كيف أشعلت مجازر الفاشر شرارة غضب ضد الإمارات؟

في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، سيطرت قوات الدعم السريع المدعومة إماراتيًا، على مدينة الفاشر في شمال دارفور، في واحدة من أكثر المحطات دموية منذ اندلاع الحرب في السودان عام 2023، حيث شهدت المدينة مجازر مروّعة وعمليات قتل جماعي وتعذيب وتهجير قسري خلّفت صدمة عميقة في الداخل السوداني وأثارت غضبًا واسعًا على مستوى العالم العربي.

ومع سقوط المدينة التي تمثل المعقل الرئيسي الأخير للجيش السوداني في الإقليم، تصاعدت موجة موجة جديدة من الدعوات على منصات التواصل الاجتماعي لمقاطعة الإمارات والشركات المرتبطة بها، في ظل غضب شعبي عارم تجاه ما يُوصف بتورط أبوظبي في دعم وتسليح مليشيا قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي يحتفظ بعلاقات وثيقة مع الإمارات، ووتُتهم قواته بارتكاب مجازر مروعة وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين في السودان. 

مجازر الفاشر تتحول شرارة حملة المقاطعة

كانت الفاشر آخر المدن الكبرى في إقليم دارفور التي كانت خارج سيطرة المليشيا، لكن سقوطها تزامن مع مجازر مروّعة وثّقتها مقاطع مصوّرة، بعضها صُوّر على يد مقاتلي المليشيا أنفسهم، وظهروا فيها يتفاخرون بقتل مدنيين بينهم نساء وأطفال وشيوخ، بينما كانت جثث الضحايا تملأ الشوارع، ويفر السكان من المدينة. 

وتشير التقارير الأولية إلى مقتل أكثر من ألفي مدني خلال ساعات قليلة من اقتحام المدينة، بينهم نساء وأطفال، بينما أُعدم آخرون ميدانيًا، وأُحرق بعضهم أحياء داخل منازلهم، وكشفت صور الأقمار الصناعية عن دماء تسيل في الطرقات ودمار واسع، لتتحول الفاشر إلى عنوان جديد للغضب الشعبي الذي انفجر مجددًا ضد الإمارات التي تمول المجازر على حساب أطماعها.

المفارقة أن الإمارات أصدرت بيانًا أمام الأمم المتحدة أدانت فيه ما وصفته بـ”الهجمات البشعة ضد المدنيين”، معلنة تقديم 100 مليون دولار إضافية كمساعدات إنسانية للسودان، غير أن هذه الخطوة لم تُخفف من موجة الغضب التي تصاعدت ضدها مؤخرًا، حيث يرى ناشطون أن “تبرعات المساعدات” لا تمحو مسؤولية الإمارات السياسية والأخلاقية عن تسليح المليشيا التي ترتكب الجرائم في دارفور.

وخلال الأيام الأخيرة، تصدّر وسم “قاطعوا الإمارات” (BoycottUAE) منصات التواصل، ليتحول إلى حملة عالمية ضد الإمارات وحكَّامها وشركاتها وحتى مؤثريها، مع سيل من المنشورات التي توثّق تورط أبوظبي في تمويل وتسليح المليشيا المتورطة في جرائم حرب وإبادة جماعية في الفاشر.

واتهم ناشطون الإمارات بتورطها المباشر في تأجيج الصراعات الإقليمية، وأكدوا ظهور بصماتها في كل من شرق ليبيا واليمن، والآن مع الجنجويد في السودان، من خلال تغذية النزاعات المسلحة، وإرسال الأسلحة والمعدات إلى مناطق حروب نشطة.

واتخذت الحملة أيضًا بُعدًا توعويًا بحقيقة ما يجري في السودان، والدور الخفي الذي تلعبه الإمارات في حرب يصفها البعض بأنها ليست حربًا أهلية بقدر ما هي حرب على وجود الشعب السوداني وهويته وبقاءه، تغذيها طموحات أبوظبي الجيوسياسية، من السيطرة على الثروات السودانية، وخاصة الذهب والمحاصيل الزراعية النادرة، إلى تأمين الوصول إلى البحر الأحمر. 

