صواريخ، مزاعم تنمر وموت مأساوي: ما الذي يحدث في أرامكو السعودية؟

2ac4e178de9567782fdeaeb3fb500bcc837e8f95

ترجمة وتحرير: نون بوست

عندما تولى ألوين ويتشر وظيفة في شركة أرامكو السعودية في سنة 2017، كان يعتقد أنه ينضم إلى شركة لها تاريخ في تقدير المهندسين المغتربين الذين ساهموا في بناء وإدارة عملاق النفط في المملكة الصحراوية. وبعد ثلاث سنوات من بدء ويتشر، وهو من أصل جنوب أفريقي، العمل في الشركة السعودية المدرة للمال، وقع نقل جثته بواسطة رافعة من نوع “جي سي بي” إلى قبر بدائي في موقع أشبه بمكب النفايات.

بعد وفاته في تموز/ يوليو ودفنه في ضواحي مشروع مصفاة جيزان في جنوبيّ غربيّ البلاد، اضطرت أسرته المكلومة إلى الانتظار قرابة خمسة أشهر لتلقي أية امتيازات أو أجور متأخرة من الشركة، التي تتنافس مع شركة آبل لتكون الأكثر قيمة في العالم.

صرحت أرملته، كارين ويتشر، أن أرامكو السعودية والسلطات المحلية حرمت مرارا وتكرارا زوجها البالغ من العمر 46 سنة من الفحوصات الطبية والعلاج عندما أُصيب لأول مرة بفيروس كوفيدـ 19 في أوائل حزيران/ يونيو، على الرغم من أن بعض زملائه في المكتب السعودي قد ثبتت إصابتهم بالفيروس.

في هذا الصدد، قالت كارين، التي كانت تدير مركزا طبيا في ديربان: “إذا عالجوه بشكل صحيح مبكرا أو أرسلوه إلى مستشفى مناسب، فأنا مقتنعة بأنه كان سينجو. لكن الأوان فات”. في المقابل، أفادت أرامكو السعودية إنها قدمت إلى ويتشر رعاية طبية سريعة وتصرفت “برأفة في جميع الأوقات”.

تعد قصة عائلة ويتشر واحدة من بين العديد من قصص الموظفين المغتربين الذين يقولون إنهم تعرضوا لسوء المعاملة من قبل أكبر شركة للطاقة في العالم، والتي تنتج حوالي 10 بالمئة من النفط المستهلك عالميا وتدعم ثروة العائلة المالكة في المملكة العربية السعودية.

photo

ألوين ويتشر مع طفليه في سنة 2019، كان يعمل لدى أرامكو السعودية عندما أصيب بفيروس كوفيدـ 19.

photo

ويتشر في المستشفى في اليوم الذي دخل فيه في غيبوبة. توفي في تموز/ يوليو.

على مدى عقود، استقطبت أرامكو الوافدين المستعدين لقبول قيود الحياة في المملكة مقابل وعود بتوفير مجمعات آمنة للعائلات ورواتب عالية ومكافآت. لطالما صورت الشركة نفسها على أنها مشابهة لشركات الطاقة الغربية الكبرى مثل إكسون موبيل وبريتش بتروليوم، على الرغم من كونها مؤسسة مدعومة من الدولة. لكن خمسة من المبلغين عن المخالفات الذين تحدثوا إلى فاينانشيال تايمز- بمن فيهم موظفون حاليون وسابقون في أرامكو السعودية- حذروا من تدهور معاملة الموظفين المغتربين بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، مما يهدد الروح المعنوية وسلامة المشاريع.

يعتقد هؤلاء المبلغون عن المخالفات أن الشركة التي تعرضت لضغوط بسبب انهيار النفط الذي أدى إلى قلب الصناعة بأكملها، والتي تتعرض لضغوط لتسريع خطط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المتمثلة في “سعودة” القوى العاملة في المملكة، اتخذت قرارا بطرد الموظفين الرئيسيين والتحايل في مشاريع مثل تطوير جيزان. في المقابل، يرسم هؤلاء الأشخاص صورة مفصلة لثقافة الشركة التي تعاني من سوء معاملة المغتربين ذوي الخبرة، بداية من التنمر وسوء الإدارة وصولا إلى العنصرية ومزاعم الإهمال.

تتركز الشكاوى بشكل كبير على مصفاة جيزان المقرر افتتاحها السنة المقبلة على الساحل الجنوبي للبحر الأحمر قرب الحدود مع اليمن، حيث تخوض المملكة العربية السعودية حربا منذ خمس سنوات. يُزعم أن العديد من المشاكل هنا، بما في ذلك الضربة الصاروخية في تموز/ يوليو من قبل مليشيات الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، وقع التقليل من شأنها إلى حد كبير قصد الإسراع في إنهاء المشروع. ويصف أحد الموظفين الحاليين الموقع بأنه بمثابة “قنبلة موقوتة”.

