الإمارات والانتقالي: تحالف مصالح يعيد رسم الخريطة في الجنوب

منذ اندلاعِ الحرب في اليمن عام 2015، برز المجلس الانتقالي الجنوبي كأحد أبرز اللاعبين المحليين الذين تمكنوا من فرض حضورهم عسكريًّا وسياسيًّا في المشهد. هذا المجلس الذي يرفع شعار “استعادة دولة الجنوب” يستند في سرديته إلى تراكمٍ تاريخي ممتدٍّ منذ حرب صيف 1994، مرورًا بالحراك الجنوبي السلمي في 2007، وصولًا إلى مرحلة المقاومة المسلّحة بعد 2014. لكن صعود الانتقالي لم يكن حدثًا محليًّا بحتًا، بل جاء في سياق إقليمي ودولي متشابك، حيث لعبت الإمارات العربيةُ المتحدة دورًا بارزًا في دعمه عسكريًّا وسياسيًّا، ما أثار جدلًا واسعًا حول طبيعة أهدافه ومدى ارتباطها بالمصالح الإقليمية.
ورغم أن الانتقالي يؤكد أن مشروعه سياسي ووطني بالدرجة الأولى، إلا أن خصومه يرون أنه ساهم في تفكيك مؤسسات الدولة اليمنية وإضعاف الحكومة الشرعية في المحافظات الجنوبية، من خلال إنشاء هياكل موازية أمنية وعسكرية وإدارية، ما خلق ازدواجيةً سلطويةً انعكست سلبًا على حياة المواطنين وعلى الاستقرار العام.
وبينما يتحدث قادة المجلس عن نجاحات في تثبيت الأمن وإعادة بناء مؤسسات الدولة في الجنوب، تتحدث تقارير حقوقية عن انتهاكات جسيمة تشمل اعتقالات تعسفيةً وإخفاءً قسريًّا وتهجيرًا على خلفية مناطقية.
الانفصال أم الشراكة المرحلية؟
إلى جانب ذلك، يثير حضورُ الانتقاليّ أسئلةً حسّاسةً حول وحدة اليمن ومستقبله السياسيّ. ففي الوقت الذي يصرّ فيه المجلسُ على حقّ الجنوب في تقرير مصيره، تتخوّف أطرافٌ أخرى من أن يؤدّي هذا المسار إلى تكريس الانفصال وتعميق الانقسامات. كما أنّ مؤشّراتِ الانفتاح على التطبيع مع إسرائيل، التي لوّح بها قادةُ الانتقاليّ في تصريحاتٍ ولقاءاتٍ إعلاميّة، فتحت بابًا إضافيًّا للجدل، خاصّةً في ظلّ المزاج الشعبيّ الرافض لمثل هذه الخطوات.
وبينما يحاول الانتقاليّ تقديمَ نفسه كشريكٍ في مجلس القيادة الرئاسيّ والحكومة لمواجهة الحوثيّين، يرى باحثون أنّ امتلاكه القوّةَ العسكريّة أضعف قدرةَ الحكومة على العمل من العاصمة المؤقّتة عدن، وأجبرها على التنسيق معه في كلّ الملفات. وهو ما جعل المشهدَ أكثرَ تعقيدًا، حيث تتقاطع فيه رهاناتُ القوى الإقليميّة، خصوصًا الإمارات والسعودية، مع حسابات الداخل اليمنيّ، ما يترك الباب مفتوحًا أمام احتمالاتٍ متعدّدةٍ تتراوح بين الشراكة المؤقّتة والانفصال الكامل.
رؤية المجلس الانتقاليّ على لسان قياداته
القياديّ في المجلس الانتقاليّ الجنوبيّ، منصور صالح، أكّد في تصريحٍ خاصّ لـ”نون بوست” أنّ المجلس الانتقاليّ جاء ثمرةَ نضالٍ جنوبيّ ممتدّ منذ حرب صيف 1994، مرورًا بالحراك السلميّ في 2007، وصولًا إلى المقاومة المسلّحة بعد 2014.
وأوضح أنّ أهدافَ الانتقاليّ واضحة، ومتمثّلةٌ في استعادة وبناء دولة الجنوب الفيدراليّة المستقلّة، مشدّدًا على أنّ هذه الأهداف سبقت أيّ تدخّل خارجيّ. وأضاف: “علاقتُنا مع الأشقاء في التحالف علاقةُ احترامٍ وامتنانٍ لما قدّموه لشعبنا من دعمٍ وإسنادٍ في مواجهة ميليشيا الحوثيّ وقوى الإرهاب وتطهير الجنوب منها”.
