شهد المسار التفاوضي المرتبط بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة تطوراتٍ متسارعة مثَّلت تتويجًا لحراك إقليمي نشط تصاعَد مع جولة ترامب في دول الخليج، والتي عُوِّل عليها لوضع حدٍّ لحرب الإبادة المستمرة في القطاع.
وفي سياق هذا الحراك، فتحت الولايات المتحدة قناة تواصل مباشر مع حركة “حماس”، في محاولة للوصول إلى صيغة يمكن أن تُشكِّل مدخلًا لاتفاق فعلي، ولعب رجل الأعمال الأمريكي من أصل فلسطيني، بشارة بحبح، دور قناة الاتصال الأساسية بين الحركة والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، المكلَّف بإدارة هذا الملف.
غير أن المبعوث ذاته، الذي كان أحد أبرز مهندسي اتفاق التهدئة في يناير/كانون الثاني 2025، عاد ليتحول إلى عنوان الأزمة، بعدما فجر المرحلة الثانية من التهدئة في مارس/آذار من العام الجاري ذاته عبر مقترحٍ انقلب بالكامل على الاتفاق الأصلي، وأفرغ مسارَ التفاوض من مضمونه الأساسي المتمثل بالسعي إلى وقف شامل لإطلاق النار.
بالمقابل، فعَّلت “حماس” مجموعة من المسارات التفاوضية في خلال الشهور الماضية، في محاولة للمناورة وكسر حالة الجمود، والدفع نحو اتفاقٍ يضمن وقفًا كاملًا للعدوان، وانسحابًا إسرائيليًّا من قطاع غزة، وتبادلًا عادلًا للأسرى، إلا أن غالبيتها اصطدم بجدار الانحياز الأمريكي الصريح، الذي ظل شريكًا للاحتلال في حرب الإبادة.
الحاجة الإسرائيلية: تبادل أسرى بلا التزامات
منذ بداية المسار التفاوضي، حرص رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، على فرض مجموعة من المحدِّدات تهدف إلى تفريغ أي اتفاق في قطاع غزة من مضمونه الحقيقي، وتحويله إلى معادلة واحدة: الأسرى مقابل الهدوء، دون تقديم أية التزامات فعلية، سواءٌ في الجانب الإنساني أو السياسي، تُقيد طموحات اليمين الصهيوني في استكمال حرب الإبادة.
ينطلق نتنياهو في هذه المقاربة من اعتبارات استراتيجية أبرزها استغلال الاندفاعة العسكرية لتحقيق تحولات جوهرية في موازين القوى والوقائع الميدانية، بما يسمح بتحويل مخرجات الحرب إلى ما يسميه “نصرًا مطلقًا” بشَّر به منذ الأيام الأولى للعدوان. في جوهر هذا “النصر” يكمن تدمير شامل لقطاع غزة، ديموغرافيًّا وعمرانيًّا، وتحويله إلى أرض قاحلة.
وكشفت صحيفة “هآرتس” العبرية عن جانب من هذه الذهنية، حين نقلت عن نتنياهو، في لحظة انفعال أمام عدد من ضباط الاحتياط، قوله إن الحرب الجارية “فرصة تاريخية للتخلص من عدد كبير من الفلسطينيين”، مؤكدًا أن حجم الدمار ليس ردًّا على ما سماه “الإرهاب الفلسطيني”، بل نتاج مخطط مدروس يهدف إلى تهجير السكان.
إلى جانب هذه المقاربة، يواجه نتنياهو مأزقًا داخليًّا حادًّا: وقف إطلاق النار الشامل يعني عمليًّا انهيار ائتلافه الحكومي، مع تهديد واضح من شركائه إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بالانسحاب، ما يؤدي إلى إسقاط الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة، ترجح استطلاعات الرأي فشل اليمين في الفوز بها.
وبالنسبة إلى نتنياهو، لا يمثِّل ذلك خطرًا سياسيًّا فحسب، بل تهديدًا وجوديًّا في ظل محاكمات فساد مفتوحة، قد تنتهي به إلى السجن إن فقد الحصانة والسلطة.
لكن على الرغم من محاولاته كلها، لم يتمكن نتنياهو من تجاوز عقدة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، لا بالقصف المركَّز، ولا بالمناورات التفاوضية، ولا بحملات التحريض، بل تحولت القضية إلى عنوان انقسام داخلي عميق، سياسيًّا وعسكريًّا وشعبيًّا، وعبء أخلاقي وأمني متزايد، وسط تصاعد الضغط على الحكومة لحسم الملف بأي ثمن.
