تقف خارطة فلسطين على باب كل مخيم في الشتات، وتتوزع نماذجها بأحجامٍ مختلفة بين أزقة المخيمات الضيقة ودهاليزها، أما داخل البيوت فهناك موروث كامن في المكان والذاكرة، من الملابس المطرزة، والأطباق المشتركة في الاسم والمختلفة في الوصفة، إلى الصلات الاجتماعية الحاكمة بين العائلات، وهناك الإجابة العجيبة لسؤال: “من أين أنت؟”، والتي دائمًا ما تكون اسم البلدة الأم التي هُجر منها الجيل الأول للنكبة.
هذه الكينونة التي يصعُب صهرها، تعبر عن جانبٍ آخر مما جرى عام 1948، يقف في حدوده عند الأثر النفسي والعاطفي والثقافي والاجتماعي، ولا يتجاوزها إلى الأثر السياسي والحقوقي والتاريخي الذي أضحى مصطلح “النكبة” جامعًا له، فبينما يوفر المصطلح سردية وطنية موحدة قادرة على المطالبة بما ضاع سياسيًا وتاريخيًا واقتصاديًا، تضع الكينونة الأم مصطلحات أخرى أكثر عمومية وشعبية وعاطفية مثل “الهجيج، الشردة، الترحيل، التهجير، ضياع البلاد” وغيرها.
من هذه الكينونة التي تقدم الفاجعة الفلسطينية بوصفها استلابًا ثقافيًا واجتماعيًا وإنسانيًا، تأتي السطور التالية سعيًا إلى تتبع تعبير الفاجعة عن نفسها في الأنساق الشفوية والرموز البصرية والممارسات اليومية لأجيال الشتات، وملاحقة امتداد الذاكرة من القرية والبلدة كجغرافيا مفقودة إلى حضورها القوي على هيئة أغنية واسم وقطعة تطريز، لتشكل جميعها نسيج مقاومة ثقافي وإنساني يرفض النسيان، ويعيد إنتاج الوطن مراتٍ ومراتٍ في أصحابه ولغتهم ولباسهم وقصصهم.
القرى المحمولة على الأكتاف والذاكرة
في كتابها الذي حمل عنوان: “المغيَّبات: النساء والمدن الفلسطينية حتى سنة 1948″، تُسلط الباحثة منار حسن الضوء على التركيز الشديد على القرى والبلدات الفلسطينية وإسقاط المدن من ذاكرة التهجير وتأريخها، وتروي كيف أصبحت هيكلة الذاكرة الجمعية الفلسطينية قائمة على رعاية وعي ريفي قروي، غير حضري، عابر للجاليات الفلسطينيات، وهو ما انسحب على المثقفين والباحثين الذين تركز جُل اهتمامهم على القرى.
يحمل طرح الكاتبة وجاهة بالنظر إلى الدور والمكانة التي تحتلها القرى المهجرة في الجغرافيا المحكية الفلسطينية، والتي تبرز فيها القرية بالمساواة مع المدينة وأحيانًا بمرتبة أقوى، وتخرج منها القصائد والأهازيج وأغاني الحصاد والزفة وحتى الجهاد وغيرها من التقاليد التي أخفاها وجه التحضر المدني قبل النكبة، كما تتعاظم قوتها بالنظر إلى طبيعة المجازر والحرق والدمار التي أصابتها ومحتها تمامًا.
بهذا، يغدو التركيز عليها واستعادة حضورها خطوة في استعادة القرية نفسها، ويمكن هنا الإشارة إلى مخيم اليرموك في سوريا كمثال على القرى المحمولة في الذاكرة، فالمخيم الذي لا تتعدى مساحته 2 كم، يعتبر نموذجًا لحفظ فلسطين في الشتات، أولًا من ناحية الأصول المتنوعة لسكانه التي تعود إلى أكثر من 300 قرية من الجليل والساحل الفلسطينية، وقرابة 16 مدينة مركزية في فلسطين.
