أن تدرك أن من تحب قد رحل عن هذه الدنيا، لَهو من أثقل الأحزان على القلب، لكن ما هو أشد قسوة من الحزن ذاته، هو العيش في غياب الإدراك، ليس إنكارًا للموت، بل لعدم وجود ما يثبته. هكذا يبقى الغائب معلقًا في الذاكرة، وتبقى الجراح مفتوحة تنكأها كل ذكرى. ومع توالي الأعوام وتقشّف الأمل قد تصبح أماني قلوب الأحبة في بعض الأحيان لا تتعدى العثور على قبر لهذا البعيد المغيب القريب من الذاكرة، تلجأ إليه متى أحبت.
هذا الألم المركّب يعصف بقلوب وعقول مئات الآلاف ممن فقدوا أحبّاءهم في مجازر منهجية، وكان للسوريين، دون شك، النصيب الأكبر من هذا العذاب، بعد عقود من الوحشية التي مارسها نظام الأسد وأذرعه الأمنية، واليوم تأمل العائلات الحداد على أحبتها ومحاسبة من تسبب بكل هذه الفظائع.
لم ينكفئ البشر يومًا عن تطوير ابتكارات متنوعة على اختلاف الأزمنة، منهم من استخدمها بالدمار والآخر بالعمار، وفي العقود الأخيرة، شكلت تقنيات تحليل الحمض النووي (DNA) ثورة علمية يمكن أن تكون مفتاحًا لتحقيق العدالة الانتقالية، سواء من خلال الكشف عن مصير المفقودين والمغيبين قسرًا، أو في جمع الأدلة لتحديد ومحاسبة الجناة.
في هذا المقال، نستعرض الدور المحوري للتكنولوجيا الحيوية، وعلى رأسها تحليل الحمض النووي، في كشف مصير المغيبين، لا سيما في المقابر الجماعية، واستعادة هويات الضحايا، وربط الأدلة بمسؤولين محددين، بالاستفادة من التجربة المؤلمة في سريبرينيتسا بالبوسنة، ومقارنتها بما يواجهه السوريون اليوم في سعيهم للحقيقة والعدالة.
مسار معقد
يعتبر الشخص “مغيبًا قسرًا” في القانون الدولي إذا كان مكان وجوده أو مصيره غير معلوم، وفي حالات الحروب والأنظمة القمعية تكون السجون ملجأ الأجوبة المأمولة، لكن في المشهد السوري وبعد تبييض السجون عقب سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي، أصبحت المقابر الجماعية المفتاح الأولي لاكتشاف مصير المفقودين.
يعد مسار الكشف عن المفقودين طويلًا ومعقدًا ويتطلب لجان في التحقيقات الجنائية، الطب الشرعي، علماء الجينات والأنثروبولوجيا، إضافة إلى ممثلي الهيئات المختصة.
هذه اللجان عادة ما تبدأ عملها بجمع شهادات أهالي المفقودين أولاً ومن ثم السكان المجاورين لأماكن مشتبه أنها شهدت انتهاكات، إلى جانب تحليل اعترافات أشخاص تورطوا سابقًا في عمليات الاعتقال أو القتل أو الإخفاء. تُعدّ هذه الإفادات نقطة انطلاق ضرورية، لكنها غالبًا ما تكون غير كافية بمفردها لتحديد مصير الأشخاص أو مواقع الدفن السرية.
وتُدعم هذه الشهادات بأدلة مادية وتقنية، كصور الأقمار الصناعية التي تُراجع عبر فترات زمنية مختلفة، بحثًا عن تغيّرات غير طبيعية في التربة من حفر وردم وتغير في شكل الغطاء النباتي. وغيرها من التقنيات الحديثة كاستخدام رادار اختراق الأرض (GPR) الذي يسمح بكشف الفراغات تحت سطح التربة دون الحاجة إلى الحفر، بالإضافة إلى الاستعانة بالكلاب البوليسية المدربة على تتبع رائحة تحلل الأجسام البشرية.
