في 10 يونيو/ حزيران 2025، وقبل أيام قليلة من إعلان الولايات المتحدة عملية اسمتها “مطرقة منتصف الليل” ضد المنشآت النووية الإيرانية، استضاف المذيع الأمريكي تاكر كارلسون السيناتور الجمهوري تيد كروز، وأجرى معه حديثًا مثيرًا ظهر خلاله كروز الممثل لـ”جناح الصقور” المؤيد للتدخل العسكري ضد إيران، غير ملم بتفاصيل أساسية عن الدولة التي يريد إسقاط نظامها.
خلال المقابلة التي كشفت الانقسام الأمريكي حول إيران، بدا كروز في موقف حرج عندما سُئل عن التكوين العرقي وعدد سكان إيران، التي تسعى بلاده لإنهاء برنامجها النووي، وتخوض “إسرائيل” حربًا ضدها، ليعترف بأنه لا يعرف الرقم، وأنه غير مهتم بحفظ جداول التعداد السكاني.
لم يكن كروز الوحيد الذي لا يعرف شيئًا عن دولة يدعو للإطاحة بحكومتها، فلطالما سعت الولايات المتحدة دون معرفة كافية لتغيير الأنظمة حتى أصبح “تغيير النظام” مصطلحًا مختصرًا في دوائر الأمن القومي الأمريكى، وفي معظم الأحيان فشلت هذه التدخلات، حتى عمليات إسقاط الأنظمة التي بدت ناجحة غالبًا ما أدَّت إلى نتائج عكسية كارثية.
الوعود الأمريكية الكاذبة بتغيير الأنظمة
منذ نهاية الحرب الباردة، انتهجت كل الإدارات الأمريكية تقريبًا سياسة خارجية قائمة ظاهريًا إلى حد كبير على توسيع وتعزيز الديمقراطية، وعبّر رؤسائها عن هذا التوجه في استراتيجياتهم للأمن القومي.
ومع أن معظمهم تجنب الدعوة الصريحة لاستخدام القوة، إلا أنهم أظهروا عمليًا استعدادهم لاستخدام القوة العسكرية أو التهديد باستخدامها في فترات مختلفة، للإطاحة بالأنظمة وتنصيب زعماء جدد، من أمريكا الوسطى إلى أفريقيا مرورًا بالشرق الأوسط وآسيا.
وفي الشرق الأوسط، سعت أمريكا إلى الإطاحة بحكومات في المنطقة بمعدل مرة واحدة تقريبًا كل عقد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد فعلت ذلك في أرجاء المنطقة سعيًا وراء مصالحها.
في كل مرة، تباينت دوافع ومبررات التدخلات الأمريكية لتغيير الأنظمة، بما في ذلك تعزيز العلاقة الاقتصادية مع الدولة المستهدفة، وتحقيق فوائد لشركاتها وأعمالها التجارية، والتنافس مع الخصوم الجيوسياسيين، ومنع تطوير أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة الإرهاب، وإنقاذ المدنيين، مناهضة الشيوعية كما حدث في الأرجنتين وبوليفيا والبرازيل وكوبا وجمهورية الدومينيكان وعشرات الدول الأخرى.
أحد الأهداف المعلنة الأخرى التي يسعى المسؤولون إلى تحقيقها من خلال تغيير الأنظمة هو تحسين العلاقات بين الدول، ومع ذلك، وكما يوضح عالما السياسة ألكسندر داونز وليندسي أورورك، نادرًا ما يحدث ذلك بعد عملية تغيير النظام المفروض من الخارج، والتي تؤدي غالبًا إلى ركود أو تدهور العلاقات وتفاقم النزاعات المستقبلية بين المتدخل والدولة المستهدفة.
