شهد المشرق الإسلامي في القرنين الرابع والخامس الهجريين صراعًا بين قوتين متنافستين: العباسيين السنّة في بغداد، والفاطميين الشيعة في القاهرة، حيث سعى كلٌّ منهما إلى فرض نفوذه الرمزي على مكة، التي لم تكن مجرد مقصد للحجاج، بل كانت تمثل رمزًا للشرعية السياسية والدينية في العالم الإسلامي.
في ذروة التنافس على رمزية مكة، وتحديدًا في مطلع القرن الخامس الهجري، كان ناصر خسرو، الشاعر والبيروقراطي الفارسي، يعيش حياةً مترفة يغمرها الشعر والولائم والخمر، في كنف البلاط الغزنوي ثم السّلجوقي، طامحًا إلى مزيد من النعيم الدنيوي.
غير أن بلوغه الأربعين شكّل منعطفًا داخليًّا حادًا؛ إذ بدأت الحيرة تتسلّل إلى وجدانه، وتعمّقت خيبة أمله من نمط الحياة الذي اعتنقه، حتى غرق في كآبة ثقيلة تحت وطأة اللذات الزائلة. وفي إحدى الليالي المثقلة بالهموم، خلد إلى النوم، ليشهد حلمًا سيقلب مسار حياته من جذوره.
رأى خسرو في منامه شخصًا غامضًا اقترب منه ووبخه بسبب إدمانه الخمر ونمط حياته المتهور، وسأله بحدة: “إلى متى ستستمر في شرب الخمر؟”، حاول خسرو تبرير سلوكه بأن الخمر وسيلة للهروب من هموم الدنيا، إلا أن الحكيم الغامض أصر على أن الغفلة واللاوعي لن يجلبا له الطمأنينة، وحثه على البحث عن العقل والحكمة، و”أين يجدها؟” سأل خسرو، فأجاب الآخر: “من جد وجد”، وأشار نحو مكة واختفى.
ترك ذلك الحلم أثرًا بالغًا في نفس خسرو، فبمجرد أن استفاق، عقد العزم على إحداث تحول جذري في حياته، اغتسل وصلى داعيًا الله أن يعينه على ترك المحرمات وأداء فريضة الحج، آملًا أن يجد في تلك الرحلة سبيلًا للخلاص من أزمته وما افتقده طوال أربعين عامًا، وهو ما عبر عنه بقوله:
“لما صحوت من النوم، كانت هذه الرؤيا ماثلة بأكملها أمامي، وقد أثرت في، فقلت لنفسي، صحوت من نوم البارحة، وينبغي أن أصحو من نوم أربعين سنة خلت، وأمعنت الفكر، فوجدتني لن أسعد ما لم أعدل عن كل سلوكي”.
في ملف “ألف درب إلى مكة”، نتتبع السر خلف تلك الجاذبية التي جعلت قوافل لا تُعد ولا تُحصى تشق طريقها عبر القارات والبحار والصحارى، نحو قبلة تهفو لها الأرواح قبل الأقدام. نستكشف خطى الحجاج كما خلّدوها في رواياتهم، من شتى العصور والثقافات والانتماءات، وكلٌ منهم يحمل في قلبه قصة خاصة، تلتقي كلها عند لحظة الوصول إلى البيت الحرام.
من خراسان إلى مكة
ربيع الأول من عام 438هـ، باع خسرو معظم ممتلكاته، وسدد ديونه، ثم استقال من وظيفته في الإدارة السلجوقية، وترك وراءه قصور خراسان ومجالس السياسة، وحزم أمتعته متوجهًا إلى مكة لأداء فريضة الحج.
انطلق من مدينة مرو الواقعة في تركمانستان الحالية، برفقة شقيقه الأصغر وغلامه الهندي،واتجه أولًا إلى نيسابور في شمال شرق إيران، ومنها سار شمالًا نحو بحر قزوين، حتى وصل إلى الأناضول، ثم تابع رحلته إلى بلاد الشام، حيث زار حلب وسرمين ومعرة النعمان، والتقى بأبي العلاء المعري الذي أشاد به.