كما تُستخدم الطائرات المسيّرة (الدرون) المزودة بكاميرات حرارية أو متعددة الأطياف لرصد المؤشرات الأرضية الدقيقة التي قد لا تُرى بالعين المجرّدة.
بعد تحديد موقع المقبرة، تبدأ عملية استخراج الرفات بدقة، مع توثيق كل خطوة وفق منهجية علمية محددة، تليها سلسلة من التحاليل المخبرية تهدف إلى تحديد هوية الضحايا.
وتُعدّ تقنية تحليل الحمض النووي الـ DNA حجر الأساس في هذه المرحلة، إذ تُقارن عينات الرفات مع تلك التي يقدمها ذوو المفقودين. وهنا تبرز أهمية الفروقات الدقيقة في الشيفرة الوراثية، والتي تشكّل جوهر عملية المطابقة.
لطالما قيل إن البشر يتشاركون في 99.9% من الحمض النووي، ما يعني أن الاختلاف بيننا يكمن في نسبة ضئيلة لا تتجاوز 0.1%. ومع ذلك، فإن هذه النسبة الصغيرة هي ما يميز كل فرد عن الآخر، وتشكل الأساس الذي تعتمد عليه تقنيات تحليل الحمض النووي في التعرف على الهويات من خلال قراءة هذا الجزء الفريد.
بعض هذه الأجزاء تتشابه مع الأقارب بسبب الوراثة. ولهذا تُستخدم في تحليل تحديد القرابة. وعند إجراء التحليل، تُقارن هذه المواقع الجينية بين العينات، وتُحسب نسبة التطابق باستخدام نماذج إحصائية دقيقة، وإذا بلغت مستوىً علميًا معتمدًا، تُستخدم لتأكيد أو نفي وجود صلة قرابة.
في حال كان الهدف تحديد هوية رفات الضحايا في مقابر جماعية، فغالبًا ما يستلزم الأمر أخذ عينةِ أكثر من شخص من عائلة المفقود لتأكيد هوية الضحية. لأن عينة الحمض النووي القادمة من الرفات من الممكن أن تكون غير مكتملة. بمعنى أن التركيب الكيميائي للحمض النووي قد تكسَّر أو أنه تلف بسبب الحرارة أو الرطوبة أو لأسباب أخرى.
كما أن احتمال وجود ضحايا من نفس العائلة كأولاد العم والخال قد يؤدي إلى تشابه في بعض الصفات الجينية، مما يُصعّب تأكيد الهوية بناءً على عينة واحدة فقط، ويستلزم مقارنة أوسع مع أكثر من قريب لتعزيز دقة المطابقة وتقليل هامش الخطأ.
البداية من سريبرنيتسا
بعد المجازر المروعة التي حدثت في يوغوسلافيا بين أعوام 1992-1995، قدر عدد المفقودين بأكثر من 40 ألف شخص. وخلال الأعوام التي تلت هذه المأساة عملت المؤسسات على تحديد هوية الضحايا. لكن بسبب شح التقنيات المتوفرة آنذاك وشدة تعقيد وكبر حجم الانتهاكات، لم تستطع الجهات المعنية سوى التعرف على عدد قليل جدًا من الضحايا.
في مدينة سريبرينيتسا وحدها، تجاوزت جرائم التطهير العرقي التي ارتكبها الصرب بحق المسلمين البوشناق عتبة 8 آلاف ضحية. وعلى مدار خمس سنوات من البحث المضني والمحمّل بالألم النفسي والجسدي، لم تُفضِ الجهود التقليدية إلى التعرف على أكثر من 100 هوية.
لكن مع مطلع الألفية، شكّلت تقنية تحليل الحمض النووي نقطة انعطاف حاسمة، إذ استُخدمت للمرة الأولى في قضايا بهذا الحجم، ما غيّر بشكل جذري من قدرة فرق البحث على كشف مصير الضحايا والتعرف عليهم بدقة أكبر.