وفي ما يتعلّق بعلاقة المجلس بالمجلس الرئاسيّ، قال صالح: “نحن شركاء في مجلس القيادة الرئاسيّ والحكومة في مهمّة مواجهة الميليشيات الحوثيّة وإعادة الإعمار. وهذه مهمّة مرحليّة نحرص على إنجاحها ونقدّم كلّ التسهيلات الممكنة التزامًا بتعهّداتنا”.
وعن جهود تعزيز الأمن وبناء المؤسسات، أوضح صالح أنّ الجنوب يمضي بخطواتٍ عمليّةٍ نحو استعادة وبناء مؤسسات الدولة، لافتًا إلى أنّ جهودًا كبيرة بُذلت وحقّقت نجاحاتٍ ملموسة سواء في البنية التحتيّة أو تطوير العمل الإداريّ.
وأضاف: “نحن ننظر إلى كلّ المؤسّسات الرسميّة باعتبارها مؤسّساتِ الدولة الجنوبيّة، وبناؤها مسؤوليّةُ المجلس الانتقاليّ وممثّليه في الحكومة. ولدينا خططٌ لإعادة تفعيل المؤسّسات التي دُمّرت أو سُرّحت كوادرُها، إلى جانب خططٍ تطويريّةٍ للمؤسّسات القائمة”.
أمّا بشأن الانتقادات الموجّهة للمجلس حول تأثيره على الاستقرار المدنيّ والمؤسّسات الحكوميّة، فقد ردّ صالح بالقول: “الانتقاليّ يقود مهمّة البناء والحماية معًا، وقد نجح إلى حدٍّ كبيرٍ في تثبيت الأمن والاستقرار. وعلى الصعيد السياسيّ نعمل على توفير المناخات الملائمة لعمل مؤسّسات الدولة، بما يساعد على تطبيع الحياة السياسيّة والوصول في النهاية إلى تسويةٍ شاملةٍ وعادلةٍ تضمن حقَّ شعبِنا في تقرير مستقبله السياسيّ”.
وفيما يخصّ العلاقة مع قوى الشمال، أشار صالح إلى أنّ المجلسَ الانتقاليّ في حالة شراكةٍ مع القوى الوطنيّة هناك لتمكينها من مواجهة الحوثيّين، قائلًا: “إذا وجدنا الجدّية لدى هذه القوى فلن نتخلّف عن دعمها”. لكنّه شدّد على أنّ مشروعَ الوحدة دخل فيه الجنوبُ بنيّة صادقة، إلّا أنّ الشمال غدر به منذ حرب 1994.
وأضاف: “المؤسفُ أنّ بعض القوى اليمنيّة ما زالت تفكّر بعقليّة ما بعد يوليو/ تموز 1994، وتتّبنى النهج ذاته من السلوك المتعالي. وحين تغيّر هذه القوى نمطَ تفكيرها، وتُلغي فتاوى تكفير شعب الجنوب، وتعتذر عن الماضي، وتعترف بأنّ الزمن تغيّر، وأنّ جنوب اليوم ليس جنوب الأمس، وتُعيد حقوق الجنوب وتُعوّض خسائره خلال 35 عامًا، حينها سيكون لكلّ حادثٍ حديث”.
الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي يواصل بذل جهود جبارة لتمكين أبناء الجنوب من دور محوري في صناعة القرار، وترسيخ حضور المجلس الانتقالي الجنوبي بثقله السياسي على المستويين الإقليمي والدولي، بما يعيد للجنوب مكانته الطبيعية والمستحقة بين الأمم والشعوب، ويمهد الطريق نحو الهدف… pic.twitter.com/Hf10FXdb3l
— الاعلامي عمر عرم (@omararem) September 22, 2025
ازدواجيّة السلطة وأثرها على مؤسّسات الدولة
منذ سيطرة المجلس الانتقاليّ الجنوبيّ على العاصمة المؤقّتة عدن في أغسطس/ آب 2019 عقب مواجهاتٍ عنيفةٍ مع القوات الحكوميّة، دخلت مؤسّساتُ الدولة في مرحلةٍ من الارتباك والشلل شبه الكامل. فقد ترتّب على ذلك واقعٌ جديدٌ فرض على الحكومة الشرعيّة التعاملَ مع الانتقاليّ كقوّة أمرٍ واقع تمتلك النفوذ العسكريّ والأمنيّ داخل المدينة، بينما تراجعت قدرةُ الدولة على بسط سلطتها أو تقديم نموذجٍ إداريّ وخدميّ فاعل.