ويستشهد داونز وأورورك بحالة الزعيم الغواتيمالي الجنرال ميغيل إيديغوراس فوينتس، الذي نُصِّب في انقلاب دعمته الولايات المتحدة عام 1954. وفي وقت لاحق، سمحت حكومته لأمريكا بتدريب مرتزقة كوبيين للإطاحة بفيدل كاسترو، مما أدى الانقلاب عليه الانقلاب عليه، ودخلت البلاد في حرب أهلية استمرت 30 عامًا، ولم يُفضِ هذا بالتأكيد إلى تحسين العلاقات بين الدولتين.
أمَّا المبرر الأمريكي الأكثر شيوعًا لمهام تغيير الأنظمة الحديثة فهو تعزيز الديمقراطية، والذي يُزعم أنه يؤدي إلى علاقات ثنائية أكثر سلمية واستقرارًا، فقد روّج أعضاء إدارة جورج بوش لهذا المنطق لتبرير قرار الانخراط في تغيير الأنظمة في أفغانستان والعراق، لكن النتائج أثبتت أن فرض الديمقراطية “بقوة السلاح” غير فعال.
كما تنوعت الأساليب التي حاولت واشنطن استخدامها لتغيير الأنظمة بشكل استثنائي، ففي بعض الحالات، رعت انقلابات عسكرية، وقدمت مساعدات عسكرية سرية أو علنية لجماعات المعارضة، وفي حالات أخرى، انتهجت الغزو والاحتلال، أو الاعتماد على الدبلوماسية والتهديد والعقوبات.
إلا أن القاسم المشترك بين جميع هذه الجهود هو الفشل الدائم في تحقيق أهداف واشنطن النهائية، وأسفرت عن مجموعة من العواقب الكارثية، وتكبدِّت تكاليف مالية وبشرية باهظة، وجعلت أجزاء من العالم أكثر تقلبًا، وشكلت مؤخرًا تشتيتًا استراتيجيًا استفادت منه دول أخرى مثل الصين وروسيا.
لذلك، تزايد الإجماع في السنوات الأخيرة، على أن عمليات تغيير الأنظمة هذه – أيًا كانت دوافعها – غالبًا ما تكون غير فعالة، وتُسفر عن آثار جانبية ضارة يدفع مواطنو الدول المستهدفة ثمنها، ووجد الباحثون أنها تؤدي إلى تراجع الديمقراطية، وتزيد من القمع، وتترك جميع الأطراف المعنية تقريبًا في وضع أسوأ مما كانت عليه من قبل، وغالبًا ما تتحول في النهاية إلى مشاريع بناء دولة طويلة الأمد.
ووفقًا للدبلوماسي الأمريكي فيليب غوردون، الذي شغل منصب منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط خلال إدارة باراك أوباما ومستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، غالبًا ما يبدو أن تغيير الأنظمة ناجحًا على المدى القصير، ما يؤدي إلى إعلانات نصر سابقة لأوانها من قبل مؤيديه، لكنه ينتهي به الأمر إلى الفشل الذريع مع تزايد التكاليف.
الفشل في كل مرة
يزعم دعاة تغيير الأنظمة أن هذه الأداة قادرة على تحقيق الأهداف بتكلفة أقل وسرعة أكبر من الضغط والانخراط الدبلوماسي المستمر، وأن مثل هذه العمليات لن تتوسع إلى عمل عسكري أوسع.
لتفنيد مثل هذه الادعاءات، ننظر في سجل جهود أمريكا السابقة لتغيير الأنظمة، الذي يحفل بقصص تحذيرية عن الغطرسة والتجاوز والتضليل، ويكشف عن أنماط مألوفة بشكل ملحوظ، فبمجرد أن يقرر صانعو السياسات الأمريكيون إزاحة نظام معين تغيير نظام معيَّن كخيارهم المفضل، فإنهم يبالغون في تقدير التهديد، ويقللون من تقدير التكاليف والمخاطر، ويبالغون في وعودهم بما يمكنهم تحقيقه، ويدّعون النجاح قبل الأوان إذا سقط النظام المستهدف.
