ابن رئيس سورينام يعترف بنيّته دعم حزب الله

اعترف ابن رئيس سورينام، دينو باوتيرسي (41 عامًا)، خلال محاكمته في نيويورك أمس الأول، بأنّه أراد دعم حزب الله اللبناني، بتهريبه أسلحة وكوكايين.
وأُدين باوتيرسي في بلده عام 2005 وسُجن لثماني سنوات بعد إدانته بتهمة “قيادة عصابة مهربي كوكايين وأسلحة”، وحُكم عليه بالسجن ثماني سنوات، لكن أُطلق سراحه بعد ثلاث سنوات “لحسن سلوكه”، غير أنّ والده، الذي انتُخب رئيسًا عام 2010 بعدما قاد انقلابات عسكرية ما بين 1980 و1987، ثم 1990 و1991، عيّنه مديرًا لعمليات مكافحة الإرهاب.
وفي حال ثبتت الاتهامات الموجهة ضدّ باوتيرسي في الولايات المتحدة، يمكن أن تصل عقوبته إلى ما بين 15 عامًا ومدى الحياة، وأوقف باوتيرسي في أغسطس 2013 في بنما، وسُلم إلى الولايات المتحدة، حيث وجهت إليه اتهامات رسميًا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ومن التهم المنسوبة إليه حاليًا، عرض المساعدة على أعضاء مفترضين في حزب الله، هم في الواقع عناصر أميركيين ادعوا أنهم كذلك بغرض إيقاعه، مقابل ملايين الدولارات، وبحسب الاتهامات الموجّهة إليه، فقد عرض إمكانية جعل سورينام واحدة من قواعد الحزب لشنّ هجمات على مصالح أمريكية.
وتقع سورينام في شمال أمريكا الجنوبية بين غويانا والبرازيل، وهي أصغر دولة من حيث المساحة (165 ألف كيلومتر مربع) وعدد السكان (470 ألف نسمة) في أميركا الجنوبية، ناطقة باللغة الهولندية، وسكانها خليط من الأفارقة والأسيويين والأوروبيين.
وعبّر باوتيرسي عن استعداده في عدد من اللقاءات، عُقد واحد منها في أوروبا في يوليو 2013، مع هؤلاء الأعضاء المفترضين، لاستقبال ثلاثين أو ستين من أعضاء حزب الله وتزويدهم بجوازات سفر من بلده، بحسب لائحة الاتهامات الموجهة إليه.
وقالت الاتهامات إن باوتيرسي زود أحد هؤلاء الأعضاء المفترضين بجواز سفر مزور من بلده، وأوضح أن أسلحة ستكون بتصرف الحزب في سورينام، وقد اعترف أمام قاضٍ فدرالي في مانهاتن بثلاث تهم هي محاولة دعم حزب الله والتآمر لاستيراد الكوكايين وحمل سلاح ناري بما يرتبط بهذه القضية.
وعلى مدار الأعوام الماضية، اتهمت الولايات المتحدة مؤسسات وأفراد بدعم حزب الله في مسعاه الانتشار في أمريكا الجنوبية.
حزب الله نجح في الوصول إلى أمريكا الجنوبية بقوة كبيرة من خلال ثلاثة عناصر هي: الجالية العربية الشيعية، التغلغل الإيراني بالقارة، وبعض التنظيمات الماركسية الراديكالية التي اعتنق ممثلوها الإسلام، وشكلوا تنظيمًا مسلحًا أطلقوا عليه اسم “حزب الله أمريكا اللاتينية”.
ومن المعروف أنه توجد جالية لبنانية شيعية تتمتع بنفوذ اقتصادي كبير في بعض المناطق مثل منطقة “إيكويكي” في تشيلي، و”مايكاو” في كولومبيا، وجزيرة مارغاريتا في فنزويلا، وخصوصًا المنطقة المعروفة بالحدود الثلاثية Triple Frontera، التي تحد الأرجنتين والبرازيل والبراغواي، وهي منطقة حرة تنشط فيها بشكل مكثف الحركة التجارية والتي هي، في الكثير من الحالات، تجارة تهريب، تهمّ قطاعات على رأسها الأجهزة الإلكترونية، لكنها تضم كذلك تجارة المخدرات والأسلحة وغسل الأموال.
