الزهايمر ببساطة هو المرض الذي يعرف فيه المريض بأنه سيفقد عقله تدريجيًا بمرور الوقت، والذي يتحمل فيه أهل المريض أو الرعاية الطبية حمل الاهتمام والعناية بالمريض، على الرغم من معرفتهم أنهم لن يتم التعرف عليهم من قِبل المريض في غضون شهور قليلة من إصابته بالمرض.
يحتل الزهايمر المرتبة السادسة في قائمة أكثر الأسباب الشائعة للموت في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يعاني فيها على الأقل ما يقرب من 5.4 مليون شخص من مرض الزهايمر حاليًا، كما أنه من المتوقع أن يصل ذلك الرقم إلى 13.8 مليون مريض بحلول عام 2050، كما أنه من المتوقع كذلك أن يكون الزهايمر هو السبب في إفلاس مراكز الرعاية الطبية إن لم يتم إيجاد حل أو علاج له في غضون الثلاثة عقود القادمة.
على الرغم من عدم تحديد سبب مرض الزهايمر حتى الآن، إلا أنه اكتشف العلماء حدوث إضطراب عصبي في الخلايا الدماغية وتلف العديد منها عند معظم مرضى الزهايمر، حيث تتلف خلايا المخ تدريجيًا، نتيجة لنقص بعض المواد الكيميائية التي يتم إفرازها في الدماغ، كما اكتشف العلماء في دراسة حديثة مجموعة من لويحات تسمى لويحات الأميلويد بيتا، وهي نوع من أنواع البروتين، والتي تتراكم على خلايا المخ، وتؤدي إلى قطع الوصلات العصبية بين الخلايا وبعضها، مما يؤدي إلى نقص الغذاء الواصل للخلايا، فيؤدي ذلك بالتبعية إلى موت الخلايا بالتدريج.
مرض الزهايمر هو فشل في وظائف المخ، وهو مرض عضوي بحت، حيث تموت فيه خلايا المخ، كما يحدث بالضبط في فشل الكبد أو الكلية، فيمكن لخلايا المخ كذلك أن تموت وتتلف، وينتج عنها موت المريض، وهو يصيب في العادة كل من يزيد عمره عن الخامسة والستين سنة، وتزداد نسبته بتقدم عمر الإنسان.
صورة توضح الفرق بين الخلايا العصبية الدماغية الطبيعية والخلايا الميتة بعد تراكم لويحات الأميلويد بيتا عليها.
يمكن تقسيم أعراض الزهايمر إلى أربع مجموعات:
المجموعة الأولى هي الأعراض المعرفية :
وهي الأعراض التي تصيب وظائف المخ المعرفية، يعد أشهرها على الإطلاق هو اضطراب الذاكرة، يبدأ فيه المريض في نسيان الأحداث القريبة، مثل الأحداث الواقعة في آخر أيام أو شهور أو بضعة سنوات للمريض، أما الذكريات البعيدة فلا تفقد عادة من ذاكرة المريض إلا بعد مرور من 10 إلى 15 سنة من وجود المرض، يجب الذكر أن مرض الزهايمر لا يختص فقط بفقدان الذاكرة، ولكن يصيب كل القدرات المعرفية لدماغ الإنسان، كالقدرة على حل المشاكل، الإنتباه والتركيز، القدرة على اتخاذ القرارات، والقدرة على التخطيط.
المجموعة الثانية: اضطراب في الأنشطة اليومية
تحدث عندما لا يستطيع المريض القيام بأنشطته اليومية، كالأكل والشرب، عدم قدرته على فتح الأشياء، عدم قدرته على الطبخ، عدم قدرته على استخدام الأجهزة الإلكترونية إن كان معتاد على استخدامها.
