جذور الحرب: من يقاتل في السودان؟

يوضح تاريخ الحركات المسلحة في السودان أنها تسعى إلى الحصول على الثروة وتقاسم السلطة، باعتبار أن السلاح أفضل وسيلة لتحقيق ذلك، دون أن تتوانى عن استخدام أساليب إجرامية وصلت إلى مرحلة الارتزاق في سبيل الحصول على ما تسعى إليه.
بدأ التمرد في السودان في توريت عام 1955، قبل أشهر قليلة من الاستقلال عن الاستعمار البريطاني، حيث انحصر في الجنوب، حيث صدى دوليًا بعد تشكيل الحركة الشعبية عام 1983 بقيادة الضابط السابق في الجيش جون قرنق دي مبيور، الذي أصبح لاحقًا رمزًا للتحرر، ولا يزال يحظى باحترام واسع في السودان رغم انفصال الجنوب في 2011.
وأثناء تفاوض الحكومة السودانية مع الحركة الشعبية لإنهاء النزاع المطوّل الذي دام 22 عامًا، اندلع تمرد في إقليم دارفور غربي البلاد، بشنّ حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان هجومًا على الفاشر في 2003، شكّل نقطة فاصلة في تاريخ السودان كله.
يتحدث هذا التقرير عن بداية ظهور الحركات المسلحة ومراحل تطورها وصولًا إلى مشاركتها في النزاع القائم، بالتركيز على دارفور باعتبارها الأكثر تأثرًا بالأنشطة المسلحة، سواء إبان التمرد في بواكيره وتحولها إلى مناطق متنازع عليها، مرورًا بمرحلة السلام وسيطرة الدعم السريع على معظم مناطق الإقليم.
ولأغراض تحريرية، نقسم التقرير إلى ثلاثة أجزاء، يتعلق الأول بتكوين الحركات وتمويلها، فيما يتعلّق الثاني بتفصيل أنشطة الارتزاق في ليبيا وإعادة التكوين وتوقيع اتفاق السلام والانسحاب من الدولة المجاورة إلى داخل السودان، بينما يقتصر الجانب الثالث على النزاع الحالي.
#السودان في خطر: بعد تفكك القوى المدنية، العنف يصبح البديل الوحيد، والشعب يعيش بين مطرقة الجيش وسندان الميليشيات
التفاصيل في مقالنا: من المستفيد من تفكيك القوى المدنية في السودان؟ 👇https://t.co/2dOejihkEl
✍️:@YouBasher pic.twitter.com/cKhmCXfEWk— نون بوست (@NoonPost) September 23, 2025
كيف تأسست حركات دارفور؟
أسس خليل إبراهيم، الذي وُلد عام 1958 في الطينة بشمال دارفور، حركة العدل والمساواة في 2001 بعد عامين فقط من المفاصلة الشهيرة بين زعيم الحركة الإسلامية التاريخي حسن الترابي والرئيس المعزول عمر البشير، حيث كان معظم قادتها من قبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها، إضافة إلى المساليت.
كان خليل قائدًا ميدانيًا بارزًا في صفوف قوات الدفاع الشعبي التي شكّلها نظام البشير لقتال الحركة الشعبية على أساس ديني، كما تولّى مناصب حكومية عديدة، وسرعان ما وقف إلى جانب الترابي في المفاصلة، مما أدى إلى اتهام حركته بأنها الجناح العسكري لحزب المؤتمر الشعبي الذي أسسه الترابي.
ظلّ الرجل يحاجج بأن حركة العدل والمساواة تناضل من أجل توزيع السلطة والثروة بشكل عادل، حيث خاض معارك عديدة مع الحكومة، أهمها الهجوم على أم درمان في عملية أُطلق عليها “الذراع الطويل“، قبل أن يُقتل في 23 ديسمبر/كانون الأول 2011، ليتولى قيادة الحركة بعده شقيقه جبريل إبراهيم الذي يشغل حاليًا منصب وزير المالية.
وتُعدّ أول مفارقة في تاريخ حركات دارفور أن خليل إبراهيم ساهم في اعتقال يحيى بولاد، الذي يعتبر مهندس النضال العسكري عندما انشقّ عن نظام البشير عام 1992 وانضمّ إلى الحركة الشعبية، قبل أن يتحصّن في جبل مرة بوسط دارفور، مساهمًا ضمن آخرين في تشكيل حركة تحرير دارفور.
انحصرت الحركة في بدايتها على أبناء الفور الذين ينحدر منهم بولاد، وسرعان ما توسعت لتشمل قبائل أخرى مثل الزغاوة والمساليت، واستُبدل اسمها إلى حركة تحرير السودان، حيث ترأسها عبد الواحد محمد نور المنتمي إلى الفور، ومنح منصب نائب الرئيس إلى خميس أبكر المنحدر من المساليت، فيما أُوكلت الأمانة العامة إلى مني أركو مناوي المنتمي إلى الزغاوة.
