ماضٍ ثقيل.. أين تمضي علاقات دمشق وموسكو؟

بدأت ترتسم ملامح علاقات سياسية جديدة بين روسيا وسوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، في ظل حمولة تاريخية وماضٍ سياسي ودموي مقلق، إذ لعبت موسكو خلال السنوات الماضية الدور الأكبر في تعويم الأسد سياسيًا، وحاولت إعادة تأهيله على المستوى الإقليمي والدولي، وعسكريًا بقتل السوريين وتغيير دفة وموازين المعارك ومناطق السيطرة.
من أبرز ما كُشف بشأن العلاقة بين دمشق وموسكو، ما أعلنه الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في 12 من سبتمبر/أيلول الحالي، عن انعقاد مفاوضات جرت مع روسيا خلال معركة “ردع العدوان” التي أدت إلى سقوط نظام الأسد، وقضت بانسحاب الروس من المشهد العسكري حين وصلت الفصائل العسكرية مدينة حمص وسط سوريا، ما أثّر بشكل إيجابي على المعركة.
زيارة وفد روسي إلى دمشق في 9 من سبتمبر/أيلول الحالي، كانت الأحدث في مسار العلاقات، برئاسة ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي، وهو الممثل الدائم للرئيس فلاديمير بوتين لشؤون الطاقة، ومعه ممثلون عن أكثر من 13 وزارة مختلفة، منها الدفاع والخارجية.
دخلت العلاقات بين الجانبين مرحلة جديدة تتشابك فيها الملفات ضمن بيئة إقليمية ودولية بالغة التعقيد، حيث تمر سوريا ما بعد الأسد بوضع هشّ وغير مستقر تتخلله انتهاكات إسرائيلية وتوغلات في الأراضي السورية. في حين تسعى دمشق اليوم إلى ترسيخ موقعها كدولة مستقلة، تحاول تحقيق توازن دقيق بين مختلف الأطراف الفاعلة.
في هذا التقرير، نسلّط الضوء على مسار العلاقات السورية-الروسية انطلاقًا من الزيارة الأخيرة إلى دمشق، ونناقش مع خبراء وباحثين أبرز الملفات المطروحة للتعاون بين الجانبين، إلى جانب الملفات التي لا تزال تواجه تحفّظات من أحد الطرفين أو كليهما، مع استشراف مستقبل العلاقات بين دمشق وموسكو، وتأثيرها المحتمل على وتيرة وواقع الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة داخل الأراضي السورية.
ذاكرة من دمٍ ونار
بدأت العلاقة بين سوريا وروسيا (الاتحاد السوفييتي سابقًا) منذ خمسينيات القرن الماضي، لكنها تطورت بشكل ملحوظ بعد وصول حزب “البعث” إلى السلطة عام 1963، وقدّم السوفييت دعمًا سياسيًا وعسكريًا متزايدًا، شمل تسليح الجيش السوري وبناء منشآت استراتيجية، مقابل تعزيز نفوذهم في الشرق الأوسط. ومع وصول حافظ الأسد الحكم عام 1971، تعمّقت الشراكة أكثر، واستمرت العلاقة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.
ومع بداية الثورة السورية عام 2011، كانت روسيا الحليف الأبرز لبشار الأسد، وقدّمت له دعمًا سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، فكان التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 نقطة فارقة غيّرت موازين القوى على الأرض، وساهمت بحماية نظام الأسد من السقوط وتمكينه من استعادة السيطرة على مناطق واسعة من البلاد، وكانت روسيا ملاذه الأخير حيث احتضنته على أراضيها تحت بند “اللجوء الإنساني”.
وخلال هذا التدخل العسكري، حوّلت روسيا الأراضي السورية إلى مختبر لاستخدام معظم أنواع الأسلحة وارتكبت مجازر بحق المدنيين، واستهدفت الضربات الجوية منشآت حيوية، من بينها مستشفيات ومدارس وأسواق ومداجن ومحطات مياه وشبكات كهرباء واتصالات، ما أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في سوريا.
ومنذ بداية التدخل العسكري الروسي في 30 من سبتمبر/أيلول 2015 وحتى أغسطس/آب 2021، نفذ الطيارون الروس أكثر من 100 ألف طلعة جوية قتالية في سماء سوريا. وتم استخدام وتجريب 231 نوعًا مختلفًا من الأسلحة الروسية، وذلك حتى آذار/مارس 2021.
وفي تقريرها السنوي التاسع عام 2024، عن أبرز انتهاكات القوات الروسية منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا، وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 6969 مدنيًا، 44% منهم أطفال ونساء، و1251 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، وما لا يقل عن 125 هجومًا بأسلحة حارقة على يد القوات الروسية.