إجمالاً، فشلت جميع التدخلات الأمريكية في تحقيق النتائج السياسية المرجوة من واشنطن، فمقابل كل تغيير نظام سار على ما يرام، انحرفت محاولات عديدة عن مسارها، منها 6 محاولات علنية خلال الحرب الباردة، ونحو 64 عملية سرية أخرى لتغيير الأنظمة، ارتبط معظمها بمستويات أعلى من الحروب الأهلية، وانتهاكات حقوق الإنسان، وعدم الاستقرار الإقليمي.
وخلصت الباحثة ليندسي أورورك، في كتابها “تغيير النظام السري”، إلى أن محاولات تغيير الأنظمة سرًا فشلت في تحقيق أهدافها الأساسية في حوالي 60% من الحالات، وحتى عندما نجحت الجهود على المدى القصير، فإن هذه المخططات لم تنجح في البقاء سرًا، وأثارت العديد منها ردود فعل غير متوقعة.
لنبدأ من التدخل الأمريكي الأول في إيران، ففي عام 1953، تآمرت الولايات المتحدة مع بريطانيا لتدبير انقلاب ضد رئيس الوزراء المناهض للاستعمار محمد مصدَّق، الذي قرر تأميم نفط بلاده وإنهاء الهيمنة الغربية على هذا القطاع، وتمكنت واشنطن من الإطاحة به لتعيد تثبيت حكم الشاه الذي مضى في سياسات قمعية.
وكانت النتيجة ثورة شاركت فيها مختلف شرائح الشعب الإيراني، وأسست جمهورية تعتمد على نظام الولي الفقيه الذي يريد الأمريكيون تغييره منذ نشأته، وساهم هذا التدخل في النهاية في بعض المشاكل ذاتها التي سعت الأجيال اللاحقة من الأمريكيين إلى حلها بتغيير النظام مجددًا.
وفي أفغانستان، عندما تدخلت واشنطن بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، أعلنت إدارة بوش الابن أن هدفها الإطاحة بحكم حركة طالبان، وأنفقت مليارات الدولارات، ودرَّبت جيشًا محليًا، وأقامت مؤسسات حكم.
صحيح أن الغزو تمكَّن من تشتيت قوى تنظيم القاعدة، لكن 20 عامًا من الاحتلال والتدمير أنهكت أفغانستان وشعبها، واستنزفت الخزانة الأمريكية، وخلَّفت حربًا أهلية مطولة أودت بحياة آلاف المدنيين، وولادة حركة الجهاد العالمية، ونصف عقد من حكم طالبان، وهجمات جماعية مسلحة على مواقع أمريكية، بينما تمدد النفوذ الإيراني في قلب بغداد بشكل لم تتوقعه أمريكا.
في نهاية المطاف، انسحب الجيش الأمريكي بأسلوب جعله محط انتقاد وحتى سخرية، والمفاجأة أن طالبان عادت للحكم من جديد بعد 20 عامًا، أكثر تنظيًما وانتشارًا، وهو السيناريو ذاته الذي تكرَّر في ليبيا في أعقاب الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011، لكن لم تنجح أي قوة خارجية في إعادة تركيب الدولة الليبية على نحو يحقق المصالح الغربية.
بعد التدخل الأمريكي لتغيير النظام في ليبيا، اتخذت كوريا الشمالية قرارات نووية، فقد خلص مسؤولها إلى أن الأسلحة النووية وحدها هي القادرة على منع تغيير النظام، وذكرت وكالة الأنباء الرسمية لكوريا الشمالية أن “التاريخ يُثبت أن الردع النووي القوي هو أقوى سلاح لإحباط أي عدوان خارجي”.
بالانتقال إلى العراق، وبعد نهاية حرب الخليج الأولى عام 1991، حثَّ الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب العراقيين على الثورة على نظام صدام حسين الذي أنهكته الحرب، متوهمًا أن سيسقط بسرعة تحت ضغط الشارع، لكنّ ما حدث كان العكس تمامًا.