نفذت الحركة هجومًا عسكريًا على مقار الجيش والشرطة في قولو بجبل مرة في أغسطس/آب 2001، وسرعان ما توسعت هجماتها لتشمل مناطق تُعدّ معاقل الفور في وسط دارفور والزغاوة في شمال دارفور، وبعد ذلك تحالفت مع العدل والمساواة لشنّ الهجوم على الفاشر.
مرحلة الانشقاقات
بعد الهجوم على الفاشر، بدأت الحكومة السودانية حملة قمع واسعة النطاق، جيّشت فيها قادة وأفراد القبائل العربية فيما عُرف لاحقًا بميليشيات الجنجويد التي شنّت هجمات مروّعة على قرى الزغاوة والمساليت والفور تحت غطاء جوي من الجيش، أسفرت عن ارتكاب انتهاكات بشعة وتهجير ملايين السكان إلى تشاد وإلى مخيمات نزوح قرب المدن الكبرى.
انقسامات وتمزق الحركات (2006–2011)
السبب الأساسي في الانقسام هو الصراع على الزعامة والنفوذ، واختلاف الرؤى السياسية وحتى القبلية.
بعض القيادات فضلت الحل العسكري “جناح عبدالواحد”، وأخرى اختارت المسار السياسي والتفاوض “جناح مناوي” كما أن التكوين الإثني ساهم في تعميق الانقسامات. pic.twitter.com/T85zw2BaAY— 🇸🇩 Ибн-Алкаттаб – بن الخطاب (@Ibnkhattab97) June 23, 2025
وبالتزامن مع حملة القمع التي بلغت أشدها في 2003 و2004، بدأت الحكومة تعترف بمطالب الحركتين معلنة عزمها الدخول في تفاوض، حيث رفض عبد الواحد هذا الأمر فيما وافق عليه مناوي، مما أدى إلى بروز خلافات داخل التنظيم المسلح انتهت إلى عقد مؤتمر في بلدة حسكنيتة بولاية جنوب دارفور.
أسفر المؤتمر، الذي نُظم من طرف واحد، عن إقالة عبد الواحد وتنصيب مناوي في موقعه، لكن الأول رفض الاعتراف بنتائجه، مما أدى إلى انقسام الحركة على أساس عرقي إلى فصلين؛ أحدها بقيادة عبد الواحد بدعم من الفور، والآخر بزعامة مناوي بتأييد من الزغاوة.
وأدى هذا الانقسام داخل الحركة إلى معارك ضارية بين طرفي عبد الواحد ومناوي، خاصة في بئر مازا وكلكل وكورما في صحراء شمال دارفور، وذلك بعد انتقالهم إلى طويلة قرب الفاشر.
ومثّل هذا الانشقاق، الذي يُعدّ الأول في صفوف حركة تحرير السودان، بداية تفرّق الحركتين إلى عشرات الحركات، حيث أعقبه انشقاق مجموعة الـ19، فيما انشقت العدل والمساواة إلى ثلاثة فصائل شملت الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية، والتحالف الديمقراطي الفيدرالي السوداني، وجبهة الخلاص الوطني.
ووصل عدد الفصائل في دارفور عام 2008 إلى أكثر من 20 جماعة، ويقول فريق خبراء الأمم المتحدة إن العديد من الجماعات المنشقة كانت مدفوعة بمصالح خاصة انتهازية دون التزام ببرامج سياسية واضحة، حيث تفتقر إلى هياكل واضحة للقيادة والسيطرة، ولا تمتلك سوى عدد محدود من المركبات.
وتوالت انشقاقات الفصائل تباعًا مدفوعة بسياسة توقيع اتفاقيات سلام مع الحكومة لا تُنفذ باستثناء حصول القادة على مناصب حكومية، حيث وقع العديد من القادة اتفاقيات سلام مع النظام السابق بما في ذلك مناوي الذي نُصب مساعدًا لرئيس الجمهورية قبل أن يتمرد مرة أخرى.
الأسلحة والتجنيد
في بداية الصراع، حصلت العدل والمساواة وتحرير السودان على الأسلحة ومخزونات الذخيرة من الثكنات العسكرية ومراكز الشرطة وغنائم المعارك، إضافة إلى الأسلحة التي وفرتها لهم الحركة الشعبية.
وأفاد خبراء الأمم المتحدة في تقرير نُشر في 30 يناير/كانون الثاني 2006 بأن إريتريا، التي تربطها علاقة عداوة طويلة مع السودان، قدّمت أسلحة وذخيرة ومعدات اتصال ودعمًا لوجستيًا وسياسيًا وتدريبًا عسكريًا إلى العدل والمساواة وتحرير السودان.
وتدعم إريتريا الآن الجيش في الحرب التي يخوضها ضد الدعم السريع منذ أبريل/ نيسان 2023، حيث فتحت أراضيها لتدريب قوات متحالفة معها، في مفارقة توضح تغير علاقات السودان مع دول الجوار دون ثباتها على تعاون راسخ مع الحكومات أو دعم دائم للمعارضة المدنية أو المسلحة.