كما واصلت روسيا قتل المدنيين حتى الأيام الأخيرة من هروب بشار الأسد، وشنّت طائراتها غارات جوية بوتيرة أقل من السابق على أحياء سكنية بالتزامن مع عملية “ردع العدوان” التي انطلقت في 27 من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، واستمرت 11 يومًا، وأدت إلى سقوط نظام بشار الأسد.
ومنذ مارس/آذار 2011، استخدمت موسكو حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن أكثر من 15 مرة، ضد قرارات أممية تدين نظام بشار الأسد، ومنعت إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، أو التحقيق باستخدام الأسلحة الكيميائية، أو السماح بآليات لمرور مساعدات إنسانية إلى مناطق سورية.
اقتصاديًا، أبرمت روسيا مع النظام السابق عدة عقود معظمها كانت بالغة الأهمية، أبرزها كانت في 25 من أبريل/نيسان 2019، حيث وقعت حينها شركة “ستروي ترانس غاز” (CTG) الروسية الخاصة عقدًا يتيح لها استثمار مرفأ طرطوس لمدة 49 عامًا. في حين أنهت الإدارة السورية الجديدة عقد الاستثمار في يناير/كانون الثاني 2025.
وفي أبريل/ نيسان 2018، حصلت شركة “ستروي ترانس غاز” على عقد لاستخراج الفوسفات من مناجم “الشرقية” في تدمر، لمدة 50 عامًا، بإنتاج 2.2 مليون طن سنويًا، فضلًا عن سلسلة عقود واسعة النطاق في مجالات عدة.
ومنذ انطلاق معركة “ردع العدوان” انسحبت روسيا من الكثير من مواقعها العسكرية المتوزّعة في أنحاء سوريا واكتفت بقاعدتي حميميم وطرطوس، إذ كانت تملك 114 موقعًا عسكريًا حتى منتصف عام 2024، متوزعة على 21 قاعدة و93 نقطة عسكرية.
تحركات لإعادة ضبط العلاقة
بدأ التطور اللافت في العلاقات بين الإدارة السورية الجديدة وروسيا بعد يومين من انطلاق عملية “ردع العدوان”، حين وجّهت حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب رسالة إلى روسيا، أكدت فيها أن الثورة السورية لم تكن يومًا ضد أي دولة أو شعب، بما في ذلك روسيا، وليست طرفًا بما يجري في الحرب الروسية الأوكرانية.
حكومة “الإنقاذ” التي كانت المظلة السياسية لـ”هيئة تحرير الشام”، اعتبرت روسيا “شريكًا محتملًا” في بناء مستقبل مشرق لسوريا، ودعتها إلى عدم ربط المصالح بالنظام السوري، أو شخص بشار الأسد، بل مع الشعب السوري، الذي يسعى لبناء علاقات إيجابية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع كل دول العالم، بما في ذلك روسيا.
البيان كان التغيير الأول والأبرز في موقف “هيئة تحرير الشام” التي قادت معركة “ردع العدوان”، تجاه روسيا، التي لطالما نظرت لها الفصائل الثورية على أنها عدو وقوة احتلال ساندت النظام الذي قتل وهجّر ملايين السوريين، معتبرة أن مقاومتها مشروعة بجميع الوسائل.
بعد ذلك، اتخذت الإدارة السورية خطوات بطيئة وحذرة تجاه روسيا، مقارنة بتحركاتها الأسرع نحو دول أخرى، وبادلت موسكو دمشق خطوات مشابهة، اتسمت بالتريث، فبعد أيام قليلة من هروب بشار الأسد، أعلنت روسيا تعليق تصدير القمح إلى سوريا “حتى إشعار آخر“، مشيرة إلى “عدم اليقين بشأن السلطة الجديدة”، وتأخر سداد المستحقات المالية.
ورغم هذه الأجواء الفاترة، وصلت أول شحنة أموال سورية من روسيا إلى مطار دمشق الدولي في 14 من فبراير/شباط الماضي، دون توفر معلومات دقيقة حول كميتها أو مصدرها، سواء كانت نتيجة عمليات طباعة جديدة أو أموالًا مصادرة أعيد تحويلها. وتلتها شحنة ثانية في 6 من مارس/آذار الماضي، وسط ترجيحات بوصول شحنات إضافية خلال الأشهر المقبلة.
وتستعد السلطات السورية لإصدار أوراق نقدية جديدة في 8 من ديسمبر/كانون الأول المقبل، بالاتفاق مع شركة “جوزناك” الروسية المملوكة للدولة والمتخصصة بطباعة العملات، على طباعة الإصدار الجديد، والذي سيشمل حذف صفرين من العملة الوطنية.