يعود أول استخدام لتحليل الحمض النووي في الطب الشرعي إلى أوساط الثمانينات في القرن الماضي، إلا أن النسخة البدائية من التحليل اقتصرت غالبًا على حل القضايا الجنائية الفردية، بسبب كلفتها العالية والوقت الطويل الذي تستهلكه.
بعد انتهاء حرب يوغوسلافيا قام الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بإنشاء اللجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP)، وبدأت كهيئة سياسية ترأسها وزير الخارجية الأمريكية حينها، بهدف مساعدة اللجنة الدولية لتحقيق عدالة انتقالية عن طريق الضغط على المسؤولين للكشف عن مصير المغيبين.
كانت فاجعة سريبرينيتسا نقطة البداية الصادمة والمعقدة. فإلى جانب العدد الكبير من الضحايا، أظهرت التحقيقات أن قوات الصرب نقلت الجثامين مرارًا باستخدام الجرافات، من مقبرة جماعية إلى أخرى، ونتيجة لذلك، تفتّتت أجزاء أجساد الضحايا وتوزعت على مواقع مختلفة، وصلت المسافات بينها أحيانًا إلى أكثر من 50 كيلومترًا، ما جعل مهمة التعرف على الهويات أكثر تعقيدًا واستنزافًا للوقت والجهد.
ما بين عامي 1999 و 2000 أطلقت ICMP برنامج “تحديد الهوية باستخدام الحمض النووي” والذي عُدّ الأكبر من نوعه في ذلك الوقت. وأنشأت ضمنه قاعدة بيانات ضخمة تضم ملفات الحمض النووي لكل من عائلات المفقودين ورفات الضحايا، تتيح إجراء المقارنات وتسهل عمليات المطابقة.
واعتمد البرنامج على نظام متخصص يُعرف بـ نظام إدارة بيانات الهوية (iDMS)، وهو ما جعل استخدام تحليل الحمض النووي في قضايا جماعية بهذا الحجم ممكنًا وفعّالًا، وشُرع بشرح التقنية لأهالي المفقودين وحثهم على إعطاء المزيد من الدماء، ولكن هذه المرة من أجل معرفة مصير دماء أحبابهم.
وجُمعت 90 ألف عينة دم من مختلف عائلات الضحايا في يوغوسلافيا، أكثر من 22 ألف منهم لسربرنيتسا. وذلك لمقارنتها مع عينات الحمض النووي التي كانت تجمع بالتوازي من عظام رفات الضحايا.
وبعد ما يقارب السنة من انطلاق المشروع حصل أول تطابق بين عينتين وتم التعرف على جثة طفل بعمر 15 سنة.

عامٌ وراء عام أصبح لشواهد قبور الشهداء أسماء، واستطاعت المزيد من العائلات أن تواري رفات أحبابهم التراب وأن توقف جزءًا من الآلام.
وحتى الآن تم التعرف على أكثر من 75% من ضحايا مجازر يوغوسلافيا، و90% من ضحايا سربرنيتسا. في حين ما زالت عمليات مطابقة الحمض النووي قائمة حتى اليوم حيث تم التعرف العام الماضي على رفات 14 شخصًا.

وفي كل عام، في 11 تموز/يوليو، وبعد مرور قرابة ثلاثة عقود على المجزرة المروعة، يُوارى الثرى وتُكرَّم رفات ضحايا جدد ممن تم التعرف على هوياتهم مؤخرًا.
الجرح السوري: المفقودون بالآلاف
في سوريا ومنذ اندلاع الثورة في عام 2011، تحوّل ملف المفقودين والمغيبين قسرياً إلى أحد أكثر القضايا الإنسانية إيلاماً وتعقيداً، حيث لا تزال عشرات الآلاف من العائلات السورية تجهل مصير أحبّائها، بين أقبية السجون، والمقابر الجماعية. ورغم توثيق منظمات حقوقية وإنسانية لآلاف الحالات، ظل هذا الملف بعيداً عن أي معالجة رسمية شاملة، بفعل غياب الإرادة السياسية، وتعقيدات الصراع، وتعدد الأطراف المتورطة في الانتهاكات.