وفي هذا السياق، حذَّر رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، في جلسة للكابينت، من أن العملية العسكرية الموسَّعة في غزة (“عربات جدعون”) تُعد بمثابة “حكم بالإعدام” على نحو 20 أسيرًا إسرائيليًّا ما يزالون أحياء، ما يعني أن مصير هؤلاء قد يشبه مصير رون أراد، والمخاطرة بأن فقدان أي أثر لهم سيكون شبه مؤكد في حال اجتياح كامل، ما يُحوِّل قضية إنقاذهم إلى مهمة مستحيلة.
ووضع هذا التقديرُ نتنياهو أمام معضلة كبيرة: المضي في الاجتياح الكامل يعني تحمُّلَ تبعات إعدام الأسرى سياسيًّا وأخلاقيًّا، وهي وصمة لا يريد إضافتها إلى إرثه الثقيل منذ فشل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
تفكيك “الرزمة الشاملة”
في المقابل، استخلصت “حماس” العبر من تجربة اتفاق التهدئة في يناير/كانون الثاني 2025، الذي سعت فيه “إسرائيل” إلى تفريغ أية تسوية من مضمونها، وتحويلها إلى صفقة تبادل أسرى دون تحقيق أية مكاسب حقيقية للمقاومة أو لسكان قطاع غزة، تسمح بترميم مقومات الصمود أو تقرِّب من إنهاء الحرب.
وبعد فشل محاولتها الالتفاف على مسار ويتكوف عبر الانخراط في حوار موازٍ مع المبعوث لشؤون الرهائن آدم بوهلر، سعت الحركة إلى فرض مسار بديل، يقوم على أساس “الرزمة الشاملة” كمدخل لحل متكامل ينهي الحرب ويعالج ملف الأسرى ضمن تسوية واحدة.
جاء هذا الطرح استنادًا إلى إدراك الحركة بأنه لا يمكن فصل الإصرار الأمريكي على إنهاء ملف الأسرى عن الحاجة إلى حل سياسي شامل، كما أن الخطوط العامة لهذا الطرح كانت قد طُرحت سابقًا في خلال نقاشات مع بوهلر.
ومن هنا، أعلنت “حماس” بوضوح أن أي اتفاق قادم يجب أن يكون اتفاقًا شاملًا، وأن مسار الاتفاقات الجزئية لم يعد مطروحًا على طاولتها.
شكَّل هذا الموقف عائقًا كبيرًا أمام المبعوث ويتكوف، الذي كان يتحرك تحت ضغط الوقت، وسعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيق اختراق سياسي يترافق مع جولته في الخليج.
ومع تعثر المسار، لجأ ويتكوف إلى محاولة تفكيك الموقف الحمساوي، ودفع الحركة إلى تقديم تنازلات جزئية تفتح الباب أمام اتفاق مرحلي يحقق أولًا أهداف الولايات المتحدة، ثم يلبِّي المطالب الإسرائيلية.
في هذا السياق، نشط رجل الأعمال الأمريكي من أصل فلسطيني، بشارة بحبح، كقناة اتصال مباشرة مع قيادة “حماس”، باحثًا عن مقاربات جديدة تُرضي الطرف الأمريكي. وأسفرت هذه الجهود عن إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي–الأمريكي عيدان ألكسندر، كبادرة حسن نية، وسط تفاهمات غير معلَنة بأن تكون هذه الخطوة تمهيدًا لعودة المفاوضات الجادة حول وقف الحرب.
لاحقًا، وبدعم مباشر من ويتكوف، عمل بحبح على انتزاع تنازل جديد من “حماس” يتمثل بتفكيك شرط “الرزمة الشاملة”، مقابل تعهدات أمريكية بأن أي اتفاق قادم سيكون بمثابة مدخل لإنهاء الحرب بالكامل على غزة.
مقترحات ويتكوف: انقلاب ناعم يخدم أهداف الاحتلال
منذ زيارة ترامب إلى الخليج العربي في منتصف مايو/أيار الجاري، ظل خط الاتصال بين “حماس” وستيف ويتكوف نشطًا دون انقطاع، في محاولة للتوصل إلى صيغة تهدئة تُفضي إلى تبادل أسرى، وتفتح الباب أمام مسارٍ ينهي الحرب على غزة.
في 28 مايو/أيار، أعلنت “حماس” موافقتها على ما سمَّته “مقترح ويتكوف”، بوصفه أرضية لإنهاء العدوان، ما عكس مراهنة على جدية المبعوث الأمريكي. غير أن الإعلان جاء بشكل منفرد من الطرف الفلسطيني، في حين ظل المقترح قيد النقاش بين ويتكوف والفريق الإسرائيلي بقيادة الوزير المقرب من نتنياهو، رون دريمر، ما أوحى منذ البداية بأن “القبول” الفلسطيني سبق التفاهم مع الطرف الإسرائيلي.
