لم يقم استطلاع نيويورك تايمز/ سيينا بدراسة رأي الناخبين في المدينة حول هذا الموضوع سابقًا، أظهرت الاستطلاعات الوطنية أن الأمريكيين أصبحوا أكثر انتقادًا لإسرائيل مع استمرار الحرب.
وقد انعكست هذه التحولات على سباق عمدة المدينة، الذي يتصدره حاليًا زهران ممداني، المرشح الديمقراطي الذي دعم بقوة القضية الفلسطينية ووصف أفعال إسرائيل في غزّة بأنها “إبادة جماعية”.
ووفقًا لمسؤولين صحيين في غزّة، قتل أكثر من 60,000 فلسطيني، ويكافح السكان لتأمين لقمة العيش وسط محاولة نتنياهو لتوسيع نطاق الحرب. وقد صرح نتنياهو أن الحديث عن مجاعة في غزّة مبالغ فيه، وأن الحرب يجب أن تستمر حتى تنزع حماس أسلحتها وتفرج عن الرهائن المتبقين الذين أخذتهم في الهجوم عام 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص.
وتتناقض مواقف ممداني مع ما كان يُعتبر تقليديًا مقبولًا لدى الناخبين في نيويورك، وتختلف بشكل واضح عن مواقف أبرز منافسيه في الانتخابات العامة، العمدة إريك آدامز والحاكم السابق أندرو كومو، وكلاهما ديمقراطيان يترشحان الآن كمستقليْن، إلى جانب المرشح الجمهوري كورتيس سليوا. ويظهر الاستطلاع أن جميعهم متأخرون كثيرًا عن ممداني بين الناخبين المحتملين.
وانتقد آدامز وكومو مواقف ممداني تجاه إسرائيل بشدة، واصفين إياه بمعادٍ للسامية ومتواطئ مع الإرهاب، فيما تؤكد نتائج الاستطلاع أن التركيز على مهاجمة مواقف ممداني بشأن إسرائيل قد يكون سوء تقدير للناخبين.
في الواقع، حصل ممداني على تقدم ضئيل بين عينة صغيرة نسبيًا من الناخبين اليهود المحتملين بنسبة دعم حوالي 30 بالمئة، يليه مباشرة آدامز وكومو. وأظهر الاستطلاع أن أكثر من 70 بالمئة من الناخبين اليهود يتعاطفون مع إسرائيل مقابل نحو 20 بالمئة مع الفلسطينيين.
وعلى الصعيد العام، يتصدر ممداني القائمة من حيث يعتقد الناخبون أنه من تعامل بشكل أفضل مع الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني بنسبة 39 بالمئة، مقارنة بـ17 بالمئة لكومو و10 بالمئة فقط لآدامز.
ويعزى انتصار ممداني في الانتخابات التمهيدية وقوته المستمرة إلى دعم قوي من الناخبين الشباب، الذين كانوا الأكثر اقتناعًا بأنه الأفضل في معالجة الصراع. وقالت آمنة محمد، 19 عامًا، إن إجابة ممداني خلال مناظرة تمهيدية حول أول مكان سيسافر إليه إذا انتُخب عمدة أثرت فيها، حيث قال إنه سيبقى في نيويورك، بينما ذكر آخرون، بما في ذلك كومو، إسرائيل.
وجعل تركيز ممداني على صعوبات سكان نيويورك في تحمل الإيجار واستعداده للتحدث ضد إسرائيل، السيدة آمنة تدعمه، قائلة: “لا أستطيع الاعتراف بدولة تقتل الناس حرفيًا. لا يمكن اختلاق ما ينشره الناس على الإنترنت من أطفال مُفجّرين، هذا لا يمكن اختلاقه.”
وأظهر الاستطلاع أن مؤيدي ممداني أكثر ميلاً للتعاطف مع الفلسطينيين، بينما كان مؤيدو كومو أكثر تعاطفًا قليلًا مع إسرائيل (38 بالمئة)، لكن جزءًا كبيرًا منهم (28 بالمئة) تعاطف مع الفلسطينيين، وكثير منهم (18 بالمئة) دعموا كلا الطرفين على حد سواء. حتى بين مؤيدي كومو، قال نحو نصفهم فقط إنه تعامل بشكل أفضل مع الصراع، بينما اعتبر 12 بالمئة أن ممداني كان الأفضل.