ورغم توقيع “اتفاق الرياض” بين الطرفين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 برعايةٍ سعوديّة، ظلّ تنفيذُ بنوده يواجه عراقيلَ متكرّرةً، أبرزُها ملفّ دمج القوات وتوحيد الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة، وهو ما أبقى عدن وبقيّة المحافظات الجنوبيّة رهينةَ ازدواجيّةِ السلطة وتعدّد الولاءات.
وفي هذا السياق، أكّد الباحثُ السياسيّ رماح الجبري أنّ امتلاكَ المجلس الانتقاليّ الجنوبيّ للقوّة العسكريّة شكّل نقطةَ تحوّلٍ كبيرةً في مسار عمل الحكومة اليمنيّة من العاصمة المؤقّتة عدن، إذ عجزت الحكومةُ عن تقديم نموذجٍ إيجابيّ في الجانبين الخدميّ والأمنيّ، ما أدّى لاحقًا إلى تصاعدِ التناحرِ والاشتباكاتِ بين القوات الحكوميّة وقوّات المجلس الانتقاليّ. وانتهى الأمرُ – بحسب الجبري – بتسليم عدن ومعسكراتها للانتقاليّ، لتجد الحكومةُ نفسها بلا أذرعٍ أمنيّة، مضطرّةً للتنسيق معه في كلّ أعمالها.
وأضاف أنّ هذا الوضعَ المختلّ انعكس سلبًا على أداء مؤسّسات الدولة، وأوجد تحدّياتٍ كبيرةً أمام عمل الحكومة، مشدّدًا على أنّ تجاوز هذه التحدّيات لن يتحقّق إلّا عبر توحيد القوّة العسكريّة والأمنيّة تحت قيادةٍ واحدةٍ ضمن إطار وزارتي الدفاع والداخليّة.
وبشأن الانتهاكات السياسيّة أو المدنيّة المرتبطة بالتحرّكات العسكريّة، أوضح الجبري أنّ أيّ تجاوزاتٍ – من أيّ طرفٍ – هي مُدانةٌ ولا يمكن تبريرها، مؤكّدًا ضرورةَ الالتزام بالقوانين الوطنيّة والمرجعيّات المتَّفق عليها، وداعيًا جميعَ الأطراف، بما فيها المجلس الانتقاليّ، إلى تقديم مصلحة المواطن على ما عداها.
وفيما يتعلّق بالدعم الخارجيّ، شدّد الجبري على أنّ “هذا الدعم يجب أن يُعزّز التنميةَ ويُحقّق الاستقرار”، لافتًا إلى أنّ الحكومة الشرعيّة تُشيد بدور الإمارات في اليمن رغم استمرار معاناتها من ممارسات الانتقاليّ المموَّل إماراتيًّا. وأكّد أنّ على الداعمين أن يُدركوا أنّ دورَهم ينبغي أن يكون رافعًا لتعزيز سيادة الدولة لا بديلًا عنها.
وختم الجبري تصريحه بالتأكيد على أنّ الحكومةَ مطالَبةٌ بتعزيز حضورها المؤسّسيّ في الداخل، والتمسّك بموقفٍ وطنيّ حازم يحافظ على مركزها القانونيّ دون السماح بالتدخّل في صلاحيّاتها، وأن عليها أن تستند إلى الشارع والرأي العام عبر المكاشفة والوضوح، “فالشعبُ اليمنيّ هو صاحبُ الحقّ والقرار مهما كانت الارتباطات الإقليميّة والدوليّة”.
الإمارات والنفوذ الإقليمي
ومنذ اندلاع الأزمة اليمنيّة في 2014، أصبحت دولةُ الإمارات لاعبًا رئيسيًّا في الجنوب اليمنيّ، حيث دعمت المجلسَ الانتقاليَّ الجنوبيّ ماليًّا وسياسيًّا وعسكريًّا بهدف تعزيز نفوذها داخل الحكومة الشرعيّة وفي المحافظات الجنوبيّة. وقد شهدت السنواتُ الأخيرة محاولاتٍ متعدّدةً لتوسيع الحضور الإماراتيّ عبر دعم تشكيلاتٍ عسكريّة وأجهزةٍ أمنيّة موازيةٍ للجيش الحكوميّ، إضافةً إلى إسناد القوى السياسيّة الجنوبيّة لتعزيز مكانتها. وتأتي هذه التحرّكات في سياق استراتيجيّاتٍ إقليميّةٍ تهدف إلى تحقيق نفوذٍ أوسع للرياض وأبوظبي في الملف اليمنيّ، وضمان مصالحهما في الممرّات البحريّة والنفطيّة، وهو ما يعكس التداخلَ بين السياسة المحليّة والمصالح الإقليميّة في الجنوب اليمنيّ.