ثم توجه لزيارة حماة، وطرابلس، وبيروت، وصيدا، وصور، وعكا، وحيفا، وبعد مرور نحو عام على بدء رحلته، وصل إلى القدس في الخامس من رمضان سنة 438هـ، وزار قبة الصخرة وجميع قبور الأنبياء، وترضى على الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عند وصفه لمحرابه في المسجد الأقصى.
في منتصف ذي القعدة من نفس العام، غادر خسرو القدس متجهًا إلى مكة، حيث وصل إليها بعد عشرة أيام، وبعد أن أدى فريضة الحج، لم يعد إلى مسقط رأسه في خراسان، بل عاد مجددًا إلى القدس، ثم واصل رحلته برًا نحو القاهرة عاصمة الدولة الفاطمية.
أقام خسرو في القاهرة ثلاث سنوات، التقى خلالها بالسلطان الفاطمي المستنصر بالله، وداوم على حضور دروس دينية ألقاها الشيرازي، أحد كبار علماء المذهب الإسماعيلي، ويُعزى إليه الفضل في إقناع خسرو باعتناق هذا المذهب.
خلال إقامته في القاهرة، أدى خسرو فريضة الحج ثلاث مرات في ظل سيطرة الحكم الفاطمي على مكة، وفي حجته الثانية، سافر بحرًا وأدى مناسك الحج نيابة عن السلطان الفاطمي، ثم عاد إلى مصر، لينطلق لاحقًا إلى الحج للمرة الثالثة برفقة قافلة المؤن وكسوة الكعبة التي أرسلها الفاطميون إلى مكة.
وأخيرًا، شرع في حجته الرابعة انطلاقًا مصر، وأقام ستة أشهر في مكة، وقد وثق تفاصيل هذه الرحلة في مؤلفه الشهير “سفرنامه“ أو “كتاب الأسفار”، الذي يُعد من أقدم كتب رحلات الحج في الأدب الفارسي، وتبرز أهميته في كونه لا يقتصر على تسجيل رحلته فحسب، بل يرصد ملامح الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي للحج في القرن الخامس الهجري.
الحجاز في عيني خسرو
حين وصل خسرو إلى مكة، انبهر بجمال الكعبة ووصفها بدقة، لقد وقف أمامها مذهولًا من هيبتها، مشيدًا بالهالة الروحية التي تحيط بها، ونقل بشكل مفصل مناسك الحج وأجواء مكة المكرمة، ومعالمها وأزقتها وأسواقها ونسيجها الحضري وعملية تنظيم الحج، والموكب إلى عرفات.
في وصفه لمكة، أشار خسرو إلى أن المدينة محاطة بجبال شاهقة، لافتًا إلى أن الفجوات بين الجبال قد سُدت بأسوار حصينة لتعزيز أمن مكة، كما لفت إلى أن مكة أرض قاحلة تخلو من الأشجار، باستثناء منطقة الباب الغربي للمسجد الحرام المعروف بباب إبراهيم، حيث تنمو أشجار كبيرة هناك.
أيضًا أشار خسرو إلى أن كسوة الكعبة التي أرسلها الفاطميون كانت بيضاء اللون، في دلالة رمزية على الانفصال عن رمزية السواد العباسي، كما لفت إلى أن المباني المحيطة بساحة المسجد الحرام اقتصرت في ذلك الوقت على ثلاث منشآت فقط: بئر زمزم، وسقاية الحاج، وخزانة الزيت.
ودون أيضًا مشاهدته لعدد من الصناديق الموضوعة داخل المسجد الحرام، تعود إلى مدن مختلفة مثل المغرب ومصر والشام وبلاد الروم والعراقين وخراسان وما وراء النهر، ويُرجّح أنها كانت مخصصة لحفظ أمتعة الحجاج وحاجياتهم.
