كيف نسج ترامب وعائلته علاقات مالية عميقة مع السعودية؟

ترجمة وتحرير: نون بوست
في تغريدة بتاريخ 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وبعد يوم واحد من ترديده تصريحًا للملك السعودي بأنه لا يعرف ما حدث للصحفي المقتول جمال خاشقجي، كتب دونالد ترامب: “للتوضيح، ليست لدي أي مصالح مالية في المملكة العربية السعودية (ولا في روسيا أيضًا). وأي إشارة إلى أن لدي مصالح هناك ليست سوى أخبار كاذبة (وهي كثيرة)!”.
ربما لم يكن لدى ترامب مصالح مالية مباشرة في السعودية آنذاك، لكنه كان قد أجرى صفقات تجارية متفرقة معها، إذ باع فندق بلازا إلى أمير سعودي عام 1995، وباع مجموعة شقق للحكومة السعودية عام 2001.
غير أن علاقات ترامب بالدولة العربية ازدادت قوة في أعقاب مقتل خاشقجي، خاصة بعد انتهاء ولايته الأولى. فمنذ ذلك الحين، أبرم هو وعائلته ما لا يقل عن تسع صفقات مع مستثمرين سعوديين، وتم ضخّ ملايين الدولارات في ملاعب الغولف التابعة له، وعشرات الملايين في أعمال الترخيص، ومليارات في صناديق الاستثمار الخاصة، وفقًا لتقديرات مجلة فوربس. وفي عام 2024 وحده، جمع ترامب وعائلته نحو 50 مليون دولار من صفقات مرتبطة بالسعودية.
قد تفسر كل تلك الأموال سبب الترحاب المتوقع بولي العهد محمد بن سلمان — الذي تعتقد أجهزة الاستخبارات الأمريكية أنه وافق على خطة لاعتقال أو قتل خاشقجي – عند عودته إلى البيت الأبيض يوم الثلاثاء المقبل. سيرغب الأمير، الذي قال إنه لم يأمر بالقتل، في التركيز على قضايا أخرى مثل المعدات العسكرية، وإمدادات النفط، ومفاوضات السلام، وبالطبع المال، الموضوع الذي ربط ترامب بالسعودية لعقود.
1987
في خضم موجة إنفاق جنونية شملت شراء فريق كرة قدم وخطوط طيران وفندق بلازا، أنفق ترامب 29 مليون دولار لشراء يخت بطول يقارب 300 قدم كان قد صُمم أصلًا لعدنان خاشقجي، تاجر السلاح السعودي وابن عم الصحفي جمال خاشقجي. أطلق عليه اسم “ترامب برينسيس”، وأصبح بمثابة لوحة دعائية باهظة الثمن لإمبراطورية الكازينوهات الخاصة به. يقول آلان ماركوس، مستشار الاتصالات الذي عمل مع ترامب آنذاك: “كان دائمًا يقول إنه لا يحب اليخت، وإن إيفانا هي من أرادته وأحبته”.

1990
كانت مجلة “سباي” تختبر الأثرياء بإرسال سلسلة شيكات تتناقص قيمتها لترى من سيصرفها، في النهاية، لم يهتم سوى شخصان بصرف الشيك الأخير، الذي كان قيمته 13 سنتًا فقط: دونالد ترامب وعدنان خاشقجي.
1991
ربما تمنى ترامب لو كانت قيمة الشيكات أكبر؛ فمع تراكم ديون الكازينوهات، انهارت إمبراطورية ترامب المالية، ما أدى إلى سلسلة من الإفلاسات، واضطر تحت الضغط للتخلى عن بعض ممتلكاته، منها اليخت “ترامب برينسيس”، الذي انتهى في يد الأمير السعودي الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود.

1995
باع ترامب فندق بلازا إلى الأمير الوليد أيضًا بالشراكة مع الملياردير السنغافوري كويك لينغ بنغ، في صفقة بلغت قيمتها 325 مليون دولار، أي أقل بنحو 80 مليون مما دفعه ترامب سابقًا، لكنه وصف الصفقة بأنها “ضربة موفقة”.
2001
وباع ترامب الطابق الخامس والأربعين كاملًا من برج ترامب العالمي، الذي يضم خمس شقق بمساحة إجمالية 10 آلاف قدم مربع قرب مقر الأمم المتحدة، إلى حكومة المملكة العربية السعودية مقابل 12 مليون دولار، وفقًا لتحليل سجلات العقارات. وقال ترامب في حملة عام 2015: “السعوديون يشترون مني الشقق، هل يُفترض أن أكرههم؟ أحبهم كثيرًا.”