وثانيًا؛ مساهمة لاجئيه في جميع مراحل الكفاح الوطني الفلسطيني، بدءًا من ترسيخ العادات والتقاليد المتعارف عليها في كل قرية ومدينة مهجرة، وإطلاق أسماء القرى على الشوارع الرئيسية والمحلات التجارية والفرق الرياضية والمراكز، مثل شارع لوبية وشارع صفد وشارع الجاعونة، ومسرح الخالصة، ومكتبة الطابغة ومكتبة جنين، وفريق الكرمل وفريق تلحوم.
وثالثًا؛ من خلال طبيعته الاجتماعية الديموغرافية التي جمعت أهالي كل بلدة وقرية مع بعضهم في زاوية معينة من زواياه، ما أتاح الحفاظ على العادات والتقاليد وتوارثها بشكلٍ فعال بين الأجيال اللاحقة، ففي المخيم هناك تجمع أهالي طيرة حيفا في حارة خاصة بهم جنوب المخيم، وأهالي صفورية في وسطه، وأهالي قرية بلد الشيخ في حي التضامن المجاور، وهكذا.
ينطبق ذلك على مختلف مخيمات الشتات التي تتسع جدرانها الضيقة بعبارات تخلد فلسطين: “فلسطين يا جرح الزمان الدائم“، “ثورة حتى النصر“، “فلسطين يا وطني“، “بحرنا الميت“، “إليك نجئ يا وطني… إذا مستنا ريح هواك، فوق البحر فوق البحر نمتد…”، “قوات الشهيد البطل عارف العقرب“، “فلسطين عروس مهرها الدماء“، وعلى أسماء المواليد فيها الذين يحملون أسماء المدن الفلسطينية: “يافا، بيسان، قدس، حيفا، جنين“، أو ما ارتبط بها “أريج، انتصار، ثورة، حنين” وغيرها.
يفسر الباحث لونغ يالينغ هذا الفعل الاجتماعي الإنساني باعتباره تأكيدًا لارتباط الفلسطينيين بأرضهم وشرعية انتمائهم لها، حيث يؤكد أن هذه الكينونة التي تتكرر في جميع مخيمات اللجوء تتجاوز الأطر الشخصية إلى الجماعية، وتُستدعى باعتبارها نمطًا من أنماط تثبيت الهوية نفسها بإحياء صور الأشياء والحوادث المحورية في حياة الجماعة، فـ “الجماعة ذات الذكريات تتعزز هويتها من خلال استعادة الماضي“.
بالنسبة للباحث هنا، فإن الذاكرة الفردية للاجئ لا تنفصم عن الذاكرة الجماعية، حتى لو كانت أكثر خصوصية، ففي كلتيهما تتجسد الهوية ولا يمكن للأولى أن تزدهر بدون تفاعل وتبادل اجتماعي وللثانية أن تتحقق سوى بالأولى، وفيهما تتحقق “الهوية الفلسطينية المستقلة“، التي تجتمع عند مصدرٍ واحد هو النكبة، وهي بمثابة “أسطورة الأصل” للشعب الفلسطيني التي تفسر “من نحن؟” و”من أين جئنا؟” و”إلى أين”، والتي تُجيب القصص والأهازيج والزجل والأغاني المتوارثة عن جزءٍ كبيرٍ منها .
الذاكرة الموروثة في القصص والأهازيج
وفقًا للكاتب المختص بالتاريخ الفلسطيني نور مصالحة، فإن الحكواتي وقصصه، أو الروايات الشفوية والقصص اليومية كانت أول الكيانات الصوتية في دعم الثقافة والذاكرة في السنوات التي تلت النكبة، خاصة في ظل حالة اجتماعية عامة من الحزن والصدمة والصمت، ومحيط عدائي للذاكرة وتفاعلاتها المقاومة.
