وقف قادة أمريكا الشمالية يتصافحون ليأكدوا عمق العلاقة التي تربط بلدانهم بعضها ببعض ويعدوا شعوبهم بعلاقات أمتن وبسياسات انفتاحية أكثر، تأتي هذه القمة عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد غلبة من يريدون الخروج على من يفضلون البقاء في الاتحاد، وصعود تيار اليمين في بلدان عديدة حول العالم يحمل لواء الانعزالية والحمائية ويشجع سياسات الإنغلاق ويقف ضد اتفاقيات التجارة الحرة، فبعد خروج بريطانيا صرحت جهات عديدة مثل إيرلندا واسكتلندا وهولندا برغبتها في الانفصال وعمل استفتاءات شعبية.
وفي الوقت الذي يصافح الرئيس أوباما كل من الرئيس المكسيكي أنريكو والكندي جوستن ترودو يخاطب الرئيس الأمريكي المرشح عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة دونالد ترامب حامل رابة الانعزالية والإغلاق إلى البلاد حيث يعد في حال وصوله للبيت الأبيض أن يغلق الحدود ويعيد صياغة اتفاقيات التجارة الحرة ويطرد المهاجرين ولا يستقبل اللاجئين ويحارب كل من يقف بصالح الولايات المتحدة وفي مقدمتها الصين.
ويضع في أولى أولوياته إعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة المعقودة منذ عقود بين دول المنطقة في أمريكا. حيث انتقد ترامب يوم الثلاثاء الماضي أثناء خطابه في ولاية بنسلفانيا اتفاقية “نافتا” وهي منطقة التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا التي تمثل أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي في العالم، حيث صرح قائلًا: ” سأطلب من شركاء نافتا إعادة التفاوض على الشروط فورًا للحصول على اتفاق أفضل بكثير لصالح البلاد” وأضاف “إذا رفضت كل من المكسيك وكندا الشروط الجديدة فإن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاقية”.
اتفاقية التجارة الحرة “نافتا”
اتفاقية تجارة حرة تتضمن إنشاء منطقة تجارية حرة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك تم توقيعها في العام 1992 وأصبحت سارية المفعول في 1994 وتتشابه أهداف الاتفاقية نوعًا ما مع أهداف الاتحاد الأوروبي، وبعد تحقيق اقتصاد قوي بين الدول الأعضاء توجه كامل طاقاتها لمنافسة الكتل الأخرى الكبيرة حول العالم كالاتحاد الأوروبي.
أوباما يرد على ترامب
الرئيس الأمريكي أوباما وبعد عقد لقاءات تشاورية مع كل من الزعماء الكندي والمكسيكي قال للصحفيين أن الخطابات التي يدلي بها ترامب والتي يصفها البعض أنها تكسبه مزيدًا من الشعبية في الولايات المتحدة، في حقيقة الأمر هي ليست كذلك بل هي مثيرة “للسخرية” على حد وصف أوباما وهي تزيد مشاعر الكراهية ضد المهاجرين وتهدم قيم التعايش السلمي في الولايات المتحدة الذي يتشكل من نسيج من المهاجرين المتعايشين استطاعوا بناء البلاد وإثرائها بخبراتهم وإبداعاتهم وجعلها تتربع في قمة العالم، كما إن ترامب ومن خلال خطاباته المحرضة تلك يثير الجدل في أوساط الناس وتطرح تساؤلات كثيرة ليست من طبيعة المواطن الأمريكي أن يطرحها مثل كراهية الأجانب والعنصرية، وكل هذا يندرج تحت أساليب لكسب الأصوات والفوز في الانتخابات.
وقال الرئيس الأمريكي أن أمريكا هي أمة المهاجرين وهذا ما منحها القوة والازدهار من خلال اجتذاب الحالمين والمبدعين والموهوبين من جميع أنحاء العالم للعيش في أمريكا وتهيئة الظروف لهم للإبداع وهذا ما ميزها خلال كل تلك العقود فمن غير الممكن أن يأتي شخص ويغير من ملامح البلاد باتجاه الأسوأ.
وأضاف أن العالم يشهد اليوم مخاوف كبيرة من العولمة فاندماج الاقتصاديات العالمية وتنامي مشاعر الحقد وعدم المساواة والركود في الاقتصاد والانخفاض في معدلات الأجور يفاقم من الأزمة أكثر، والحل لا يكمن بالانكفاء وتطبيق سياسات حمائية وانعزالية في كل بلد حول العالم، فالانسحاب والتراجع والإنغلاق على الذات ومنع الآخرين من الدخول وعدم التحلي بالمونة الكافية وحرية الحركة يسهم في تعزيز مشاعر الكراهية وعدم المساواة من جهة ومفاقمة الأزمة الاقتصادية مع ركود الأجور وانكماش في الاقتصاد من جهة أخرى، فالدواء ليس في الانعزالية كما يقول أوباما فهذا الإجراء من شأنه أن يزيد من فقدان الوظائف وارتفاع في أسعار السلع والركود.
وذهاب العالم باتجاه تطبيق هذه السياسات سيؤدي حتمًا لتضرر البلاد في كل المجالات وسيقود العالم إلى أزمات كبيرة يصعب التخلص منها بالأمور التقليدية.