ترجمة وتحرير: نون بوست
إن القدرة على مشاركة صور الدمار على مدار الساعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي غيرت من طريقة رؤيتنا للصراعات، وخاصة حرب غزة، التي كان لها تأثير هائل على الرأي العام في جميع أنحاء العالم. لكن الطريقة التي تُستخدم بها هذه المنصات في نزاعات القرن الحادي والعشرين تتجاوز المشاركة اليومية للمعلومات، فقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة مهمة في تدوين سجلات الحرب، والتحقق من حقيقة ما حدث بالضبط، وفي النهاية، محاكمة مرتكبي أي جرائم حرب محتملة قد وقعت.
في ظل هذا الدور الجديد لوسائل التواصل الاجتماعي – سواء كان ذلك عبر “إكس” (تويتر سابقًا) أو “تيليغرام” أو “إنستغرام” أو “فيسبوك” – يتساءل الكثيرون عن الآليات الموجودة للحفاظ على هذا التوثيق لوقائع الحرب، لكن الإجابة ليست مطمئنة كثيرا، فسياسات الأرشفة الخاصة بشركات وسائل التواصل الاجتماعي الكبرى لا تزال غير واضحة – كما هو الحال بالنسبة للخوارزميات والسياسات الداخلية الأخرى التي تحكم المحتوى الذي يتم عرضه وترويجه – وفي حالة غزة والصراعات الأخرى في العالم العربي، فإن الثقة في منصات مثل ميتا لتكون بمثابة أرشيف محايد، تضاءلت بسبب حالات موثقة من التحيز ضد العرب والفلسطينيين، رصدتها منظمات الحقوق الرقمية غير الربحية مثل منظمة “حملة”.
لذلك أصبحت مهمة الحفاظ على هذه المواد الناتجة من الصراعات تقع على عاتق المنظمات الأصغر حجمًا، والتي طورت أرشيفاتها الخاصة وحلولها البديلة في مواجهة الاختفاء الجماعي المحتمل للمعلومات الرقمية، وقد ظهرت العديد من هذه المنظمات، مثلها مثل المواد التي تجمعها، من القاعدة الشعبية: أفراد ومجموعات يقومون بجمع البيانات من الإنترنت، وغالبًا ما يستخدمونها للكشف عن الاتجاهات الرائجة. وهناك منظمات أخرى أكثر رسوخًا، ولكنها لا تزال تعتمد على فرق صغيرة وتواجه تحديات مستمرة لجمع التبرعات، في ظل انعدام الأمن السياسي. أما فيما يتعلق بالأرشفة على نطاق واسع، فإن المنظمة الأكثر شهرة – وهي المنظمة الرائدة في هذا المجال – هي “الأرشيف السوري” الذي بدأه الناشط هادي الخطيب كمشروع صغير في شقته في برلين سنة 2014، ويحتوي الآن على أكثر من 15 مليون وثيقة رقمية للعنف والصراعات.
أدرك الخطيب، الذي شهدت عائلته مجزرة حماة سنة 1982، في وقت مبكر من الانتفاضة السورية أن مقاطع الفيديو التي يتم تحميلها على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تُستخدم في نهاية المطاف لسرد الحقيقة حول ما يحدث في بلده، كما أدرك أيضاً ضعفها.
كانت الرقابة على الإنترنت في سوريا أمرا شائعا: فقد قطعت الحكومة الاتصال بالإنترنت في جميع أنحاء البلاد في عدة مناسبات منذ سنة 2011، وتزامن انقطاع الإنترنت مع زيادة نشاط الثوار، لذلك بدأ الخطيب في أرشفة المنشورات التي توثق الاحتجاجات والعنف في سوريا، ومع ازدياد وحشية الصراع وتفاقمه، استقال الخطيب من وظيفته الأصلية وركز على العمل في منظمته بدوام كامل، وأدرك لاحقًا أن المنهجية التي وضعها لرصد الحرب سوريا يمكن أن تفيد بلدانًا أخرى، ووسّع المشروع ليصبح منظمة تُعرف باسم – والتي تغطي الآن النزاعات في أوكرانيا والسودان واليمن وإيران وأماكن أخرى، وقد أرشف فريق الاستجابة السريعة التابع لها أكثر من 25,000 وثيقة للحرب في غزة على أساس يومي، وهذه السجلات، مثل بقية الأرشيف، متاحة للمؤرخين ومؤسسات المساءلة والمحققين في مجال حقوق الإنسان عند الطلب.