المجموعة الثالثة: هي ظهور الأعراض النفسية الغريبة
يعد الشك هو من أهم الأعراض الغريبة التي تظهر على مريض الزهايمر، فيبدأ يشك في كل من حوله ويشعر بأنهم سيأذونه، أو سيسرقون ماله، أو سيقومون بفعل مشين تجاهه، كما ظهرت على بعض الحالات التي تتم الدراسات العلمية عليها اضطراب في النوم، فيمكن له أن ينام طوال النهار ويسهر طوال الليل، كما أن الخروج من المنزل ليلًا والصراخ ليلًا هو من ضمن الأعراض الغريبة لدى مريض الزهايمر، كما أن هناك من يصيبهم فقدان القدرة على التحكم في التبول، فيمكن له أن يتبول في الأماكن العامة وذلك لعدم اهتمامه بفعل هذا الفعل أمام الناس.
المجموعة الرابعة: اضطراب في الشخصية والوظائف الحركية
يصاب مريض الزهايمر باضطراب المشاعر نتيجة لاضطراب وتلف خلايا المخ، فتجده في حالات مختلفة من الحزن والكآبة والصراخ والبكاء والتوتر، وأحيانًا يميلون إلى العصبية المفرطة واستخدام المسبات والشتائم بطريقة مستمرة بطريقة غير معتادة، كما من الممكن في حالات كثيرة أن يصاب المريض باضطراب إداركي بالإضافة إلى اضطراب المشاعر، فيمكنه أن يسمع أصوات لا يسمعها أحد، أو يتخيل أشخاص غير موجودين، كما يصاحب ذلك في الحالات المتقدمة اضطراب حركي، فيمكن أن يفقد القدرة على الكلام وبلع الطعام.
صورة توضح الفرق بين عقل سليم، وعقل مصاب بالزهايمر
طفرة في الطب: علاج الزهايمر الجديد
كان الزهايمر ومازال حتى وقت قريب هو المرض الذي لا علاج له في الطب، وينتهي بالمريض في فراش الموت بعد ان يمر المريض بالأربع مجموعات السابقة، إلا أنه اكتشف العلماء وسيلة علاجية لمرض الزهايمرحديثًا، وهو ما يسميه الأطباء بالطفرة في الطب عندما يجد الأطباء حلًا لمرض عجز الطب لعقود لإيجاد حل له، وكانت الطفرة اسمها ” ميند” ” MEND” ، وهو اختصار لجملة ” تعزيز عملية الأيض الخاصة بتجديد الخلايا العصبية في الدماغ”.
لا يعتبر ” ميند” هو علاج محدد لمرض الزهايمر، بل هو نظام تم تجربته على العديد من المرضى صاحبي المرض لمدة عشر سنوات، وذلك النظام هو عبارة عن نظام غذائي معين، مع الكثير من التمرينات الرياضية، وتنظيم لفترات النوم، مع تدخل بعض الأدوية العصبية، وتحفيز لخلايا الدماغ باستخدام الكهرباء، وصف العلماء ذلك النظام بأنه نظام رادم الثغرات، فقد وصف العلماء الزهايمر وكأنه مرض يحدث ثقوب في الدماغ وفي وظائف المخ، ويأتي ” ميند” ليغطي تلك الثقوب ويملأها،.
في متابعة للمرضى الملتزمين بنظام ” ميند” الجديد، فظهرت نتائج إيجابية على المرضى بعد اتباعهم نظام ” ميند”، حيث استعاد أحد المرضى ذاكرته بعد أن كانت قدرته على تذكر الأحداث الماضية القريبة 3 % لترتفع بعد اتباع نظام ” ميند” إلى 83 %، كما استطاع المريض الرجوع إلى عمله بعد أن تحسنت قدراته على الانتباه والتركيز والتخطيط.
لا يعد ” ميند” هو الحل الأوحد أو الأخير للزهايمر، ولا يعد طريقة فعالة لإنهاء الزهايمر كليًا، إلا أنه يعمل كما وصفه العلماء، عمل رادم الثغرات، ويقلل من الأعراض الفتاكة للمرض، ويساعد المريض على الحفاظ على قدراته الإدراكية والمعرفية قدر الإمكان.