كما وصلت شحنة من القمح الروسي إلى ميناء اللاذقية، في 20 من نيسان/أبريل الماضي، بلغت كميتها 6600 طن، ووصفت بأنها “إجراء لمرة واحدة فقط”، وليست ضمن خطة استئناف منتظمة لتوريد القمح. إلا أن كميات إضافية بدأت تصل لاحقًا، من دون إعلان رسمي عن الجهة المستوردة.
وفي سياق التحركات نفسها، أرسلت روسيا ناقلات نفط إلى سوريا، بدأت أولها في 20 مارس/آذار الماضي، محملة بنحو 100 ألف طن من النفط الخام، وصلت إلى ميناء بانياس، في خطوة فُسرت كجزء من دعم تقني محدود ومبادرات “حُسن نية”.
الزيارة الثانية بعد هروب الأسد
في 9 من سبتمبر/أيلول الحالي، وصل الوفد الروسي إلى دمشق برئاسة ألكسندر نوفاك، وضم في عضويته وزير البناء والإسكان إيريك فايزولين، إلى جانب ممثلين عن عدد من الوزارات الروسية، من بينهم نائب وزير الدفاع يونس بك يفكوروف، ونائب وزير الخارجية، سيرجي فيرشينين.
ومن الجانب السوري، شارك في اللقاء وزير الخارجية أسعد الشيباني، والأمين العام لرئاسة الجمهورية ماهر الشرع، ورئيس جهاز الاستخبارات حسين السلامة، ورئيس هيئة الأركان علي النعسان، ووزراء الصحة والمالية والاقتصاد والصناعة، وممثلين عن عدد من الوزارات والمؤسسات الرسمية.
“بين من يعتبرها خطوة سياسية ضرورية لمصلحة #سوريا، ومن يراها جانبًا غير موثوق”… مراسل #نون_سوريا يرصد آراء السوريين بعد زيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى #دمشق اليوم والحديث عن عودة العلاقات مع #روسيا. pic.twitter.com/LHXq0uChNb
— نون بوست (@NoonPost) September 9, 2025
وتناول لقاء الوفد السوري والروسي التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد والطاقة، حيث قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن “علاقتنا مع روسيا عميقة ومرت بمحطات صداقة وتعاون، لكن التوازن لم يكن حاضرًا دائمًا”، وأضاف أن “أي وجود أجنبي على أرضنا يجب أن تكون غايته مساعدة الشعب السوري على بناء مستقبله”.
كما تطرّق الوزير إلى الاستهدافات الإسرائيلية للأراضي السورية، واعتبرها تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة، وشدد على أهمية العلاقات مع روسيا كشريك أساسي في دعم جهود إعادة الإعمار.
في المقابل، قال نوفاك إن موسكو قادرة على استغلال شبكة علاقاتها في الشرق الأوسط لمساعدة الحكومة السورية، وشدد على “القدرات التفاوضية الفريدة لروسيا” التي تبقي على اتصالات مع إسرائيل وجميع المجموعات العرقية في سوريا، مقترحًا “استغلال هذا العامل لاستقرار الوضع في سوريا”.
واعتبر نوفاك أن زيارته تمثل فرصة جيدة لبحث جميع أوجه التعاون بين روسيا وسوريا، قائلًا إن روسيا تشاطر الحكومة السورية مخاوفها إزاء أفعال إسرائيل “المدمّرة”، ومنها الغارات الجوية، كما اقترح استئناف عمل اللجنة الحكومية الدولية للتعاون التجاري والاقتصادي، التي “أثبتت أنها أداة جيدة لتوسيع علاقاتنا، وخاصة في المجال الاقتصادي” حسب قوله.
ووصف بيان الحكومة الروسية زيارة الوفد بأنها “زيارة عمل“، حيث بحث الطرفان آفاق التفاعل بين البلدين في كامل نطاق مجالات التعاون الثنائي، مع إشارة الجانب الروسي إلى إمكانية تقديم المساعدة في ترميم البنية التحتية وتقديم المساعدات الإنسانية. كما نوقش التعاون في المجالات الثقافية والعلمية والتعليمية.