ففي تناولها مصادر التمويل التي يعتمد عليها حزب الله للقيام بعملياته، قالت جو بيكر من صحيفة “نيويورك تايمز”، والتي حازت بالتناصف مع زميلها بارتون جيلمان على جائزة بوليتزر للصحافة عام 2008، إن إدارة الرئيس أوباما اتهمت في فبراير من عام 2011 أحد بنوك لبنان بتبييض أموال لمجموعة دولية من تجار الكوكائين لها روابط وثيقة بحزب الله اللبناني.
والآن بعد انكشاف هذا البنك، تبين عقب فحص سجلاته وتدقيق حساباته أن حزب الله استخدم وسائل سرية غير مشروعة لتمويل عملياته، وأن هناك جهازًا معقدًا لغسل الأموال يعتمد على البنك المذكور كي يتمكن الحزب من صب مبالغ ضخمة في النظام المالي الرسمي؛ مما يساعده في مواجهة العقوبات الدولية التي تستهدف قطع شريان اقتصاده ونشاطه.
التحقيق الذي أوصل الولايات المتحدة إلى البنك اللبناني، وهو “البنك اللبناني الكندي”، يوفر معلومات سرية جديدة حول موارد حزب الله المالية الغامضة، فبينما كان الاعتقاد السائد منذ وقت طويل في إدارات تنفيذ القانون بالعالم بأن حزب الله كان مجرد مستفيد سلبي من إسهامات المؤيدين والموالين له الذين يعملون في الخارج بتجارة وترويج المخدرات وغيرها من الأعمال الإجرامية الأخرى، تشير معلومات أجهزة الاستخبارات في بلدان عدة إلى تورط مسئولين على مستوى رفيع في الحزب بشكل مباشر في تجارة الكوكائين بأميركا الجنوبية، وهذا ما دعا أحد المسئولين عن التحقيق لوصف حزب الله بـ “المافيا”.
حزب الله ينقل المخدرات إلى الشرق الأوسط عن طريق لبنان التي لا تسيطر على حدودها أو يسيطر حزب الله على حدودها، ففي تحقيق صحفي قبل حوالي العامين أعدته نيويورك تايمز، قال المسئول عن إدارة تنفيذ القانون الخاص بالمخدرات في لبنان أن من بين وسائل دخول مثل هذه المواد استخدام الطائرات بالطبع، فقد كانت هناك طائرة ركاب إيرانية تقوم برحلات أسبوعية من فنزويلا إلى دمشق وتحمل على متنها شحنة من المخدرات ليتم نقلها بعد ذلك إلى الحدود.
هذا القول أكده عدد من المسئولين الأمريكيين بالقول إن مثل هذه العملية ما كان يمكن أن تحدث على الإطلاق لولا قيام حزب الله بدور فيها.
الواقع أن المحققين في أمريكا الجنوبية وأوروبا كانوا قد بدأوا يلاحظون أن هناك وسطاء لبنانيين شيعة يعملون مع مجموعات تجار المخدرات، لكن الدليل الأقوى على توسع دور الحزب في هذه التجارة برز من خلال تحقيقين أوصلا المحققين بالنهاية للبنك اللبناني – الكندي، فقد ظهر الخيط الأول في هذا الدليل من خلال محادثة لاسلكية سجلتها الشرطة الكولومبية بين أفراد مجموعة “ميديلين، لااوفيسنيادي اينفيفادور وورد خلالها اسم رجل يدعى طالبان” تبين فيما بعد أنه رجل لبناني يدعى شكري محمود حرب كان قد اجتمع في بوغوتا في يونيو 2007 مع عميل سري – دون أن يدري هويته الحقيقية – من إدارة تنفيذ القانون الخاص بالمخدرات ومكافحتها في الحكومة الأمريكية وتباحثا حول الطريق التي ستسلكها المخدرات، وتم بعد ذلك شحنها عبر البحر إلى ميناء العقبة الاردني ثم جرى تهريبها إلى سورية، والجدير بالذكر أنه عندما تبجح حرب بأنه يستطيع توصيل 950 كيلو غرامًا من المخدرات إلى لبنان خلال ساعات، علّق العميل السري الأمريكي عندئذ بالقول: “لابد أن لك علاقات وثيقة مع حزب الله”، وهنا ابتسم حرب وأومأ برأسه.
وبعد عملية مسح كبيرة نفذها الأردن، أبلغ المسئولون الأردنيون إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية بأن المرحلة السورية للشحنة نسقها ضابط استخبارات سوري يعمل كضابط اتصال مع حزب الله، وهنا أفادت مصادر عدة أن المسئولين عن مثل هذه الشحنات في الحزب يتقاضون عادة ضريبة لقاء مرورها في لبنان.