اغتيال الحصائري يؤكد عمق أزمة الأمن في العاصمة الليبية

استيقظ الليبيون صباح أمس الثلاثاء على خبر اغتيال الناشطة انتصار حسين الحصائري، مما أثار حالة واسعة من الحزن والصدمة الممزوجة بالغضب، وعشرات الأسئلة الحائرة بحثًا عن أسباب اغتيال هذه الشابة بعد تعرضها لتهديدات، والتي كانت تملأ الدنيا نشاطًا وحيوية.
اغتيال الناشطة السياسية انتصار الحصائري في طرابلس الإثنين 23 فبراير 2015، لم يكن الأول، سبقتها الناشطة الحقوقية سلوى بوقعيقيص في 25 يونيو الماضي في منزلها في مدينة بنغازي، وتلتها في 17 يوليو فريحة البركاوي العضوة السابق في المؤتمر الوطني، بالرصاص أيضًا في سيارتها في مدينة درنة، شرق ليبيا، والصحفية نصيب ميلود كرفانة التي اُغتِيلت ذبحًا في مدينة سبها في 29 مايو 2014.
انتصار حسين الحصائري، (35عامًا)، مقيمة في العاصمة (طرابلس)، درست القانون وتخرَّجت في أكاديمية الدراسات العليا الليبية عام 2010، وقد أعلن مصدر أمني أن الناشطة الليبية قد اغتيلت رميًا بالرصاص وعثر على جثتها وجثة قريبة لها في صندوق سيارتها في طرابلس.
وعقب الإعلان عن عملية الاغتيال، نددت حكومة طبرق التي يعترف بها المجتمع الدولي باغتيال الحصائري التي اعتبرتها مدافعة عن حقوق الانسان، وقالت الحكومة، التي يترأسها عبد الله الثني، في بيان إن “هذا العمل هو دليل واضح على أن طرابلس غير آمنة وتحت تهديد الإرهاب”.
وانتصار هي من الأعضاء المؤسِّسين لنادي الكتاب للقراءة في طرابلس “النواة الأولى”، وهو نادٍ يشجِّع على القراءة ويحفِّز على المعرفة، كما ساهمت في تأسيس حركة “تنوير” المهتمة بنشر ثقافة القراءة وصناعة الوعي المجتمعي في ليبيا.
وشاركت في التظاهرة الرافضة لتمديد ولاية المؤتمر الوطني العام “لا للتمديد” في 2-7-2014، كما شاركت في عدد من التظاهرات المطالِبة بتفعيل مؤسستي الجيش والشرطة في ليبيا، وساهمت مع عدد من النشطاء في تظاهرات مطالِبة بعودة الاستقرار للعاصمة، وشاركت كذلك في تقديم ورش عمل تعنى بمفهوم التعايش والتسامح.
حركة تنوير
تأسَّست حركة تنوير للثقافة والفنون في يناير العام 2013 وهي حركة مدنية ليبية اجتماعية ثقافية توعوية لا تعنى بالسياسة، كانت انتصار الحصائري من مؤسسي الحركة وسعت مع الفريق لتحقق أهدافها، منها التشجيع على الإبداع والابتكار وتنمية التفكير والثقافة والارتقاء بالحسِّ الجمالي والفني والإنساني في ليبيا وترسيخ ثقافة التسامح وقبول الآخر وثقافة العلم والبحث العلمي ونبذ العنف اللفظي والجسدي والسعي لتحقيق حقوق الإنسان وتعزيز دور المجتمع المدني، والمساهمة في تشكيل هوية ليبية واحدة تذوب فيها جميع الفوارق العرقية والمذهبية والفكرية.
عملت انتصار ضمن فريق تنوير وكانت المسؤول عن الجانب التنظيمي للمهرجان الخاص بتصنيف الكتب ونقلها من المخازن إلى مقرِّ المهرجان، وبحسب شهادة رئيس حركة تنوير، في ذلك الوقت نهلة العربي، كانت انتصار تعمل لوقت متأخر بداخل الخيم التي تم استعمالها كمخازن للكتب، وتغادر المكان بعد الجميع حرصًا منها على المحافظة على الكتب وترتيب كل منها حسب التصنيف ونقل ما سيتم بيعه في اليوم التالي، وفي محاولة لشكرها قامت إدارة حركة تنوير بكتابة منشور بالصفحة الخاصة للمهرجان، فردَّت انتصار وكتبت تعليقًا واحدًا على هذا الشكر قائلة: “متشكرونيش .. هذا واجبي .. والنجاح كان بسبب مجهود كل واحد في الفريق”.
قدَّمت انتصار خلال وجودها في حركة تنوير كثيرًا من الأفكار لمشاريع ثقافية، وسعت لنقل المهرجان إلى مدن أخرى ليبية، وطالبت بتكريم متطوعي مهرجان الكتب المستعملة، كل مَن عمل لمدة ثلاثة أيام في ظروف صعبة يعمل على قدم وساق بدافع الحب وتقديم المساعدة والمساهمة في المشاريع الثقافية والخيرية التي من شأنها أنْ تنهض بليبيا وتساعد في عملية بنائها من جديد بعد حرب ثورة فبراير.
واستمر نشاط انتصار مع حركة تنوير بعد المهرجان ليشمل العمل على تنظيم مجموعة من النشاطات الثقافية منها لقاء للفن الساخر أو “ستاند أب كوميدي” وورشة حول فن الكوميكس والمانغا أُقيم خلال شهر رمضان العام 2013.
وساهمت مع تنوير في تنظيم كثير من ورش العمل العام 2014 منها ورشة “علم الاجتماع” في يونيو، وتقديم مجموعة من المحاضرات الفكرية بشكل أسبوعي في بيت النويجي في مدينة طرابلس منها محاضرة حول “مفهوم الهوية” ومحاضرة “مفهوم الدولة المدنية .. تعريفها، متطلباتها، أدواتها” ومحاضرة أخرى حول “علماء غيَّروا مجرى التاريخ” ومحاضرة عن “وظيفة المستنير وأخلاقيات المستنير” في مايو.
المصدر: الوسط