في الوقت الذي تسبب فيه الوباء في انخفاض أسعار النفط هذه السنة، وجهت المملكة أرامكو السعودية لخفض الإنتاج في محاولة لدعم الأسعار وإنقاذ ماليتها. في الأثناء، وقع تسريح المئات من العمال الأجانب خلال الأشهر الأخيرة مع سعي الشركة لخفض التكاليف أثناء الركود النفطي. في الواقع، اتبعت المملكة سياسة التخلي عن العمال الأجانب بغض النظر عن أدائهم. فضلا عن ذلك، وقع تقييد رواتب العمل الإضافي والإجازة، مع تعرض العمال لضغوط لبذل المزيد مقابل أموال أقل بسبب سعر برميل النفط البالغ 45 دولارا، وهو ما يزيد قليلا عن نصف ما تحتاجه المملكة العربية السعودية لموازنة ميزانيتها.

photo

موقع جيزان في سنة 2016. من المقرر افتتاح المصفاة الواقعة على الساحل الجنوبي للبحر الأحمر بالمملكة العربية السعودية خلال السنة المقبلة.

من جهتها، ترفض أرامكو السعودية المزاعم و”ما يلمحون إليه بشأن الطريقة التي تدار بها أرامكو”، قائلة إنها فخورة بقوتها العاملة متعددة الجنسيات ومعايير السلامة التي “تتجاوز المعايير الدولية”، مع تسجيل معدلات وفيات وإصابات أقل في سنتي 2018 و2019 من المنافسين الغربيين. كما أشارت أرامكو إلى أنها “ستحقق في مزاعم حدوث أية انتهاكات للمعايير”.

بالنسبة لألوين ويتشر، فقد فات الأوان بالفعل. عندما وقع نقله إلى المستشفى في نهاية المطاف، وُضع في الحجر الصحي لأكثر من أسبوع في غرفة كان الدخول فيها إلى المرحاض مقيدا، مما أدى إلى تبرزه على نفسه في بعض الأحيان، وذلك حسب ما أفادت به زوجته كارين. كان اتصاله الوحيد بالعالم الخارجي يتمثل في مكالمات الفيديو اليائسة بشكل متزايد مع زوجته، حيث أصبح تنفسه أكثر صعوبة. في نهاية المطاف، دخل في غيبوبة ووُضع له أنبوب التنفس. منذ تلك اللحظة، أصبحت كارين معتمدة كليا على أرامكو السعودية للحصول على أخبار عن حالته.

في المقابل، قالت الشركة إن فريق الموارد البشرية التابع لها كان على اتصال بزوجته “مرتين في اليوم، عن طريق الرسائل النصية بشكل أساسي”، عندما كان زوجها يستخدم جهاز التنفس الصناعي. في هذا الإطار، أوردت كارين، التي تصر على أن أرامكو بحاجة إلى تحمل مسؤولية وفاة زوجها ومعاملاتها لأسرتها بعد ذلك: “لم يكن هناك اتصال معي على الإطلاق قبل دخول ألوين في غيبوبة”.

بعد ذلك، كان التواصل محدودا حسب قولها، وعادة ما يتكون من وعد بإبلاغها بآخر التطورات في المساء، متبوعا برسالة نصية لاحقة تقول عبارات على غرار “مازال في غيبوبة، ولا يتنفس من تلقاء نفسه”. من جهته، ليس هناك تواصل مباشر بين المستشفى وكارين أو أفراد الأسرة الآخرين.

بعد أسبوعين من بقائه موصولا بجهاز التنفس الصناعي، توفي ويتشر. اكتشفت زوجته ذلك من خلال رسالة تعزية من أحد زملائه السابقين وقالت إن أرامكو السعودية لم تتصل بها رسميا إلا بعد حوالي 14 ساعة من وفاته، في حين أفادت الشركة أنها كانت أول من اتصل بها بعد تلقي “تأكيد مناسب” من المستشفى. 

بالإضافة إلى ذلك، صرحت الشركة إن ويتشر لم يكن يعاني من المرض إلا قبل ثلاثة أسابيع من وفاته. في المقابل، قالت كارين إنه وقع تجاهل فترة ثلاثة أسابيع سابقة لذلك، حين كان يطلب ويتشر خلالها المساعدة من الشركة والسلطات المحلية، بعد أن ظهرت عليه مجموعة من الأعراض الشبيهة بالإنفلونزا على خلفية اتصاله بزميل سعودي أكد إصابته بالفيروس. في هذا السياق، أوردت كارين: “قيل له أن يحتفظ بقفازاته وقناعه. وفي نهاية المطاف، اضطر إلى استدعاء سيارة الإسعاف بنفسه”.

منذ وفاة زوجها، قالت كارين إن أرامكو السعودية جعلتها تمر بإجراءات بيروقراطية لا نهاية لها. بالإضافة إلى ذلك، وقع رفض طلبات إعادة جثة زوجها إلى جنوب إفريقيا عدة مرات إلى أن وافقت في النهاية على دفنها في المملكة. أما الشركة، فتعتبر أن الوباء جعل إعادته مستحيلة.