تخضع المعلومات في حرب غزة لرقابة مشددة؛ حيث تأتي الضفة الغربية وقطاع غزة في أسفل مؤشر حرية الصحافة فيما يتعلق بأمن الصحفيين. يقول الخطيب: “لا تستطيع مؤسسات المساءلة الدولية، مثل الأمم المتحدة، الوصول إلى غزة في الوقت الحالي، لذا ستكون المعلومات مفتوحة المصدر حاسمة في فهم ما يحدث هناك”.
إن منهجية الأرشفة التي تتبعها (Mnemonic) لا تكتفي بالتقاط المقاطع أو تنزيل المنشورات والصور وتخزينها في مجلدات، فكل منشور يتم أرشفته يجب أن يتم رصده على طريقة التحقيقات الجنائية، والتأكد من دقته ووصفه قبل تخزينه في قاعدة البيانات التي تحتوي على نسخ احتياطية متعددة، وقد تمت أتمتة هذه العمليات بواسطة برنامج طورته شركة (Mnemonic) خصيصًا، ولكن الجزء الأكبر من عملية التحقق يتم يدويًا من قبل المحللين، الذين يفحصون مقاطع الفيديو مقطعا تلو الآخر، ويكون معظمهم من البلد الذي يشهد أعمال العنف التي يتحققون منها. تقدم (Mnemonic) استشارات نفسية أسبوعية لهؤلاء المحللين.
يقول الخطيب: “من أجل استخدام المعلومات مفتوحة المصدر لأغراض قانونية محتملة، يجب أرشفتها وفق عملية محددة لضمان صحتها وتوافرها”. هناك قدر هائل من التأطير والتحقق قبل أن يتم أرشفة المقطع.
وأضاف: “يجب أن نكون قادرين على التحقق من المحتوى: أي هل يمكن تحديد موقعه الجغرافي باستخدام صور الأقمار الصناعية؟ هل نحن قادرون على تحديد هوية أي أفراد؟ هل نحن قادرون على رؤية مواقع الارتطام أو الأسلحة أو الحفر؟ هل يمكننا سماع الضحايا أو الشهود المحتملين؟”
وهذا يعني أن (Mnemonic) تحتفظ فقط بكمية محدودة من المنشورات التي يراها الناس على وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن مع نمو المشروع، يقوم مع آخرين بإعادة تعريف الاستخدامات الممكنة للمعلومات الرقمية المنتشرة على الإنترنت.
تتبع (Mnemonic) بروتوكول “بيركلي” بشأن التحقيقات الرقمية مفتوحة المصدر، والذي تم إصداره سنة 2022 (بناء على ملاحظات من Mnemonic) بهدف إتاحة استخدام معلومات وسائل التواصل الاجتماعي في القضايا القانونية والتحقيقات الحقوقية. ولكي تصمد هذا المنشورات أمام المحكمة، يجب أن تكون البيانات الوصفية للمنشور سليمة وأن يُثبت أنها لم تتغير، ويجب أن يكون مصدرها على الإنترنت واضحًا وأن تكون المادة التي تحتويها واضحة ومحددة الموقع الجغرافي إن أمكن، إلى جانب معايير أخرى. تقوم منصة (Mnemonic) بأرشفة جميع منشوراتها وفقًا لهذه المعايير، وتُعرف في المصطلحات القانونية بالنسخ الإثباتية.
