يستمر النظام السوري في استرجاع حزام دمشق لبيت طاعته استكمالا لخطته القائمة على إخراج كافة المدن والبلدات الخاصعة لسيطرة المعارضة عن دائرة الصراع، حيث جاء الدور على يلدا وببيلا وبيت سحم، بعدما تم إفراغ كل من تل الشيح وداريا ومعظمية الشام وقدسيا والهامة من أهاليها حيث وضعوا أمام خيار إخلاء المدينة أو الحسم العسكري، في الوقت الذي من المفترض أن يكون هناك اتفاق لوقف إطلاق النار الذي دخل حير التنفيذ يوم الجمعة الماضي وبرعاية من قبل روسيا وتركيا.
مصالحة بشرط قتال داعش وفتح الشام
قدم النظام السوري مساء أمس الأربعاء مبادرة لـ”المصالحة” في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم جنوب دمشق التي تشهد هدنة منذ سنوات مع النظام حيث تخوض عناصر الفصائل المتواجدة هناك معارك متقطعة ضد عناصر تنظيم داعش المتواجدين في الحجر الأسود ومخيم اليرموك، وطالب النظام الفصائل والأهالي في تلك البلدات بالرد على مبادرته اليوم الخميس 5 يناير/كانون الثاني وإلا ستلجأ قوات النظام ومن يساندها من الميليشيات للحل العسكري.
نصت المبادرة التي جاءت على شكل أربع صفحات على طلب النظام لتوحد الفصائل العاملة في جنوب دمشق في فصيل واحد تحت اسم “لواء مغاوير الجنوب” لقتال تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة فتح الشام أو النصرة سابقًا على أن يكون عدد العناصر والسلاح محددًا ويحصر وجودهم على الجبهات فقط، وبشرط أن تتم إعادة السلاح للنظام بعد زوال خطر التنظيمين.
وحسب المبادرة التي تضمنت 46 بندًا فقد هدد النظام أي فصيل من الفصائل المتواجدة في تلك البلدات بالتعامل معه بالقوة في حال رفض الرضوخ للمبادرة، أما رافضي التسوية فيتم إعداد دراسة حولهم وإمكانية خروجهم إلى أماكن يتفق عليها لاحقًا بينما يتم تسوية من يرغب بالخروج من المنطقة دون سلاحه إلى مناطق غير ساخنة.
خريطة دمشق تظهر فيها من الجنوب ببيلا ويلدا وبيت سحم
بالإضافة للسماح بعودة الموظفين لأعمالهم والطلاب إلى جامعاتهم، والتعاون في إدارة هذه المناطق وتشكيل غرفة عمليات عسكرية مشتركة وإزالة الحواجز الأمنية، وتعهد النظام في مبادرته بتقديم كافة أنواع الدعم والتأثير الناري للفصائل في حال تعرضت لهجوم من قبل تنظيم داعش وفتح الشام.
فحوى المبادرة التي تقدم بها النظام لا تختلف عن المبادرات الماضية التي سبق وقدمها لمدن أخرى، فالغاية هي التهجير وتفريغ المنطقة من أهلها من خلال الهندسة الاجتماعية التي اتبعها منذ بداية الأزمة، وهو ما حصل تمامًا في داريا ومعظمية الشام فبعدما تم إخراج المدنيين والفصائل المتواجدة هناك عمد النظام إلى استقدام سكان جدد من العراق ومناطق مختلفة من الطائفة الشيعية، فضلا عن رغبة النظام بتحويل فصائل المعارضة جنوب دمشق إلى ميليشيات مقاتلة تحت أذرعه العسكرية للزج بهم في مواجهة تنظيم داعش وجبهة فتح الشام.
غاية النظام هي التهجير وتفريغ المنطقة من أهلها من خلال الهندسة الاجتماعية التي اتبعها منذ بداية الأزمة
مع علم النظام المسبق بنتيجة المبادرة قياسًا على ما سبق فإنه بهذا يكون حصن المنطقة التي تحيط بالسيدة زينب ومطار دمشق الدولي بحكم أن البلدات الثلاث يلد وببيلا وبيت سحم والواقعة في جنوب دمشق واقعة بينهما، لذا فهي استراتيجية بالنسبة للنظام تمكنه إيجاد صيغة طوق أمان لمطار دمشق والسيدة زينب وتضييق الخناق على أحياء جنوب دمشق المتبقية تحت سيطرة الثوار.
ومن الجهة المقابلة غربي العاصمة دمشق لا يزال النظام ومن معه يستهدف وادي بردى وقام بإطلاق أربعة قذائف تحمل غازات سامة، فضلا عن محاولات للتقدم في المنطقة لم تتوقف في ظل قصف وقطع كامل للكهرباء والاتصالات عن كامل المنطقة، في محاولة منها للضغط على السكان لفرض تسوية من أجل دخول قوات النظام للمنطقة.