في المقابل، أظهرت رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلتها قنصلية جنوب أفريقيا في جدة، أن الموظفين هناك وجدوا شركة مستعدة لنقل جثته ووضعوها على اتصال بأرامكو. في الواقع، جاء في رسالة بريد إلكتروني من مسؤول في القنصلية أن: “الأمر متروك لهم الآن للتفاوض بشأن ما إذا كانوا سيواصلون العملية”.

photo

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: العمال الوافدون تعرضوا لضغوط في إطار “سعودة” الاقتصاد.

photo

أمين ناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية. تعتقد الشركة أنه “معترف بها على أنها من بين أفضل الشركات في العالم فيما يتعلق بإدارة الجودة”.

أفادت كارين أن أحد موظفي الموارد البشرية في شركة أرامكو أخبرها أن جهودها ذهبت سدى. في هذا السياق، صرحت كارين قائلة: “أخبروني أنه من الأفضل أن توافقي على دفنه هنا، لأننا لن نعطيك جثته على أي حال”. لقد عمل ويتشر في المملكة العربية السعودية في وقت سابق في مسيرته المهنية التي استمرت 20 سنة في مجال الطاقة. وكان في السابق يعمل مقاولا في مشروع إنشاء مصفاة في المملكة. وأشارت كارين إلى أنه “عندما كان يعمل في المملكة العربية السعودية، كان يتقاضى أجرًا كبيرا، وكانوا يعاملونه معاملة حسنة، ولهذا السبب عاد. لكن كل شيء تغير”.

على مدار عقود، كان الحصول على وظيفة في أرامكو السعودية بمثابة تذكرة ذهبية للعمال الأجانب في قطاع النفط. عموما، تشكل قوة العمل الأجنبية في أرامكو أكثر من 10 بالمئة من قوتها العاملة. وفي سنة 2019، طرحت الشركة نسبة صغيرة من أسهمها في السوق المحلي السعودي، حيث بلغ مجموع الدخل التجاري تريليونيْ دولار، كما كانت الشركة تطمح إلى الاكتتاب الدولي.

في الوقت الذي تراجعت فيه أسعار أسهم شركات النفط الكبرى الأخرى على غرار شركة “إكسون موبيل” بنسبة 40 بالمئة منذ بداية السنة الحالية، كانت أسعار أسهم أرامكو السعودية في الواقع أعلى مما كانت عليه في كانون الثاني/ يناير. في المقابل، ظلت الشركة تقترض من أسواق الدين الدولية من أجل الدفع بأرباحها البالغة 75 مليار دولار، التي تذهب أغلبها للمساهمين السعوديين، أي الحكومة السعودية.

بينما تحظى شركة أرامكو السعودية باحترام دولي في الأوساط الصناعية، إلا أنها ليست شركة عادية. تعدّ العائلة المالكة أكبر مساهم فيها، مما يضع مستقبلها وثقافتها بتصرف ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. عندما كانت أرامكو تخطط لاكتتاب عام، كشفت الصحيفة “فاينانشيال تايمز” عن تعرض عائلات ثرية لها علاقات بالمملكة، وبعض أفرادها الذين وقع احتجازهم في فندق ريتز كارلتون في إطار”مكافحة الفساد” التي أطلقتها الرياض من سنة 2017 إلى سنة 2018، لضغوط كبيرة لشراء الأسهم ومساعدة ولي العهد إلى الوصول إلى التقييم الأعلى للشركة.

على الرغم من تشويه سمعة محمد بن سلمان على المستوى الدولي بعد مقتل كاتب العمود المساعد في صحيفة “واشنطن بوست” جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين، إلا أن خططه لتحديث المملكة السعودية كالسماح للمرأة بالقيادة ومحاولة زيادة فرص العمل للشباب السعوديين، حظيت بدعم واسع في الداخل ذلك أن أغلب السعوديين تحت سن الثلاثين. وفي السنة الماضية، وصلت نسبة البطالة بينهم إلى 30 بالمئة. 

في سنة 2016، أخبر محمد بن سلمان مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية أن هناك “10 ملايين وظيفة يشغلها موظفون غير سعوديين (في المملكة) يمكنني اللجوء إليها في أي وقت أختاره”. وكجزء من تطبيق سياسة “السعودة” الاقتصادية، تعرض العمال الأجانب ذوي الخبرة للضغط، الذي تفاقم بعد انهيار أسعار النفط. فضلا عن ذلك، يشكو هؤلاء العمال الأجانب من قلة احترام جيل جديد للإدارة السعودية لهم ولخبراتهم.   

