عزوف شعبي وصراع سياسي: أي شرعية لانتخابات العراق 2025؟

يتساءل البعض عن سبب اهتمام العالم بالانتخابات النيابية في دولة ما، بينما لا يكاد يلتفت إلى انتخابات دولة أخرى، فهل سبب ذلك يرجع إلى مخرجات تلك الانتخابات، أم إلى أهمية تلك الدولة التي تُجرى الانتخابات فيها، أم إلى نزاهة العملية الانتخابية؟ وما نعتقده أن كل تلك المعايير لها أهمية كبيرة تجعل العالم يلتفت إلى ما يحدث في تلك الدولة.
من هذا المنطلق، نرى أن الانتخابات النيابية في العراق لا يكاد يلتفت إليها أحد، سواء من العراقيين الذين يُفترض بهم أن يكونوا المعنيين المباشرين بها، أو من باقي شعوب ودول العالم، لأنهم يعرفون في قرارة أنفسهم أن هذه الانتخابات معروفة النتائج، ولا تتمتع بالنزاهة المطلوبة، ولا يُرجى منها تغيير سياسي في البلد.
اليوم في العراق، تنهمك جميع الأحزاب والكتل السياسية وكذلك الفصائل المسلحة بالاستعداد للانتخابات النيابية، بينما تجد أن الشعب العراقي آخر شيء يمكن أن يهتم به هو الانتخابات النيابية. والغالبية منهم قد فضّل راحة البال وقرر عدم المشاركة فيها، لأنها محسومة النتائج، ولا تغيير سيحدث بعدها ينعكس إيجابيًا على حياته.
لكن الجديد في هذه الانتخابات القادمة ليس عزوف المواطنين عن المشاركة فيها، إنما أن بعض الكتل السياسية الوازنة قررت عدم المشاركة فيها. وأبرز مثال على ذلك هو مقاطعة التيار الصدري للانتخابات، وكتلة “ائتلاف النصر” برئاسة حيدر العبادي، وكذلك بعض التيارات المدنية والشبابية، الأمر الذي يهدد شرعية أي حكومة تتشكل وفقًا لنتائج هذه الانتخابات.
انتخابات مصيرية
يُجمع كلّ السياسيين العراقيين الماسكين بالسلطة حاليًا على وصف الانتخابات النيابية المقبلة بأنها مصيرية وحاسمة في رسم الخارطة السياسية القادمة في العراق. ينبع ذلك من إحساسهم بأن لا شعبية بقيت لهم، ولم تعد وسائلهم في التحشيد الجماهيري ناجحة، بسبب تاريخهم الطويل المليء بالوعود غير المتحققة، وأن نتائج الانتخابات المقبلة يمكن أن تقصيهم بشكل كامل عن إدارة دفة الحكم في العراق.
كما أن هذه الأحزاب والفصائل تدرك أن فترة حكمهم السابقة والممتدة لـ 22 سنة لم يكونوا يتمتعون خلالها بالشرعية الشعبية الحقيقية، إنما كانت الولايات المتحدة هي من تدعم شرعيتهم في الحكم، وهي المسؤولة عن تقديم الحكومة العراقية للعالم كحكومة شرعية كاملة السيادة. أما والحال كما نرى الآن، فقد تغيرت الرؤية الأمريكية عن الطبقة الحاكمة في العراق، وتنظر إليها الآن على أنها إحدى أذرع إيران، وبالتالي فإنها قد ترفع غطاءها عنهم وتُعرّي شرعيتهم في الحكم. حينها لن تنظر دول العالم إلى النظام العراقي كما كانت تفعل في السابق.
ولأجل ذلك، تقوم أحزاب “الإطار التنسيقي” والفصائل المسلحة بكل قوة لإقناع الناس بالتصويت لصالحها، حتى تتمكن من الادعاء أن لها شعبية في أوساط الجماهير العراقية. فهي تقوم الآن بتحذير الناس وتهديدهم من أن عدم مشاركتهم في الانتخابات يعني أن البعثيين سيستولون على الحكم، أو أن الحكم سينتقل إلى السنَّة. وقد حشّدوا لأجل ذلك مزيدًا من جيوشهم الإلكترونية ورجال الدين المحسوبين عليهم.