تلتها لاحقًا الزجليات والأهازيج الشعبية والشعر المكتوب، لذلك يحتل التأريخ الشفوي أهمية كبرى في الهوية الفلسطينية وحفظ مفاصل النكبة، لأن الذاكرة لم تُبن على يد المثقفين، بل على يد الأمهات والجدات والعجائز والرعاة الذين نقلوا روايات النزوح الأول وشكلوا ذاكرة النكبة في السرد الشعبي.
في التأريخ الشفوي الفلسطيني (Palestinian Oral History) حُفظت ذاكرة المكان؛ البيوت والبيادر والخيام والبيوت الطينية والطرقات، وترسخت معالم الحق؛ في استحضار من قُتل ومن بقي ومساحة البيت وأين أًخفي المفتاح وأين خُبئت مؤونة البيت، ومسارات اللجوء؛ أين “شردنا” أولًا، ثم أين اجتمعت العائلة وكيف تفرقت، ولهذا دلالاته الخاصة التي تُستعاد اليوم في الإبادة بغزة، وتتعزز من خلال التأكد بصدقية الذاكرة والرواية في الممارسة الإسرائيلية للتطهير والتهجير والقتل.
من مسارات التأريخ الأقل طروقًا الزجل والحداية والترويدات، والتي تطورت خلال الخمسينيات كنوعٍ من هجاء العدو وتمجيد القرية وفردوسها المفقود، ووصف الشتات والتهجير، واستُخدمت في جميع المناسبات الاجتماعية باعتبارها وسطًا لا إظهار فيها للفرح بما لا يتناسب مع ألم النكبة، ولا عزوف عن الحياة، حتى أنها استخدمت في مناسبات العزاء، وفيها ظهرت الخصوصية الفلسطينية الجامعة لكل العرب، وكل فلسطين من جبالها إلى ساحلها بجميع لهجاتها، واستعادت أغاني الحصاد والزفاف والمواسم بهجتها بالعتابا والميجنا، وردد الفلسطينيون خلفها “يا حلالي ويا مالي“.
مُهري في الهيجا لو ثار
ثورَه والعتمِـه مفـرودِه
ويـن عيون تشوف النار
هَبَّتْ مـن بوز البارودِه
تزامن الزجل مع الشعر الذي اتفق ظهوره إعادة التبلور السياسي الفلسطيني بداية الستينيات، وبرع فيه شعراء الداخل المحتل قبل غيرهم، في تأطيرهم للنكبة كقضية قومية عروبية تتجاوز الفلسطيني وحنينه الشخصي، ومن خلاله تم توثيق جزء لا يُستهان به من حكايات النزوح والمقاومة والأرض، وبمثل هذه الأدوات أصبح للاجئ الفلسطيني خريطة بديلة وذاكرة تتجاوز الصور والوثائق وحنين جماعي يتكثف في لحظات صعود المقاومة والتعبير الثقافي والاجتماعي عنها.
تطور الشعر الوطني المقاوم أسهم في ظهور الغناء، فوفقًا للكاتب بدر العقباني، فإن تحول البطل من مقتول إلى فدائي لا يُهزم، بعودة العمل المقاوم بعد النكسة، أسهم في إطلاق جهد الملحنين والشعراء لتقديم إنتاج يحكي قصص التشرد والتهجير، وينقلب على شكل الأغنية الانطباعي لصالح الأغنية ذات الكلمات الوطنية والعربية والقومية، وما تتضمنها من مفردات الحرب والرصاص والنار والدبابات، وذلك مع انطلاق إذاعة صوت العاصفة من عمان عام 1968.
بهذا المعنى، أصبح من الطبيعي أن يعرف اللاجئ الفلسطيني في الشتات تفاصيل عن قريته وعائلاتها وعيون مياهها، ونوعية الحمضيات والأثمار التي تُنتجها، ومداخلها ودهاليزها، دون أن تطأها قدماه، ودون أن يُتاح له الوصول إلى أي جزء من أرض فلسطين، بل وأن ينقل هذه المعرفة إلى الجيل اللاحق كإرث يجب صونه، مهما تطاول اللجوء وصعُبت العودة، وهو ما حول النكبة من ألمٍ جماعي إلى ميراث اجتماعي وعاطفي، أصبحت الذاكرة فيه لا تُورث كمعلومة، بل كهوية للفلسطيني واستمرارية لقضيته ووجوده.