من جهتها، قالت فاليري مارسيل وهي خبيرة في شركات النفط الوطنية المدعومة من الدولة في تشاتام هاوس: “هناك موقف مختلف تجاه الأجانب في الوقت الذي كانوا يحظون فيه بتقدير كبير وكان يُنظر إليهم على أنهم من أسسوا الشركة”. وتابعت مارسيل حديثها قائلة: “كانت هناك مخاوف منذ فترة طويلة، حتى داخل الشركة، حول ما إذا كان هذا الجيل من المديرين، الذين ترعرعوا على خلاف أسلافهم في الثراء ولم يكونوا بحاجة إلى بذل جهودهم، في وضع جيد لإدارة واحدة من أهم الشركات في العالم. في المقابل، يعدّ عدم امتلاكها لثقافة التحدي واحدة من أوجه ضعف شركة أرامكو السعودية”.

على الرغم من أن أرامكو السعودية ذكرت على موقعها الإلكتروني أن “السلامة هي إحدى قيمها الأساسية الخمس” و”تدعم أداء القوى العاملة وتحافظ عليه”، إلا أن المبلغين عن المخالفات صرحوا أن المشروع، الذي بدأ في سنة 2012، تأثر بمشاكل مثل نقص القيم، في حين وقع التوقيع على العديد من ميزات السلامة التي يتوقعون رؤيتها في مصفاة حديثة دون فحوصات أو اختبارات كافية من وجهة نظرهم.

في تقرير مؤلّف من 14 صفحة أُرسلت إلى الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية أمين ناصر في شهر حزيران/يونيو، أعرب موظف سابق عن مخاوفه حيث قدّم تفاصيلا حول فصله التعسفي والتنمر والمضايقات التي يتعرض لها  الموظفين، وعجز الشركة عن اختبار ضغط الصمامات ووحدات التيار الكهربائي وأجزاء أخرى من المشروع التي وقع تركيبها “بشكل خطير”. كما توضح الرسالة التصدعات في بنية المصفاة ومشاكل الطرقات والأساسات التي وقع انشائها على الرغم من النصائح المقدمة من عمال المراقبة الأجانب. من جهته، لم يتلق الموظف السابق، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أية رد.

photo

في الإطار نفسه، صرّح أحد الموظفين الأجانب، الذي يرغب في عدم ذكر اسمه أن “الطريقة التي تدار فيها المصفاة يمكن أن تشكل خطرََا وأن تصبح مثل بايبر ألفا” وذلك في إشارة للكارثة سنة 1988 التي أودت بحياة 167 عاملاً في منصة نفطية في بحر الشمال. وتابع الموظف حديثه قائلا: “كان هناك الكثير من الخطايا ووقعت ممارسة الضغط على الناس للتوقيع على أعمال دون فحص مناسب. وأصبحت هناك مشاكل متأصلة وقع التستر عليها على الرغم من أنها تشكل خطرًا حقيقيًا على السلامة”.

أفاد هذا المهندس ذو الخبرة أن الممارسات الهندسية الخاصة بأرامكو “ليست سيئة إذا وقع اتباعها، حتى وإن لم تكن حديثة.. في المقابل، تكمن المشكلة في كسل الأشخاص الذين يعملون فيها والذين لا يحبون النقد ولا التحدي، ولا يحبون كذلك أن يقال لهم إن آرائهم خاطئة”.

في رسالته إلى ناصر، قال الموظف السابق إن هناك “أجواء من القلق والخوف المستمر” على العاملين في مشروع جازان بسبب تهديدات “بفقدان وظائفهم” إذا تحدثوا عن المشاكل. وأشار هذا الموظف السابق إلى أنه تعرض لانتقادات بسبب صعوبة العمل معه، وهو ما يعتقد أنه راجع إلى إصراره على تحدي الأشياء التي كان يُعتقد أنها غير آمنة. وكتب المهندس في الرسالة: “لم أصدق أن المجيء إلى المملكة العربية السعودية للعمل لدى أكبر منتج للنفط والغاز في العالم لمساعدتهم على بناء مصفاة نفط جازان يمكن أن ينتهي بشكل سيء بالنسبة لي لمجرد أنني دافعت عما اعتقدتُ أنه صحيح”.

من جهتها، ردّت أرامكو السعودية حول ما ورد عن عملية الإدارة بالقول إنها “من بين أفضل الشركات في العالم فيما يتعلق بإدارة الجودة عبر العديد من مشاريعها الضخمة والعملاقة”، معتبرة أن “عمليات الشركة يقع تطبيقها بعناية في كل مشروع من بينها مشروع جازان”. وقالت الشركة إنها تعاملت على “محمل الجد” بشأن المزاعم حول التنمر وسوء معاملة الموظفين.

يرى محللون صناعيون أن هناك تحديات مستقبلية مع تطور أولويات المملكة العربية السعودية. في هذا السياق قال المحلل الاقتصادي في شركة “انفيروس”، فارين برايس، أن “تصورات محمد بن سلمان تجاوزت النفط. وبينما تظل أرامكو السعودية القلب النابض للاقتصاد السعودي، تحول التركيز الاستراتيجي إلى مكان آخر”. وأضاف وتابع برايس قائلا إن “المعايير الأساسية التي تمسكت بها الشركة قد تكون لها أولوية أقل خلال السنوات المقبلة”. وتجدر الإشارة أن مايكل ريدينغ، وهو مهندس إنجليزي لديه أكثر من 30 سنة من الخبرة في قطاع النفط والغاز، أُجبر على ترك عمله بشركة أرامكو السعودية حماية لصحته.