وفي الأشهر الأخيرة، ومع بدء الحديث عن العدالة الانتقالية عقب سقوط نظام الأسد كمدخل للحل السياسي في سوريا، برز ملف المفقودين بوصفه امتحاناً حقيقياً لأي مسار إصلاحي أو تسوية وطنية، لما يحمله من أبعاد إنسانية وقانونية وأخلاقية تتعلق بكرامة الإنسان وحق الحياة والمعرفة.
وقدرت اللجنة الدولية لشؤون المفقودين عدد المغيبين في سوريا بـ 200,000 شخص. وكانت اللجنة قد بدأت العمل على الملف السوري منذ عام 2017، إذ باشرت بأخذ العينات من السوريين في المهجر والمناطق المحررة من حكم الأسد. واستطاعت إلى الآن جمع 80 ألف عينة من عائلات كانوا قد أبلغوا عن فقد 30 ألف شخص.
لا تحتوي سوريا الآن سوى على مختبر واحد لتحليل الحمض النووي، وتكلفة التحليل تقارب الـ 250 دولاراً أمريكياً، ويقول الدكتور أنس الحوراني رئيس مركز تحديد الهوية السوري إن “في مقبرة جماعية مختلطة، يتعين إجراء حوالي 20 اختباراً لجمع كل أجزاء جسد واحد”.
ويقول الحوراني “دُمرت العديد من هذه المراكز خلال الحرب في البلاد. وبسبب العقوبات، فإن الكثير من المواد الكيميائية الأولية التي نحتاجها لإجراء الاختبارات غير متوفرة حالياً”.
ويضيف أن “أجزاء من الأجهزة (اللازمة لإجراء ذلك التحليل) قد تُستخدم في الطيران، وبالتالي لأغراض عسكرية، بمعنى آخر، قد تُعتبر مزدوجة الاستخدام” وبالتالي يُحظر تصديرها إلى سوريا من قِبل العديد من الدول الغربية.
في السابع عشر من أيار/مايو لعام 2025 صدر مرسوم رئاسي يشمل تشكيل هيئتين تعنيان بالعدالة الانتقالية والمفقودين. وهو مايعد خطوة أولى في مسار مواجهة أحد أكثر الملفات حساسية في الذاكرة السورية.
وأشادت العديد من الهيئات الدولية والمدنية المعنية بالأمر بأهمية هذه الخطوة وأكدت على استعدادها التام لتقديم الدعم وتزويد اللازم وكان أبرزها اللجنة الدولية لحقوق المفقودين والمؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا التابعة للأمم المتحدة، كما أكدت الأخيرة عملها مع السلطات السورية وكونها على اتصال مع اللجنة الوطنية للمفقودين.
وقالت كارلا كينتانا رئيسة المؤسسة المعنية بشؤون المفقودين في سوريا أنه تم تبادل وثيقة مشروع أولي حول سبل التعاون والدعم الممكنة مع الحكومة السورية الجديدة. كما أكدت على كونها مهمة هائلة وتحتاج إلى تعاون مع جميع الهيئات الفاعلة.
من جانبه قال رئيس لجنة التحقيق المستقلة بشأن سوريا باولو سيرجيو بينيرو أنه على الرغم من وجود تجارب دول مختلفة يمكن لسوريا الاستفادة منها إلا أنه لا يوجد حل وحيد مشترك يناسب جميع الدول وأنه يجب على سوريا أن ترسم خطة خاصة فيها تتناسب مع تاريخها وتتمحور حول الضحايا.
في حديثه لـ”نون بوست”، أشار المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، إلى أن الشبكة لم تسجّل حتى الآن أي تعاون مباشر أو رسمي مع الهيئة الوطنية لشؤون المفقودين التي أُنشئت بموجب مرسوم رئاسي في أيار/مايو 2025.
