مر أقل من 9 سنوات على إنشاء شركتي جوجل وآبل متجر التطبيقات، ومن المذهل معرفة أن عدد التطبيقات وصل إلى نحو 6.3 مليون في مدة قياسية، ما يشير إلى النمو الهائل لهذه الأدوات التكنولوجية التي غيرت من مفهوم التواصل الاجتماعي والعمل والتجارة، فحولت العالم إلى مجتمعات رقمية تسير وفقًا للتنبيهات والإشعارات الإلكترونية.
ومواكبةً لهذه التطورات العصرية، استطاع القطاع الرقمي في تركيا تقديم خدمات عديدة عبر هذه التطبيقات بهدف توفير الوقت وتسهيل حياة المستهلك بشكلٍ يتناسب مع أنشطته اليومية ووقته المحدود، بداية من طلب سيارة أجرة ونهاية باستئجار منزل، ما جعل سوقها المحلي قادرًا على المنافسة العالمية.
ومن المرجح أن يزيد نمط الحياة في تركيا “ذكاءً” بسبب ارتفاع معدل استخدام الإنترنت بين مواطنيها، فوفقًا للإحصاءات فإن سكان البلد ينفقون ثالث أطول وقت على الإنترنت في أوروبا، كما لديها أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط، حيث يبلغ متوسط الوقت المستغرق في العالم على الإنترنت 23.1 ساعة في الأسبوع بينما يصل إلى 29.4 ساعة في تركيا.
وبناءً على هذه البيانات، جذبت تركيا اهتمامًا دوليًا كبيرًا في سنوات قليلة جعلت التوقعات من حولها تؤكد أنها سوف تصبح واحدة من الدول الرائدة في السوق التكنولوجي بأوروبا الوسطى والشرقية خلال العام الحاليّ، ولهذا ينجذب المستثمرون إلى سوق تركيا التي ضاعفت بالمقابل ميزانيتها في البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا إلى أن نجحت في صناعة عالمها الافتراضي الخاص، مزودة عملائها بخدمات متنوعة دون انقطاع وفي جميع الأوقات، ومن أبرز منصاتها الخدماتية:
Yemek Sepeti “سلة الطعام”
يطلب منك هذا التطبيق تحديد موقعك وعنوانك بالتفصيل حتى يعرض لك قائمة طويلة بالمقاهي والمطاعم ولوائح وجباتها التي يمكنها توصيلها إليك بعد أن تختار ما تريد، وبما أن الأكل نشاط يومي ولم يعد نمط الحياة الحاليّ يساعد الأفراد على طهي وجباتهم بأنفسهم بسبب ساعات دوام العمل وانشغال المرأة والرجل على حد سواء خارج المنزل، استطاع مؤسس هذا المشروع نفزت آيدين استغلال هذه التحولات العصرية ليقدم للمستهلك طبقه المفضل في المكان والوقت المطلوبين.
لذلك شارك آيدين الذي درس في جامعة فرانسيسكو وتأثر بأسلوب الحياة الأمريكية السريعة هذه الفكرة مع صديقه مليح أودميش، ليقررا بعد 5 أشهر من البحث والاستطلاع والمقابلات ضم شريك جديد آخر وهو جيم نفوسي من أجل أن يتولي مهمة مقابلة المطاعم وإقناعهم بمشروعهم.
تأسست الشركة رسميًا في غرفة لا تزيد مساحتها على 40 مترًا، تستقبل نحو 40 إلى 45 طلبًا يوميًا عبر الفاكس ويعمل لديها 26 موظفًا فقط
في أيلول/سبتمبر عام 2000 تأسست الشركة رسميًا في غرفة لا تزيد مساحتها على 40 مترًا، تستقبل نحو 40 إلى 45 طلبًا يوميًا عبر الفاكس ويعمل لديها 26 موظفًا فقط، عقب ذلك بـ4 أعوام ومع انتشار الإنترنت بصورة أوسع، تلقت الشركة نحو ألف طلب في اليوم، لتصل إلى 10 آلاف طلب في عام 2008.