في شهر آب/ أغسطس سنة 2019، أي بعد ثلاث سنوات من النجاح المتواصل في الشركة، كان ريدينغ (ليس اسمه الحقيقي) متوجها إلى مطار جازان للعودة إلى عائلته في مدينة الظهران الشرقية لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. وفي وقت سابق من توليه منصبه، أصبح ريدينغ قلقا بشأن إجراءات السلامة، حيث كان يعتقد أن المواطنين السعوديين المسؤولين عن المشروع يفشلون في بعض الأحيان في اتباع أفضل الممارسات في اندفاعهم للتوقيع على كل مرحلة من مراحل الإعداد، التي تجاوزت الموعد المحدد والميزانية.

في سنة 2012، أفادت الشركة أن مصفاة التكرير التي تنتج 400 ألف برميل في اليوم ومنشأة البتروكيمياويات، ستكون جاهزة بحلول سنة 2016. ولكن في تلك الليلة عندما وصل ريدينغ إلى المطار، واجه خطرا داهما. وأثناء توقفه، شاهد أربعة صواريخ تحلق على ارتفاع منخفض وتقترب باتجاه الجنوب، وألسنة اللهب تتطاير من أذنابها، حيث يبدو أنها كانت تتجه مباشرة نحوه. وأردف ريدينغ قائلا: “لم أصدق ما كنت أراه، لقد تملكني الرعب تماما”.

photo

مطار جازان قريب من الحدود اليمنية، الذي استهدفه جماعة الحوثيين المتمردة.

في غضون ثوان، كانت الصواريخ فوق المطار، وانفجرت فجأة – كما يعتقد ريدينغ، بعدما اعترضتها قوات الدفاع الجوي السعودي. لقد أصيب ريدينغ بصدمة كبيرة، ما دفع بالأطباء التابعين للشركة بتخديره. في وقت لاحق، اُصيب ريدينغ بحالة انهيار مرة أخرى حيث وقع تشخيص إصابته باضطراب ما بعد الصدمة في مرحلة مبكرة من قبل طبيب غربي في مركز “جونز هوبكنز أرامكو للرعاية الصحية” في الظهران. في هذا الإطار، قال ريدينغ إن “الطبيب حذرني من أنني في حال عدت إلى جازان، فسأصاب باضطراب ما بعد الصدمة – وسأجد صعوبة كبيرة في التعافي من ذلك”. مع ذلك، لم يُبد رؤسائه سوى قليل من الرأفة. 

في الواقع، أُمر ريدينغ بالعودة أو المخاطرة بفصله عن العمل على الرغم من تحذير الطبيب عبر البريد الإلكتروني التي قال له فيها “لا تذهب إلى العمل في جازان، بل أخبرهم باستعدادك للعمل في أي مكان آخر”. كان ريدينغ يعتقد أن جزءا من المشكلة هو أن جازان اكتسبت سمعة طيبة بالنسبة للأشخاص الذين يحاولون الانتقال إلى مكان آخر. كما أخبره الطبيب أن بعض أعماله قد تولاها مواطنون سعوديون يرغبون في التوقيع على المشروع، الذي يقع في واحدة من أفقر المناطق في البلاد.

photo

لهذا السبب، شعر ريدينغ أن لا خيار أمامه سوى تقديم استقالته. مع ذلك، قوبل طلب استقالته بمزيج من السخرية والتعتيم. وصرح ريدينغ قائلا: “كان مديري يضحك بشأن مطلب استقالتي، ويقرأها على زملائي في المكتب، ثم بدؤوا بعرقلة محاولاتي للمغادرة، قائلين إنهم لا يستطيعون تمرير مثل هذا الطلب إلى قسم الموارد البشرية”. يعتقد ريدينغ أنهم كانوا يحاولون إجباره على إعادة التفكير في تقديم استقالته ليُجنّب فريقه الإداري مواجهة الأسئلة الفورية من مقر أرامكو السعودية. في المقابل، كان قرار استقالة ريدينغ حاسما. 

أفاد ريدينغ أنه “بعد الهجوم الصاروخي، تنظر للأشياء بمنظور جديد وتدرك أننا على شفا حرب، ولكن كان هناك القليل من الترتيبات المعمول بها لضمان سلامة العمال. لذلك، سألتهم: “ما هي الترتيبات التي تتخذونها من أجل ضمان سلامتنا؟” لكنهم كانوا يفركون أيديهم ويُجيبون: سيكون كل شيء على ما يرام إن شاء الله”.

