ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
بسبب قيادتها للعمليات الجوية ضمن حملة عاصفة الحزم، التي انطلقت في مارس الماضي في اليمن، وازدياد تعقيد هذا الصراع بما يمثله من تهديد للحدود بين البلدين، يبدو أن المملكة العربية السعودية أصبحت هدفًا معلنًا لعمليات تنظيم داعش، وقد تأكد ذلك خاصة بعد إحباط الهجمات المسلحة التي كان من المفترض أن يقوم بها سعوديون بتخطيط خارجي.
وقد أصدرت وزارة الداخلية السعودية يوم السبت الماضي بيانًا، أعلنت فيه عن تفكيك خلية تابعة لتنظيم داعش، واعتقال 431 شخصًا من المتورطين، أغلبهم سعوديين، كما أكدت أن الهجمات التي تم إحباطها تستهدف مساجد ومقرات دبلوماسية، لم يتم الكشف عنها بالتحديد، وقد قتل خلال هذه المداهمات أكثر من 37 شخصًا، وهي حملة ضخمة تأتي بعد تفجيرات الرياض، الذي تبناها تنظيم أبو بكر البغدادي.
ويذكر أنه في شهر مايو المنقضي وقع هجومان انتحاريان خلال صلاة الجمعة، في مساجد يؤمها المصلون الشيعة، في مدينتي القطيف والدمام في المحافظة الشرقية، ما أدى لسقوط 25 قتيلاً، كما تبنى التنظيم تفجيرًا في مسبوق في مسجد شيعي في الكويت أدى لسقوط 26 قتيلاً.
سيناريو تم التحضير له من خارج البلاد
وقد أوضحت السلطات السعودية أن الشبكات الإرهابية التي تم تفكيكها متكونة من خلايا صغيرة نائمة، بصدد التحضير لتنفيذ مخطط تم إعداده خارج البلاد، ويهدف إلى نشر الفتنة والخلافات الطائفية في المملكة.
كما أن هذه الفترة ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها المملكة إلى هذا الخطر الأمني، باعتبار سلسلة الهجمات التي قام تنظيم القاعدة بشنها بين 2003 و2006 والتي تصدت لها المملكة بنجاح، ما دفع بالمقاتلين الناجين إلى اللجوء إلى اليمن لتكوين ما يسمى اليوم “بتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية”.
ويتبع تنظيم داعش إستراتيجية مزدوجة، تهدف إلى ضرب مواقع الأجهزة الأمنية السعودية وتهديد البعثات الديبلوماسية، كما كان يفعل تنظيم القاعدة خلال سنوات الألفين، ومهاجمة المساجد الشيعية لتأجيج الفتنة المذهبية ودفع هذه الأقلية للتطرف والتمرد بتعلة أن النظام لم يقم بحمايتها.
وبهذه الإستراتيجية الخبيثة والدموية، أثبت تنظيم داعش أنه أخطر من تنظيم القاعدة، خاصة وأن العراق الذي يسيطر داعش على قرابة ثلث مساحته، له حدود مشتركة مع المملكة تمتد على آلاف الكيلومترات وتستحيل مراقبتها بنجاعة، وقد تم استهداف الأمير محمد نايف، وزير الخارجية وولي العهد، في العديد من المرات ونجا بأعجوبة من عملية في سنة 2009 كادت أن تودي بحياته.
هذا التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة اليوم يأتي في وقت حساس بالنسبة للعربية السعودية المهتمة كليًا بالوضع في اليمن وبالاتفاق النووي الإيراني، فقد أصبحت اليمن مصدر قلق كبير للمملكة، فرغم الانتصارات الجزئية التي تحققها القوات النظامية بفضل الإسناد الجوي من التحالف العربي ضمن عاصفة الحزم، فإن محافظتي نجران وعسير الحدوديتين، واللتان كانتا في السابق يمنيتان قبل أن تضمهما السعودية، بدأتا بالتململ.
لقاء مع حماس
في مواجهة الخطر الإيراني، دفع القلق بالمسؤولين السعوديين إلى السعي لتأسيس جبهة سنية موحدة، يوم الجمعة الماضي، أجرى الملك سلمان اتصالاً هاتفيًا مع القيادي في حركة حماس خالد مشعل، وهي محادثة لم يكن أحد ليفكر في حدوثها في عهد الملك الراحل عبد الله، الذي وضع حركة حماس والإخوان المسلمين عمومًا ضمن لائحة التنظيمات الإرهابية، ولهذا فإن التطورات الأخيرة تعتبر تحولاً بارزًا، بالنسبة لموقف النظام السعودي، الذي كان لوقت قريب يرى في الإخوان المسلمين المنافس الأخطر على مركز ريادة العالم الإسلامي، وقد كان الأمير نايف قد وصف الإخوان المسلمين بأنهم “مصدر كل المشاكل التي يعيشها العالم العربي”.
ويبدو أن ردة فعل أعداء هذا التحالف السني لم تتأخر، فقد وقعت خمسة تفجيرات متزامنة في قطاع غزة يوم الأحد الماضي، أدت لتدمير سيارات تابعة لقياديين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ورغم أن هذه التفجيرات لم تسفر عن وقوع ضحايا، فأنها تعد تحذيرًا جديًا.
المصدر: صحيفة ليبراسيون الفرنسية