وقال التقرير إن الحركتين تلقتا تمويلًا ماليًا من الحكومة الليبية، كما تلقتا معدات وإمدادات عسكرية مرت عبر ليبيا، علاوة على دعم من تشاد.
ورغم أن العلاقة بين السودان وتشاد، التي تبلغ مساحة الحدود المشتركة بينهما أكثر من ألف كيلومتر، شائكة، حيث وصل الرئيس إدريس ديبي إلى الحكم بدعم من الخرطوم، ليبدأ الطرفان بعد ذلك في دعم الجماعات المسلحة ضد أنظمة الحكم.
ويبدو أن الولاء القبلي في تشاد كما في السودان يسبق الولاءات الوطنية، وبالنظر إلى انتشار الزغاوة بين جانبي الحدود وكون ديبي منحدرًا منها، فقد عمل بعض ضباط الجيش التشادي في صفوف فصائل مناوي وخليل إبراهيم لمناصرة القبيلة التي ينتمون إليها.
ورغم أن معظم مقاتلي الحركات ينضمون إليها طوعًا، إلا أن معظمها تورط في تجنيد واستخدام الأطفال بصورة واسعة، حيث قام قادة قبائل الفور والمساليت والزغاوة بتجنيد الأطفال إلى الجماعات المسلحة من مخيمات النزوح واللجوء.
التمويل من الإجرام والارتزاق
إضافة إلى التمويل الذي حصلت عليه من الدول، نشطت حركات دارفور في أعمال إجرامية في سبيل الحصول على الأموال، منها أعمال اللصوصية بنهب سيارات التجار في طرق الإقليم وشرق تشاد، وفرض ضرائب على المجتمعات المحلية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وبعد أن قلّ الدعم الذي وجدته الحركات من الدول، نشطت جماعات دارفور في الارتباط بشبكات إجرامية تعمل على تهريب السلع عبر الحدود، إضافة إلى إدارة أنشطة تجارية داخل السودان والدول الإفريقية مثل جنوب السودان وتشاد وأوغندا، وفقًا لتقارير خبراء الأمم المتحدة.
وغنمت حركة العدل والمساواة، بحسب الأمم المتحدة، نحو 500 ألف دولار ومعدات اتصالات في الهجوم الذي نفذته على محمد بشر في مايو/أيار 2013 بعد انشقاقه منها وتوقيعه اتفاق سلام مع الحكومة السودانية.
أسهم تشكيل الحكومة لقوات الدعم السريع من مليشيات الجنجويد في إلحاق هزائم قاسية بالجماعات المسلحة في دارفور، حيث نجحت القوات في طردها من جميع مواقعها باستثناء جبل مرة ذي المساحة الشاسعة، والذي لا يزال يسيطر عليه فصيل عبد الواحد محمد نور.
وإزاء ذلك، تركزت أنشطة فصائل مناوي وجبريل إبراهيم في ليبيا وجنوب السودان، حيث تورطا في أعمال مرتزقة وإجرامية مثل النهب والاختطاف للحصول على فدية، وفقًا لتقرير أُحيل إلى مجلس الأمن الدولي في يناير/كانون الثاني 2017.
وقال التقرير إن فصيل مناوي له وجود كبير في ليبيا منذ منتصف 2015، حيث قاتل إلى جانب العدل والمساواة في صفوف الجيش الوطني الليبي في الكفرة، وبعد ذلك انتقل إلى العمل في إقامة نقاط تفتيش غير قانونية والاختطاف والاتجار بالبشر.
وأفاد بأن حركة العدل والمساواة تمركزت منذ 2012 في جنوب السودان، التي قدمت لها المساعدة العسكرية مقابل المشاركة في حملة قمع الجماعات المسلحة المناوئة لها، وهذا الدعم جعلها تحاول الهجوم على جنوب دارفور لكنها مُنيت بخسارة عسكرية كبيرة في قوز دنقو في أبريل/نيسان 2015 كانت بمثابة قاصمة ظهر.
الجزء الثاني.. إعادة التكوين
أعطت هزيمة العدل والمساواة في قوز دنقو قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان “حميدتي” نفوذًا عسكريًا وسياسيًا كبيرًا استغله في إبعاد الحركات المسلحة من جميع أنحاء دارفور دون القدرة على السيطرة على جبل مرة نظرًا لتضاريسه الجغرافية التي يصعب فيها مرور السيارات العسكرية.
ووجدت الحركات في ليبيا مساحة لإعادة التكوين مرة أخرى مستفيدة من التمويل المالي والآليات العسكرية التي حصلت عليها، خاصة فصيل مناوي الذي يُعد أكبر جماعات دارفور تواجدًا فيها، بينما تمركزت قيادته السياسية في أوروبا مستفيدة من اللاجئين وشرق إفريقيا.