وأكد عبد الغني أن من أبرز التحديات التي تواجه عمل الشبكة في هذا السياق هي:
- ضخامة الملف وتعقيده، حيث يتجاوز عدد المفقودين وفق قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان 117 ألف شخص. ويستلزم ذلك موارد بشرية وتقنية عالية، إلى جانب خبرات في مجالات التحقيق الجنائي، والطب الشرعي، وتحليل البيانات. وأضاف أن إدارة هذه الكميات الهائلة من المعلومات—من جمع وتخزين وحماية وتحليل—تُعد تحديًا مستمرًا.
- محدودية الموارد والدعم، إذ يتطلب الملف دعمًا ماليًا وتقنيًا مستدامًا، لا سيما مع الحاجة إلى فرق متخصصة ذات كفاءة عالية.
- ظهور انتهاكات في مناطق جديدة لم يكن يحصل فيها انتهاكات في عهد نظام الأسد البائد، ما يزيد من تعقيد المشهد الحالي.
وأشار عبد الغني إلى تجارب دولية سابقة، أبرزها البوسنة والهرسك، حيث استغرق الأمر عقودًا لكشف مصير المفقودين، رغم أن عددهم لم يتجاوز 45 ألفًا خلال حرب التسعينيات، تم التوصّل إلى مصير نحو 75% منهم فقط حتى الآن.
أما في الحالة السورية، فيقول عبد الغني إن الأمر سيكون أكثر صعوبة وتعقيدًا لعدة عوامل، من بينها:
- الحجم الهائل لعدد المفقودين في سوريا، والذي يُقدَّر بـ 177 ألف شخص، أي ما يقارب أربعة أضعاف نظيره في البوسنة.
- غياب البنية التحتية المؤسسية، مثل نظام قضائي مستقل أو قواعد بيانات مركزية، مما يجعل مهمة الوصول إلى الحقيقة أكثر صعوبة.
واختتم عبد الغني بالقول إن المسار سيكون معقدًا ويتطلب سنوات من الجهد والتعاون والتنسيق الكبير في حال أُريد له النجاح، مع أهمية الاستفادة من التجارب الدولية التي أظهرت أن هذا النوع من الملفات لا يمكن حله بسرعة، بل يتطلب صبرًا واستثمارًا طويل الأمد.
قائمة بأهم الجهات الدولية والسورية العاملة على ملف المفقودين في سوريا.
اليوم، تواجه سوريا تحديات كبرى من محدودية البنية التحتية، إلى صعوبة الوصول إلى أماكن الدفن، مرورًا باستمرار وجود بعض الجناة طلقاء. لكن في المقابل، تتوفر فرصة نادرة إن أُحسن استغلالها للبدء بمسار جاد نحو معرفة الحقيقة، ومحاسبة المسؤولين، وإنصاف العائلات التي قدمت الكثير.
يعد العمل على ملف المفقودين من أحد ركائز العدالة الانتقالية، فلن يتحقق النهوض بسوريا ولن تهدأ جراح الأهالي دون معرفة مصير أحبائهم ومحاسبة المجرمين.
من مجازر الصرب في يوغسلافيا إلى مجازر الأسد في سوريا، ولدت العديد من التقنيات الجديدة التي تسهل وتسرع العملية وتساعد على حل ما لم يكن ممكنًا. فمثلاُ تتيح التقنيات الحديثة تحليل الحمض النووي كاملاً وإن كانت العينة صغيرة جدًا. كما أن هذه التقنيات تغلبت على مشاكل متعلقة بتلفان عينة الـ DNA، وأصبحت قادرة على القيام بالتحليل بسرعة أكبر وتكلفة أقل.
أضف إلى ذلك التطور المذهل للذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، والذي يتيح تحليل بيانات العينات الضخمة لتحاليل الأحماض النووية والتعرف على الأنماط ومقارنتها بدقة وسرعة هائلة.
إن حجم المأساة كبير جدًا ولا شك أنه لا غنى عن مساهمة المانحين الدوليين والمؤسسات المعنية لتأمين الدعم المالي والتقني على المدى الطويل. وفي المقابل فإن الشعب الذي بذل الغالي والنفيس لن يتوانى عن العمل باتجاه تأمين العدالة.