الانتخابات تحدد مستقبلك ومصيرك وسارع لانتخاب الاصلح واذا تقول جميعهم فاسدين وحراميه وتجلس بالبيت تتفرج يأتي غيرك وينتخب البعثي والتشريني ومرتزقة السفارات والملحد واصحاب النفس الداعشي واذا لاسمح الله استلم احدهم الحكومه اول عمل لهم يمنعون زيارة الاربعين والمراقد المقدسه وتعيش ذليل… pic.twitter.com/xcPQLfpLrh
— عابس بن شبيب (@yakareem313) September 17, 2025
سيدنا الكريم
إن الانتخاب حق مشروع للمواطن
ولكنّه في أحسن الأحوال ، ليس بواجب
فلا علاقة للدين ، ولا المذهب
ولا مولانا صاحب العصر ( عج ) ، بهذه الانتخابات ولاغيرها
فمنذ متى كان الفاسدون أداةً لنصرة الدين !؟
وعدم الذهاب لانتخابهم ، هو عداء للدين وأهل البيت ( عليهم السلام ) !!؟
هل… pic.twitter.com/9W6wGhxWa4— أوس الخفاجي (@AwsKhfaji) September 20, 2025
إن مفردة “المصيرية” و”الحاسمة” تصف بدقة الحالة التي يعيشونها وهم مقبلون على انتخابات ربما تُعجّل بإقصائهم أو تُشكّك بشرعية حكمهم. وإذا ما استطاعوا الوصول إلى السلطة بعد انتخابات 2021، حينما انسحبت الكتلة الصدرية من البرلمان بالرغم من فوزها بأغلبية المقاعد، فمن غير المتوقع أن يحصلوا على عدد كافٍ من المقاعد هذه المرة ليجعلهم في موضع تنافس يمكنهم من تشكيل ثلث معطِّل والفوز بتشكيل الحكومة بالرغم من خسارتهم. لا سيما وأن التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر سيقاطع الانتخابات القادمة، بل ويقوم بالترويج للمقاطعة بشكل علني، وهذا ما أثار حفيظة أحزاب “الإطار التنسيقي” بشدة واعتبروه حربًا عليهم بشكل مباشر.
لم يتفرد التيار الصدري بالمقاطعة، إنما انسحب الأمر إلى كتل سياسية مهمة لا يُستهان بها، مثل “ائتلاف النصر” بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وهو أحد المكونات الرئيسية لقوى “الإطار التنسيقي”. وقد أعلن مقاطعته الانتخابات بعد يوم من إعلان مماثل من الصدر، بالإضافة إلى رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.
بسمه تعالى
إذا قيل لكم: لماذا أنتم #مقاطعون
يكون جوابكم كالتالي:
١- بالأمس قاطعوا خمسة وسبعين نائباً شيعياً.. واليوم نقاطعهم
فإنهم إن قالوا بحرمة مقاطعة سياسي الشيعة، فمقاطعة الـ ٧٥ أيضاً حرام
وإن قالوا: إنكم لستم شيعة
قلنا: فلمِ تريدون أصواتنا!!
٢- جربنا الإصلاح من داخل العملية… pic.twitter.com/c5rHG2zb9u— صباح الساعدي (@sabah_Alsaaedy) September 21, 2025
الانتخابات القادمة هي انتخابات حاسمة فعليًا لأحزاب “الإطار التنسيقي”، في حال لم يشارك الشيعة في انتخاب أحزاب “الإطار”، وذهبت أصواتهم (على قلتها) إما إلى الأحزاب الناشئة المنبثقة من انتفاضة تشرين، أو إلى الأحزاب المدنية، أو ربما لبعض الأحزاب السنيَّة كما هو الحال في محافظة بغداد.