هناك أيضًا منظمات غير حكومية أخرى فتحت آفاقًا جديدة في توضيح كيفية استخدام معلومات وسائل التواصل الاجتماعي. فقد تأسست منظمة “إيروورز”، ومقرها في المملكة المتحدة، سنة 2014 وتقوم بجمع المنشورات من فيسبوك و”إكس” و”تيليغرام” ومنصات أخرى، وتركز على غارات الطائرات المسيرة، وبالأخص الخسائر في صفوف المدنيين التي غالبًا ما يتم إغفالها أو عدم احتسابها في التقارير العسكرية الرسمية.
كانت “إيروورز” أحد المصادر الرئيسية لتوثيق هجمات الطائرات الأمريكية المسيرة في الحرب ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا في الفترة من 2014 إلى 2017، وكثيرًا ما كذبت المنظمة أعداد القتلى التي أعلنها البنتاغون. ووفقًا لأرقامها الخاصة، فإن 70 بالمائة من التحقيقات التي أجراها الجيش الأمريكي في حملة الطائرات المسيرة ضد تنظيم الدولة قد استندت إلى المواد التي قدمتها “إيروورز”. واليوم، نقلت “إيروورز” تركيزها إلى الغارات الجوية في اليمن وغزة؛ حيث يتم التحقق من كل حادثة وتسجيلها على منصتها المتاحة للجمهور، مع روابط للمقاطع من كل من المنشورات أو التغريدات التي تُظهر الحدث.
من هذا المنطلق، تعتبر “إيروورز” جزءًا من ثورة المعلومات الاستخباراتية مفتوحة المصدر التي أتاحتها التكنولوجيا حاليا لأي شخص لديه اتصال بالإنترنت وجهاز كمبيوتر؛ حيث يمكن للمحللين العسكريين والأكاديميين والهواة أن يقدموا صورة دقيقة إلى حد كبير للصراعات من خلال المنشورات التي يرونها على “إكس”، إلى جانب صور الأقمار الصناعية – سواء من مزودي الخدمات التجارية أو الموارد المجانية مثل غوغل إيرث – والبيانات المتاحة للجمهور مثل استخدام الهاتف المحمول.
لقد أدت هذه الكمية الكبيرة من المواد، وخاصة تلك المتعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية، إلى تحفيز وسائل الإعلام التقليدية على زيادة استيعابها؛ حيث ينشر الجنود والمواطنون من كلا الجانبين في ذلك الصراع معلومات بانتظام عن الضربات والمعدات والخسائر، ويمكن للمحللين مراقبة الحرب كما لو كانوا فيها عبر هذه اللقطات المصورة من الأرض والجوية. ويستطيع موقع “أوريكس” الإلكتروني إحصاء كل دبابة وقطعة من المعدات العسكرية التي تم تدميرها أو التخلي عنها، مع روابط جغرافية لكل صورة تم جمعها من الجمهور للمعدات المدمرة، والتي تبدو مثل الخنافس المسحوقة عند رؤيتها من الأعلى.
وفي الوقت ذاته، تقوم وكالات المساءلة الدولية مثل الأمم المتحدة بتقديم المزيد من الطلبات للحصول على المواد مفتوحة المصدر، وتضع تشريعات لاستخدامها بشكل سليم، كما أنشأت المؤسسات الإعلامية العريقة مؤخرًا فرق تحقيقات للمواد المرئية تحاكي منهجيات المصادر المفتوحة للمنظمات غير الحكومية مثل (Mnemonic) و”إيروورز”. (في الواقع، قامت كل من واشنطن بوست ونيويورك تايمز بتعيين موظفين من إيروورز في فرق التحقيقات البصرية الخاصة بهم).
ومع تزايد الاهتمام يتعاظم التأثير. فبعد خمسة أشهر من نشر صحيفة “نيويورك تايمز” تحليلاً حول قنابل تزن 2000 رطل أسقطتها إسرائيل في غزة -حيث قامت وحدة التحقيق في المواد المرئية في الصحيفة بتحليل الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية للحفر الناتجة عن تلك القنابل-، أعلنت إدارة بايدن أنها ستسحب هذه القنابل شديدة التدمير من شحنات الأسلحة التي ترسلها إلى إسرائيل.