واختُتمت الزيارة بلقاء جمع الوفد الروسي بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تبعه إعلان رسمي يؤكد أن الرئيس الشرع، سيترأس وفد سوريا في القمة الروسية العربية الأولى، المقررة في موسكو بتاريخ 15 من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
“من عدو إلى صديق”
لم تتضمن البيانات الرسمية التي صدرت عقب زيارة الوفد الروسي إلى دمشق أي إشارات إلى الملفات الحسّاسة التي لا تزال عالقة في ذاكرة السوريين، وعلى رأسها دماء الضحايا، ومصير الاتفاقيات السابقة مع موسكو، وما إذا كانت ستظل سارية، إضافة إلى مستقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا، وإمكانية الانسحاب الكامل، فضلًا عن موقف روسيا من مصير بشار الأسد وتسليمه.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، ذكرت وكالة “رويترز” أن الرئيس الشرع طلب من موسكو تسليم بشار الأسد، مشيرة إلى أن الإدارة الجديدة شددت على أن استعادة العلاقات بين سوريا وروسيا يجب أن تعالج أخطاء الماضي، وتحترم إرادة الشعب السوري وتخدم مصالحه.
وتعد هذه الزيارة الثانية لوفد روسي إلى سوريا منذ سقوط نظام الأسد، وذلك بعد الزيارة الأولى التي جرت في 29 من يناير/كانون الثاني الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف. في المقابل، كان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، قد زار موسكو للمرة الأولى في 31 يوليو/تموز الماضي.
وفي 12 من فبراير/ شباط الماضي، أجرى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس الشرع، جرى خلاله “تبادل معمق للآراء حول الوضع الحالي في سوريا”، مع تأكيد بوتين موقفه الداعم “لوحدة وسيادة وسلامة أراضي الدولة السورية”، واستعداد بلاده لمواصلة المساعدة في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي في سوريا، بما في ذلك تقديم المساعدات الإنسانية، وفق مكتب الرئاسة الروسية (الكرملين).
“لا نية عدوانية تجاه إسرائيل، لكن لا نقبل تدخلها ولا اللعب بورقة الأقليات”.. تصريحات غير مألوفة لوزير الخارجية السوري في موسكو.. هل تعيد دمشق ضبط تحالفاتها الأمنية مع روسيا؟pic.twitter.com/6us0SMn3NR
— نون بوست (@NoonPost) August 2, 2025
الباحث ومدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، ديميتري بريجع، يقول لـ”نون بوست” إن العلاقات الروسية السورية تقف اليوم على عتبة تاريخية جديدة لم تعرفها منذ عقود طويلة، مضيفًا أن سقوط النظام السابق في دمشق فتح الباب أمام مرحلة مغايرة تمامًا، لا تشبه ما قبلها، إذ إن القيادة الجديدة برئاسة أحمد الشرع تتطلع إلى صياغة علاقات دولية متوازنة تقوم على المصالح الوطنية، وعلى دعم عملية إعادة بناء الدولة السورية على أسس عصرية ومؤسساتية.
وفي هذا السياق، يرى بريجع أن الحضور الروسي في دمشق على مستوى رفيع يشكّل رسالة واضحة بأن موسكو ليست مجرد قوة عابرة في المنطقة، بل شريك استراتيجي يرى في سوريا نقطة ارتكاز حقيقية في الشرق الأوسط.
ويضيف الباحث أن أهم ما يمكن ملاحظته أن هذا التحول في العلاقة ليس وليد اللحظة، بل له جذور ممتدة في التاريخ، مذكّرًا بالحقبة السوفيتية، حين كانت سوريا إحدى أهم الدول العربية التي حظيت بدعم عسكري وسياسي واقتصادي مباشر من موسكو، فقد تعلّم آلاف السوريين في الجامعات السوفيتية، وتدرّب مئات الضباط في المدارس العسكرية الروسية، بينما أُقيمت مشاريع صناعية وزراعية بدعم وتقنيات سوفيتية.
هذا الإرث، كما يقول بريجع، لم يختفِ مع انهيار الاتحاد السوفيتي، بل بقي حاضرًا في الذاكرة السورية بوصفه دليلًا على أن روسيا، على خلاف الولايات المتحدة أو أوروبا، كانت دائمًا شريكًا ثابتًا وموثوقًا، معتبرًا أن هذا العامل النفسي والسياسي يلعب اليوم دورًا حاسمًا في دفع القيادة السورية الجديدة إلى تعزيز روابطها مع موسكو.
من جانبها، ترى الباحثة اليونانية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط إيفا كولوريوتي، أن الحكومة السورية الجديدة أصبح لديها رؤية أوضح وأشمل لعلاقاتها مع الدول الإقليمية والدولية، والتي يمكن تلخيصها في ثلاثة مستويات، أولها الحلفاء الاستراتيجيون، الذين تعتمد عليهم دمشق بشكل حاسم سياسيًا واقتصاديًا، وحتى عسكريًا، بقيادة المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا.