الجغرافيا المطرزة: الأثواب كوطنٍ مصغر
تسبق الإبرة والخيط حكاية النكبة بقرون، يعيدها البعض إلى ما بين 3000 – 2500 قبل الميلاد، لكنها تتكيف مع التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لنسائه منذ البدايات، فالنقوش متباينة في كل قرية وبلدة عن غيرها، والرموز تحمل الحب والفرح والبحر والحصاد والزواج والزرع وفقًا لصبغة كل منطقة، وأحيانًا تحمل من الرموز الدينية والعرقية ما لا تحمله القلائد والمجوهرات، وتكشف خيوطها المذهبة والليرات الذهبية والفضية المعلقة بها عن مستويات اقتصادية واجتماعية هامة.
وفي التاريخ الفلسطيني، تحمل الفتاة إبرتها بسن العاشرة وتبدأ بتطريز ثوب زفافها، وفيه أرضيات بيضاء وزرقاء وسوداء وبنية، وأصباغ استخرجها الفلسطينيون من طمي الأنهار وقواقع البحار، وتتراوح غرزة الأساسية بين 11 غرزةً إلى 33 غرزةً متنوعةً، ومن المُصلبة أو الغرزة الفلاحي، وغرزة النمل واللف البدوي، وغرزة المنجل الغزاوي.
ووفقًا لمها السقا، مديرة مُؤسِّسة مركز السقا للتراث الفلسطيني، والتي تُعرف بحارسة الثوب الفلسطيني، من خلال عملها على تجميعه وحفظه، فإن أقدم ثوب في العالم هو “ثوب أريحا“، ويعود عمره إلى 10 آلاف سنة، أما أقدم صورة حصلت عليها السقا للثوب الفلسطيني فتعود إلى أجدادها في عام 1886
بعد النكبة أصيب التطريز الفلسطيني في مقتل، نتيجة تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المقام الأول، والسعي الإسرائيلي لاستلاب الإرث الفلسطيني لنفسه، وهو ما أطلق جهدًا فلسطينيًا عامًا لحماية الإرث من السرقة، مثل المسيرة التراثية الفلكلورية التي نشطت ما بين النكبة والنكسة من خلال جهودٍ متواضعة ومراكز شعبية لحفظ التراث والهوية العربية الفلسطينية وتعميق الوعي به للأجيال القادمة.
وهو ما أدى إلى ظهور جمعيات تستهدف الحفاظ على الثوب، وتحسين وضع الأسر الفلسطينية أيضًا، لتتحول المرأة الفلسطينية من التطريز لنفسها ولأحبابها، إلى امتهان التطريز لتعتاش وتعيل أسرتها، ومع بداية الخمسينيات والستينيات، أُنشت جمعيات فلسطينية تُعنى بتقديم أجر للنساء العاملات مقابل العمل المطرز.
كان من أبرزها جمعية “إنعاش الأسرة” في رام الله، ومثلها جمعية “إنعاش المخيم الفلسطيني” في بيروت، وجمعية “العائدات” في سوريا، وجمعية “الإتحاد النسائي العربي” في مختلف فروعه، ورابطة المرأة العربية في مصر، ومؤسسة “صامد” التي أسستها منظمة التحرير الفلسطينية، حيث أتاحت الجمعيات للنسوة اللاجئات تحقيق دخل من خلال عملهن المأجور في تطريز الأثواب وتسويقها، بينما وصفت النسوة العاملات في صامد جهدهن بأنه “مقاومة سياسية واجتماعية”.