وحظيت الحملة التي تطالب بمحاسبة الإمارات بانتشار واسع، وبحسب كتابات المشاركين فيها، فإن ما يحدث لم يعد اختلافًا في السياسات، بل انكشاف لنهج خارجي يقوم على زرع الفوضى باسم الاستقرار، وتمويل الحروب وإشعالها تحت راية السلام. 

ورغم رفض محكمة العدل الدولية مطلع هذا العام الدعوى التي رفعها السودان ضد الإمارات بتهمة التورط في الإبادة الجماعية، بحجة عدم الاختصاص القضائي، انتشرت على نطاق واسع صور ومنشورات تحمل شعار “قاطع من أجل السودان” (Boycott for Sudan)، تضم قوائم بشركات إماراتية كبرى،  وأخرى عالمية يُعتقد أنها ترتبط بأبوظبي. 

ملصق يدعو لمقاطعة شركات إماراتية أو تملك ترخيصاً إماراتياً

وتطورت الحملة إلى الدعوة إلى إلغاء الرحلات إلى دبي وأبوظبي، واختيار وجهة أخرى لقضاء العطلات، وتجنب شراء المنتجات الإماراتية وإعادة التفكير في التعامل التجاري مع الشركات التي تتخذ من الإمارات مقرا لها. 

وعلى مواقع التواصل، اجتاحت عبارة “حبيبي، قاطع دبي” (Habibi, Boycott Dubai) المنصات الرقمية في صيغة ساخرة من شعار “حبيبي، تعال إلى دبي”، الذي لطالما استخدمته الإمارات للترويج للسياحة، ليتحول إلى صرخة احتجاج عالمية تربط بين دماء الأبرياء في دارفور ورفاهية الأبراج الزجاجية في دبي، حيث تدير عائلة حميدتي شركاتها التجارية من هناك، وتستخدمها كمركز لتهريب الذهب المستخرج من مناجم دارفور.

وظهرت المنشورات التي تحمل هذا الشعار مئات الآلاف من المرات، وشارك في تداولها ناشطون وشخصيات مؤثرة، من بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، التي كانت واحدة من المشاركين في القوافل المتجهة إلى غزة، والتي نددت بتمويل وتسليح الإمارات لمليشيا ترتكب إبادة جماعية في السودان. 

 

عرض هذا المنشور على Instagram

 

‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎LPC‎‏ (@‏‎landpalestine‎‏)‎‏

وفي خضم تصاعد الغضب الشعبي من السياسات الإماراتية، توسعت حملة المقاطعة لتشمل كيانات مرتبطة بالبلد الخليجي، أبرزها شركة “نيو ميديا أكاديمي” وشركتها التابعة “نيو ميديا برودكشن” المرتبطتين بمنصة “ناس ديلي” التي يديرها المدون الفلسطيني الحامل للجنسية الإسرائيلية ياسين نصير، والمتهمة بترويج التطبيع وتلميع صورة الاحتلال الإسرائيلي ضمن مشروع إماراتي أوسع لتوجيه الوعي العربي وتبييض جرائم الاحتلال تحت غطاء الإعلام الجديد. 

وفي أواخر أغسطس/ آب الماضي، شهدت منصات التواصل حملة واسعة لمقاطعة مشاهير وإلغاء متابعتهم، استهدفت خصوصًا المؤثرين المعروفين بـ”شلة دبي”، أي المقيمين في المدينة، ونبعت الحملة من شعور المتابعين المشاركين فيها بأن المشاهير يستغلونهم لتحقيق الشهر وجني الأرباح، ويتهمونهم أيضًا بالانفصال عن واقع المنطقة، وتقديم محتوى سطحى، والترويج لمنتجات سخيفة أو تندرج تحت قائمة منتجات المقاطعة بسبب الحرب في غزة.

 

View this post on Instagram

 

A post shared by Unseen (@unseen_ksa)

ووضعت بعض ردود الفعل المقاطعة في سياق إقليمي أوسع، حيث ربط كثير من المستخدمين بين دعم الإمارات للدعم السريع وفظائعها في السودان، ودعمها غير المباشر لـ”إسرائيل” التي ترتكب إبادة جماعية في غزة، معتبرين أن ما يحدث في السودان، لا سيما في مدينة الفاشر المنكوبة، ليس بعيدًا عما يحدث في غزة. التي ترزح تحت القصف والدمار.