وتضيف كولوريوتي في حديثها لـ”نون بوست” أن المستوى الثاني من العلاقات يشمل “الأصدقاء”، وهم داعمون أساسيون تسعى دمشق للحفاظ على مناخ إيجابي معهم، بقيادة الولايات المتحدة وأوروبا، بينما يشمل المستوى الثالث “الأعداء”، والذين لا ترغب دمشق في التفاعل معهم إلا عند الضرورة القصوى، وهما إيران و”إسرائيل”.
وتعتقد الباحثة أن روسيا تسعى اليوم إلى التموضع في المستوى الثاني، لتصبح صديقًا تثق به دمشق، بل وتعتمد عليه، كخطوة نحو إحياء العلاقات الإيجابية والاستراتيجية بين البلدين التي استمرت لعقود. كما ترى أن أهمية تركيا، من وجهة نظر دمشق، تفوق بكثير أي خطوات تقارب مع روسيا.
أربعة ملفات ركيزة للتعاون
تأتي المساعي السورية الروسية لتنسيق العلاقات بين البلدين في ظل ملفات شائكة ومتشابكة بينهما، وسط أزمات اقتصادية وتوترات أمنية تعيشها سوريا، وإرث ثقيل من حكم عائلة الأسد وقطاعات متهالكة وأزمة إنسانية مستمرة منذ 14 عامًا، حيث يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر، وكانت روسيا جزءًا من هذه الأزمة.
وفي أول تعليق بعد سقوط الأسد حول علاقة سوريا مع الجانب الروسي، قال الرئيس السوري، أحمد الشرع، إن روسيا تُعدّ ثاني أقوى دولة في العالم، وإن العلاقات السورية- الروسية قائمة على مصالح استراتيجية تجعلها أولوية في السياسة الخارجية لدمشق، موضحًا أن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى إقصاء روسيا من سوريا بما يتعارض مع طبيعة العلاقة التاريخية بين البلدين.
وكالة سبوتنيك: الرئيس #أحمد_الشرع سيترأس الوفد السوري في القمة الروسية – العربية المقرر عقدها في موسكو الشهر القادم.#سوريا pic.twitter.com/O5WHrU3huG
— نون سوريا (@NoonPostSY) September 10, 2025
وعلى وقع الزيارة الروسية الأحدث، نقلت صحيفة “فيدوموستي” الروسية عن مصدر لم تسمّه أن قضية الحفاظ على القواعد الروسية في محافظتي اللاذقية وطرطوس تظل أساسية ومركزية، لكنها لم تعد القضية الوحيدة بالنسبة لموسكو ودمشق. ويقول نيكولاي سوخوف، الباحث البارز في مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لأكاديمية العلوم الروسية، في تصريح للصحيفة نفسها، إن السلطات السورية تتوقع الحصول على الوقود مجانًا تقريبًا مقابل تقديم ضمانات للقواعد العسكرية الروسية والعسكريين.
وفي ظل هذا السياق التاريخي، يرى الباحث ديميتري بريجع في حديثه لـ”نون بوست” أن أربعة ملفات واضحة تتبلور ويمكن أن تكون ركيزة التعاون الروسي السوري في المرحلة المقبلة وهي:
أولًا، إعادة الإعمار، وهو الملف الأول والأكثر إلحاحًا، فسوريا التي دُمّرت بنيتها التحتية على مدى أكثر من عقد تحتاج اليوم إلى استثمارات ضخمة وخبرات تقنية هائلة. وتمتلك روسيا القدرة والخبرة للدخول في هذا القطاع، من إعادة بناء محطات الكهرباء وشبكات المياه إلى ترميم الجسور والمطارات والمرافئ.
ويقول بريجع إن كل مشروع من هذا النوع لا يعني مجرد إنجاز هندسي، بل يحمل دلالات سياسية بأن روسيا شريك حقيقي في إعادة بناء سوريا الجديدة.
ثانيًا، ملف الطاقة، فسوريا بلد غني بالموارد، لكنه يحتاج إلى إعادة تأهيل منشآته النفطية والغازية والكهربائية، وهنا تلعب الشركات الروسية دورًا محوريًا، سواء في مجال التنقيب أو في تحديث المصافي أو في بناء محطات توليد جديدة. وأي خطوة روسية في هذا المجال ستُنظر إليها داخليًا وخارجيًا على أنها تأكيد لمكانة موسكو كضامن للطاقة في سوريا، وهو ما يمنحها وزنًا إضافيًا في حسابات المنطقة.