لاحقًا، طرح ويتكوف نسخة جديدة من المقترح، واصفًا إياها بأنها تهدف لردم الفجوة بين الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي. إلا أن المقترح المُحدَّث شكَّل صدمة لحركة “حماس” وللقوى الفلسطينية، إذ بدا وكأنه إعادة إنتاج كاملة للرؤية الإسرائيلية، متجاهلًا تمامًا المطالب الفلسطينية، بل ومنقلبًا حتى على النسخ السابقة لمقترحات ويتكوف ذاته.
كانت الهوة بين المقترحين واسعة وجوهرية ولامست جميع الملفات: تبادل الأسرى، والتهدئة، والمساعدات، والضمانات، والترتيبات الميدانية، وحتى مستقبل غزة بعد الحرب.
وفقًا لمقترح بحبح– ويتكوف، كان الاتفاق يشمل وقفًا واضحًا لإطلاق النار، وبروتوكولًا إنسانيًّا يُلزم بإدخال المساعدات يوميًّا دون قيود، إلى جانب تبادل يشمل 10 أسرى أحياء (5 في اليوم الأول و5 في اليوم الأخير)، و16 جثمانًا، مقابل إطلاق سراح عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، في إطار يضمن استمرارية التهدئة.
أما المقترح الجديد (ويتكوف–دريمر)، فقد حمل تعديلاتٍ عميقة: استُبدلت صيغة “وقف إطلاق نار” بتهدئة تجري فيها عملية تبادل الأسرى لمدة 7 أيام فقط، يجري في خلالها الإفراج عن 10 أسرى أحياء و18 جثمانًا، مقابل 125 أسيرًا فلسطينيًّا محكومًا بالمؤبد، و1111 معتقلًا من غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، و180 جثمانًا من شهداء القطاع.
ورُحِّل تسليم الأسرى إلى اليوم الأول والسابع، ما يعني انتهاء الضمانات الفعلية مع نهاية الأسبوع الأول، وفتح الباب لاستئناف العدوان كما حدث بعد اتفاق 18 مارس/آذار المنصرم، الذي لم تردعه أية وساطة.
في ملف المساعدات، نصَّ الاتفاق الأول بوضوح على دخول الشاحنات يوميًّا، وفق تفاهمات 17 يناير/كانون الثاني، دون تعقيدات. أما في النسخة الجديدة، فجاءت الصياغة ضبابية، واقتصرت على “احترام ما يتم الاتفاق عليه”، دون تحديد الكمية أو النوع، ما يترك الباب مفتوحًا أمام عراقيل إسرائيلية مستقبلية.
وأما الانسحاب الإسرائيلي، فقد تراجع الحديث الواضح عنه. ففي المقترح الأول جرى تأكيد انسحاب الاحتلال إلى نقاط التمركز ما قبل 18 مارس/آذار، وأما في المقترح المعدل فاستبدِل هذا النص بصياغات فضفاضة مثل “إعادة الانتشار” و”الانسحاب”، دون تحديد نقاط أو جدول زمني، ما يُوحي باستمرار الوجود العسكري الإسرائيلي داخل القطاع.
وفيما يخص “اليوم التالي”، خلا المقترح الأول من أي ذكر لدور إسرائيلي مباشر، بينما أشارت صيغته إلى دعم جهود عربية (قطر ومصر) لإدارة المرحلة المقبلة عبر لجنة إسناد أو حكومة تكنوقراط. لكن المقترح الجديد أدرج عبارة “مناقشة الترتيبات التي يتم طرحها من الجانبين”، بما يتيح للاحتلال التدخل في شكل الحكم الفلسطيني وشروطه. كما أُضيف بند جديد حول “ترتيبات أمنية طويلة الأمد داخل القطاع”، في إشارة صريحة إلى نية استمرار الوجود الأمني الإسرائيلي.
تعكس هذه التعديلات كلها مسارًا واضحًا سلكه ويتكوف، بدأ بتفكيك موقف “حماس” من شرط “الرزمة الشاملة”، ودفعها إلى التراجع عن مبدأ الاتفاق الكلي، ثم وضعها تحت ضغط زمني وسياسي لتمرير مقترح يخدم الحاجة الإسرائيلية إلى استرداد الأسرى دون التزام بوقف العدوان، سوى هدنة قصيرة لا تتجاوز سبعة أيام.