وخلال الانتخابات التمهيدية، حرص كومو على جذب الناخبين اليهود، خصوصًا الأرثوذكسيين الذين شككوا فيه سابقًا بسبب قيود كوفيد خلال ولايته. وفي العام الماضي، أسس كومو مجموعة دعم لإسرائيل، وقال إنه سينضم إلى فريق الدفاع القانوني لنتنياهو بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه.
وقال كومو في 2023: “هل تقف مع إسرائيل أم ضد إسرائيل؟ لأن الصمت ليس خيارًا.”
ونفى ممداني بشدة الاتهامات الموجهة إليه بمعاداة السامية، وتحدث مرارًا عن خططه لتوسيع جهود المدينة لحماية اليهود في نيويورك ومكافحة معاداة السامية في حال انتخابه.
في المقابل، واصل كومو انتقاد مواقف ممداني، إلا أن مؤيدي الحاكم السابق ليسوا بالضرورة أكثر ميلاً لرؤية انتقاد إسرائيل كمعادٍ للسامية. فقد قال نحو 43 بالمئة من مؤيديه إن مثل هذا الانتقاد ليس معادياً للسامية، وهو رقم مشابه لما أظهره الاستطلاع بين سكان نيويورك بشكل عام. كما أشار حوالي نصف الناخبين المسجلين إلى أن انتقاد إسرائيل ليس بطبيعته معادياً للسامية.
وقالت ليزا صوفر، المقيمة في مانهاتن وتتبع اليهودية الأرثوذكسية الحديثة: “الحكومة الإسرائيلية متطرفة ويمينية، والجمهور غير راضٍ عنها”، وأضافت أنها تدعم كومو جزئيًا بسبب اعتراضها على تردد ممداني في البداية عن رفض عبارة “عولمة الانتفاضة”، التي يراها بعض الأشخاص دعوة للعنف ضد اليهود، وقد أكّد ممداني لاحقًا أنه لا يستخدم هذه العبارة وسيعمل على منع استخدامها.
أهم ما يجب معرفته عن استطلاع الرأي لصحيفة نيويورك تايمز/ جامعة سيينا:
· أُجري الاستطلاع بين 1,284 ناخبًا مسجلًا في مدينة نيويورك من 2 إلى 6 سبتمبر/أيلول 2025.
· أُجرِي الاستطلاع باللغتين الإنجليزية والإسبانية، عبر الهاتف باستخدام محاورين مباشرِين وعبر الرسائل النصية، وتم التواصل مع أكثر من 99 بالمئة من المشاركين عبر هواتفهم المحمولة. ويمكن الاطلاع على الأسئلة الدقيقة وترتيبها من هنا.
· يتم اختيار الناخبين من قائمة الناخبين المسجلين، والتي تحتوي على معلومات ديموغرافية عن كل ناخب، لضمان الوصول إلى العدد المناسب لكل حزب وعرق ومنطقة. ولتحقيق ذلك، أجرى المحاورون أكثر من 163,000 مكالمة أو رسالة نصية لأكثر من 81,000 ناخب.
· لضمان تمثيل النتائج لكامل السكان الناخبين، وليس فقط المستعدين للمشاركة، يُعطى وزن أكبر للمستجيبين من الفئات الممثلة تمثيلاً ناقصًا، مثل الأشخاص بدون شهادة جامعية. ويمكن الاطلاع على مزيد من التفاصيل حول خصائص المشاركين والعينة الموزونة في أسفل صفحة المنهجية تحت عنوان “تركيب العينة”.
· هامش خطأ العينة بين الناخبين المتوقع أن يصوتوا في نوفمبر/ تشرين الثاني حوالي ±3.6 نقطة مئوية، ما يعني أن النتائج تعكس آراء السكان بشكل عام، رغم وجود تحديات إضافية قد تولد مصادر خطأ. وعند حساب الفرق بين قيمتين، مثل تقدم مرشح في السباق، يكون هامش الخطأ أكبر بمرتين.
· النتائج بين الفئات الديموغرافية تحمل هوامش خطأ أكبر، ونظرًا لصعوبة ضمان تمثيل كل مجموعة فرعية، تكون النتائج بين هذه المجموعات أقل دقة.
· لمزيد من المعلومات حول كيفية إجراء استطلاع نيويورك تايمز/ جامعة سيينا وأسبابه، يمكن الاطلاع على الأسئلة الشائعة وتقديم الأسئلة مباشرة من هنا.
المصدر: نيويورك تايمز