أدت الحكومة الأردنية الجديدة الشهر الماضي يونيو/ حزيران اليمين الدستورية، مولية الشأن الاقتصادي اهتمامًا كبيرًا بشكل خاص، فالحكومة الحالية ورثت تركة ثقيلة من الحكومة السابقة قوامها الفقر والبطالة في المجتمع وانخفاض في معدلات النمو ومعدلات التصدير وارتفاع الدين العام والعجز التجاري.
يرى مراقبون أن الحكومة الجديدة تواجه ملفات معقدة من المفترض أن توجد حلولاً لها في أقرب وقت قبل أن تتطور وتصبح عصية على الحل وتؤدي إلى اضطرابات على مستوى الشارع الأردني، ومن أبرز تلك الملفات التي تخص الشأن الاقتصادي، ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والمفاوضات مع بعثة صندوق النقد الدولي.
شروط صندوق النقد الدولي ومصالحة الحكومة معها
اشترطت بعثة صندوق النقد الدولي 38 شرطًا لتساعد الأردن، من أبرزها رفع الدعم عن العديد من السلع والخدمات الأساسية وإعادة النظر في الضرائب والرسوم، حيث ركزت الشروط على زيادة إيرادات خزينة الدولة من الضرائب من خلال إعادة النظر في قانون ضريبة الدخل وتخفيض الشرائح المشمولة بالإعفاءات الضريبية والتقدم باتجاه فرض الضريبة التصاعدية، ورفع الأعباء التي تتحملها الحكومة في دعم أسعار السلع والخدمات الرئيسية كالمياه والكهرباء، حيث اشترط الصندوق رفع الدعم عنها بالكامل، علمًا أن برنامج صندوق النقد الدولي أشرف على برنامج في الأردن لتحفيز النمو خلال السنوات الثلاث الماضية ومع ذلك لم يتجاوز النمو حاجز 2.5%، ومن شروط الصندوق خفض الدين العام المقدر حاليًا بنسبة 92% من الناتج المحلي الإجمالي ليصل عند نهاية البرنامج إلى 70% من الناتج المحلي الإجمالي وخفض العجز في الموازنة، ويشترط صندوق النقد أيضًا حوكمة الإدارة العامة وتوسيع مشاركة المرأة في النشاطات الاقتصادية المختلفة والتي لا تزيد حاليًا عن 14% من قوة العمل حسب الإحصائيات الرسمية.
علمًا أن الحكومة الأردنية سواء الحالية أو السابقة غير قادرة على التصالح مع هذه الشروط لما تمثله من تهييج الشارع العام عليها مع إصرارها على الاستمرار في المفاوضات إلى آخر الطريق والحصول على القروض من صندوق النقد الدولي.
الأرقام لا تبشر بخير!
أظهر تقرير لوزارة المالية في شهر نيسان/ أبريل الماضي ارتفاع إجمالي الدين العام في الأدرن نهاية مارس/ آذار الماضي إلى 25.36 مليار دينار أي ما يعادل 35.4 مليار دولار تقريبًا مرتفعًا بنحو 196.1 مليون دينار أو ما يعادل 701 مليون دولار عن مستواه في نهاية العام الماضي.
ارتفاع معدلات البطالة ورفع مستوى التشغيل العام في الأردن لا يعد وليد اليوم أو البارحة ولم تتسبب الحكومة السابقة بكل البطالة إنما الاقتصاد الأردني يعاني من حالة شبه مزمنة للبطالة منذ سنوات، لعلها زادت بالعبء الكبير الذي تتحمله الدولة من استقبال اللاجئين السوريين، إلا أن الأسباب الرئيسية التي أدت لمفاقمة أزمة البطالة لا تزال قائمة ولم تعالج، فنضج قرارات الاستثمار التي تشجع القطاع الخاص للقدوم والاستثمار في الأردن لا تزال دون المستوى المطلوب، وهذا يفرض على الحكومة الأردنية الجديدة طرح أجندة جديدة في هذا السياق لإعادة ترميم الثقة مع المستثمر وفعاليات القطاع الخاص، فضلاً عن محاربة الفساد والبيروقراطية وتسريع الإجراءات.
تظهر البيانات الصادرة عن هيئة الإحصاء أن معدل البطالة في الأردن ارتفع خلال الربع الأول من العام الجاري إلى نحو 14.6% مقابل 13.1% عن الفترة نفسها في العام الماضي.
الخليج يصدر الأزمة إلى الأردن
لم يكف الاقتصاد الأردني تأثره بمحيطه المشتعل بالحروب والاضطرابات وعدم الاستقرار سواء في العراق وسوريا واليمن وليبيا التي تعد أسواق تصديرية لمنتجاته التي يمكن أن يقال عنها إنها شبه متوقفة منذ خمس سنوات، حتى أتى قرار الدول الخليجية لتجميد العديد من المشروعات التي أدت لتجميد تعاقداتها مع شركات أردنية لاستيراد منتجات وخدمات مختلفة من الأردن والسبب لا يعود من الصادرات الأردنية بل بسبب الأزمة المالية التي تواجهها الدول الخليجية بعد انخفاض أسعار النفط.
فالصادرات الأردنية انخفضت بنسبة 11.9% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي 2016 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حسب البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاء العامة الأردنية في يونيو/حزيران.
كما بلغ العجز في الميزان التجاري 4.42 مليارات دولار بارتفاع نسبته 10.3% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري وانخفضت قيمة الصادرات إلى دول منطقة التجارة الحرة العربية بنسبة 12.7% ومن ضمنها السعودية بنسبة 3.4%.
وبلغت قيمة صادرات الأردن الكلية إلى دول مجلس التعاون الخليجي خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي 611.2 مليون دولار مشكلة ما نسبته 27.9% من إجمالي الصادرات في تلك الفترة.
وقد انخفضت صادرات الملابس بنسبة 6.3% والخضار والفواكه 32% والبوتاس 48% والأسمدة 36.4%، ويشير رئيس جمعية المصدرين الأردنيين عن أهمية العمل لإيجاد قنوات تصدير جديدة في المنطقة كدول إفريقيا التي تحظى بفرص تجارية كبيرة، وضرورة تبسيط قواعد التصدير مع أوروبا، فالصادرات الأردنية غير قادرة على دخول الأسواق الأوروبية لعدم مطابقتها لقواعد المنشأ المطلوبة من قبل الاتحاد، علمًا أن الاتحاد الأوروبي وافق مبدئيًا على تسهيل قواعد المنشأ الخاصة بالمنتجات الأردنية في مؤتمر لندن للمانحين المعقود في شهر مارس/ آذار الماضي.