وعلى الرغم من ذلك، لم ترفض “حماس” المقترح الجديد رفضًا مباشرًا، بل قدَّمت ردًّا يتضمَّن تعديلات واضحة تضمن الحد الأدنى من شروط الحماية، وتمنع تحويل الصفقة إلى غطاء لاستئناف الإبادة وتجريد المقاومة من آخر أوراقها.
لكن رد “حماس” قوبل برفض صارم من ويتكوف، الذي عدَّ الرد “غير مقبول بتاتًا”، مضيفًا أن على الحركة القبول بالإطار المطروح “كأساس لمحادثات التقارب”، بوصفه “الطريقة الوحيدة لإبرام اتفاق لوقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا يعود بموجبه نصف الرهائن الأحياء ونصف الأموات”.
شكَّل رد ويتكوف هذا مفارقةً صارخة، فالمبعوث الذي يُفترض أن يكون وسيطًا تصرَّف كطرف تفاوضي منحاز، رافضًا مقترحات أحد الأطراف لصالح الطرف الآخر، واضعًا نفسه والولايات المتحدة في خانة الشريك في الحرب، لا الوسيط النزيه. وهكذا، تحوَّل “مقترحه” من صيغة توافقية إلى ورقة إملاءات تستبطن شروط الاستسلام بدلًا من وقف الحرب.
هل انهار مسار المفاوضات بالكامل؟
من المبكر الجزم بانهيار المسار التفاوضي بشكل كامل، لكن المؤكد أن فرص التوصل إلى اتفاق فعلي في المدى المنظور تبدو ضئيلة، حتى مع تحرُّك الوسطاء بوتيرة أسرع لتقريب الفجوة بين رد حركة “حماس” الإيجابي نسبيًّا، والمقترح الأمريكي الذي وُصف بالمجحف والمنحاز.
في المقابل، تراهن حكومة الاحتلال في الأيام القادمة على مجموعة من المتغيرات الميدانية والسياسية لاختبار آثارها على الساحة الغزية، على رأس هذه المتغيرات: تصاعد الضغط العسكري، حيث بات جيش الاحتلال يسيطر بالنار أو بالقوات على ما يزيد عن 70% من مساحة القطاع؛ وما يُسمَّى بالآلية الإنسانية لتوزيع المساعدات، والتي تنفَّذ فعليًّا عبر شركات أمنية أمريكية وبإشراف إسرائيلي مباشر، كأداة ضغط جديدة على المجتمع الغزي.
يُضاف إلى ذلك سعي الاحتلال إلى توسيع الفوضى داخل غزة، في ظل ما وصفه الإعلام العبري بأنه “اقتراب القطاع من لحظة الانهيار الشامل”. كما علَّق الاحتلال آمالًا على تأثير اغتيال قائدين بارزين في كتائب القسام، محمد السنوار ومحمد شبانة، في إحداث فراغ في القيادة في جنوبي القطاع، لا سيما وأن السنوار يُتهم بأنه من أكثر الشخصيات تشددًا في المفاوضات حسب التوصيف الإسرائيلي.
تحاول حكومة الاحتلال اختبار مدى تأثير هذه الضربات مجتمعة على البنية الداخلية للمقاومة وعلى تماسك المجتمع الغزي المُنهك، الذي يعيش في ظل حرب إبادة مستمرة منذ أكثر من 19 شهرًا.
لكن في المقابل، بدأ الهامش الدولي المتاح لاستمرار الحرب يضيق. يبرز هذا في تصاعد الحراك الأوروبي، خاصةً من الجانب الفرنسي، للدفع نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية ووقف العدوان، ما يعني أن نافذة الزمن التي تملكها حكومة الاحتلال لاختبار خياراتها ليست مفتوحة بلا نهاية، بل يجري تقليصها بفعل الضغط الدولي المتصاعد.
وأما على الصعيد الأمريكي، فالمبعوث ويتكوف –المعروف بأنه مهندس الصيغ الغامضة لتسويات ناقصة تروَّج كإنجازات لحظية– يواجِه اختبارًا جديًّا في الأيام المقبلة، إذ بات عليه تقديم مقاربة تلبِّي تعهدات الرئيس ترامب بوضع حد للحرب في غزة، وإنهاء ملف الأسرى الإسرائيليين، بما يتجاوز المناورات الشكلية.
بالتالي، فإن الأسابيع المقبلة مرشَّحة لعودة النشاط السياسي والوساطات، لكنها ستكون محكومة بميزان دقيق: بين ما سيفرضه الميدان في غزة، وما ستنتجه الضغوط الدولية المتزايدة، وما إذا كانت حكومة الاحتلال مستعدة لتقديم مرونة حقيقية، أو ستُصرُّ على مقاربتها الصفرية المستندة إلى استكمال الإبادة كمسار وحيد.