تولى جمعة حقار، الذي يشغل منصب القائد العام لفصيل مناوي، إدارة تعزيز الحركة في ليبيا بمعاونة نائبه جابر إسحاق، إضافة إلى فيصل صالح ومختار شومو وعباس أحمد أصيل “جبل مون”، حيث استطاع هؤلاء القادة جمع قرابة ألف مقاتل تمركزوا في الجفرة.
ويُعد تجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر ثاني أكبر الجماعات التي امتلكت وجودًا في ليبيا وهو فصيل تأسس في 2017، حيث أدار هذا التواجد نائبه عبد الله يحيى، الذي يشغل حاليًا عضوية مجلس السيادة، ورئيس الأركان عبد الله بشار “جنا”.
وتتألف قوات التجمع مثل فصيل مناوي والعدل والمساواة من الزغاوة، بينما أدار تواجد فصيل عبد الواحد في ليبيا رئيس أركان التنظيم المسلح يوسف أحمد يوسف “كرجكولا”، إضافة إلى فصيل منشق عنها يتزعمه الهادي إدريس يسمى حركة تحرير السودان ـ المجلس الانتقالي تأسس في 2015.
وأدار تواجد المجلس الانتقالي في ليبيا قائده العام صالح جبل سي، لكن أنشطة الارتزاق في ليبيا لم تقتصر على هذه الجماعات فقط، فقد أسهمت حملة جمع السلاح الحكومية ورفض زعيم الجنجويد السابق موسى هلال لها واعتقاله لاحقًا في فرار معظم قادته إلى الدولة المجاورة.
وإضافة إلى الأموال والسيارات التي حصلت عليها من الارتزاق، نشطت الفصائل الدارفورية في نهب وتهريب آلاف السيارات، بما في ذلك مركبات الدفع الرباعي من ليبيا وبيعها في السودان، مستغلة سهولة اختراق حدود البلدين التي لا تتواجد فيها قوات رسمية، ولاحقًا نُشرت فيها قوات الدعم السريع.
حققت فصائل دارفور مكاسب مالية ضخمة من نهب وتهريب السيارات والوقود من ليبيا إلى السودان وتشاد، إضافة إلى تهريب الأسلحة الثقيلة، ولاحقًا التنقيب عن الذهب، خاصة في جبل مرة.
تأسست قوات الدعم السريع، التي أُتبعت أولًا لجهاز الأمن، من ميليشيات الجنجويد، الذين كان أبرز قادتها علي كوشيب وموسى هلال، حيث عملت الحكومة أولًا على إعطاء قادة الميليشيات مناصب قيادية في شرطة الاحتياطي المركزي وحرس الحدود.
وامتلكت الميليشيات نفوذًا واسعًا أزعج الحكومة، خاصة مع تحركات هلال المعادية لها، فأطلقت حملة لجمع السلاح ودمج مقاتلي الميليشيات وحرس الحدود في الدعم السريع، الذي جرى تبعيته للجيش بموجب قانون صادر من البرلمان في يناير/كانون الثاني 2017.
كانت الحجة في انشاء الدعم السريع هي القضاء على الحركات المسلحة في دارفور وجبال النوبة، فشب عن الطوق ونافس القوات المسلحة في حيازة السلاح، ولا مؤشر منطقي واحد يقول بأن حملة البنادق من الكتائب والجماعات المسلحة الآن سيسلمون سلاحهم طواعية عقب الحرب، وحقائق التاريخ السوداني تقول ذلك،… pic.twitter.com/jQGcFoDy3e
— حزب المؤتمر السوداني (@SCPSudan) March 27, 2025
منح النظام السابق الدعم السريع ميزات تفضيلية عديدة، من بينها التنقيب عن الذهب في جبل عامر، كما أوفد ضباطًا من الجيش وجهاز الأمن لتدريب عناصرها دون أن تتخلى عن مزايا أساليب حرب العصابات المتمثلة في سهولة الحركة والسرعة وكثافة النيران.
حصل الدعم السريع على ميزانية حكومية منفصلة وأسس شركات تجارية ووسع نطاق التنقيب عن الذهب، حيث أصبح قائده بعد المشاركة في عاصفة الحزم ضمن التحالف الذي قادته السعودية في اليمن من أثرياء السودان، مما جعله يجند آلاف الأشخاص سنويًا بالتركيز على القبائل العربية في دارفور وتشاد مع الانفتاح على جذب قادة ميدانيين من الزغاوة.
وتولى حميدتي منصب نائب رئيس المجلس العسكري بعد عزل الرئيس عمر البشير عن سدة الحكم في أبريل/نيسان 2019، تحت وطأة احتجاجات شعبية واسعة انطلقت شرارتها في ديسمبر/كانون الأول 2018 لتُعرف محليًا بـ “ثورة ديسمبر”.
الشعبية.. لم تنجو من الانشقاق
أعلنت الحركة الشعبية ــ شمال في 15 فبراير/ شباط 2011، فك الارتباط السياسي والتنظيمي والعسكري مع الحركة الشعبية، وبعد أشهر اندلعت معارك بينها وقوات الحكومة أسفرت عن احتفاظها بمناطق واسعة في جنوب كردفان بما في ذلك معلقها الرئيسي في كاودا وأجزاء من النيل الأزرق.