من جهة أخرى، يقول موظّفون أجانب سابقون وحاليون آخرون يعملون في جازان إنه وقع تجاهل قلقهم بشأن خطر حدوث هجوم. وأضاف أحد الموظفين السابقين، الذي استقال بعد خمسة أشهر من حصوله على الوظيفة، أن “أي مخاوف أثيرت بشأن الأمن قوبلت بسؤال من قبيل “هل تشكك في قدرة السلطات العسكرية السعودية؟ وكأن طرح السؤال يشكل إهانة بحد ذاته”.

وأضاف الموظف أنهم “لم يخضعوا لتدريب أو بروتوكول واضح يُملي عليهم ما يجب القيام به في حالة وقوع هجوم. كان بإمكانهم إلقاء عشرات الصواريخ على ذلك المعسكر، وكان الناس سيهربون في كل الأرجاء على غير هدى ويتساءلون عن مكان خرطوم الحريق”. من جهتها، أوردت أرامكو السعودية أنها أجرت تدريبات ولديها بروتوكولات تنصّ على ما ينبغي القيام به في حالة وقوع هجوم. في المقابل، يعتقد بعض الموظفين أنه وقع التقليل من شأن هذه المخاطر. 

في شهر تموز/ يوليو، أصاب صاروخ من اليمن مباشرة المصفاة. وأظهرت الصور التي تحصلت عليها صحيفة “فاينانشيال تايمز” إصابة بعض المباني بشظايا. في هذا السياق، قال أحد الموظفين الحاليين، الذي وصف موقع الانفجار بالحفرة “على شكل دمعة” في الأرض والتي يعتقد أنها تتماشى مع قذيفة كبيرة أصابت موقع المصفاة: “لقد حدث الانفجار في الليل ووقعت إزالة آثاره مع شروق الشمس”.

photo

موظف سابق في أرامكو السعودية: تمت مواجهة أي مخاوف أثيرت بشأن قواعد السلامة بطرح سؤال: “هل تشكك في قدرات السلطات العسكرية السعودية؟

يعتقد الموظف أن الحوثيين كانوا يهددون باستهداف الموظفين في حال أرادوا ذلك. ولكن لم يتم إعلام العمال هناك بشأن المخاطر، باستثناء إشارة واحدة مثيرة للضحك في رسالة بريد إلكتروني داخلية أشارت إلى وقوع “حدث خارجي مؤسف”. 

في غضون بضعة أشهر ستتدفق الهيدروكربونات عبر هذا المصنع، وبالتالي، سيكون هدفا حيا محفوفا بالمخاطر بالنظر إلى الزوايا المخترقة. في الشهر الماضي في محاولة أخرى لتنفيذ هجوم، وقع إطلاق زورقين سريعين محملين بالمتفجرات مُتحكّم فيهما عن بعد من منشأة لتحميل النفط بالقرب من المصفاة.

نجحت القوات السعودية في التصدي للهجوم، وأقرّت المملكة بأن الهجوم أسفر عن نشوب حريق أثر على “خرطوم عائم” في منصة تفريغ النفط البحرية، دون تقديم المزيد من التفاصيل. ووفقا لجهاز الاستخبارات التابع لشركة “أمبري”، أكبر مزود لحراس الأمن البحري في العالم، تُشير الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية إلى أن ناقلة نفط كانت راسية بالقرب من مكان وقوع الهجوم، مما يشير إلى أنه ربما وقع تجنب كارثة أكبر بكثير.

قال أحد الموظفين في جازان إن المصفاة بدأت مؤخرا في استقبال شحنات النفط الخام والبروبان والبيوتان كجزء من الاستعدادات لبدء تشغيلها السنة القادمة. وأفادت أرامكو السعودية أنها كانت في “تنسيق مستمر مع الحكومة، بما في ذلك قوات الدفاع العسكري، لضمان حماية مدينة جازان الاقتصادية من الهجمات الجوية والبرية والبحرية” وأن “الجيش السعودي تمكّن إلى حد الآن من التصدي للعديد من الهجمات الصاروخية الحوثية”. 

عاد ريدينغ في النهاية إلى المملكة المتحدة، حيث شغل وظيفة في محطة لتوليد الطاقة. في المقابل، صرّح أن غضبه تفاقم مؤخرا عند مشاهدة سباقات “الفورمولا وان”، التي أصبحت أرامكو السعودية راعيا رئيسيا لها هذه السنة. وأورد ريدينغ قائلا: “تراهم هناك يقدّمون أنفسهم باعتبارهم شركة دولية عادية. لكنني أتمنى أن أخبر أمين ناصر (الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية) أن “لديك أفضل شركة في العالم تحت تصرفك. لكنك لا تُنفّذ ما تعظ به. أنت لا تحترم حياة الإنسان ورفاهيته، كما تقول”. 

