إنها ثورة الكوميديا الارتجالية في اليوتيوب المصري ولكن بشكل آخر هذه المرة، حيث لم يستغن المصريون عن حس الفكاهة الذي يتمتعون به إلا أنهم هذه المرة استغلوه في بناء أفكار جديدة ومختلفة، بل وربما الأولى من نوعها عربيًا، لمنصات وقنوات فريدة من نوعها على يوتيوب، قادرين بذلك على صناعة ثورة جديدة في عالم اليوتيوب المصري.
الهدف من تلك الثورة إعطاء الروح للمعلومات الجامدة، أي دمج المعلومات من مختلف المجالات مع التكنولوجيا ومتعة التقنيات البصرية مع حس الفكاهة المصري، من أجل تبسيط القواعد الفيزيائية المعقدة أو تبسيط معلومات الكتب الضخمة للمشاهد العادي أو إعطاء نبذة سريعة عن معلومات طبية مهمة أو حتى تبسيط المفاهيم السياسية.
استطاع الشباب المصري من خلال ثورة اليوتيوب تلك أن يُجمع العناصر الأساسية لنجاح الفيديو القصير في المجالات المذكورة سابقًا، فاختار كل منهم محتوى يحتاج إليه المشاهد بالفعل
درس العلماء لمدة 60 عامًا الأسباب التي تدفعنا لقول “نعم”، أي ببساطة الدوافع الخفية التي تكمن خلف إقناع البشر بشيء معين، لا بد أن خلال الـ60 عامًا الماضية تلك أن يتم وضع أساسيات معينة خاصة بعلم “الإقناع” تفسر سلوكيات البشر المختلفة نحو الموافقة على أمر ما بعد الاقتناع به، كان أهم تلك الأساسيات عنصر المفاجأة، إلا أننا يمكننا استبدالها في العصر الحديث الآن بـ”المفاجأة البصرية” أو “الفيديو”.
استطاع الشباب المصري من خلال ثورة اليوتيوب تلك أن يُجمع العناصر الأساسية لنجاح الفيديو القصير في المجالات المذكورة سابقًا، فاختار كل منهم محتوى يحتاج إليه المشاهد بالفعل، فاختار أحدهم فيلمًا علميًا أثار الجدل بسبب صعوبة فهمه وشرح النظريات الفيزيائية التي بُني عليها الفيلم مستخدمًا حس الفكاهة كعامل جذاب لتبسيط المحتوى المعقد على المشاهد العادي، واختار الآخر حاجة المشاهد لتلخيص المئات من الكتب الواجب عليه قراءتها، واختارت الأخرى مشاكل طبية مثيرة للجدل في المجتمعات لتقوم بتوظيفها مادة لمحتوى القناة الخاصة بها.
قناة أخضر من أولى القنوات العربية التي استطاعت دمج المعلومات الموجودة في الكتب المفيدة مع التكنولوجيا ومتعة التقنيات البصرية كما يعرفها مقدم الفيديوهات محمد أسامة، لتحقيق متعة المشاهدة مع عدم إهمال أهمية الفائدة الموجودة في الكتاب كذلك.
استطاعت المنصة خلال شهور معدودة جني مئات الآلاف من المشاهدات، ونيل إعجاب ومتابعة الكثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي وأهمها صفحتها الرسمية على فيسبوك، وتُعتبر إحدى المنصات العربية الأولى من نوعها في إنتاج محتوى عربي بشكل مستمر استمر لمدة سنة كاملة وينوي صاحب المشروع محمد أسامة الاستمرارية في المستقبل.
قناة أخضر من أولى القنوات العربية التي استطاعت دمج المعلومات الموجودة في الكتب المفيدة مع التكنولوجيا ومتعة التقنيات البصرية
في أحد المقاطع الموجودة على قناة “أخضر“، تحدث محمد أسامة عن ندرة تلك التجربة من المنصات التعليمية والثقافية ذات المحتوى الهادف في الوطن العربي، والذي لديه تجارب ما زالت في بدايتها ولا تضاهي في الدقة والجودة التجارب الغربية، ويتمنى أن يتم استنساخ تجربة أخضر ليظهر في الوطن العربي العشرات من التجارب المختلفة، مع الحفاظ على أهمية أن يكون المحتوى مفيدًا وذا نفع للمشاهد.
يطرح الغندور في كل فيديو معضلة علمية فيزيائية ويأتي بالتجارب التاريخية أو الحديثة التي تُثبت تلك التجربة
كانت منصة وقناة “الدحيح” على يوتيوب قبل أن يكون برنامجًا مستقلًا على قناة AJ+ من أولى المنصات العربية التي تتناول العلوم الفيزيائية والفلسفية بشكل ساخر مستغلًا فيه أحمد الغندور مقدم الفيديوهات حسه الفكاهي في تبسيط أعقد النظريات الفيزيائية مثل نظرية النسبية لآينشتاين، والتي استغل فيها الغندور الجدل المُثار حول فيلم “Interstellar” المتعلق بالثقب الأسود الموجود في الفضاء.