عُرفت الحركة لسنوات طويلة بقيادة ثلاثية تتكون من عبد العزيز الحلو الذي يمثل جنوب كردفان ومالك عقار الذي يمثل النيل الأزرق وياسر عرمان الذي يُنظر إليه كممثل لأنصار التنظيم خارج المنطقتين، قبل أن يختلفا حيال قضايا السلام أدى إلى انشقاقها فصيلين في يونيو/ حزيران 2017، أحدهما بقيادة عقار والآخر بزعامة الحلو.
ولكن في 2017 دخلت الحركة في صراع أدى إلى انشقاقها لقسمين أحدهما برئاسة مالك عقار والآخر برئاسة عبد العزيز الحلو.
ورغم أنه فصائل الحركة الشعبية من مناطق محددة، إلا أنهما يتبنون خطابًا سياسًا يشمل كل السودان يقوم على العلمانية وحق تقرير المصير وإعلاء شأن اللغات المحلية خاصة في المدارس الابتدائية، إلى جانب تحقيق العدالة في السلطة والثروة.
🧵 الذهب السوداني: ثروة منهوبة تُغذي الحرب بدلًا من أن تُنعش الاقتصاد
📌رغم امتلاك #السودان ثالث أكبر احتياطي من الذهب في إفريقيا، ولكن يتعرض الذهب السوداني لعمليات نهب وتهريب ممنهجة أفقدت الدولة مليارات الدولارات سنويًا، وسط هيمنة الميليشيات وتواطؤ جهات خارجية.
📌انفصال جنوب… pic.twitter.com/eCpnuce0PJ
— نون بوست (@NoonPost) September 8, 2025
وتُلاحق جنوب السودان اتهامات بتمويل الحركة الشعبية ــ شمال، إضافة إلى الإيرادات التي تجنيها من الذهب المستخرج من المناجم في مناطق سيطرتها، فيما ينحدر جنود فصيل الحلو من النوبة الذين اشتهروا بحب الجندية وهو عشق يُشاركهم فيه أبناء القبائل الأفريقية في النيل الأزرق الذين يُشكلوا مقاتلي فصيل عقار.
مرحلة السلام
أتاح عزل البشير فرصة كبيرة لتحقيق السلام في السودان، حيث بدأ المجلس العسكري في محادثات مع تنظيم الجبهة الثورية، اتخذها حميدتي وسيلة انتهازية ليتقارب مع حركات دارفور، لكن سرعان ما شُكلت حكومة جديدة.
تشكل تحالف الجبهة الثورية في إطار ضغط سياسي على نظام البشير بعد فشل تقويض حكمه عسكريًا، حيث تألف من الفصائل الدارفورية الأكثر تأثيرًا إضافة إلى الحركة الشعبية ـ شمال.
وقعت الحكومة السودانية في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020 اتفاق سلام مع خمس من أهم حركات دارفور، إضافة إلى فصيل الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار، بموجبه مُنح قادة الجماعات مناصب حكومية رفيعة.
تولى مالك عقار والهادي إدريس والطاهر حجر عضوية مجلس السيادة، فيما حصل مناوي على منصب حاكم إقليم دارفور، وتولى جبريل إبراهيم منصب وزير المالية، إضافة إلى مقاعد وزارية أخرى ومناصب رفيعة في حكومات الولايات، خاصة في النيل الأزرق وشمال وغرب دارفور.
مُنح منصب حاكم إقليم النيل الأزرق إلى أحمد العمدة، الذي يمت بصلة قرابة إلى مالك عقار، فيما تولى خميس عبد الله أبكر، الذي قُتل لاحقًا بيد الدعم السريع، منصب والي غرب دارفور، حيث وقع على اتفاق السلام باعتباره قائدًا لقوات التحالف السوداني، وهو تجمع يضم فصائل مسلحة من المساليت وبعض القبائل العربية.
ورفض فصيل عبد الواحد المشاركة في محادثات السلام، بينما وضع فصيل الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو عراقيل عديدة منعت توقيعه على اتفاق السلام، منها ـ للمفارقة ـ اعتراضه على كون حميدتي رئيسًا لوفد التفاوض الحكومي، قبل أن يتحالف معه لاحقًا بعد اندلاع النزاع.
لم يُنفذ من اتفاق السلام أي بنود باستثناء تقاسم السلطة، لكنه شكّل فرصة لعودة مقاتلي الجماعات من ليبيا اعتبارًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، معززين بأسلحة كبيرة منها عربات مدرعة وأخرى مجهزة برشاشات ثقيلة.
وعاد فصيل مناوي بنحو 250 عربة مدرعة مع القادة، أبرزهم القائد العام جمعة حجار، ورئيس الاستخبارات هارون صالح، ورئيس العمليات أمير جوكا، حيث تمركزوا في أم برو وأبو جمرة والفاشر ووادي هور ودونكي شطة وكرنوي بشمال دارفور، وجبل مون والسربة بغرب دارفور.