تربَّع صدام على عرش السلطة لعقد إضافي، حتى عادت القوات الأمريكية بنفسها في عهد بوش الابن لغزو العراق في عام 2003 للقضاء على نظامه، و”تحرير” الشعب العراقي، وإزالة أسلحة الدمار الشامل التي لم تكن موجودة أصلاً.
نظريًا، انتهى حكم صدام وحزب البعث العراقي، ولم يجد أحد أسلحة دمار شامل. وعمليًا، تأجج الصراع الطائفي، وأُدخل العراق في دوامة من العنف، وسُرقت آثار وموارد لا تُقدَّر بثمن، وربحت شركات أمريكية عقودًا بالمليارات، وتسبب هذا الغزو في مقتل أكثر من 319 ألف شخص.
بعد أعوام قليلة، أثبتت جهود الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما – التي باءت بالفشل في نهاية المطاف – لتعزيز التحولات السياسية في مصر وليبيا وسوريا، أنها قصة تحذيرية أخرى حول مخاطر السعي الأمريكي لتغيير الأنظمة، فرغم أن الوسائل المستخدمة في كل دولة مختلفة تمامًا عن بعضها، إلا أن النتائج كانت متشابهة: الفشل في هندسة انتقال سياسي ناجح، وإرث من العنف والطائفية وعدم الاستقرار والتنافس الجيوسياسي.
وبالنظر إلى التاريخ الطويل والمتنوع والمأساوي لتغيير الأنظمة في الشرق الأوسط، بدلًا من تغيير سياساتها، يبدو جليًا وقوع أمريكا مرارًا وتكرارًا في نفس الفخ، عقدًا تلو الآخر، تاركة خلفها سجل حافل بالإخفاقات الكارثية، والتكاليف الباهظة، والنتائج غير المتوقعة أكثر مما وعد به مؤيدو تغيير النظام ممن يجادلون بأنه لم يكن هناك بدائل أخرى.
ومع ذلك، وحتى بعد استعراض سجل إخفاقات التدخل الأمريكي حول العالم، لا يزال العديد من صانعي السياسات والمحللين، يدعون إلى الإطاحة بالأنظمة كخيار سياسي قابل للتطبيق، على أمل أن تنجح بطريقة ما في المرة القادمة رغم وجود خيارات أفضل لكل الأطراف من التدخل لإسقاط النظام واستبداله بأي طريقة كانت.
لماذا يتكرر الوقوع في فخ الإخفاقات؟
باختصار، كما قال تاكر كارلسون، حين ترى أمريكا مصلحتها تظن أنها تعرف كل شيء، لكن التحليلات التي انتقدت التدخلات السابقة تقول إنها تغفل الكثير حول الدول المستهدفة، فلا تولي اهتمامًا بطبيعة التكوين الاجتماعي الشعبي والقبلي والديني والعرقي، ولا تضع خطة لما بعد تحقيق هدفها المعلن، ولا تتوقع نتائج متغيرة تفرضها الظروف الاقليمية.
ويُظهر سجل التدخلات الأمريكية أن سبب الفشل المتكرر لا يقتصر على سوء التنفيذ أو غياب المتابعة، وهما أكثر الأعذار شيوعًا لدى مناصري تغيير الأنظمة، بل يُظهر أن هناك تكاليف باهظة بطبيعتها، وتحديات لا يُمكن تجاوزها، وعواقب غير متوقعة، ومنها إثارة التوتر بين جماعات المعارضة المسلحة، وتعطيل توزيع الموارد الشحيحة، وتعزيز الاعتماد طويل الأمد على القوى الخارجية، وتقويض مصداقية أمريكا، وترسيخ صورة سلبية بأنها “شرطي العالم” الذي نصَّب نفسه بنفسه.