يطرح الغندور في كل فيديو معضلة علمية فيزيائية ويأتي بالتجارب التاريخية أو الحديثة التي تُثبت تلك التجربة، مع الأخذ في الاعتبار أنه يرفق مصادره العلمية أسفل كل مقطع من مقاطع الفيديو، حيث يحاول تلخيص أغلب تلك المصادر في حلقة تطول مدتها من خمس لست دقائق فقط، وهو الأمر الذي يبدو شديد الصعوبة لكي يطرح فيه كل النظريات والآراء المتباينة عنها ونقدها والرد على ذلك النقد.
منصة مختصة بمزيج من العلم والفلسفة وعلم النفس، يقدمها المصري أحمد سمير، وهي من أكثر المنصات متابعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اتخذ أحمد الكثير من القضايا العلمية الجدلية داخل المجتمع المصري بشكل خاص، وعبر عنها بشكل علمي مستخدمًا حس الفكاهة لتبسيط المحتوى العملي أو الطبي أو الفلسفي.
استطاعت منصة إيجيكولوجي اكتساب متابعة وإعجاب مئات الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وأهمها يوتيوب، تحمل شعارًا “علشان ننور الظلمة” من أجل إسقاط الضوء على قضايا علمية واجتماعية ونفسية وتصحيح المفاهيم الخاطئة والصور النمطية عن بعض المفاهيم الأساسية في العلوم.
كلمة الاسبتالية تعني المشفى باللهجة المصرية القديمة، وهذا يُفسر كثيرًا من محتوى المنصة التي تقدمها الطبيبة المصرية إيمان الإمام، هي منصة طبية تقدم محتوى طبي بشكل مُبسط مستخدمًا اللغة البسيطة والتقنيات البصرية لتبسيط المحتوى وجعله أكثر متعة وجذبًا لانبتاه المشاهد.
لا تُملي إيمان، مقدمة الفيديوهات، وصفات طبية للمرضى، فهذا ليس هدف المنصة في الأساس، بل تصف الأمراض والحالات المرضية النادرة والمواقف المرضية الحرجة بشكل حكاية ترويها في بضعة دقائق كل أسبوع على المنصة باليوتيوب وعلى مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة على صفحتها الرسمية “الاسبتالية“.
كلمة الاسبتالية تعني المشفى باللهجة المصرية القديمة، وهذا يُفسر كثيرًا من محتوى المنصة التي تقدمها الطبيبة المصرية إيمان الإمام، هي منصة طبية تقدم محتوى طبي بشكل مُبسط
كما تقدم إيمان الإمام حلقة مباشرة مع أحد الأطباء أو إحدى الطبيبات المختصين في مجال معين، من أجل سهولة التواصل بين المشاهد والطبيب المختص، ومن أجل سهولة عملية السؤال والجواب أيضًا، كما يكون ذلك من أجل إضافة جزء من المصداقية والثقة بين منصة “الاسبتالية” والمشاهد.
إذا أردت أن تشاهد بضع دقائق تشرح لك مفاهيم سياسية وفلسفات الحكم في الوطن العربي بشكل مبسط وسهل وبلغة بسيطة، سيكون برنامج “أم السياسة” الاختيار الأنسب إليك، حيث سيستخدم مُقدم البرنامج أيمن أبو رابح أمثلة من الحياة اليومية والتاريخ القريب مثل الثورة السورية وثورة الياسمين في تونس والثورة المصرية، في شرح نظريات الحكم والفلسفة العربية فيه في الوقت الحالي.
إذا أردت أن تشاهد بضع دقائق تشرح لك مفاهيم سياسية وفلسفات الحكم في الوطن العربي بشكل مبسط وسهل وبلغة بسيطة، سيكون برنامج “أم السياسة” الاختيار الأنسب إليك
لن يخلو البرنامج من المحتوى الفلسفي أيضًا، لا سيما باستخدامه نظريات الفلاسفة الغربيين في السياسة وربطها بواقع السياسية العربية، كما يكون من المتوقع استخدام سلاسل كاملة لنقد بعض الفلسفات في السياسة منها الفلسفات الغربية والعربية والإسلامية، بحيث يكون الهدف من البرنامج نشر الوعي السياسي من المحيط إلى الخليج بحسب تعريف البرنامج على صفحته الرسمية على فيس بوك.
على الرغم من نجاح هذه التجارب الأولي، فإنها ما زالت في أول الطريق، تأمل أن تُحقق أهدافها كاملة بنشر الوعي العلمي والثقافي في الوطن العربي، وجعل تلك التجارب حجر الأساس لتجارب أخرى، ليكون مفهوم المنصات التعليمية أو العلمية أمرًا شائعًا باللغة العربية، ولا يكون الاعتماد فقط على المصادر الأجنبية.