بعد أن أيقظت “مادلين” في رحلتها الخاطفة ضمير العالم الغافل عن معاناة أكثر من مليوني إنسان تحت بطش الاحتلال الإسرائيلي، تنطلق قافلة “الصمود” البرية من تونس في خطوة تاريخية جديدة لكسر الحصار عن قطاع غزة، بالاتجاه نحو الحدود الفلسطينية المصرية. بعد أن تلاشى الأمل بأي تدخل دولي جاد، ينهي آلة القتل الإسرائيلية الدائرة مما يزيد عن عام ونصف.
تأتي قافلة “الصمود” البرية كتعبير صريح عن رفض الشعوب العربية لحالة التخاذل التي تواجه بها غزة، وللتأكيد على أن التخاذل العربي الرسمي لا يمثل الشعوب العربية.
وتشكل هذه القافلة الأولى في سلسلة مبادرات ستتوالى، ضمن تحرك مدني دولي واسع، يضم أكثر من 30 بلدًا، بالشراكة مع تحالف أسطول الحرية، والمسيرة العالمية إلى غزة، وتنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، في محاولة جدية لإنهاء العزلة المفروضة على سكان القطاع منذ سنوات.
ماذا نعرف عن قافلة الصمود؟
- هي قافلة مغاربية انطلقت من تونس في يونيو / حزيران الجاري، تضم ناشطين، أطباء، إعلاميين، وممثلين عن منظمات مدنية، من الجزائر وتونس والمغرب وليبيا وموريتانيا، هدفهم كسر الحصار المفروض على غزة والتعبير عن التضامن العملي مع أهلها.
- على عكس العادة، لا تحمل القافلة أية شحنات إغاثة أو مساعدات، بل تهدف في رحلتها إلى إيصال رسالة مقاومة مدنية ورسالة سياسية تؤكد على أن صمت الحكومات لا يعكس صوت الشعوب.
- تسعى في هذه المبادرة إلى المرابطة بضعة أيام أمام معبر رفح للمطالبة بكسر الحصار عن القطاع وإدخال أطنان المساعدات الطبية والغذائية المكدسة على الحدود في معبر رفح.
- تتألف القافلة من 12 حافلة ضخمة و100 سيارة وهي جزء من تحرك مدني دولي يشمل أكثر من 30 دولة، يتم بالشراكة مع تحالف أسطول الحرية، المسيرة العالمية إلى غزة، وتنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين.
ما هو خط مسيرها؟
- من المقرر أن تواصل القافلة رحلتها برًّا انطلاقًا من تونس مرورًا بليبيا وصولًا إلى مصر، حيث ستنضم إليها قوافل أخرى ستصل جوًا من دول أوروبية مختلفة.
- ستمرّ القافلة عبر طرابلس ومصراتة وسرت وبنغازي وطبرق، على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، قبل دخول معبر السلوم المصري يوم 12 من الشهر الجاري، وصولًا إلى القاهرة، ثم معبر رفح يوم 15 من الشهر ذاته.
من هم المشاركون؟
- يشارك في القافلة أكثر من 200 شخص من ناشطين مستقلين ونواب برلمانيين ومحامين وحقوقيين، بدعم من اتحاد الشغل والهلال الأحمر وعمادة الأطباء التونسيين. فيما يصل عدد المدنيين المشاركين في القافلة إلى 1300 شخص، ممن استكملوا جميع الوثائق المطلوبة للسفر.
- حسب وائل نوار أحد الناطقين الرسميين باسم القافلة فإن العدد كان في البداية 7 آلاف مشارك، لكنه انخفض بسبب عدم حصول آلاف الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة على ترخيص من أوليائهم.
- يقول نوار إن “قافلة الصمود ليست نهاية المطاف، بل بداية لحراك طويل الأمد من أجل ربط غزة بالعالم الخارجي عبر جسر بشري دائم، ستكون تونس إحدى دعاماته الأساسية”.
المواقف الدولية والتنسيق الدبلوماسي؟
- أعلنت منظمات دولية، بينها الأمم المتحدة، عن دعمها للمبادرات المدنية على حدود غزة، ودعت إلى إرسال وفود دبلوماسية عالية المستوى لمرافقة القوافل عبر معبر رفح.
- دعت منظمات دولية، منها الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، إلى تنظيم “قافلة دبلوماسية– إنسانية” ترافقها وفود رسمية من حكومات متعددة لدعم دخول المساعدات، وتعزيز الضغط على إسرائيل لرفع الحصار.
- أشار الدكتور محمد أمين بن نور، المشرف على اللجنة الطبية بالقافلة، إلى وجود تجاوب رسمي إيجابي من السلطات التونسية والليبية والمصرية، موضحًا أن اللقاء مع السفير المصري في تونس كان مثمرًا، وأن المسؤولين المصريين تفهّموا الطابع الإنساني والسلمي للقافلة.
استعدادات مسبقة
- تواصل المشرفون على القافلة مع السفارة المصرية في تونس، لكن لم يصدر حتى الآن أي قرار رسمي بشأن السماح بدخولها إلى الأراضي المصرية.
- دعت نقابة الصحفيين التونسيين السلطات الليبية والمصرية لتسهيل عبور القافلة، وأكدت في بيان على أهمية المبادرة، ودعت الحكومة التونسية لتقديم التسهيلات اللازمة، وتعهدت بالعمل مع شركائها لضمان وصول القافلة إلى هدفها في كسر الحصار ودعم المقاومة.
- أعلنت الكتلة البرلمانية “لينتصر الشعب” دعمها المطلق للقافلة، واعتبرتها جزءًا من معركة الكرامة والسيادة، ودعت السلطات التونسية لتوفير التسهيلات اللوجستية والإدارية، وطالبت نواب البرلمان بالتوافق على قانون تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني واستعجال النظر فيه.
قال يحيى صاري، المسؤول الإداري عن قافلة الصمود، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، إن مرحلة التضامن السلمي من وراء الشاشات أو التظاهر من الشارع قد انتهت، مؤكدًا أن الوقت قد حان للانتقال إلى التضامن الميداني الفعّال، عبر قوافل سلمية وإنسانية تهدف في محاولات جادة إلى كسر الحصار عن غزة وإظهار مدى تضامن شعوب العالم مع القضية الفلسطينية.
ويأتي تحرك قافلة “الصمود” وسفينة “مادلين” ضمن تحرك مدني دولي يضم أكثر من 30 دولة، بالشراكة مع تحالف أسطول الحرية، والمسيرة العالمية إلى غزة، وتنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين. رغم تعرّض سفينة “مادلين” فجر الإثنين 9 يونيو / حزيران لعملية اختطاف نفذتها وحدة كوماندوز تابعة للبحرية الإسرائيلية، أثناء محاولة طاقمها المؤلف من 12 ناشطًا دوليًا الوصول إلى شواطئ غزة، في إطار مساعي الاحتلال لعرقلة أي تحرك شعبي عربي أو عالمي.