وفي السياق، قال الصحفيّ والناشط عبد الجبّار الجريري، في حديثه لموقع نون بوست، إنّ المجلسَ الانتقاليَّ الجنوبيّ عمل على تفكيك مؤسّسات الدولة اليمنيّة في المحافظات الجنوبيّة، حيث سيطر على مقارّ حكوميّة وأمنيّة وعسكريّة، واستبدل الهياكلَ التابعةَ للحكومة الشرعيّة بهياكلَ موازيةٍ خاصّةٍ به، ممّا أوجد حالةً من الازدواجيّة في السلطة وأضعف قدرةَ الحكومة على إدارة المناطق وتقديم الخدمات، وأدّى إلى تدهور الوضع الأمنيّ.
وأضاف الجريري أنّ منظماتٍ حقوقيّةً محليّةً ودوليّةً وثّقت انتهاكاتٍ جسيمةً ارتكبها الانتقاليّ، شملت اغتيالاتٍ واعتقالاتٍ تعسّفيّةً وإخفاءً قسريًّا وتعذيبًا لمعارضين سياسيّين وصحفيّين ونشطاء، إلى جانب التضييق على الحريّات العامّة. وأشار إلى حالاتِ طردٍ لموظّفين حكوميّين من منازلهم، ومصادرةِ ممتلكات، وتهجيرٍ قسريٍّ على أساس مناطقيّ أو عرقيّ، خصوصًا في مدينة عدن.
وأكّد الجريري أنّ الدعمَ الخارجيّ، خصوصًا من دولة الإمارات العربيّة المتحدة، يُعدّ المحرّكَ الأساسيَّ لقوّة ونفوذ الانتقاليّ، إذ مكّنه من بناء تشكيلاتٍ عسكريّة وأمنيّة موازيةٍ للجيش الحكوميّ والسيطرة على مناطقَ استراتيجيّة. واعتبر أنّ العلاقة بين الطرفين تقوم على مصالح متبادلة؛ إذ تسعى الإماراتُ لتأمين نفوذها في الجنوب والممرّات البحريّة، بينما يسعى الانتقاليّ لتحقيق هدفه المعلن بالانفصال.
وتطرّق الجريري إلى مؤشّراتٍ على وجود تمهيدٍ للتطبيع مع إسرائيل في الجنوب، لافتًا إلى أنّ الانتقاليَّ استقبل وفدًا صحفيًّا إسرائيليًّا قبل أيّام، كما صرّح رئيسُ المجلس الانتقاليّ عيدروس الزبيدي سابقًا باستعداده لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في حال اعترافها بحقّ الجنوب في الانفصال، وهو ما يتعارض مع المزاج الشعبيّ الجنوبيّ.
وفي ختام تصريحه، قدّم الجريري مجموعةً من التوصيات لمواجهة نفوذ الانتقاليّ، أبرزُها: ضرورة توحيد الصفوف وإعادة بناء مؤسّسات الدولة على أسس وطنيّةٍ مستقلّة، وتعزيز الشفافيّة ومكافحة الفساد وتحسين الخدمات لكسب ثقة المواطنين، وتكثيف الضغط الدبلوماسيّ على الأطراف الداعمة للانتقاليّ وتفعيل دور الأمم المتحدة، إضافةً إلى دعم جهود المصالحة الوطنيّة وتشجيع الحوار بين جميع الأطراف وصولًا إلى حلٍّ سياسيّ شاملٍ يُعيد للدولة اليمنيّة قوّتَها ووحدتَها.
حسابات الإمارات والرهانات المستقبلية
في 13 سبتمبر/ أيلول 2025، قامت صحيفة جيروزاليم بوست بزيارةٍ لمدينة عدن، في خطوةٍ كانت أكثرَ من مجرد حدثٍ صحفيّ تقليديّ. فقد جسّدت الزيارةُ تحوّلًا كبيرًا في العلاقات غير المعلَنة بين بعض القوى المحليّة وإسرائيل، في وقتٍ تشهد فيه المنطقة تناميًا في اهتمام تل أبيب باليمن.