وتمركز فصيل الطاهر حجر العائد من ليبيا مع نحو 200 سيارة عسكرية في جبل سيرو والطينة وكورما وفتابرنو وكلكل بشمال دارفور، وفاشا بجنوب دارفور، حيث عاد معهم عبد الله بشار “جنا” الذي يُعد حاليًا القائد الميداني لفصيل يُقاتل مع الجيش ضد الدعم السريع.
وتجمعت قوات فصيل الهادي إدريس العائدة من ليبيا بنحو 40 سيارة قتالية في صرفاية وعين سيرو ودرنكي بعشوم وصرفاية بشمال دارفور وجبل مون بغرب دارفور ونيرتتي بوسط دارفور.
أما مقاتلو العدل والمساواة العائدون من ليبيا بنحو 50 مركبة قتالية فقد تمركزوا في الطينة والفاشر وكرنوي وسرف عمرة بشمال دارفور والسربة بغرب دارفور وتلس وبليل بجنوب دارفور.
والملاحظ أن هذه المناطق، خاصة الواقعة في شمال دارفور، شهدت أعنف المعارك إبان التمرد، حيث ظل المقاتلون يتمركزون فيها إلى حين اندلاع النزاع الحالي في 15 أبريل/نيسان 2023 بين الجيش والدعم السريع.
وقبل اندلاع النزاع، شارك قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام في ترتيبات الانقلاب العسكري الذي نفذه قائدا الجيش والدعم السريع في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، باستثناء ياسر عرمان الذي انشق عن فصيل مالك عقار مؤسسًا حزبًا سياسيًا دون جناح مسلح.
تتحدث جميع الحركات المسلحة عن أن عدالة توزيع السلطة والثروة كانت دافعها الأول لحمل السلاح ضد الحكومة المركزية فيما أُطلق عليه الكفاح المسلح، لكنها سرعان ما أظهرت انتهازية في جميع أنشطتها، بما في ذلك دعمها لانقلاب ضد الحكم المدني من أجل الاحتفاظ بمناصب حكومية.
الجزء الثالث.. الحياد والمشاركة في الحرب
مناصري الدعم السريع
نجح الجيش في إنهاء القوة الصلبة للدعم السريع في بداية الحرب، خاصة في الخرطوم، لكنه وجد نجدة سريعة من مقاتلي القبائل العربية الذين كانوا في ليبيا مثل فصائل عبد الله حسين ومحمد خدام، وهما قائدان سابقان في مجلس الصحوة الثوري بقيادة موسى هلال، حيث قُتل الأول لاحقًا في الجزيرة.
أيضًا انضمت إلى الدعم السريع قوات قادمة من ليبيا منشقة عن هلال مثل مجلس الصحوة الديمقراطي ومجلس الصحوة – القيادة الجماعية، إضافة إلى قوات حركة شجعان كردفان بقيادة رحمة موسى مهدي الشهير بـ “جلحة” والذي قُتل في الخرطوم.
بينما يعاني المدنيون في #السودان من المجاعة والقتل، تشير تقارير إلى أن #الإمارات تستمر في تزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة والتمويل، مما يجعلها شريكًا رئيسيًا في استمرار الصراع.
لماذا لا تُنهي الإمارات الحرب في السودان⁉️https://t.co/ZMxQz6BVCy pic.twitter.com/9VYSk79adf
— نون بوست (@NoonPost) October 20, 2025
وشارك قرشي محمد علي وأحمد آدم قجة، وهما من قادة الجبهة الثالثة – تمازج الموقعة على اتفاق السلام، في القتال إلى جانب الدعم السريع الذي قاتلت في صفوفه أيضًا قوات تابعة لعلي زرق “السافنا”، وهو قائد ميداني سابق في قوات الصحوة الثوري لا تزال تربطه علاقات وثيقة مع موسى هلال.
شاركت جميع هذه القوات في القتال في الخرطوم، لكن في دارفور اعتمد الدعم السريع على المقاتلين الذين حشدهم قادة القبائل العربية في الهجوم على قاعدة الجيش في نيالا بجنوب دارفور، والتي نجح في الاستيلاء عليها في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وفي غرب دارفور، استقطب الدعم السريع التجاني كرشوم الذي يتزعم فصيلًا مسلحًا ينضوي تحت لواء التحالف السوداني الموقّع على اتفاق السلام بقيادة خميس أبكر الذي تولى منصب والي الولاية، فيما نُصّب كرشوم نائبًا له.
وعمل الدعم السريع وكرشوم وميليشيات قبلية أخرى على تجميع قوات داخل وحول مدينة الجنينة، نفذت هجمات واسعة النطاق على المدينة ومناطق أخرى في غرب دارفور راح ضحيتها آلاف الأشخاص بينهم خميس أبكر الذي قُتل بعد ساعات من اعتقاله بواسطة مقاتلي الدعم السريع، ليتولى بعد اغتياله كرشوم الحكم في الولاية إلى الآن.