أغسطس/ آب 2015
بعد شهرين من إطلاق حملته الرئاسية الأولى، أنشأ ترامب ثمانية كيانات تجارية جديدة، منها شركتي “تي إتش سي جدة هوتيل مانجر” و”دي تي جدة تكنيكال سيرفيسز مانجر”. تشبه أسماء هذه الشركات كيانات أخرى يستخدمها ترامب في صفقات ترخيص وإدارة بعيدة مثل تلك التي في إندونيسيا وفانكوفر. لم يعلن ترامب رسميًا عن مشروع في جدة، لكن وجود هذه الشركات يوحي بأنه كان يخطط لمشروع ما أثناء حملته عام 2016. وعندما سُؤالها عن ذلك، تحدثت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت وكأن الرئيس لديه سجل نظيف في مجال الأخلاقيات: “لم ينخرط الرئيس ولا عائلته أبدًا، ولن ينخرطوا، في أي تضارب مصالح.”
26 أكتوبر/ تشرين الأول 2016
افتتح فندق ترامب الدولي رسميًا في واشنطن العاصمة، ما ضمن للرئيس موقعًا على شارع بنسلفانيا بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، وسارعت الحكومة السعودية إلى إظهار الاحترام حيث أنفقت هناك ما لا يقل عن 270 ألف دولار حتى مارس/ أذار 2017، منها 78 ألفًا على خدمات الطعام.
20 مايو/ أيار 2017
واختار ترامب السعودية كأول وجهة خارجية له كرئيس، بدلًا من الوجهات التقليدية مثل كندا أو المكسيك أو المملكة المتحدة. وكتب على تويتر: “سعيد بوجودي في الرياض”، إلى جانب صورة للملك سلمان وهو يستقبله على السجادة الحمراء أمام طائرة الرئاسة. في اليوم التالي، التقطت صورة لترامب وهو يلمس كرة مضيئة إلى جانب الملك، وانتشرت الصورة عالميًا.
2021
بعد خروجه من المنصب، أسس صهر ترامب جاريد كوشنر صندوق استثمار خاص باسم “أفينيتي بارتنرز”. وبحلول 2024، حصل على التزامات رأسمالية بقيمة 2 مليار دولار من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وفقًا لرسالة من رون وايدن، الرئيس السابق للجنة المالية في مجلس الشيوخ. تأتي هذه الأموال، الملتزم بها حتى أغسطس 2026، مع رسوم إدارة بنسبة 1.25 بالمائة، ما يعني أن السعوديين سيدفعون لشركة كوشنر ما لا يقل عن 125 مليون دولار على مدى خمس سنوات، لترفع ثروته الشخصية إلى أكثر من مليار دولار.
وفي يوليو/ تموز 2022
استضاف نادي ترامب الوطني للغولف في بيدمينستر، نيوجيرسي، بطولة “ليف غولف” المدعومة من السعودية، والتي أنفقت مليارات لاستقطاب نجوم كبار لمنافسة دوري رابطة لاعبي الجولف المحترفين، وتشير بيانات مالية حصلت عليها فوربس إلى أن النادي تلقى نحو 800 ألف دولار مقابل الاستضافة.

19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022
وأعلنت منظمة ترامب أول صفقة ترخيص جديدة خارجية منذ سنوات، حيث وافقت على وضع علامتها التجارية على مشروع للمطور السعودي دار الأركان في عمان، وتبلغ قيمة الصفقة أكثر من 6 ملايين دولار من الشركة السعودية إلى دونالد ترامب.
1 يوليو/ تموز 2024
وأضافت دار الأركان صفقة جديدة في بلدها الأم، معلنة عن برج ترامب جدة عبر ذراعها المسماة “دار غلوبال”، وأعلنت شركة “دي تي ماركس كي إس إيه”، التي يبدو أنها يجمع الأموال المرتبطة بصفقات ترامب في المملكة، عن رسوم ترخيص بقيمة 15.9 مليون دولار.
9 ديسمبر/ كانون الأول 2024
بعد شهر من فوز ترامب بولاية ثانية في البيت الأبيض، أعلنت “دار غلوبال” عن مشروعين جديدين يحملان اسم ترامب في الرياض. وتباهي أحد المسؤولين التنفيذيين بالشركة بأن “هذه المشاريع ستعيد تعريف الفخامة في العاصمة السعودية.”
3 أبريل/ نيسان 2025
مع تراجع الأسواق العالمية بسبب خطط الرسوم الجمركية للرئيس، توجه ترامب إلى ميامي لحضور حفل عشاء مرتبط ببطولة “ليف غولف”، الذي يسبق حدثًا للرابطة المدعومة من السعودية في منتجعه للغولف “ترامب ناشيونال دورال”.
13 مايو/ أيار 2025
زار ترامب الرياض للمرة الثانية في بداية ولايته، ضمن جولة شملت الإمارات وقطر، وهي دول تعمل فيها منظمة ترامب بنشاط على مشاريع عقارية مع دار الأركان السعودية.
29 سبتمبر/ أيلول 2025
أعلنت “دار غلوبال” عن مشروع ثانٍ في جدة باسم ترامب مبادرةبلازا جدة، يضم مكاتب وشققًا ومساحات خضراء مستوحاة من سنترال بارك.
في اليوم نفسه، دخل كوشنر عبر شركة “أفينيتي بارتنرز” في شراكة مع الصندوق السيادي السعودي لشراء شركة ألعاب الفيديو العملاقة إلكترونيك آرتس مقابل 55 مليار دولار. وبعد أقل من شهر، عمل كوشنر مع قادة عرب لمحاولة التوصل إلى اتفاق سلام في غزة. قال في مقابلة مع برنامج 60 دقيقة: “ما يسميه الناس تضارب مصالح، نسميه نحن خبرة وعلاقات موثوقة حول العالم”.

29 أكتوبر/ تشرين الأول 2025
قام دونالد ترامب الابن، النجل الأكبر للرئيس، بأول رحلة له إلى المملكة العربية السعودية لحضور قمة استثمارية جمعت نخبة وول ستريت، من بينهم ستيفن شوارتزمان (شركة بلاكستون)، ديفيد روبنشتاين (مجموعة كارلايل)، راي داليو (بريدج ووتر)، وجيمي ديمون (جي بي مورغان تشيس). وكان من بين الحضور أيضًا المستثمر في الأسهم الخاصة أوميد مالك، مؤسس شركة “كابيتال 1789″، التي استقطبت ترامب الابن وكلفته، ضمن مهام أخرى، بجمع رؤوس الأموال.
وقال ترامب الابن متعجبًا على المنصة: “من كان يظن قبل 20 عامًا أن أي شخص لديه بعض من الذكاء سيستثمر في الشرق الأوسط بدلًا من أوروبا؟” وأضاف: “أعتقد أن الفرص هنا في المنطقة مذهلة”.
المصدر: فوربس