رغم الحظر الدولي.. كيف تصل الأسلحة الأوروبية إلى “الدعم السريع”؟

رغم حظر تصدير السلاح إلى السودان، أظهرت صور ومقاطع فيديو من ساحات القتال أخيرًا استخدام مليشيات الدعم السريع أسلحة ألمانية وبريطانية الصنع، من بينها بنادق ومعدات عسكرية.

وأثار ظهور هذه الأسلحة تساؤلات حول مصادرها والمسارات التي سلكتها للوصول إلى المليشيا التي تقاتل الجيش السوداني منذ أبريل/نيسان 2023، وسط ترجيحات بانتقالها عبر التهريب أو إعادة التصدير، في ظل ضعف الرقابة الدولية على تجارة السلاح.

ما الأدلة الميدانية التي جرى توثيقها؟

  • تلقى مجلس الأمن الدولي في يونيو/حزيران 2024 وفي مارس/آذار 2025 ملفين يحتويان صورًا لأسلحة من ساحات القتال السودانية.
  • تُظهر الصور محركات ميكانيكية تُستخدم في مركبات عسكرية إماراتية مدرعة من نوع نمر Ajban، ما عزز التكهنات بوقوف أبوظبي وراء الإمداد.
  • كما تظهر أنظمة استهداف بريطانية تعود لشركة Militec عُثر عليها في مواقع سيطرة الدعم السريع بالخرطوم وأم درمان، بحسب الغارديان.
  • ظهرت صور لأسلحة من طراز G36 الألمانية – وهي بندقية من إنتاج شركة هكلر آند كوخ – بحوزة مقاتلي المليشيا.
  • شركة هكلر آند كوخ علّقت بأن البندقية في الصور تشبه طراز G36 لكن لا يمكن التأكد من مصدرها دون معرفة الرقم التسلسلي.

كيف يصل السلاح إلى الدعم السريع؟

وفق المنظمة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة ومنظمة Global Initiative (مركز أبحاث وتحقيق ميداني دولي)، يتلقى الدعم السريع الأسلحة عبر ممرات تهريب من:

  • جمهورية أفريقيا الوسطى
  • تشاد وليبيا حيث تُستخدم مطارات صغيرة لنقل المعدات جوًا 
  • دولة جنوب السودان
  • أوغندا
  • كينيا

وقالت المنظمتان إن المليشيا تبني مهابط مؤقتة للطائرات قرب مواقع استخراج الذهب لتسهيل تهريبه مع وصول العتاد وأن الإمارات تلعب دورًا محوريًا في تمويل هذه العمليات عبر شحنات جوية سرية.

ولذلك لا توجد أدلة على تصدير مباشر من بريطانيا أو ألمانيا إلى السودان؛ لكن معظم التحقيقات تُجمع على أن الإمارات شكلت منصة لإعادة تصدير الشحنات.

الغارديان ذكرت أن الصور المُرسلة إلى مجلس الأمن مصدرها الجيش السوداني وتشير إلى “دليل مفصل” على أن الإمارات زوّدت الدعم السريع بمعدات بريطانية.

وأوضحت أن الحكومة البريطانية واصلت بعد ذلك إصدار تراخيص تصدير مفتوحة إلى الإمارات، وهو ما يسمح بتصدير كميات غير محدودة من المعدات من دون متابعة المستخدم النهائي.

وأظهرت بيانات رسمية بريطانية ترخيص تصدير معدات عسكرية بقيمة 172 مليون جنيه إسترليني إلى الإمارات بين أبريل/نيسان ويونيو/ حزيران 2025.

وقالت حملة مناهضة تجارة السلاح في بريطانيا (CAAT) إن الحكومة تعلم أن أبو ظبي تحول المعدات العسكرية إلى الدعم السريع لكنها تواصل بيع السلاح.

ضابط سوداني يتفقد المعدات التي استولى عليها الجيش في قاعدة لقوات الدعم السريع في الصالحة، أم درمان، 26 مايو 2025. (AFP)

ما الموقف القانوني حاليًا؟

حظر يمكن اختراقه: يخضع السودان لحظر دولي على تصدير السلاح منذ تسعينيات القرن الماضي، كما يفرض مجلس الأمن حظرًا إضافيًا على إقليم دارفور يمنع وصول الأسلحة إلى الكيانات غير الحكومية. ورغم وضوح الإطار القانوني، فإن تطبيق هذا الحظر ظل يعاني من ثغرات كبيرة سمحت بتدفق السلاح إلى أطراف النزاع.

تقارير دولية: الأمم المتحدة أشارت في يناير/كانون الثاني 2024، إلى أن تقارير تزويد الإمارات الدعم السريع بالسلاح موثوقة، ما شكّل أول توصيف أممي مباشر يضع هذا الدعم تحت المجهر الدولي. لاحقًا، ومع تفاقم النزاع وسقوط مدينة الفاشر في دارفور، عقد مجلس الأمن جلسة طارئة في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2025 دان فيها الجرائم المرتكبة في المدينة ودعا إلى مساءلة المتورطين.

حراك في ألمانيا: أثار ظهور بندقية G36 في السودان مطالبات برلمانية بفتح تحقيقات حول كيفية وصول السلاح، غير أن وزارة الاقتصاد الألمانية صرّحت بأنها لم تتوصل إلى نتائج قاطعة، فيما لم تعلن الحكومة الاتحادية عن إطلاق أي تحقيق رسمي حتى الآن.

ماذا يقول القانون الدولي؟ تقرير الغارديان شدد على أن القانون الدولي يفرض على الدول المصدرة الامتناع عن منح تراخيص إذا كان هناك خطر واضح لتحويل المعدات إلى طرف غير مشروع. وفي ذات السياق، قال الباحث الأممي السابق مايك لويس إن الترخيص بتصدير سلاح في ظل وجود أدلة على إعادة توجيهه يُعد خرقًا واضحًا للقانون.

ما الآثار الإنسانية والسياسية لتسليم الدعم السريع؟

يتزامن الحديث عن الأسلحة الأوروبية مع تصاعد المعاناة الإنسانية في السودان، خاصة بعد سيطرة الدعم السريع مؤخرًا على مدينة الفاشر في دارفور.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، فإن السودان يواجه “أسوأ كارثة إنسانية عالمية”:

  • أكثر من 150 ألف قتيل منذ اندلاع الحرب
  • ما يزيد عن 12 مليون نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها
  • نحو 25 مليون شخص يعانون من الجوع الحاد ويقفون على حافة المجاعة

وقد أسهم استمرار تدفق السلاح إلى الدعم السريع في إطالة أمد الصراع وعرقلة جهود التسوية السياسية.

وحذّر فولكر بيرتس الممثل الخاص السابق للأمم المتحدة في السودان من أن النزاع تحول إلى حرب بالوكالة تتغذى على دعم قوى إقليمية، مما يجعل وقف إطلاق النار أكثر تعقيدًا. 

وبدوره، أشار الاتحاد الأوروبي وخلال بيان له في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، إلى أن دورة العنف في السودان لن تتوقف ما لم ينقطع الدعم الخارجي للأطراف المتصارعة ويتم فرض هدنة إنسانية تتيح الإغاثة وتمهّد لحل سياسي.