وتستخدم مجموعات بحثية ناشطة في مجال الفنون، مثل مجموعة “فورنسيك أركيتكتشر” ومقرها في غولدسميث في جامعة لندن في المملكة المتحدة، وسائل الإعلام والمعارض بطرق جديدة لنشر تحليلاتها للمواد.
لقد جاءت الحرب في غزة بعد عملية دامت 15 سنة من فهم وتطوير استخدامات المعلومات مفتوحة المصدر في الصراعات. وبالتالي، فإنه على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي تبدو مؤثرة بشكل كبير في هذه الحرب، إلا أن جزءا كبيرا من قدرتها على إحداث التغيير ينبع من بروتوكولات المعلومات مفتوحة المصدر، ومن الكم الهائل من الضحايا في رقعة صغيرة مثل قطاع غزة.
تقول إيميلي تريب، مديرة إيروورز: “إن طبيعة المعلومات لا تختلف كثيرًا عما حدث في الموصل أو الرقة. فالمدنيون غالبا هم من ينشر هذه المقاطع، على المنصات التي يستخدمونها عادة. لكن مستوى التأثير مختلف – إنه أمر جنوني”.
تركز منظمات مثل (Mnemonic) على الغارات الجوية واسعة النطاق والانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان، بما في ذلك هجمات فظيعة مثل الغارة الجوية التي وقعت في أيار/ مايو على مخيم تل السلطان في رفح. لكن معظم المحتوى اليومي -صور المنازل المدمرة والأطفال المرضى والجوعى- من المرجح أن تختفي في زحام المنشورات على الإنترنت.
هناك القليل من الآليات للتوثيق على الإنترنت، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى حجم ما يُنشر وسرعة تغيره. لكن أكثرها شمولاً هو أرشيف الإنترنت، الذي يحتفظ على خوادمه بنسخ سابقة من الإنترنت منذ سنة 2001، بما في ذلك صفحات الويب التي لم تعد موجودة الآن (في السنة نفسها، أنشأ مؤسسه بروستر كيل أيضًا موقع أليكسا، وباعه لاحقًا إلى أمازون).
تقوم آلية الأرشيف، وتسمى “واي باك ماشين”، بعمل مسح على الإنترنت، لكنها لا تحتفظ إلا بصورة جزئية منه -أي كل ما هو موجود على الموقع في اللحظة التي يجري فيها المسح أو أي ذاكرة مخبأة يتم تحميلها يدويًا- مما يعني أن الكثير مما يُنشر يبقى غير محفوظ، كما أن أسئلة مثل مقدار البيانات التي تحتفظ بها شركات التواصل الاجتماعي ومدة أرشفتها، ولمن تتيح الوصول إليها، لا تزال بلا إجابة. ولم تستجب ميتا ولا إكس لطلبات التوضيح بشأن سياساتهما في هذا الشأن.
بالإضافة إلى ذلك، كان من الصعب الإحاطة بحجم التضليل الإعلامي في الحرب على غزة أو حتى تحديد نطاقه، فقد فشلت شركات وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأولى في كبح جماح الكذب ونظريات المؤامرة وسوء الفهم التي أعقبت الرد الهائل على هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، مما خلق انطباعًا عن الحدث وكأنه يبرر الرد الإسرائيلي العنيف.
هناك أيضًا دعاية متعمدة، فبعد بداية الحرب، استثمرت وزارة شؤون المغتربين الإسرائيلية ملايين الدولارات في الإعلانات على مواقع “إكس” و”فيسبوك” و”انستغرام”، مستهدفةً مواطني الدول الغربية من أجل دعم فكرة العقاب الجماعي للفلسطينيين.
يقول إريك سايب، المنظم الوطني لمركز “حملة” في الولايات المتحدة، وهي منظمة غير حكومية تأسست في 2013 وتتخذ من رام الله مقرًا لها، إن “وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، وهو ما يعني ضرورة مراقبة المعلومات المضللة وخطاب الكراهية والدعوة إلى مناهضة الإقصاء غير المبرر”.