بعد ذلك العام بدأت الاستثمارات الأجنبية في نقل هذا التطبيق إلى العالمية، فدخل إلى سوق دبي وروسيا، إلى أن تلقى استثمارًا بقيمة 44 مليونًا عام 2012 لتصل الطلبات اليومية إلى 50 ألف طلب، وفي خضم هذه النجاحات والتوسعات المتتالية استحوذت عليه الشركة الألمانية “دليفري هيرو” مقابل 589 مليون دولار في عام 2015.
عدد المستخدمين تجاوز الـ5.2 مليون مستخدم و134 مليون طلب غالبيتهم من إسطنبول وأنقرة وإزمير؛ ما أدى إلى زيادة عدد العاملين إلى 400 عامل، حيث تظهر البيانات أنه يتم إرسال 300 طلب بين الساعة الـ7 والـ9 مساءً،
توجت هذه الخطوة بزيادة عدد المطاعم المشتركة إلى 13 ألف و260 مطعمًا ونمو ملحوظ في عدد المستخدمين تجاوز الـ5.2 مليون مستخدم و134 مليون طلب غالبيتهم من إسطنبول وأنقرة وإزمير؛ ما أدى إلى زيادة عدد العاملين إلى 400 عامل، حيث تظهر البيانات أنه يتم إرسال 300 طلب بين الساعة الـ7 والـ9 مساءً، وهذا وفقًا لإحصاءات 2016.
مع العلم في عام 2014 ظهرت شركة جديدة باسم “ميل بوكس” وهو مشروع ناشئ تقوم فكرته على تقديم الطعام الصحي بدلًا من الوجبات السريعة “الفاست فوود”، بهدف ترغيب الأجيال الحاليّة بالأطعمة التقليدية، كما تدعي الشركة أنها تقدم 160 ألف طلب للمستخدمين في إسطنبول وتترقب زيادة في المبيعات الشهرية وتوسع في المدن الرئيسية التركية، متأملة جذب الحظوظ والاستثمارات إليها في المستقبل القريب.
Çiçek Sepeti “سلة الزهور”
أراد مبتكر هذه الفكرة إمره آيدين إرسال باقة من الزهور من إسطنبول إلى مدينة أخرى في عام 2011، ولعدم توفر هذا الخيار أنشأ آيدين موقعًا إلكترونيًا لطلب الزهور بأشكالها وألوانها وأنواعها المختلفة، إضافة إلى مجموعة من الهدايا والتذكارات وإرسالها إلى أي مدينة في الوقت الذي يحدده المستهلك، ولتحقيق ذلك وظف هذا المشروع نحو 370 موظفًا يسلم سلة كل 60 ثانية.
أما عن مبيعاتها السنوية، فإن المعلومات الأخيرة التي صرحت بها كانت عام 2012، إذ باعت نحو 2.6 مليون قطعة، مع العلم أنها تعمل في الكويت وقطر وإسبانيا وبريطانيا.
كمصير باقي المشاريع الناجحة، اشترت شركة “أمازون” الأمريكية للتجارة الإلكترونية حصة استثمارية فيها، كونها واحدة من أكثر العلامات التجارية التركية شعبية، إضافة إلى امتلاك تركيا بشكل عام عدد هائل من المواطنين الذين يعتمدون في حياتهم اليومية على خدمات التطبيقات الإلكترونية، ونتيجة لهذا الجمهور الواسع يزور هذه المنصة بالتحديد أكثر من 14 ألف زائر مع ما يقارب ألفين طلبية في اليوم.
Gittigidiyor
تأسس هذا المشروع عام 2001، وكان الدافع خلف ذلك خلق منصة تجارة إلكترونية آمنة تمكن المستخدم من فتح متجره الخاص لبيع أدوات مستعملة مختلفة مثل الهواتف والحواسيب والملابس والكتب واللوحات والأثاث المنزلي، وكأنه نسخة من موقع إيباي الذي يسمح للمستخدمين بتبادل السلع فيما بينهم افتراضيًا.