بالنسبة للبعض في جازان، تتجاوز المخاوف المتعلقة بالسلامة قرب الموقع من اليمن. فعندما تفشّت جائحة كورونا في وقت سابق من هذه السنة، قال الموظفون إنه وقع اتخاذ القليل من الإجراءات لحمايتهم في البداية. لقد كانت الحافلات التي تنقل العمال من المخيمات المؤقتة والمساكن المشتركة إلى المصنع مكتظة مثل العادة. في البداية، كان العمال يتناولون الطعام في قاعات الطعام، حيث كانت جودة الطعام والنظافة العامة موضع جدل دائم في صفوف العمال المغتربين. كما تظهر الصور التي اطلعت عليها صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن مكيفات الهواء معطلة وتقطر الماء على الجدران المتعفنة.

أفاد المخبرون أنه لم يقع إجراء أية عمليات لفحص العمال الذين وصلوا الموقع بعد رحلات لزيارة عائلاتهم في مناطق أخرى من السعودية، مما جعل الموقع بؤرة لنقل العدوى، خاصة بعدما أصيب أكثر من 30 شخصا من رجال الأمن في جيزان بالمرض في آذار/مارس. وأفاد موظف حالي أنه بحلول شهر تموز/ يوليو، بات لديهم نظام داخلي لتتبع المخالطين، ولكن الموظفين كانوا يتلقون حينها خمسة أو ستة رسائل إلكترونية يوميًا تعدد زملائهم الذين أصيبوا بالمرض. وتابع الموظف حديثه قائلا: “لم يكن باستطاعتهم السيطرة عليه، إذ لم يكن بإمكانك الحصول على فحص إلا إذا كنت على أعتاب الموت”. 

photo

مجمع برج المدرا التابع لشركة أرامكو السعودية في مدينة الظهران الشرقية

في المقابل، تزعم أرامكو السعودية أنها طبقت على الصعيدين الوطني، وفي موقع جيزان مجموعة من “الإرشادات الصارمة”، والإجراءات “لحماية الموظفين”، بما في ذلك اختبار العينات في وقت مبكر من الجائحة والاستخدام الإجباري للكمامات وفحص درجات الحرارة وتدابير أخرى مثل إنشاء “قسم حجر صحي آمن داخل المعسكر”، مؤمن برعاية طبية كافية.

صرحت الشركة أنها “اتخذت كل هذه الإجراءات الفورية وامتثلت تماما من أجل الحد من تأثير فيروس كوفيد-19 على موظفي الشركة واستدامتها التشغيلية بشكل كبير”. ووفقا للموظفين الحاليين والسابقين، تعافى أغلب المصابين من المرض، إلا أن المعنويات في الموقع، تحطمت. 

في نطاق أرامكو السعودية، كان بعض العمال الوافدين مهددين بالخطر أكثر من غيرهم، حيث وقع تزويد المهندسين من أوروبا أو أمريكا الشمالية، أو دول أخرى كجنوب أفريقيا، بمسكن أفضل بشكل عام. في المقابل، وُضع أولئك الذين انضموا كعمال من دول مثل بنغلاديش ونيبال غالبًا في أماكن إقامة مشتركة. وكانت بعض هذه المهاجع تُدار على أساس الأسرّة بالتناوب، حيث يتشارك العمال في مناوبات متعاقبة بسرير واحد.

ليست هذه المرة الأولى التي يقع فيها الإبلاغ عن مخاوف تتعلق بالسلامة في أماكن إقامة أرامكو السعودية. ففي سنة 2015، لقي ما لا يقل عن 10 أشخاص مصرعهم في حريق نشب بمجمع سكني للموظفين في شرق المملكة، معظمهم من أصل باكستاني.

انتقدت منظمة العفو الدولية المملكة السعودية بشكل مباشر بشأن معاملتها للمهاجرين في منطقة جيزان أثناء فترة الجائحة، قائلة: “تُرك آلاف الإثيوبيين الذين طردتهم اليمن المجاورة في آذار/مارس، ليقبعوا في الزنازين السعودية الموبوءة بالأمراض”. في هذا الصدد، صرح موظف حالي في أرامكو السعودية أن “ما قد تراه في معسكرات العمال أفضل من ذلك، ولكن بدرجة ضئيلة”. وفي وقت مبكر من الجائحة، اضطرت الشركة إلى الاعتذار بعد انتشار صورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر موظفًا دوليًا، بدا أنه من أصل جنوب آسيوي، مرتديًا عبوة معقم أيدي في أحد مكاتب الشركة.

photo

سكن العاملين في موقع جيزان، مرسلة من موظف سابق. 

photo

صورة متداولة على موقع تويتر في وقت سابق من هذه السنة لموظف في أرامكو السعودية يرتدي زيًا كعبوة معقم لليدين.

يوضح مارسيل من “تشاتام هاوس” أن الفرص تتفاوت في الشركة: “كما هو شائع في الخليج، هناك تسلسل هرمي مرتبط بعرقك وجنسيتك، حيث يُنظر إلى الأمريكيين والأوروبيين على أنهم أعلى مرتبة من العرب غير الخليجيين، وأعلى بكثير من أصحاب جنسيات من جنوب آسيا الذين أداروا في الواقع العمليات على مدار سنوات”.