كشف تقرير للأمم المتحدة عن تورط #الدعم_السريع في مقتل ما بين بين 10 آلاف و15 ألف شخص على أساس عرقي في مدينة الجنينة وحدها، في ولاية غرب #دارفور بـ #السودان العام قبل الماضي.#حميدتي#الجيش_السودانيhttps://t.co/frIdeov9dv pic.twitter.com/MRtSyvPgyI
— نون بوست (@NoonPost) June 25, 2025
وأتاح له هذا الانتصار ودعم القبائل العربية فرصة للدعم السريع لشن هجمات على غرب ووسط وشرق دارفور، مستفيدًا من الشبكات المالية التي أنشأها قبل الحرب وعوائد المنهوبات والذهب والصمغ العربي، كما طوّر خطوط إمداد جديدة بدعم من الإمارات.
وبعد ذلك نجح في استقطاب قائد قوات درع السودان أبو عاقلة كيكل، الذي قاد هجومًا سيطر خلاله على ولاية الجزيرة وسط السودان، والذي انشق لاحقًا وقاد حملة مضادة ضمن قوات أخرى واستعاد الولاية لصالح الجيش.
وبعد أشهر من توقيع ميثاق تحالف تأسيس، شارك مقاتلي الحركة الشعبية ــ شمال بقيادة الحلو في المعارك التي يخوضها الدعم السريع منذ 11 مايو/ أيار 2024 على الفاشر، لكن سرعان ما انسحبوا ويرجح أن يكون سبب ذلك عقيدة قوات الحركة القائمة على الهجوم وليس الدفاع.
الفاشر.. المدينة التي قصمت ظهر البعير
أعلنت الجماعات المسلحة، سواء الموقعة أو غير الموقعة على اتفاق السلام، في بداية اندلاع النزاع الحياد، لكن ذلك لم يدم طويلًا.
وشكلت حركات دارفور الموقعة على اتفاق السلام قوات مشتركة عملت على حماية المدنيين والقوافل التجارية والأنشطة الإنسانية، لكنها وجدت ضغوطًا كبيرة من الجيش رغم أنها كانت تجني أموالًا كبيرة من حماية الحركة التجارية.
اندلاع مواجهات مسلحة مباشرة لأول مرة بين الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش وقوات الدعم السريع، في قرى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور “السبت”
وجاء المواجهات في أعقاب هجمات مليشيات موالية للدعم السريع على قرى ريفي الفاشر غرب منذ الجمعة أدت إلى مقتل عشرات المدنيين وجرح آخرين بجانب… pic.twitter.com/LggVK4m0IB— Ayin Network – شبكة عاين (@AyinSudan) April 13, 2024
وأدت هذه الضغوط إلى عزل الطاهر حجر والهادي إدريس من عضوية مجلس السيادة لرفضهما فك الحياد، ولاحقًا انضما إلى الدعم السريع إضافة إلى فصيل منشق من العدل والمساواة يتزعمه سليمان صندل.
انسحبت قوات الطاهر والهادي إلى كورما وأبو قمرة في شمال دارفور، دون أن يحقق انضمامهم إلى الدعم السريع أثرًا عسكريًا ربما باستثناء الدعم السياسي، بعد أن انشق القادة الأساسيون مثل عبد الله جنا وعبود خاطر وعثمان عبد الجبار.
وأتت هذه الضغوط بعد أن حشدت الدعم السريع آلاف المقاتلين حول الفاشر، رغم وجود اتفاق سابق توسّط فيه والي شمال دارفور السابق نمر محمد عبد الرحمن الذي يتبع لفصيل الهادي إدريس، حيث قضى بتقسيم المدينة إلى مناطق نفوذ، مانحًا الجيش الارتكاز في مواقعه وسط الفاشر، وخصص للدعم السريع شمال المدينة، فيما أُنشئت منطقة عازلة بينهما تحت قيادة القوة المشتركة.
وهذا الحشد دعا القياديين الميدانيين في القوة المشتركة مثل جمعة حقار وعبد الله جنا إلى إعلان دعمهم للجيش، وسرعان ما شكلوا وحدة قيادة وتحكم وسيطروا على المنطقة العازلة داخل الفاشر بالتزامن مع بدء حصار الدعم السريع للمدينة.
الانتقال إلى القتال مع الدولة
في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أعلن مناوي وجبريل ومعهما مصطفى تمبور الذي يتزعم فصيل منشق من حركة عبد الواحد فك الحياد والقتال إلى جانب الجيش ضد الدعم السريع، تبعها سريعًا فصيل منشق من تجمع قوى تحرير السودان بقيادة عبد الله يحيى الذي عُيّن عضوًا بمجلس السيادة مع معظم قوات التجمع التي يقودها عبد الله جنا وفصيل آخر من المجلس الانتقالي.