ويضيف: “لقد غيّرت وسائل التواصل الاجتماعي فكرة الرأي العام العالمي عما يحدث في إسرائيل وفلسطين ووجهت الجمهور إلى فهم أكثر صدقًا للأحداث، ولكنها سهلت أيضًا الكثير من الأذى ضد الفلسطينيين”.
تُتخذ إجراءات عقابية ضد المستخدمين من خلال “الحجب الخفي” (إيقاف الحساب دون إبلاغ المستخدم) أو حذف الحسابات، ولكن ليس من الواضح مدى تأثير ذلك على منشورات المستخدمين على المدى الطويل. ففي الولايات المتحدة؛ حيث يقع المقر الرئيسي لمعظم الشركات، لا يوجد إطار عمل شامل حول حماية بيانات المستخدم (التي تشير بشكل عام إلى المعلومات التي يمكن حجبها عن شركات التواصل الاجتماعي، وليس المعلومات التي يجب تخزينها)، وتختلف القوانين من ولاية إلى أخرى.
يقول تريب، من منظمة إيروورز: “يعتقد الكثير من الناس أن منصات التواصل الاجتماعي هي منصات توثيق غير مهمة، لكنها أصبحت ضرورية لعمليات التوثيق المتعلقة بحقوق الإنسان، وهذا يعني أنه عندما يقول إيلون ماسك شيئًا تافهًا، مثل أنه سيحذف الكثير من حسابات تويتر التي لم تعد نشطة، فإن ذلك يعد خسارة كبيرة في مجال حقوق الإنسان”.
إن السلطة الهائلة التي يتمتع بها رؤساء شركات وسائل التواصل الاجتماعي تعني أن أشخاصًا مثل ماسك يستطيعون فجأة تغيير قواعد اللعبة -كما فعل سنة 2023 عندما أعلن أنه سيحذف حسابات “إكس” التي بقيت غير نشطة عدة سنوات، والتي نشر العديد منها معلومات عن الصراعات، واعتمدت عليها “إيروورز” وغيرها في عمليات التوثيق.
ويمكن للحكومات أيضًا إغلاق وسائل التواصل الاجتماعي بسهولة، كما حدث في مصر سنة 2011. وحينها، كما هو الحال الآن، ظهرت حلول بديلة؛ فقد أدى إغلاق تويتر إلى إطلاق مشروع “سبيك تو تويت”، حيث قام المصريون بالاتصال بالهواتف الأرضية خارج البلاد لتسجيل تغريداتهم على رسائل البريد الصوتي، والتي تم تفريغها بعد ذلك ونقلها إلى وسائل التواصل الاجتماعي. (هذه الواقعة موثقة الآن في مشروع فني يحمل نفس اسم الناشطة هبة أمين – التي اشتهرت بالرسومات التي قامت بدسها في المسلسل التلفزيوني “هوملاند” عندما طُلب منها المساعدة في تصميم الديكور، وكتبت “هوملاند عنصري” باللغة العربية).
كل صراع له ما يقابله في وسائل الإعلام، فحرب فيتنام كانت حرب الأخبار التلفزيونية، وحرب العراق كانت حرب قنوات البث السلكي، والربيع العربي كان ثورة تويتر، والحرب في غزة هي حرب إنستغرام، أو ربما تيك توك.
أدت القدرة على تجاوز وسائل الإعلام التقليدية إلى وصول المعلومات مباشرةً إلى الجمهور، وتغيرت الآراء والسياسة الخارجية بطرق تبدو استثنائية بالنسبة لأولئك الذين طالما رأوا تحيزًا إعلاميًا لإسرائيل. وبينما تقدم جهود الأرشفة التي تبذلها المنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال أملًا للمؤرخين ورجال القانون في المستقبل، فإن إرثها ليس مضمونًا بأي حال من الأحوال، فالاعتماد على جهود متناثرة وسيئة التمويل هو جهد هش، ومزيج من عمليات الحفظ التي لا ترقى إلى مستوى الأهمية الكبيرة لهذه الصراعات.
المصدر: نيو لاينز