أفادت كارين ويتشر أنها تعتقد أن تلك الفوارق العرقية ساهمت في كيفية معاملة الشركة لها بعد وفاة زوجها، الذي كان مثلها من عرق مختلط. وأضافت ويتشر أنه: “عندما يموت شخص ما في جنوب أفريقيا، ترسل الشركة ممثلًا لمساعدة الأسرة، وتقديم المشورة. في المقابل، لم تفعل أرامكو أي شيء من هذا القبيل. لقد تركوني لأغرق في الديون، حيث كان ينبغي عليّ أن أعيش مع أطفالي على بطاقة ائتمان، نظرا لأنهم رفضوا دفع أي شيء لمدة خمسة أشهر. من نصبٍ تذكارية، لرسوم مدرسية للأطفال، كان ينبغي عليّ أن أدفع كل ذلك”.

في نهاية المطاف، تلقّت كارين أكثر من 400 ألف دولار من المزايا، وراتبا متأخرا، ووثيقة تأمين مدعومة من الشركة لشهري تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر، التي وقع دفعها بعد أن تلقت أرامكو السعودية أسئلة من “فاينانشال تايمز”. ومع أن كارين قالت إنه ما زال مبلغ التأمين النهائي موضع جدال، إلا أن هناك “تغيّرا ملحوظا في التعامل” من قبل الشركة. 

أضافت كارين، التي كانت تتحدث في البداية مع “فاينانشال تايمز” عبر مكالمات الفيديو حتى تتأكد من أنها لم تكن عملية مداهمة من قبل الشركة: “لم يقدموا لي أية مساعدة على الإطلاق، ووضعوا عقبات في كل خطوة من الطريق”، لكنهم “بدؤوا فجأة بالإسراع في العمل في الأسبوع الماضي”.

لا تزال كارين غاضبة من أرامكو السعودية وكيفية معاملة الشركة لزوجها وعائلتها. فعندما أعادت الشركة بعض ممتلكاته أخيرا، بعد أربعة أشهر من وفاته، كانت العديد من ملابسه مفقودة، بما في ذلك مجموعة قمصان نادي ليفربول التي كانت تأمل أن يرثها ابنهما الصغير. وقالت كارين إن: “ألوين كان على وفاق مع زملائه السعوديين. في المقابل، لم يفعل أولئك الجالسون في المناصب العليا شيئًا لمساعدتنا”.

photo

 ألوين وكارين ويتشر في سنة 2018.

photo

دفن ألوين في تموز/ يوليو في موقع على مشارف مشروع مصفاة جيزان.

أشارت كارين إلى أنه وقع حذف جميع الصور ومقاطع الفيديو والرسائل اعتبارًا من 23 حزيران/يونيو، وهو اليوم الذي نُقل فيه إلى المستشفى، من هاتف ويتشر المحمول، الذي تمت إعادته. وعندما قيل لها إن رد شركة أرامكو السعودية على المزاعم هو أنها “تصرفت برأفة على الدوام”، ضحكت بحزن. من جهتها، أفادت الشركة أنها ترفض أية ادّعاءات تشير إلى أنها حذفت أية مادة من هاتفه في أي وقت كان.

أخبر محامون في جنوب إفريقيا كارين أن احتمالية اتخاذ إجراءات قانونية ناجحة ضد أرامكو السعودية معدومة، حيث واجه مغتربون آخرون، ممن حاولوا السعي وراء إجراءات مماثلة، بما في ذلك محاولة تعيين محامين في المملكة، المشكلة ذاتها. في هذا الإطار، قالت كارين إنه “لا يمكنك مجابهة هؤلاء الأشخاص، نظرا لأن ذلك يعدّ بمثابة مواجهة الحكومة السعودية، أي العائلة المالكة، ما يعني أنه لا أهمية لما قد تقوله”.

صوّر ابن أخ كارين، الذي يعمل في جيزان أيضًا، فيديو مدته 12 ثانية لنهاية دفن ويتشر، حيث يُظهر موقعًا رمليًا مغطى بعلامات إطارات، يقول الموظفون الحاليون إنه وقع تخصيصه لغير المسلمين الذين ماتوا بسبب فيروس كوفيد-19. وتخشى كارين من ألا تكون العائلة قادرة على تحديد مكان القبر في المستقبل، على الرغم من أن الشركة تزعم أنه وقع تسجيل إحداثيات مكان الدفن في المقبرة. 

في هذا الشأن أوردت كارين قائلة: “لم يطلعوني أو أي أحد في العائلة عليها”. وفي ذلك الفيديو، قال أحد الرجال: “نحمد الله على إخواننا في السعودية وأرامكو السعودية على الدعم الذي قدموه لنا، آمين”. في المقابل، ردّت كارين قائلة: “تبدو كمزحة عقيمة، لم يقدموا لنا أي دعم على الإطلاق”.

المصدر: فاينانشال تايمز