ثالثًا، ملف الأمن والدفاع، فصحيح أن المرحلة السابقة اتسمت بوجود روسي عسكري مباشر في سوريا، لكن الوضع الآن مختلف، فالقيادة السورية الجديدة لا تريد أن تبقى مرتهنة لوجود عسكري أجنبي، بل تسعى لإعادة بناء جيش وطني قوي قادر على حماية الحدود والسيادة.
ويتعلق الملف الرابع ببناء المؤسسات والدعم السياسي، إذ تحتاج سوريا الجديدة إلى مؤسسات قوية وفعالة تعكس تطلعات الشعب وتلبي متطلبات المرحلة الانتقالية، وتستطيع موسكو أن تقدم خبرة واسعة في مجالات الإدارة العامة، بناء الهياكل القانونية، صياغة استراتيجيات التنمية، والتعاون مع الكوادر المحلية لتأهيل جيل جديد من الإداريين والسياسيين القادرين على قيادة البلاد نحو مستقبل مستقر.
وهذا الجانب لا يقل أهمية عن الجانب الاقتصادي أو العسكري، لأنه يضمن أن العلاقة بين موسكو ودمشق لن تبقى رهينة للظروف الطارئة، بل ستتحول إلى علاقة مؤسساتية راسخة، وفق الباحث.
وتؤكد الباحثة إيفا كولوريوتي أن ملفات رئيسة شكّلت بوابة لعودة الأجواء الإيجابية بين دمشق وموسكو، أولها العملة السورية التي تُطبع في موسكو، وثانيها القواعد الروسية على الساحل السوري وأهمية بقاء روسيا قريبة من دمشق وعدم الانحياز إلى أي جهات تسعى لزعزعة استقرار الوضع الأمني على الساحل السوري، وثالثها قضية الطاقة وإعادة الإعمار.
روسيا وتوازن الردع أمام الانتهاكات الإسرائيلية
بالتزامن مع هذه الظروف الصعبة، تتواصل الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية، مع توغلات في قرى وبلدات ريف القنيطرة وإقامة قواعد عسكرية، وضربات تستهدف القدرات العسكرية ومخازن الأسلحة، تحت ذرائع عدة.
وتتمسك الإدارة السورية الجديدة بالحلول السياسية والدبلوماسية، والتأكيد على العودة لاتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974، إذ قال الرئيس الشرع، في 14 من ديسمبر/كانون الأول 2024، إن حجج إسرائيل انتهت، معتبرًا أنه لا توجد حجج لتدخل خارجي الآن في سوريا بعد إنهاء الوجود إيران في البلاد، وأكد أنه لا ينوي خوض صراع مسلح مع “إسرائيل”.
ومن جهة أخرى، كانت هناك تفاهمات بين روسيا و”إسرائيل” حيال الملف السوري قبل سقوط نظام الأسد، وتنامى دور موسكو بشكل ملحوظ بعد عملية “طوفان الأقصى”، حيث سيّرت روسيا دوريات عسكرية على الحدود بين “إسرائيل” وسوريا، وثبّتت نقاط مراقبة على طول الخط الفاصل مع هضبة الجولان المحتل، ما يشير إلى إمكانية أن تلعب موسكو دورًا في وقف أو تقليل الانتهاكات الإسرائيلية في سوريا مستقبلًا.
ويرى الباحث ديميتري بريجع أن الدور الروسي يبرز في ملف الأمن والدفاع من خلال التدريب، نقل الخبرات، تزويد الجيش السوري بتقنيات دفاعية حديثة تساعده على تقليل حجم الخسائر والتصدي للتهديدات الجوية والصاروخية، معتبرًا أن هذا النوع من التعاون سيُسهم بشكل مباشر في التعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.
وعن الانتهاكات الإسرائيلية، يضيف الباحث أنها تظل تحديًا حقيقيًا للقيادة السورية الجديدة، إذ اعتادت “إسرائيل” أن تنفذ ضربات جوية داخل الأراضي السورية بحجة مواجهة النفوذ الإيراني أو منع نقل أسلحة نوعية إلى أطراف أخرى. لكن مع وجود سلطة جديدة في دمشق، ومع دعم روسي متزايد في مجالات الدفاع الجوي والتنسيق الأمني، يمكن أن يتغيّر ميزان الردع تدريجيًا.
ويرى الباحث أن هذا التهديد الإسرائيلي لن يختفي بشكل كامل، لكن من الممكن أن تنخفض وتيرته وأن يصبح أكثر انتقائية وحذرًا، خاصة إذا شعرت تل أبيب أن موسكو تقف بقوة خلف حليفها السوري.