الزيارةُ، التي تمّت بدعمٍ من المجلس الانتقاليّ الجنوبيّ وبرعايةٍ إماراتيّة، تضمّنت لقاءاتٍ مع قياداتٍ محليّةٍ وعسكريّة، فضلًا عن جولاتٍ ميدانيّةٍ في جبهات القتال بعدن وشبوة. الوفدُ الصحفيّ، الذي وصل عبر مطار عدن تحت غطاء منتدى الشرق الأوسط، التقى بمسؤولين بارزين مثل اللواء صالح حسن، ووزير الدفاع في الحكومة اليمنيّة المعترف بها دوليًّا، محسن الداعري.
هااااام: الانتقالي يفتح أبواب الجنوب لإسرائيل
وأحرار عدن يطلقون حملة واسعة رفضاً للتطبيع ودفاعاً عن فلسطين تحت وسم:#الانتقالي_مشروع_صهيوني pic.twitter.com/pF8KY9AtbV— صوت_عدن_نيوز (@Voice_Aden_News) September 17, 2025
هذه الزيارةُ لم تكن حدثًا عابرًا، بل تأتي في إطار خطواتٍ استراتيجيّةٍ مدروسةٍ تهدف إلى تعزيز وجود المجلس الانتقاليّ كقوّةٍ منظّمةٍ قادرةٍ على تقديم خدماتٍ أمنيّةٍ وسياسيّة لدولٍ مثل إسرائيل. وكانت الإماراتُ وراء هذا التحرّك، إذ تعمل على إعادة تشكيل النفوذ في المناطق الجنوبيّة من اليمن، بما في ذلك جزيرتا ميون وسقطرى، حيث تشير التقاريرُ إلى وجودٍ متزايدٍ لإسرائيل في تلك المناطق.
الباحث في العلاقات الدولية عادل المسني: المجلس الانتقالي الجنوبي أقلية تطمح للحصول على دعم إسرائيلي للسعي نحو الانفصال ومحاولة تكرار سيناريو الدروز والأكراد#المساء_اليمني#قناة_بلقيس #yemen #اليمن pic.twitter.com/NycrISMx4q
— قناة بلقيس الفضائية (@BelqeesTV) September 14, 2025
وفي هذا السياق، قال مصدرٌ سياسيّ فضّل عدمَ ذكر اسمه لموقع نون بوست إنّ الإماراتَ تدعم المجلسَ الانتقاليّ الجنوبيّ بغرض تعزيز حضوره داخل حكومة الشرعيّة، وربما الدفع بقيادته نحو موقع رئاسة الحكومة مستقبلًا، الأمر الذي قد يمهّد – في حال فشل مشروع الوحدة اليمنيّة – لتولّي الانتقاليّ قيادةَ دولةٍ جنوبيّةٍ مستقلّة.
وأضاف الباحثُ أنّ أبوظبي لا تحتاج فعليًّا إلى المجلس الانتقاليّ من أجل فتح قنوات تطبيع مع إسرائيل، لكنّها قد ترى فيه ورقةً إضافيّةً تُغري تل أبيب، وتمنحها قناةَ اتصالٍ محتملة مع سلطةٍ جنوبيّةٍ في حال تكريس الانفصال. وأوضح أنّ الإماراتَ تسعى إلى توسيع نفوذها إقليميًّا ودوليًّا، وفي حال تسلّم الانتقاليّ مقاليدَ الحكم في الجنوب، فإنّ ذلك سيمنحها ورقةَ قوّةٍ جديدةً يمكن استثمارها لتعزيز حضورها في الإقليم وجذب مزيدٍ من الاهتمام الدوليّ.
وفي ما يخصّ المخاطرَ المترتبةَ على اليمن، لفت الباحثُ إلى أنّ ملامحها لن تتضح إلّا مع تكريس الانفصال، خصوصًا فيما يتعلّق بموقف السعوديّة وما إذا كانت ستعارضه أو تقبله تحت الضغط. واختتم بالقول إنّ الأزمة اليمنيّة، ما دامت قائمة، ستظلّ خاضعةً لتأثيرات السياسات الإقليميّة، سواء عبر الدعم الماليّ والسياسيّ أو من خلال المواقف المتباينة المؤيّدة والمعارضة، وهو ما يُعمّق ارتباطَ مسار الداخل اليمنيّ بحسابات الخارج.