ويستمر رجال الدين الشيعة المرتبطون بأحزاب “الإطار التنسيقي” في مجابهة الحملات الشعبية الداعية إلى “مقاطعة” الانتخابات بتحريض من التيار الصدري، من خلال التحذير من خطورة “ترك الساحة فارغة” أمام “مشاريع مشبوهة” تسعى لاستغلال العزوف الشعبي لصالح أجندات “ضيقة”.
وفي هذا الصدد، حذَّر زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، من “خطر فادح” في حال عدم إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد، وأكد أن صناديق الاقتراع ستغلق المنافذ بوجه الدكتاتورية والعنصرية والطائفية والتهميش —بحسب تعبيره—. كما شدَّد على أن “الانتخابات هي البوابة التي تتشكل منها الحكومة والبرلمان”.
أما هادي العامري، رئيس “منظمة بدر” والقيادي في تحالف “الإطار التنسيقي”، فقال إن “من لا يشارك في الانتخابات كأنه يؤيّد (البعث)”.
مقاطعة صدرية وعزوف شيعي
ونحن نقترب تدريجيًا من موعد الانتخابات النيابية المقرَّر إجراؤها في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، تجتاح حملة “مقاطعون” للانتخابات، التي يقودها التيار الصدري، المناطق ذات الغالبية الشيعية في العراق. الأمر الذي دفع قوى “الإطار التنسيقي” الشيعي الحاكم إلى تحشيد الناس للمشاركة فيها، مستعينة بعدد من المعمّمين، وبفتاوى قديمة للمرجعية الدينية في النجف، بالرغم من أن مرجعية السيستاني حذَّرت السياسيين من مغبة استخدام اسمه أو صورته أو فتاواه للترويج للانتخابات أو لأي حزب.
ويأتي ذلك بعدما قامت بعض أحزاب “الإطار التنسيقي” بتزوير بيان نُسب إلى مكتب السيستاني وحمل ختمه، يدعو فيه إلى المشاركة بقوة في الانتخابات. الأمر الذي فسره مراقبون بأنه إقرار من المرجع الديني علي السيستاني بعدم دعمه لهذه الانتخابات النيابية.
مكتب المرجع الديني السيد علي السيستاني ينفي بيانًا منسوبًا له بشأن الحث على المشاركة في الإنتخابات المقبلة..
مفلسين صاروا يزورون بيانات
للمرجع حتى الناس تنتخبهم. pic.twitter.com/cR4JCEO7hZ— د.دارك (@dr_daark) September 18, 2025
وتتذرع أطراف “الإطار التنسيقي” الحاكم بأن الشيعة سيفقدون أغلبيتهم البرلمانية في حال عزفوا عن المشاركة في الانتخابات، ويصبح من المستحيل عليهم تشكيل حكومة برئاسة شيعية، أو إعادة الحكم للبعثيين، أو ذهابه إلى المكوّن السنّي الذي لا يشهد عزوفًا عن المشاركة في الانتخابات. وهي كلها مبررات ومسوّغات غير حقيقية، لأن توزيع المقاعد على المحافظات لا يمنح السنّة حظًا في الأغلبية النيابية، وهو توزيع مجحف قام به الحاكم الأمريكي بول بريمر، من دون أن يعتمد على أية إحصاءات سكانية حقيقية للمحافظات.
من جانبه، ردَّ الصدر على الانتقادات التي وُجّهت له ولتياره بسبب مقاطعته للانتخابات، على لسان وزيره صالح محمد العراقي، بالقول إن التيار جرَّب الإصلاح من داخل العملية السياسية، لكن دون جدوى، ما دفعه إلى تجربة الإصلاح من خارجها. ثم ساق وزير الصدر أسبابًا أخرى تتعلق بالصدر وتياره، قائلًا: كيف نعطي أصواتنا لمن كشفت “تسريبات” أنهم يريدون قتل الصدر (في إشارة إلى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي)، أو لمن تسبب في تفكيك “مصفى بيجي” (في إشارة إلى قيس الخزعلي، زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق).