ويضيف صحيح أن روسيا لن تدخل في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، لكنها قادرة على خلق توازن جديد يجعل الانتهاكات الإسرائيلية أكثر صعوبة وكلفة. بالنسبة لسوريا، هذا يعني تعزيز الثقة بقدرتها على الدفاع عن أراضيها، وبالنسبة لروسيا، هذا يعزز صورتها كحامٍ لحلفائها في الشرق الأوسط”.
وبحسب أندريه غروزين، رئيس قسم آسيا الوسطى وكازاخستان في معهد دول رابطة الدول المستقلة، فإن توسع “إسرائيل” في عدوانها يدفع جيرانها في المنطقة إلى إعادة تقييم شراكاتهم بعناية أكبر. فهم بحاجة إلى البحث عن مراكز قوة جديدة، يمكنهم من خلالها ضمان أمنهم، بل وتطوير اقتصادهم أيضًا، كما أوضح في حديثه لموقع “Взгляд” الروسي.
ماذا عن تركيا؟
يُعد الدور التركي في الملف السوري من بين الأبرز والأكثر تأثيرًا، لا سيما بعد معركة “ردع العدوان”، حيث لعبت أنقرة دورًا بارزًا في دعم الحكم الجديد للبلاد، وتعد أبرز حلفائه. كما دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دعم سوريا ماديًا ومعنويًا من العالمين العربي والإسلامي، بالإضافة إلى رفع العقوبات المفروضة عليها. وزاد التنسيق بين الجانبين السوري والتركي في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، بالتزامن مع انحسار وتقليص النفوذ الروسي والإيراني.
وتنخرط تركيا كذلك في ملفات داخلية حساسة، أبرزها ملف “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في شمال شرقي البلاد، إذ ترفض أنقرة بشكل قاطع أي صيغة سياسية أو عسكرية يمكن أن تُمنح بموجبها شرعية لـ”قسد” ككيان منفصل.
كما لعبت تركيا دورًا غير مباشر في عدد من بؤر التوتر الداخلي، من بينها ما شهدته محافظة السويداء من مواجهات بين فصائل محلية وعشائرية وقوات حكومية، حيث جرى التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين سوريا و”إسرائيل”، وكانت تركيا من الدول التي تبنّت الاتفاق.
وأثار النفوذ التركي المتصاعد قلق “إسرائيل” التي اعتبرته تهديدًا لأمنها، وظهرت ملامح صدام جديد على الأراضي السورية، لتُعقد جولة مفاوضات بين أنقرة وتل أبيب في العاصمة الأذربيجانية باكو، تركزت حول التوتر بين الطرفين بشأن الدور التركي المتزايد في سوريا.
شملت عمليات تأهيل لموقع تمركز طائراتها في المطار.. #روسيا تعزز وجودها في #القامشلي.. ما التفاصيل؟ pic.twitter.com/nGQpRZA49j
— نون سوريا (@NoonPostSY) August 13, 2025
وفي 13 من أغسطس/آب الماضي، وقّعت وزارتا الدفاع في سوريا وتركيا اتفاقية للتعاون العسكري، تتضمن دورات تدريبية وبرامج دعم فني تهدف إلى تطوير قدرات الجيش السوري. ووفق ما أعلنته أنقرة في 11 من سبتمبر/أيلول الجاري، فقد بدأت بالفعل بتنفيذ برامج التدريب وتقديم الاستشارات العسكرية، نافية في الوقت ذاته صحة تعرض قواتها في سوريا لضربات إسرائيلية.
وفي ظل هذا التداخل المعقّد، تسعى روسيا بدورها للحفاظ على حضور في سوريا، وكانت تربطها علاقات تنسيق مع تركيا لا سيما بالملف السوري، لكنها تغيرت بعد سقوط الأسد، مع وجود خلافات بين الجانبين، خاصة فيما يتعلّق بملف قوات سوريا الديمقراطية “قسد” الموجودة شمال شرقي سوريا.
واستخدمت روسيا خلال السنوات الماضية الورقة السورية وسيلة ضغط في مفاوضاتها مع تركيا، حيث كانت المصالح الروسية غالبًا ما تتعارض مع المصالح التركية وتُشكّل تهديدًا لأمنها القومي، في حين ترى تركيا سوريا بنفس الأهمية التي ترى بها روسيا أوكرانيا، ما دفع أنقرة إلى التركيز على تحييد كل وسائل الضغط التي تستخدمها روسيا والدول الأخرى لتهديد استقرارها الإقليمي، وفق تقرير لمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (SETA) التركي.