 

View this post on Instagram

 

A post shared by Khaled Beydoun (@khaledbeydoun)

من ذهب دبي الملطخ بالدم إلى شركات الطيران الإماراتية

لم تتوقف الدعوات عند السياحة والمنتجات، بل طالت صادرات الذهب الإماراتية، التي يطالب النشطاء بفرض قيود عليها، إذ تُعدّ أبوظبي ثاني أكبر مصدّر للمعدن النفيس في العالم، ويُعتقد أن جزءًا كبيرًا منه يُهرَّب من مناجم تسيطر عليها ميليشيا حميدتي في عدد من مناطق السودان. 

في منشور بعنوان “ذهب دبي هو إبادة جماعية للسودان”، كشفت غريتا ثونبرغ أن الإمارات تسيطر على مناجم الذهب السودانية عبر شركات مرتبطة بالعائلة الحاكمة، وأن الذهب المُهرّب من السودان يُستخدم لتمويل مليشيا الدعم السريع لتعزيز قدراتها على دفع رواتب المقاتلين وشراء طائرات مسيّرة والحفاظ على اللوجستيات.

هذا الارتباط بين الذهب والدم دفع ناشطين إلى القول إن “الإمارات تشتري ذهب السودان بسلاحه”، متهمين أبوظبي بتمويل الإبادة مقابل الاستيلاء على الذهب، في معادلة تُلخّص كيف تغذي تجارة الذهب غير المشروعة الحرب الأهلية الوحشية في السودان. 

ولم تسلم شركات الطيران الإماراتية من الغضب الشعبي، فقد شملت الحملات أيضًا الدعوة إلى مقاطعة شركات مثل “طيران الإمارات” و”فلاي دبي” و”الاتحاد”، في محاولة للضغط الاقتصادي والشعبي على أبوظبي. 

وفي ضربة غير متوقعة لصورة الإمارات العالمية، واجهت شركة “طيران الإمارات” سيلاً من الانتقادات الحادة بعد نشرها تغريدة ترويجية، مرفقة بتعليق “هكذا نمارس أعمالنا”، لتنهال عليها الردود الساخرة والغاضبة، مطالبةً بمقاطعة الشركة والبلد معًا، وإدانة “تربّحها من دماء السودانيين”، وأُرفقت التعليقات بمقاطع توثق الفظائع في دارفور. وكتب أحد المستخدمين: وهكذا أيضًا تمارسون أعمالكم”.

أثارت صورة ترويجية لدرجة رجال الأعمال في “طيران الإمارات” موجة غضب على الإنترنت.

وفي تصاعد لحملات المقاطعة الإلكترونية، امتد الجدل إلى عالم كرة القدم، إذ تحوّلت صفحات مشجعي مانشستر سيتي، المملوك لنائب رئيس الإمارات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، إلى منصات للتذكير بجرائم الدعم السريع، وسط اتهامات للشيخ منصور بالارتباط بميليشيا الدعم السريع، ودعوات لرفع الوعي بدور الإمارات في السودان، وتحمّلها المسؤولية الأخلاقية عن المآسي التي تموَّل بمال النفط والذهب. 

الحملة تتوسع إلى حظر السلاح والعقوبات

لم تعد الحملة تدور رحاها في الفضاء الإلكتروني، ففي تعبير عن تصاعد الغضب تجاه الدور الإماراتي في الصراع السوداني، اندلعت احتجاجات في لندن، مطالبةً بمقاطعة أبوظبي ومنتجاتها، بما في ذلك الذهب، بعدما توالت الأدلة على تورطها في مجازر وحشية بالفاشر، من خلال تزويدها الدعم السريع بالأسلحة والعتاد عبر شبكات تهريب معقدة تمتد من ليبيا إلى تشاد وأوغندا والصومال، وهو ما شهد تصاعدًا ملحوظًا خلال الأشهر الماضية. 

ناشطون سودانيون يتظاهرون في لندن.

