ما الذي أرادته السعودية من المجتمع الدولي بشأن سوريا؟

أثبتت الوثائق المسربة من الخارجية السعودية ورئاسة الاستخبارات السعودية عن اتصالات عديدة تمت بين السعودية ودول العالم فيما يخص الشأن السوري، وذلك في السنة الأولى من الثورة السورية وهي الفترة التي تغطيها الوثائق المسربة، ومن أهم هذه الاتصالات التي كشفت عنها تلك التسريبات:
المشاورات غير الرسمية في العقبة
في وثيقة بتاريخ 21/ 6/ 1433 هجري الموافق 12/ 5/ 2012 ميلادي وتحت توقيع سري، تذكر الوثيقة لقاءً تشاوريًا غير رسمي دعا إليه ملك الأردن عبد الله الثاني في مدينة العقبة الأردنية في الفترة من 3 – 5 مايو 2012 وضم وزراء خارجية الإمارات والبحرين وروسيا ورئيس الوزراء الفلسطيني ومستشار ملك المغرب وتوني بلير واشتون ووكيل وزيرة الخارجية الأمريكية وعضوي الكونغرس الأمريكي جون كيري وجون مكين، وتذكر الوثيقة اتفاق المجتمعين على أن الأوضاع في سوريا تتدهور وأن المعارضة لم تتوحد في قيادتها الداخلية والخارجية، وأن الانشقاقات في الجيش السوري لم تؤثر على تماسكه وأن الروس متمسكون برفض أي قرار من مجلس الأمن تجاه سوريا، ويرى المجتمعون أنه كلما طال الوقت سيكون الوضع أكثر تعقيدًا وربما سيتمكن النظام من إخماد الثورة.
والجدير بالذكر أن هذا الاجتماع المذكور في الوثيقة كان بعد تشكيل المجلس الوطني السوري بسبعة أشهر.
روسيا تقدر جهود السعودية وحرصها على الوضع في سوريا
وفي وثيقة سرية من سفارة السعودية في موسكو إلى الخارجية السعودية بتاريخ 16/ 3/ 1433 هجري الموافق 8/ 2/ 2012، يطلع السفير السعودي الخارجية على لقاء تم بينه وبين نائب وزير الخارجية الروسي بغدانوف، أطلعه فيه الأخير على زيارة وزير الخارجية الروسي ورئيس الاستخبارات إلى سوريا، وقد أشاد بغدانوف حسب الوثيقة بجهود السعودية وحرصها على الوضع في سوريا مع تقدير موقف المملكة والاهتمام بالتنسيق المشترك بين روسيا والمملكة في المواقف وأن يبقى الوضع السوري تحت مظلة الجامعة العربية والحل العربي، وقد أطلع بغدانوف السفير السعودي على مجريات الزيارة وتفاصيلها حسب الوثيقة.
السعودية مهتمة بحقوق ووضع الأقليات في سوريا وموقفهم من الثورة
أظهرت الوثائق المسربة اهتمامًا سعوديًا واضحًا بوضع الأقليات في سوريا، حيث ذكرت وثيقة مسربة من رئيس الإدارة العامة للدول الأوربية في الخارجية السعودية أنه التقى السفير الفرنسي في الرياض وأن الحكومة الفرنسية تقترح على السعودية إصدار بيان يشير إلى وقوف المملكة إلى جانب الأقليات الدينية والعرقية في سوريا في مرحلة ما بعد نظام بشار الأسد، وتذكر الوثيقة أن السفير الفرنسي عاود الاتصال مجددًا مُذكرًا بضرورة دعم السعودية للأقليات وأنه – أي المسؤول في الخارجية السعودية – أبلغه بأن المقترح الفرنسي تحت الإجراء وسيُتخذ الإجراء المناسب في حينه.
وفي وثيقة سرية أخرى موجهة من الخارجية السعودية إلى الملك السعودي يعرض فيها وزير الخارجية على الملك أنه أرسل سفيرًا لمقابلة وزير خارجية الفاتيكان وأبلغهم أن السعودية حريصة على حقوق الأقليات في سوريا وأنهم لن يقبلوا أن تتعرض الأقليات في سوريا لأي إجراءات انتقامية، وقد حث السفير السعودي الفاتيكان على تشجيع المسيحيين على دعم حراك الشعب السوري وطمأنتهم، كما ذكرت الوثيقة.
وفي وثيقة أخرى مسربة يعرض أسامة نقلي رئيس الدائرة الإعلامية في الخارجية السعودية على وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، إرسال برقية إلى وزير الثقافة والإعلام السعودي لحث وسائل الإعلام والصحف المحلية السعودية على توضيح أن سياسة المملكة هي دعم السوريين بكل شرائحهم وأنهم لا يدعمون عرقيات على حساب عرقيات أخرى، مع وجود تعليق على المقترح بخط اليد بعبارة ترسل لمعاليه.