استنادًا إلى الاتفاقيات والعلاقة بين دمشق وأنقرة، تصف الباحثة اليونانية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، إيفا كولوريوتي، تركيا بأنها حليف استراتيجي لدمشق، مؤكدة أنها تلعب دورًا محوريًا في التعامل مع اثنين من أكثر الملفات تعقيدًا في المشهد السوري، وهما توترات محافظة السويداء، وملف شرق الفرات المرتبط بـ”قسد”.
وتوضح كولوريوتي أن تعزيز التعاون الدفاعي والعسكري بين الجانبين يعد خطوة تراها أنقرة تعزز القدرات العسكرية لدمشق، وتدفع “إسرائيل” إلى تقليص تدخلها في الساحة السورية، مما يسهم في تقليص التوترات في الجنوب السوري، خاصة في السويداء.
وبالنظر إلى الأدوار ومجالات التعاون المختلفة التي تجمع أو ستجمع سوريا بكل من تركيا وروسيا، لا ترى الباحثة إيفا كولوريوتي وجود تنافس بين أنقرة وموسكو في الملف السوري. ومع ذلك، تبذل تركيا جهودًا نشطة للحفاظ على مستوى علاقاتها مع دمشق، بما يضمن بقاؤها ضمن نطاق الشراكة الاستراتيجية ودعم هذه العلاقات، بينما تسعى موسكو لاستعادة مكانتها في الساحة السورية، التي تمثل أهمية كبيرة لنفوذها الدولي.
توازنات دقيقة و”تصفير المشاكل”
يسعى الرئيس السوري أحمد الشرع إلى “تصفير المشاكل” ومعالجة الخلافات المتراكمة، فيما تعمل الحكومة الجديدة على بناء علاقات خارجية تقوم على الحوار والثقة وتجنب الانخراط في الصراعات الإقليمية.
ومنذ سقوط النظام السابق، تشهد دمشق حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا، في إطار إعادة تشكيل سياستها الخارجية على أسس جديدة تتجاوز إرث النظام السابق، وتركز على التعاون والتحالفات البنّاءة.
هذا الانفتاح لم يكن خاليًا من الاشتراطات الغربية والأمريكية، ومطالب بالعمل على عدة ملفات منها تدمير أي مخازن متبقية من الأسلحة الكيماوية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، ومنع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية، وضمان أمن وحريات الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، وإبعاد المقاتلين الأجانب من مناصب حكومية عليا.
وتقول الباحثة إيفا كولوريوتي لـ”نون بوست” إن روسيا وضعت نفسها اليوم كصديق للحكومة السورية الجديدة، وهو تحول عزّزه قرار البنك المركزي السوري بطباعة عملة جديدة عبر عقد مع شركة روسية. كما جاءت زيارة الوفد برئاسة ألكسندر نوفاك حاملة أبعادًا اقتصادية وسياسية وأمنية.
أما الباحث ديميتري بريجع، فيشير إلى أن القيادة السورية الجديدة تنظر بعين الحذر إلى الدول الغربية، بعدما أثبتت التجربة خلال السنوات الماضية أن الولايات المتحدة وأوروبا ليستا شريكين يمكن الوثوق بهما، مضيفًا أن المواقف الغربية تجاه سوريا اتسمت بالتذبذب، حيث رُفعت في بعض الأحيان شعارات الحرية والديمقراطية، ثم فُرضت عقوبات اقتصادية خانقة أضرت بالمجتمع السوري أكثر مما أضرت بالنظام السابق، وفي أوقات أخرى طُرحت شروط سياسية تعجيزية مقابل أي حديث عن إعادة الإعمار.
ويرى بريجع أن هذا التناقض في السياسات الغربية جعل من الصعب على السوريين النظر إلى الغرب كمصدر موثوق للاستقرار أو التنمية. ومن هنا تنبع أهمية الدور الروسي، حيث تسعى موسكو إلى تقديم نفسها كقوة لا تربط تعاونها بمطالب خارجية أو بشروط سياسية مفروضة من الخارج.
وختم الباحث حديثه بالتأكيد على أن ما يميز هذه المرحلة هو أن القيادة السورية الجديدة لا تسعى إلى تحالفات مؤقتة أو وعود غير قابلة للتحقق، بل تبحث عن شركاء موثوقين يمكنهم تقديم حلول ملموسة. ويضيف أن روسيا، بفضل إرثها التاريخي وعلاقاتها المتجذرة في المنطقة، قادرة على لعب هذا الدور، إذا ما أحسنت توظيف مواردها وخبراتها. وفي المقابل، تحصل موسكو على موقع استراتيجي في قلب الشرق الأوسط، يفتح لها المجال للتأثير في قضايا إقليمية أوسع من الملف السوري وحده.