وفي حين نجحت بعض هذه التدخلات في إسقاط الأنظمة، فإنها نادرًا ما أثمرت أنظمة جديدة تنسجم مع تطلعاتها، وكما يشير غوردون، “كلما هُدم نظام قائم، ينشأ فراغ سياسي وأمني غالبًا ما يملأه جهات فاعلة أكثر قمعًا من الأنظمة المخلوعة، وتظهر خصومات عرقية وطائفية وجيوسياسية وشخصية طويلة الأمد تعجز أمريكا عن السيطرة عليها، ويبدأ صراع على السلطة عادةً ما يكون الفائزون فيه أكثر الجماعات قسوة وتسليحًا”.
ففي حالة العراق، وجدت أمريكا نفسها أمام فراغ أمني سرعان ما امتلأ بقوى ومليشيات وصراعات أهلية، وفي ليبيا، بدأت الميليشيات المتنافسة في الاقتتال فيما بينها، وبحلول يونيو/ حزيران 2014، كانت البلاد تضم حكومتين متنافستين تدعمهما ميليشيات وأطراف خارجية، ودخلت في حرب أهلية لا نهاية لها في الأفق.
ويعدد غوردون في كتابه “خسارة اللعبة الطويلة”، العوامل التي تُسهم في فشل تغيير الأنظمة، وتشمل صعوبة فرض التغيير السياسي من الخارج، والنظر إلى القوات الأمريكية على أنها قوات احتلال وليس قوات تحرير، وعدم إدراك أن الجهات الفاعلة المحلية ستسعى لتحقيق مصالحها أولًا، وسعي الجماعات والدول المجاورة إلى زعزعة استقرار النظام الجديد، والاعتقاد الخاطئ بأن إنفاق المزيد من الأموال والقوات على مشكلة ما سيحسّنها.
ووفقًا لكبير مراسلي الشؤون السياسية في مجلة “تايم“، فيليب إليوت، فإن أهداف أمريكا لتغيير الأنظمة غالبًا ما تفشل بسبب الرأي العام الأمريكي الذي يضيق ذرعًا بنتائج التدخل، ويمل من تكاليف محاولة إنجاحه، فيُهمَل هذا التدخل، عادةً بعد تولي رئيس جديد منصبه، ويلقي من صاغوا هذه السياسة، وبالغوا في الترويج لها باللوم في نتائجها على استراتيجية سلفه سيئة التخطيط أو التنفيذ، ويستمر هذا الرفض للسياسة حتى يفكر القادة في تجربتها مجددًا، وأحيانًا في نفس البلد الذي فشلت فيه أول مرة.
وليس ثمة أكثر دلالة على ذلك مما حدث مؤخرًا حين دعا الرئيس ترامب مؤخرًا – وسبقته “إسرائيل” التي أثارت أحلام بحكم ما بعد آية الله الخميني فى طهران، وادّعى بنيامين نتنياهو أن تغيير النظام في إيران سيفيد العالم أجمع – إلى تغيير النظام الإيراني لعجزه عن “جعل إيران عظيمة” مجددًا حسب قوله، متجاهلاً أخطاء أكثر 80 عامًا من المحاولات الأمريكية لتغيير أنظمة الحكم حول العالم، بما في ذلك إيران نفسها.
وبدلاً من تغيير كل الأنظمة في المنطقة، ربما يجب على أمريكا أن تجرب تغيير نظام واحد، وهو نظام الفصل العنصري في “إسرائيل”، التي تظهر دون غيرها فاعلاً مؤثرًا في زعزعة استقرار المنطقة كلها وفق مبدأ يقوم على تكريس هيمنتها المطلقة على المنطقة، والتعاطي مع كل قوة ناشئة فيها باعتبارها خطرًا مهددًا لوجودها، ومن ثم يجب التخلص منها بمساعدة أمريكية.
في المرة القادمة التي يقترح فيها القادة والمسؤولون الأمريكيون التدخل في أي دولة لتغيير نظامها بأي طريقة، يُمكن الافتراض بثقة أن مثل هذا المشروع سيكون أكثر تكلفة وأقل نجاحًا، وأكثر ثراءً بالعواقب الكارثية مما يدركه أو يُقرّ به مؤيدوه، فحتى الآن على الأقل، لم يحدث عكس ذلك أبدًا.