وأضاف إن وجود التيار الصدري داخل البرلمان ربما يتسبب في تعطيل تشكيل الحكومة، واستمرار الخلافات وأعمال العنف. كما ردَّ على من يقول إن المقاطعة ستجعل البعثيين يصلون إلى الحكم، فاتهم وزير الصدر خصومه بأنهم هم من يُؤوون البعثيين ضمن صفوفهم (في إشارة إلى رفض مفوضية الانتخابات عددًا كبيرًا من مرشحي “الإطار” بتهمة انتمائهم إلى حزب البعث). وختم كلامه بتحديد شرط لعودته إلى المشاركة في الانتخابات، وهو أن يتم تغيير الوجوه الحالية بالكامل، ووضع حد للتدخلات الخارجية.
بسمه تعالى
إذا قيل لكم: لماذا أنتم #مقاطعون
يكون جوابكم كالتالي:
١- بالأمس قاطعوا خمسة وسبعين نائباً شيعياً.. واليوم نقاطعهم
فإنهم إن قالوا بحرمة مقاطعة سياسي الشيعة، فمقاطعة الـ ٧٥ أيضاً حرام
وإن قالوا: إنكم لستم شيعة
قلنا: فلمِ تريدون أصواتنا!!
٢- جربنا الإصلاح من داخل العملية…— وزير القائد – صالح محمد العراقي (@salih_m_iraqi) September 21, 2025
مثَّل البيان الصدري ردًّا على التحذير الذي أطلقه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، حينما اعتبر أن عدم المشاركة في الانتخابات هو بمثابة تقديم هدية للفاسدين، وكلّ من له أجندة لا تخدم البلد.
رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني : مقاطعة الانتخابات هدية للفاسدين وكل من له اجندة لا تخدم البلد. pic.twitter.com/EfWInUriRy
— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) September 19, 2025
ما علاقة السنَّة بالخلافات الشيعية البينية؟
أما عن إقحام السنَّة في خلافات “الإطار التنسيقي” مع التيار الصدري، فإن ذريعة ذهاب الحكم إلى السنَّة وخسارة “الحاكمية الشيعية” التي يسوقها “الإطار”، أمر متعارف عليه في كل انتخابات، الغاية منه التحشيد الطائفي للمكوّن الشيعي، من خلال إثارة المخاوف الطائفية من السنَّة، أو خسران الأغلبية الشيعية في البرلمان، وتحميل التيار الصدري مسؤولية إضعاف الشيعة أمام المكوّنات الأخرى. وعلى الرغم من أن منافسة المرشحين السنَّة للمرشحين الشيعة شبه مستحيلة في المحافظات الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية، إلا أن عزوف الشيعة عن المشاركة في الانتخابات ربما سيؤثر بشكل محدود على عدد النواب الشيعة لصالح السنَّة في بغداد، وهي من المناطق المختلطة طائفيًا.
لكن مع ذلك، فإن استخدام هذه المخاوف والمبررات للتحشيد الطائفي، دليل على إفلاس سياسي، وعدم قدرة أحزاب “الإطار” على تقديم برنامج سياسي يمكن أن يقنعوا به الناخب العراقي، سواء كان شيعيًا أو سنيًا.
الأمر نفسه بالنسبة للفصائل المسلحة المقرّبة من إيران، فقد دعت مؤخرًا جماعة “كتائب حزب الله” في بيان لها إلى “المشاركة الفاعلة في الانتخابات” وعدم “التساهل فيها، لتفويت الفرصة على الأعداء”. وقد فسّره مراقبون على أنه توجه حقيقي من الجماعة للدخول على خط الانتخابات. ويبدو أن هذه الجماعة أدركت أن عليها التعامل مع أي متغيرات جديدة قد تطرأ على الصراع الإيراني–الأمريكي، والذي من الممكن أن تكون إحدى مخرجاته انتفاء الحاجة إلى السلاح. وبالتالي فهي تريد أن يكون لها موطئ قدم في الساحة السياسية لإدامة وجودها، تحسبًا لأي تراجع في تأثير السلاح كأداة نفوذ.