تولى مناوي مسؤولية الإشراف على القوة المشتركة التي وجدت في الحرب فرصة كبيرة في تجنيد آلاف المقاتلين في معظم أنحاء السودان بعد أن كان التجنيد يقتصر على دارفور فقط، حيث جند مصطفى تمبور مقاتلين من قبيلة الفور خاصة في شرق السودان، فيما حشد مناوي وجبريل إبراهيم أفراد من عرقية الزغاوة لا سيما المنتشرين في شمال البلاد، وهذا التجنيد القبلي جزءًا من النزاع الحالي حيث تقوم الجماعات بمختلف توجهاتها باستقطاب الجنود على أساس أهلي ومناطقي.
وتتألف القوة المشتركة من حركات دارفور التي فكت الحياد، إضافة إلى بخيت دبجو، الذي يقود فصيلًا منشقًا من العدل والمساواة، وقع اتفاق سلام مع الحكومة في 2013 حيث دُمجت قواته في الجيش قبل أن يُرقى لاحقًا إلى رتبة اللواء.
وينشط دبجو في الفاشر ومناطق الزغاوة في تجنيد آلاف الأشخاص مع إنشاء جماعات جديدة تقاتل تحت إمرة الجيش مثل قوات الدفاع الذاتي “قشن” وارت ارت.
وتضم القوة المشتركة أيضًا عبد الله بندا الذي شارك في التمرد ضمن صفوف حركة العدل والمساواة حيث كان قائدًا ميدانيًا بارزًا، وبعد أن وجهت له المحكمة الجنائية الدولية اتهامًا توارى عن الأنظار متخفيًا في الحدود بين السودان وتشاد وليبيا.
ركز بندا، وفقًا لخبراء الأمم المتحدة، على التهريب وأنشطة التعدين عن الذهب في كوري وبوقودي على الحدود مع تشاد، قبل أن يشكل فصيلًا خاصًا به في مارس/ آذار 2020 أطلق عليه تجمع قوات حركة العدل والمساواة.
وأوضح التقرير أن بندا جند عناصره من قدامى المقاتلين في العدل والمساواة، خاصة من عشيرة الكوبي التابعة لقبيلة الزغاوة، بمن فيهم نائبه بشارة آدم علي وجبريل مايو “تيك”.
أعلن بندا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 انضمامه للقتال جانب إلى الجيش، وبعد ذلك انتقل مع منصور أرباب من جنوب ليبيا عبر الحدود مع تشاد ليتمركز في المالحة وصحراء شمال دارفور، ناشطًا في قطع إمدادات الدعم السريع.
تتمركز قوات بندا حاليًا في الصحراء في وادي هور وجبل عطرون، فيما يتواجد بقية مقاتلي القوة المشتركة في الطينة وكرنوي وأروري وامبرو، بينما تتمركز قوات موسى هلال في مستريحة وجبل مرة، وجميع هذه المناطق تقع في ولاية شمال دارفور.
عمل الجيش بعد اندلاع النزاع على استعادة العلاقات مع الزعيم القبلي الأشهر في دارفور موسى هلال الذي أعلن تأييده له، حيث تلقى منه دعمًا عسكريًا، كما تواصل مؤخرًا مع القوة المشتركة في خطوة ترمي إلى بناء تحالف جديد لتضييق الخناق على الدعم السريع.
وتشارك الحركة الشعبية ــ شمال بقيادة مالك عقار الذي حل محل حميدتي في منصب نائب رئيس مجلس السيادة في القتال إلى جانب الجيش، حيث أسهمت بفعالية في صد هجمات الدعم السريع على النيل الأزرق، كما انفتحت في مناطق أخرى.
وإضافة إلى هؤلاء، يصطف مع الجيش عشرات الجماعات الأخرى معظمها أنشئت بعد اندلاع النزاع القائم دون أن تُشارك في الأعمال العدائية خاصة في شرق وشمال السودان، باستثناء قوات درع السودان التي تأسست في 2020 بقيادة أبو عاقلة كيكل والكتائب الإسلامية المرتبطة بنظام البشير.
ورغم مساهمة درع السودان في استعادة ولاية الجزيرة وانتشارها لاحقا في شمال كردفان، إلا أن انضمام القوة المشتركة شكل أبرز دعم سياسي وأهلي وعسكري للجيش، حيث ظهر تأثيرها بوضوح في صمود الفاشر طوال 18 شهرا في وجه هجمات الدعم السريع المتواصلة.
وأسهم انتشار القوة المشتركة في نهر النيل والولاية الشمالية، إبان سيطرة المليشيا على الخرطوم، في منع تمدد الأخيرة إلى شمال السودان قبل أن تشارك في استعادة الخرطوم مع القوات الأخرى.
تشير الوقائع في هذا التقرير إلى أن التوترات العرقية المرتبطة بالخلافات السياسية مثل السلطة والهوية والانتماء ونظام الدولة تُغذي النزاع الحالي، حيث تأمل كل الجماعات المتحالفة مع كل طرف القضاء على الآخر رغم صعوبة هذا الأمر.