توفي الناشط الإعلامي والمصور الصحفي السوري خالد العيسى، متأثرًا بجروحه التي أصيب بها قبل أسبوع جراء انفجار عبوة ناسفة استهدفته مع الإعلامي هادي العبد الله في مدينة حلب، وذلك بعدما نقل إلى إحدى المستشفيات التركية ولكنهم لم يستطيعوا علاج الإصابات الخطيرة التي نتجت عن الانفجار.
فيما أكد نشطاء سوريون تحسّن الحالة الصحية لزميله الناشط هادي العبد الله، الذي أصيب في الانفجار نفسه، وجدير بالذكر أن هادي العبد الله وخالد العيسى أصيبا بجروح متوسطة قبل ذلك جراء قصف للنظام على حلب، قبل أن يُستهدفا بعبوة ناسفة بعد يومين فقط من إصابتهما الأولى.
هذا وقد كان من المفترض أن ينقل خالد العيسى إلى ألمانيا لتلقي العلاج هناك، حيث قاد نشطاء سوريون حملة طالبوا السلطات الألمانية فيها بمنح العيسى تأشيرة دخول لتلقي العلاج، حيث إن فرص نجاح علاجه بالمستشفيات التركية انعدمت في فترته الأخيرة، إلا أن القدر قد سبق وتوفي متأثرًا بجروحه الخطيرة قبل منتصف الليل.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية، قد قالت، يوم الخميس الماضي، إن عيسى سيتم إرساله إلى ألمانيا لتلقي العلاج.
وفي تصريحات هاتفية، قالت المسؤولة لوكالة الأنباء الألمانية “نحن واثقون من أن الإخلاء الطبي (إلى ألمانيا) يمكن أن يحدث قريبًا، إذا كانت حالة المريض تسمح بنقله”، مضيفة أن الادعاءات عن رفض تأشيرة عيسى خاطئة.
العيسى من مواليد مدينة كفرنبل في ريف إدلب وعمره 24 عامًا، كان يرافق الإعلامي هادي العبد الله في تغطيات ميدانية عدة، وفي أكثر المعارك والمناطق خطورة، فهو أحد الذين فضلوا أن يكتبوا عن الانتهاكات والجرائم التي تحدث بحق الشعب السوري من داخل أراضي سوريا، رغم تمكنه من الخروج، لكنه فضل البقاء مستخدمًا كاميرا ومايكروفون ليحدث العالم عن طريقهما.
لقد كان العيسى من بين أول من نزلوا إلى الشوارع من السوريين في مدينة حلب، خلال الثورة السورية للمطالبة بالحرية في مواجهة نظام بشار الأسد في مارس من العام 2011، وظل في ميدان الثورة رغم تقلباته لقرابة 5 سنوات، رافضًا أن ينزح خاصة رغم الخطورة التي يتعرض لها الصحفيون في سوريا.
العمل الذي كان يقوم به العيسى كناشط إعلامي ميداني لا يتخيل صعوبته أحد إلا بعد أن يقرأ توثيق المركز السوري للحريات الصحفية، التابع لرابطة الصحفيين السوريين، الذي وثق الانتهاكات التي وقعت بحق الصحفيين خلال الثورة السورية قبل عام من الآن وقدرها بـ485 انتهاكًا، منها 282 حالة قتل، و111 حالة اعتقال، قضي 22 منهم تحت التعذيب، وبلغ عدد الجرحى الإعلاميين 59 حالة، كما تم تعرضت 31 مؤسسة ووسيلة مركز إعلامي لاعتداءات مختلفة من قبل جميع الأطراف المتحاربة.
فلم يكن العيسى أول من قُتل لنقله الحقيقة، لكن له من الذكريات مع أبناء الثورة السورية جعلت الجميع يرثيه، حيث امتلأت صفحات النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي بصور عيسى، معتبرين أن بطلًا جديدًا لنقل الحقيقة قد مات.
كما كان للعيسى دور كبير في مدينة كفرنبل التي انخرطت في الثورة منذ الأيام الأولى، عندما خطت كتابات على قبة جامع كفرنبل الكبير، والملاحظ وقتها أنها لم تكن كتابات خجولة كغيرها في بداية الثورة، بل طالبت بإسقاط بشار الأسد فورًا، ثم بعد ذلك انتشرت أحاديث في المدينة عن ضرورة التظاهر، وبالفعل خرجت أول مظاهرة في كفرنبل بتاريخ 1-4-2011.
وقد بدأت مدينة العيسى كفرنبل في استخدام أساليب مبدعة في إيصال رسائل الثورة السورية إلى العالم باستخدام لافتات تعبر عن الواقع السوري بلغات عالمية عدة، مستخدمين فن الكاريكتير ورسومات فناني كفرنبل، ولا يستطيع أحد إغفال دور المصور الصحفي والناشط خالد العيسى في إبراز هذه الأساليب المبدعة في الاحتجاج.