ومن الجدير بالذكر أن ما تقوم به كتائب حزب الله لا يُعتبر أمرًا جديدًا على الفصائل المسلحة، فلطالما انخرطت هذه الفصائل في العملية السياسية وشاركت في الانتخابات السابقة وضمنت لها تمثيلًا داخل البرلمان، حتى لا تفقد شرعية وجودها في حال تغيّرت الأوضاع وأصبح وجود الفصائل المسلحة ممنوعًا في العراق.
وبالنظر إلى مستوى التخبط لدى الأطراف السياسية المتخاصمة في الساحة العراقية وهم على مشارف الدخول في امتحان الانتخابات النيابية، يبدو أن السياسيين العراقيين وصلوا إلى مرحلة العجز عن إرضاء طموحات كلٍّ من دولتي الصراع داخل العراق: إيران والولايات المتحدة. فكل من طهران وواشنطن لديها تصور عن مستقبل العراق يختلف عن الآخر. يرافق ذلك عزوف شعبي وسياسي عن المشاركة في الانتخابات.
ووفق هذه المعطيات، ربما يجد المراقب للشأن العراقي صعوبة في استقراء ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات القادمة، بل ربما يذهب البعض إلى أن هذه الانتخابات ستكون نقطة مفصلية في مستقبل العراق. لأن نتائجها إذا أدّت إلى بقاء العراق على وضعه الحالي منحازًا لإيران، فإن كل السيناريوهات الخطيرة من الجانب الأمريكي والإسرائيلي ستُوضع على الطاولة. وإذا ما أسفرت نتائج الانتخابات عن انحياز العراق إلى الجانب الأمريكي، فمن غير المتوقع أن تتنازل أحزاب “الإطار” والفصائل المسلحة ومن خلفها إيران عن مكانتها ومكاسبها بطريقة ودّية، وستكون الظروف مؤهلة لحدوث شقاق عسكري بين الأطراف المتخاصمة لا تُحمد عقباه.
لا سيما أننا نرى كيف أن الولايات المتحدة تتهيّأ لمثل هذا السيناريو من خلال دعمها لجهاز مكافحة الإرهاب العراقي، وتصنيف بعض الفصائل المسلحة ضمن قوائم الإرهاب، بالإضافة إلى العقوبات المالية التي تفرضها على إيران وأتباعها في العراق.
ما هي حقيقة الصراع؟
إن المراقب للصراع بين المقاطعين للانتخابات والمروّجين لها، يجد أنهم يتصارعون على شيء واحد، هو موضوع “الشرعية”. فإذا كان هناك عزوفٌ شيعي كبير عن المشاركة في الانتخابات، فهذا سيطعن في شرعية “الحاكمية الشيعية”، وتفقد أحزاب “الإطار” قوتها كممثل عن غالبية الشعب العراقي. وستتعامل دول العالم مع هذه الحكومة وفق هذه الحقيقة، وسيعاني العراق شيئًا فشيئًا من عزلة سياسية. وليس غريبًا إذا ما أقدمت الولايات المتحدة على تقويض نظام الحكم العراقي بصيغته الحالية، على اعتبار أنه لا يمتلك الدعم الشعبي الكافي ولا الثقل الجماهيري لحكم البلاد، مستندةً إلى مستوى المشاركة الجماهيرية المتدنية في الانتخابات.
وبالتأكيد، فإن هذا الأمر سيقوّي حراك المعارضة العراقية المتمركزة في الخارج، ومحاولتها تقديم نفسها كبديل لنظام الحكم الحالي في العراق، مدّعيةً أنها هي من تمتلك تلك الشرعية الشعبية لحكم البلاد. وهذه مرحلة خطيرة بالنسبة للنظام العراقي والأحزاب الماسكة للسلطة إذا ما وصلت الأمور إليها.