واسترسل في وصف صحراء عرفات، وذكر أنها تقع بين جبال صغيرة وذكر ما تحويه من معالم، وأن بها مسجدًا بناه إبراهيم ويصلي فيه الحجاج ركعتين. ومن التفاصيل اللافتة التي أوردها خسرو، ما سمي بعمرة الجعرانة، وذكر أن الجعرانة تقع على مسافة أربعة فراسخ شمال مكة، وفيها بئرين، أحدهما منسوب للنبي محمد، والآخر لعلي بن أبي طالب، ويُعد خسرو المصدر الوحيد الذي ذكر هذين البئرين.
تؤدى هذه العمرة في موسم الحج، والذين يزورون هذا المكان يعجنون الدقيق بأيديهم بماء البئرين ويتخذون من الأشجار الكثيرة هناك وقودًا للخبز الذي يرسلونه إلى الأقطار تبركًا، كما توجد صخرة كبيرة يقال إن بلال الحبشي كان يقف عليها ويؤذن للصلاة.
ومن العادات التي رصدها خسرو، دق الطبول عند أوقات الصلاة إيذانًا ببدء موسم الحج، وعند حديثه عن عادات أهل مكة وبعض الممارسات المرتبطة بالحج، أشار إلى إخراج مصحف مكتوب بخط زيد بن ثابت، حيث يتجمع الناس حوله وهم حاسري الرؤوس يتضرعون إلى الله بالدعاء.
كما ذكر خسرو أن للمسجد الحرام 18 بابًا، ونظرًا للتغيرات التي لحقت بأسماء هذه الأبواب بين القرن الثالث والسادس الهجري، فقد تختلف التسميات التي أوردها عن تلك التي ذكرتها المصادر التي سبقته أو تلته.
أيضًا تناول خسرو أوضاع سكان مكة في تلك الفترة، مشيرًا إلى تنوعهم العرقي والجنسي، حيث أوضح أن نحو ألفي شخص من أهل مكة كانوا يقيمون بجوارها، بينما بلغ عدد الغرباء والمجاورين حوالي خمسمائة.
أحد أكثر الأشياء التي أبهرت خسرو أثناء وجوده في مكة، هو تنوع الفواكه والخضراوات النادرة والمتوفرة بشكل دائم في أرض مكة القاحلة، وقد أبدى إعجابًا بالغًا بأسواق الفاكهة، كما تُظهر تجربة خسرو ازدهار الحركة التجارية في مكة خلال النصف الأول من القرن الخامس الهجري، حيث أشار إلى نشاط الأسواق وانتعاش التجارة، خصوصًا في موسم الحج.
كذلك ذكر وجود سوق كبيرة أمام جبل المروة تضم عشرين دكانًا مخصصة للحجامين والحلاقين، إلى جانب سوق واسعة للعطارين، ويتضح من وصفه أن العملة المغربية كانت واسعة التداول في المعاملات التجارية.
من اللافت أيضًا أن خسرو لم يُفرض عليه دفع أي نوع من الضرائب، فقد التقى بأحد الأمراء الذي أكرم وفادته وأعفاه من المكوس والضرائب معتبرًا إياه عالمًا، ويبدو أن العلماء في تلك الفترة كانوا معفيين من الضرائب.
ووفقًا لخسرو، تحتضن مكة دورًا لرعاية الحجاج القادمين من مختلف البلدان مثل خراسان وبلاد ما وراء النهر والعراق، كما أشار إلى أن مياه مكة في تلك الفترة كانت تعتمد بشكل كبير على الآبار المالحة غير الصالحة للشرب، إلا أن العباسيين بنوا العديد من الأحواض لتوفير الماء.
فقد قام خلفاء بغداد ببناء منشآت حيوية لتسهيل أداء الحج، مثل البرك والخزانات الكبيرة لتوفير المياه، بالإضافة إلى أماكن للطعام والتخييم، ومن خلال سرد خسرو، يتضح مدى عناية العباسيين بتشييد الأبراج والمساجد والمنازل التي يبيت فيها الحجاج.