الأثواب كفعلٍ سياسي
برغم تسليع الثوب الفلسطيني، إلا أنه ظل دائمًا انعكاسًا للكثير مما يعتمل في صدور الفلسطينيين، أولًا كان انعكاسًا لحنينهم لبلداتهم وعاداتهم الجماعية في الزواج والاحتفال بالمواليد والبناء والحصاد، وثانيًا كان انعكاسًا لتمازجهم واختلاطهم في المخيمات، حيث تداخلت النقوش والأرضيات والطرز، كما غابت الليرات عنه لتردي الوضع المادي، وتسبب ذلك في ندرة الثوب الأساسي وظهور حملات لاستعادته وإحيائه.
مما عكسه الثوب أيضًا كان روح المقاومة، حيث استُبدلت غُرز العلم الفلسطيني والبندقية والمفتاح وخارطة الوطن السليب بالزرع والرمان وسرو غزة الطيور والحمائم، ومع وصوله إلى العالمية على يد أوسلو، التي أُنشئت معها 64% من جمعيات التطريز، بدأ الثوب يخرج من حيز الخصوصية الفلسطينية إلى نطاق الاستهلاك العام.
هذا الانجراف نحو الترويج للثوب، وتقدم العمر بمن بقي من جيل النكبة الأول، أطلق مخاوف متجددة من فقدانه، ما استفز جمعيات ومؤسسات، مثل “طرازين” و”جمعية إنعاش الأسرة” و”متحف فلسطين”، للعمل على توثيق خصوصية الثوب في كل منطقة، وإقامة معارض خاصة تتجاوز النمط الاستهلاكي، إلى تسجيل القرى وفقًا لأثوابها.
بهذا غدا الثوب ذاكرة مهددة بالضياع، تمامًا كالقرية وفلسطين نفسها، لا سيما مع جهدٍ “إسرائيلي” في سرقته ونسبته إلى تاريخه، واستخدامه كعلامة تعريفية له في المحافل الدولية، من خلال استبدال النجمة السداسية بالنجمة الفلسطينية، وارتداء زوجات الوزراء “الإسرائيليين” له، وإقامة معارض تراثية تعرضه بصفته “إرثًا اسرائيليًا” مثل المعرض الذي أشرفت عليه زوجة “موشيه ديان” في البيت الأبيض الأمريكي، واعتماده زيًا رسميًا للمضيفات على خطوط الطيران.
وعليه تجاوز الثوب قيمته كزي، وأصبح من الواجب رفع مستواه من المعارض التراثية والتطريزية إلى مستوى البيان السياسي والمقاومة الناعمة التي يعبر بها الفلسطيني عن أرضه وتاريخه، ويقاوم الأسرلة والنسيان بتأكيد بصري على حقه، فعم ارتداؤه حفلات الزفاف والتخرج والمناسبات، وعاد إلى الأسواق، لا بوصفه سلعة وإنما مقاومة.
تكرس ذلك عام 2021 ، حين أقدمت الفلسطينية مها السقا على إعداد كتاب يضم 700 صفحة، عرضت فيه كل ما يتعلق بالثوب الفلسطيني، وقدمته إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، فنجحت في إقناع 194 دولة بالتصويت لصالح قرار إدراج فنّ التطريز الفلسطيني ضمن قوائم التراث الثقافي العالمي لعام 2021، وهو ما مثل نصرًا للمقاومة الثقافية وحماية لإرث آخر من الأسرلة والتهويد.
بالمحصلة، فقد استطاعت قطعة القماش المطرزة أن تحفظ للفلسطيني الكثير من ذاكرته، تراثه، رائحه أمه وطعامها، مواسم حصاده التي كانت تُجمع في الأثواب الكبيرة، كما نقل الثوب ما لم تنقله الألسن من الحكايا والقصص والتاريخ، ومثل حتى اليوم جزءًا من التجربة الفلسطينية في حفظ التراث الثقافي من الاحتلال، والتي أثبتت أن فلسطين ليست دائمًا بحاجة إلى منظمات ومؤسسات وإنما إلى أفراد يدركون بوصلتهم، ويعرفون أن طريقهم نحو البلاد لن تخونه الذاكرة، ولن تخطئه البندقية وسيُدثر دائمًا بدفء الحكايا وأثوابها المطرزة.