ردّ الفعل الشعبي على ذلك كان سريعًا، حيث طالب آلاف المستخدمين بفرض عقوبات مباشرة على قادة الدعم السريع، وفرض حظر سلاح على الإمارات من جانب الولايات المتحدة، باعتبارها من كبار موردي السلاح لها، ففي وقت سابق من هذا العام، أعلنت واشنطن عن صفقات سلاح فوق قيمتها 200 مليار دولار أمريكي مع الإمارات.

أشعلت هذه الأدلة المتلاحقة موجة غضب دولية ومطالبات واسعة في العالم الإسلامي بمحاسبة الإمارات على تورطها في مأساة السودان، حيث طالب مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) – أكبر منظمة إسلامية في البلاد تُعنى بالحقوق المدنية والدفاع عن حقوق المسلمين – أعضاء الكونجرس بفرض أقصى العقوبات على قوات الدعم السريع، وفرض حظر أسلحة على الإمارات الممولة لهذه القوات التي تمارس الإبادة الجماعية. 

وفي أعقاب مجازر الفاشر، والتي تُعدّ الأحدث في سلسلة طويلة من الجرائم ضد الإنسانية، اتسعت دائرة المطالب بفرض حظر شامل على مبيعات السلاح للإمارات، حيث طالب نواب أمريكيون بوقف فوري لتصدير الأسلحة إلى أبوظبي، حيث شدد السيناتور الأمريكي كريس فان هولين على ضرورة تمرير قانون لمنع بيع السلاح للإمارات “ما دامت تغذي جرائم الحرب في السودان”، فيما دعا النائب غريغوري ميكس إلى الإسراع في تمرير تشريعه الجديد الهادف إلى وقف مبيعات الأسلحة الأمريكية لأي جهة تدعم الدعم السريع.

وبعد الكشف عن أسلحة ومعدات عسكرية بريطانية الصنع عُثر عليها في ساحات القتال بالسودان، واستخدمتها قوات الدعم السريع في هجمات دموية ضد مناطق مدنية، طالبت النائبة البريطانية مونيكا هاردينغ بوقف فوري لمبيعات الأسلحة للإمارات إلى حين التأكد من أن أي سلاح بريطاني لا يُستخدم عبرها في دعم الميليشيات المتورطة بجرائم حرب في دارفور. 

في ظل تصاعد المخاوف من تسرب الأسلحة الكندية إلى ميليشيا الدعم السريع عبر أبوظبي، دعت منظمة “كنديون من أجل العدالة والسلام في الشرق الأوسط” الحكومة الكندية إلى وقف فوري لصادرات السلاح إلى الإمارات وفتح تحقيق رسمي حول احتمال تحويل وجهتها إلى السودان، وطالبت بالتحقيق مع شركة “سترايت جروب” الكندية، التي يقع مقرها في الإمارات، للاشتباه في دورها بالتحايل على العقوبات وبيع أسلحة بشكل غير مشروع.

كما حذّرت المنظمة من استخدام ما تُعرف بـ”الثغرة الأمريكية” التي تسمح بتصدير الأسلحة إلى الإمارات ومنها إلى مناطق الصراع، داعية البرلمان الكندي لإقرار قانون “سي-233” لإغلاق هذه الثغرات، في وقت تشير تقارير إلى العثور على أسلحة كندية الصنع مرتبطة بأبوظبي بحوزة قوات الدعم السريع التي ارتكبت مجزرة الفاشر الدامية.

من تغريدة إلى عاصفة غضب

ما يشهده الفضاء الرقمي اليوم من دعوات متصاعدة لمقاطعة الإمارات يعيد إلى الأذهان عاصفة عام 2021، حين أطلق ناشطون حملة واسعة ضد أبوظبي بسبب تطبيعها مع “إسرائيل” وفتح أسواقها أمام منتجات الاحتلال، وعلى رأسها التمور الإسرائيلية التي غزت أسواق الخليج تحت لافتات مضللة، تزامنًا مع شهر رمضان.

ولم تكن تلك الحملة الأولى من نوعها، فقد سبقتها موجة غضب في أواخر 2020 عقب توقيع اتفاق التطبيع، حين عبَّر ناشطون عن غضبهم من الاتفاق، ورفضهم لسياسة الإمارات في المنطقة، واستهدافها القضايا العادلة، واتهموها بنشر الفتن والحروب بين شعوب الأمة العربية والإسلامية، بينما تخوَّف آخرون من أن تكون الإمارات ممرًا للبضائع الإسرائيلية إلى الأسواق العربية تحت غطاء “صُنع في الإمارات”.