أيضًا أشار خسرو إلى مساهمة بعض أمراء الأقاليم المجاورة في توفير الماء للحجاج، ومنهم “ابن شاددل”، أمير مدينة عدن في اليمن، الذي نسب إليه تنفيذ عدة مشاريع تنموية كبيرة، منها إيصال المياه إلى مكة عبر مجرى مائي تحت الأرض، وتزويد عرفات بالماء من منطقة بعيدة، بالإضافة إلى بناء برك مائية لتلبية عطش الحجاج.
كما أشار خسرو إلى نشاط تجارة الماء العذب في مكة، حيث كان بعض السقائين يجلبون المياه من آبار مجاورة مثل بئر الزاهد الذي كان يقع خارج مكة مباشرةً، ولفت إلى أن أمير مكة كان يقيم في منطقة تُعرف ببرقة، تحيط بها المياه والأشجار، وتقع على مسافة أربعة فراسخ شمال مكة، وبصحبته جيش خاص به.
بعد أن أدى خسرو فريضة الحج في سنة 442هـ، غادر مكة المكرمة، وفي طريقه، وصف حياة الناس في المناطق التي مر بها في طريقه إلى نجد، مشيرًا إلى أنشطتهم الاقتصادية التي تضمنت رعي وتربية الماشية، إضافة إلى أعمال السلب والنهب التي كانوا يمارسونها ضد أي غريب يمر بتلك المناطق، إلا إذا كان برفقته خفير أو مرشد.
بعد مسيره من قرية ثريا، وصل إلى مدينة اليمامة في وسط الصحراء العربية، وقد وصف حكام المدينة بأنهم علويون من الطائفة الزيدية، وأنهم يرددون في صلاتهم محمد وعلي، ومن المؤكد أن هؤلاء الأمراء العلويين هم بني الأخيضر الذين حكموا بلاد نجد لأكثر من قرنين.
يكتسب وصف خسرو لدولة قرمطية صغيرة في الأحساء قرب البحرين أهمية خاصة، حيث يشير إلى أن أمير الأحساء المسمى أبو سعيد أعفى أهلها من الصلاة والصوم، ودعاهم إلى أن مرجعهم لا يكون إلا إليه، وعندما يسألهم الناس عن مذهبهم، يجيبون بأنهم “أبو سعيديون”، وفقًا لوصف خسرو، فهؤلاء لا يصلون ولا يصومون ولا يوجد لديهم مسجد، مع ذلك يقرون برسالة النبي محمد، وقد أخبرهم أبو سعيد أنه سيعود إليهم بعد وفاته.
أيضًا كانت جدة من أبرز المدن التي تناولها خسرو، حيث أعرب عن إعجابه بعمارتها المحصنة وأسواقها الحيوية، مشيرًا إلى ازدهارها التجاري، إذ كانت تمثل الميناء الرئيسي والنقطة الأولى لاستقبال الحجاج من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
تحديات الحج
وثق خسرو الوضع الاجتماعي والمدني للحرمين الشريفين، منتقدًا بعض المظاهر الاجتماعية والدينية مثل الجهل وسوء التنظيم في بعض الأحيان، كما تناول تعامل البدو معه أثناء رحلته لأداء فريضة الحج، مشيرًا إلى قسوتهم وطلبهم للمال بكل وسيلة.
تتمثل معظم المشاكل التي رواها خسرو عن الحج في الكوارث الطبيعية والبشرية التي تعرض لها الحجاج أثناء رحلتهم أو خلال موسم الحج في مكة، ففي وصفه لميقات الجحفة الذي يُعد ميقاتًا لأهل المغرب والشام ومصر، ذكر أن سيلًا ضرب جمعًا كبيرًا من الحجاج وأهلكهم، كما أشار إلى أنه في حجته الأولى لم تصل قوافل الحج من أي جهة بسبب نقص الطعام.