ذاع صيت الموقع في عام 2006 حين حصد 300 ألف مستخدم في اليوم، ليصل إلى مليون مستخدم في العام الذي يليه، ما أدى إلى فتح العيون الأجنبية تجاهه فاشتراه إيباي بمبلغ 240 مليون دولار ليجذب نحو 11 مليون مستخدم ويوظف 152 شخصًا، محققًا أرباحًا بقيمة 32 مليون ليرة بمعني أنه يحقق 20% من مجمل أرباح التجارية الإلكترونية في تركيا.
Sahibinden
يعد من أكثر التطبيقات زيارة في تركيا، فقد أنشأ بهدف السماح للبائعين وأصحاب العقارات بتقديم آلاف الإعلانات عن ممتلكاتهم من السيارات والمنازل والأراضي والمصايف المعروضة للبيع أو الإيجار، حيث يُمكّن المستخدم من رؤية السلعة وكل ما يحتاج معرفته فقط عبر النقر على الشاشة ودون الحاجة إلى الذهاب لأي مكان.
بدأت خطوة الألف ميل بألفين و700 إعلان لتصل لاحقًا إلى مليوني إعلان عام 2010 وتُفتح مكاتب لها في أهم المدن التركية مثل إسطنبول وإزمير وأنقرة وأنطاليا وطرابزون
لم تكن هذه الفكرة جديدة على السوق الأمريكية والأوروبية، لكنها كانت لا تزال عذراء في السوق التركية وحققها تانر أكسوي عام 2000، وحينها بدأت خطوة الألف ميل بألفين و700 إعلان لتصل لاحقًا إلى مليوني إعلان عام 2010 وتُفتح مكاتب لها في أهم المدن التركية مثل إسطنبول وإزمير وأنقرة وأنطاليا وطرابزون، ما جعلها ثالث أسرع الشركات الرقمية نموًا في تركيا.
Getir
لقب مؤسس هذه المنصة ناظم سالور بـ”أفضل رجل أعمال” في تركيا لعام 2017، بعد افتتاحه لهذا المشروع الذي تأسس قبل عامين ونمت أرباحه 400% في العام الماضي من خلال توصيله أكثر من 100 ألف طلب في الشهر، حيث تعتمد مهمة التطبيق على توصيل سلع منزلية مختلفة للمستهلكين في غضون 10 دقائق، كما يهدف سالور إلى توسيع نجاحه في لندن ودبي وشنغهاي، أي في المدن التي تشهد أزمات مرورية حادة، إذ علق سالور على هذه الزاوية قائلًا: “كلما كانت حركة المرور أسوأ، احتاج الناس إلينا أكثر”، جدير بالذكر أن الشركة تعتمد بشكل أساسي على الدراجات النارية والسيارات الصغيرة في تسليم الطلبات.
تستقبل الشركة أكثر من 100 ألف طلب شهريًا، وفي أيام أخرى يتلقون أكثر من 5 آلاف طلب يوميًا
يتضمن التطبيق تصنيفات متعددة بين المستلزمات المنزلية والطبية وغيرها، كما تخطط الشركة إلى تزويد مستخدميها بجميع ما يطلبونه، على سبيل المثال يقول سالور: “إذا ذهبت إلى المطار ولم يكن جواز السفر بحوزتك، سنكون نحن من يجلبه إليك”.
وإلى الآن تستقبل الشركة أكثر من 100 ألف طلب شهريًا، وفي أيام أخرى يتلقون أكثر من 5 آلاف طلب يوميًا، هذه الأرقام المتزايدة تشير إلى مستقبل باهر في قطاع التجارة الإلكترونية في تركيا، خاصة في الوقت الذي أصبح فيه التسوق عبر الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياة المستهلك.