أمَّا فيما يتعلق بالسودان، فقد كانت حملات المقاطعة ضد الإمارات متداولة منذ سنوات داخل الأوساط السودانية وفي صفوف الجاليات بالخارج، لكنها لم تكن في البداية أولوية للسودانيين في الخارج، إذ انشغل كثيرون بإنقاذ عائلاتهم مع اندلاع الحرب.

مع مرور الوقت وتفاقم الكارثة الإنسانية، حيث قُتل ما يقدّر بنحو 150 ألف شخص، ونزح أكثر من 13 مليون سوداني من منازلهم، بدأت حركة المقاطعة تتشكل من القاعدة الشعبية بشكل عفوي ومتسارع، وأصبحت الدعوات لمقاطعة الإمارات أكثر علانية رغم ما يواجهه النشطاء من تحديات أمنية وضغوط سياسية.

بدأت القصة أواخر مايو/ أيار الماضي بإطلاق حملات قادها ناشطون من الجاليات السودانية في الخارج، مطالبين بمقاطعة اقتصادية وشعبية ضد الدولة الخليجية، واتهموا أبوظبي بـ”تأجيج الصراع والتواطؤ في الإبادة الجماعية”، في وقت تزايدت فيه التساؤلات حول دورها في الحرب السودانية. 

منشورات قليلة كانت كافية لتشعل كرة ثلج عالمية، وتربك آلة العلاقات العامة الإماراتية التي أنفقت المليارات على بناء صورتها كـ”واحة تسامح” و”مدينة المستقبل”. فجأة، أصبح اسم الإمارات مرتبطًا بعبارات مثل “الإبادة في السودان” و”ذهب الدم”.

وتربط الحملات بين نفوذ الإمارات الرياضي والاقتصادي ودورها في الحرب، ومن أبرزها حملة “أكشن من أجل السودان”، التي تطالب نادي أرسنال بإنهاء عقد الرعاية مع شركة “طيران الإمارات”، وتهدف إلى توعية الكثير من مشجعي النادي الذين لا يدركون أن أموالهم تُسهم في تمويل آلة حرب في السودان. 

وهناك أيضًا، حملة الضغط الرقمية “Defund the UAE” التي قادها شباب سودانيون عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتدعو لمقاطعة الإمارات وسحب الاستثمارات منها، حتى توقف تمويلها للدعم السريع.

وفي العام الماضي، تمكَّنت الحملة من تحقيق اختراق رمزي لافت عندما أعلن مغنّي الراب الأمريكي الشهير ماكليمور إلغاء حفله الذي كان من المقرر إقامته في دبي، تضامنًا مع الشعب السوداني، ورفضًا لـ”ممارسة الأعمال التجارية مع الإمارات”، في صفعة مدوّية لصورة الإمارات اللامعة التي تحاول تصديرها كـ”جنة السياحة” و”عاصمة الفعاليات”.

لكن ماكليمور لم يكن سوى الشرارة الأولى، بحسب النشطاء، فالمغزى الأعمق للحملة هو تحويل الغضب الشعبي إلى قوة ضغط دولية، تُحاصر الدور الإماراتي سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا، وتجعل من “الرفاهية المفرطة” التي تتغنّى بها الإمارات واجهة مكشوفة لمصالحها الملطخة بالدم.

ومع تجدد الغضب الرقمي، يأمل الناشطون أن تسهم مأساة السودان في رفع الوعي الشعبي العالمي حول الدور في إذكاء الحرب وإيقاظ الضمير العالمي، لكنهم يرون أن العقبة الكبرى أمام اتساع حملة المقاطعة هي النظرة العنصرية في الغرب التي تساهم في تجاهل المأساة، والطريقة التي يُقدَّم بها الصراع السوداني، حيث يتعامل الإعلام الغربي مع ما يجري كأنه حرب أهلية داخلية، بينما هو في الحقيقة حرب بالوكالة تمولها قوى خارجية أطالت أمد الصراع.