في حجته الثانية سنة 439هـ، سجل خسرو معاناة الحجاج من ارتفاع حاد في الأسعار، نتيجة لانقطاع الأمطار وانتشار القحط في المناطق المحيطة بمكة، وقد أدى هذا الجفاف إلى تفاقم الأزمة المعيشية، وارتفعت أسعار السلع الغذائية الأساسية بشكل كبير، حيث بلغ سعر القمح 16 دينارًا مغربيًا.
وتسببت المجاعة الشديدة التي اجتاحت الحجاز في نزوح جماعي للسكان، حتى بلغ عدد المهاجرين نحو 35 ألف شخص توجهوا إلى مصر. وفي العام التالي (440هـ)، أشار خسرو إلى أن السلطان الفاطمي أعلن رسميًا عن وجود مجاعة في الحجاز، وأصدر قرارًا بعدم أداء فريضة الحج لذلك العام.
نهاية الرحلة: عودة شاقة إلى الوطن
بعد حجه الرابع والأخير، لم يعد خسرو إلى القاهرة، بل عزم أخيرًا العودة إلى وطنه في خراسان، متخذًا طريقًا ملتويًا عبر جنوب اليمن، غير أن الرحلة عبر الصحاري القاحلة كانت مُرهقةً للغاية بالنسبة له.
هاجمه مجموعة من قطاع الطرق في الصحراء، لكنه نجا مع حفنة من رفاقه، وبعد ثلاثة أشهر، وصل خسرو إلى البصرة في جنوب العراق وكان في حالة مزرية، إذ بدا عليه الفقر الشديد لدرجة أن صاحب أحد الحمامات العامة رفض السماح له بالدخول. ثم واصل رحلته عبر أصفهان حتى وصل أخيرًا إلى مسقط رأسه في بلخ في جمادى الآخر من عام 444هـ، وكان قد بلغ الخمسين من عمره.
يتفق كثير من المؤرخين والباحثين على أن خسرو لم يكن إسماعيليًا منذ البداية، وأنه بدأ حياته سنيًا، بينما يرى آخرون أنه نشأ في أسرة شيعية اثني عشرية، ولكن من المؤكد أنه تحول لاحقًا إلى المذهب الإسماعيلي، وهو ما تؤكده كتاباته وأشعاره وافتخاره باتباع الأئمة الفاطميين وولائه الراسخ لآل البيت.
ووفقًا لروايته، فقد عينه المستنصر داعيًا لمنطقة خراسان ورُقاه إلى رتبة حجة أي رئيس الدعوة الإسماعيلية في ولايته. قسم الفاطميون الأراضي التي سيطرو عليها أو خططوا لضمها إليهم إلى اثنتي عشر ولاية، وعينوا لكل منها ناظرًا أو حجة لنشر المذهب الشيعي وكانت خراسان واحدة من هذه الأقاليم.
لم يُخفِ خسرو مكانته كحجة ولا قربه من الخليفة الفاطمي، ولا حتى نيته نشر الدعوة الإسماعيلية، بل دخل في نقاشات حامية مع علماء خراسان ومسؤولين سلاجقة، ويبدو أن أنشطته كانت قوية لدرجة أثارت قلق علماء السنة، وسرعان ما اقتنع السلاجقة الذين حكموا المنطقة بأن أنشطة خسرو تمثل تهديدًا لهم.
في النهاية، اضطر خسرو إلى الفرار شرقًا نحو مقاطعة بدخشان الجبلية، حيث حصل على حماية من أحد الحكام المحليين، واستقر في يمغان التي اتخذها مقرًا لدعوته، لكنه كان يسافر كثيرًا إلى البلدان المجاورة، وأمضى آخر 25 عامًا من حياته في يمغان (التي تقع في أفغانستان حاليًا) وتوفي في عام 481هـ ودفن في نفس المكان.
كان خسرو من أشهر رحالة عصره، وعند عودته من الحج، أصبح شخصًا مختلفًا عما كان عليه حين غادر، فقد ترك وراءه كل مظاهر الترف والتهور، وتعود الغالبية العظمى من كتاباته إلى الفترة التي تلت عودته إلى خراسان عام 444هـ.