ترجمة وتحرير: نون بوست
وافقت المحكمة العليا الأمريكية يوم الخميس على طلب تقدّمت به إدارة ترامب لنقل ثمانية أشخاص أمضوا أكثر من شهر محتجزين في قاعدة عسكرية أمريكية في جيبوتي إلى جنوب السودان الذي تمزقه الحرب.
عارضت القاضيتان سونيا سوتومايور وكيتانجي براون جاكسون هذا القرار. بـ7 أصوات مقابل 2، ألغى القضاة أمرًا صادرًا عن القاضي الفيدرالي براين مورفي كان يمنع ترحيل المحتجزين إلى جنوب السودان. تدخل مورفي رغم حكم المحكمة العليا الشهر الماضي الذي أوقف أمرًا قضائيًا سابقًا أصدره على مستوى البلاد يطالب الإدارة بإخطار المُرحّلين مسبقًا بوجهتهم ومنحهم فرصة “حقيقية” للاعتراض إذا اعتقدوا أنهم قد يتعرضون لخطر.
واتهمت إدارة ترامب القاضي مورفي بتحدي حكم المحكمة العليا، وطلبت وزارة العدل من القضاة “توضيحًا” يسمح للإدارة بترحيل هؤلاء الأشخاص.
وكتبت القاضية سوتومايور في رأي معارض شديد اللهجة: “لا يجوز للولايات المتحدة ترحيل أشخاص من غير مواطنيها إلى بلد يُرجَّح أن يتعرضوا فيه للتعذيب أو القتل. يكفل القانون الدولي والمحلي هذا الحق الإنساني الأساسي. وفي هذه القضية، تسعى الحكومة إلى إبطال هذا الحق من خلال ترحيل أجانب إلى بلدان فيها مخاطر محتملة دون إخطار مسبق أو إتاحة الفرصة لهم للتعبير عن خشيتهم من التعذيب”.
ينحدر المحتجزون من فيتنام وكوريا الجنوبية والمكسيك ولاوس وكوبا وميانمار، وواحد فقط منهم من جنوب السودان، ولم تُعلن الولايات المتحدة ولا جنوب السودان ما الذي سيحدث لهم عند وصولهم. وعلى مدى أسابيع، تجاهلت الحكومتان طلبات التعليق التي قدّمها “ذا إنترسبت”.
وقالت ترينا ريالـموتو، المديرة التنفيذية للتحالف الوطني للتقاضي بشأن الهجرة، ومحامية المحتجزين: “قرار المحكمة العليا يكافئ الحكومة على تجاوزها للقانون من خلال انتهاك الأمر القضائي وتأخير تنفيذ الضمانات القانونية التي أمرت بها المحكمة المحلية كتعويض عن تلك الانتهاكات. ولن يؤدي هذا القرار إلا إلى تشجيع الحكومة على ارتكاب المزيد من الانتهاكات للأوامر القضائية التي تتعارض مع مصالحها”.
وأعرب مصدر في جنوب السودان، لديه صلات رفيعة بالحكومة، عن قلقه من احتمال استخدام المعتقلين كورقة ضغط سياسية أو تعرضهم لسوء المعاملة داخل نظام السجون السيء السمعة في البلاد. تحدث المصدر شريطة عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام.
في ربيع هذا العام، بدأت الأمم المتحدة تحذّر من احتمال اندلاع حرب أهلية شاملة في جنوب السودان. في مارس/ آذار، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيرًا من المستوى الرابع “من السفر” إلى الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، وأمرت بمغادرة الموظفين الحكوميين الأمريكيين غير الأساسيين، بسبب التهديدات الأمنية المستمرة هناك. حذّرت الوزارة الأمريكيين بوضوح: “لا تسافروا إلى جنوب السودان بسبب الجريمة، والاختطاف، والنزاع المسلح”.
في الشهر الماضي، قضت المحكمة العليا بأن إدارة ترامب يمكنها استئناف ترحيل المهاجرين إلى دول غير أوطانهم الأصلية، دون منحهم أي فرصة للاعتراض بسبب احتمال تعرضهم للتعذيب.
شكلت القرارات الأخيرة للمحكمة العليا مكسبًا كبيرًا لإدارة ترامب التي تستخدم أساليب ضغط قاسية مع عشرات الدول الصغيرة والضعيفة والهشة اقتصاديًا، بهدف بناء شبكة احتجاز عالمية للمهاجرين المُرحّلين. وقد سعت الإدارة الحالية إلى إبرام اتفاقيات مع ربع دول العالم لقبول ما يُعرف بـ”رعايا الدول الثالثة”، أي أشخاص مُرحّلين ليسوا من مواطني تلك الدول.
تُبرم هذه الاتفاقيات في سرية تامة، وترفض كل من وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة الهجرة والجمارك مناقشتها أو الإدلاء بتفاصيل عنها. ومع الضوء الأخضر الذي منحته المحكمة العليا، أصبح آلاف المهاجرين مهددين بالاختفاء داخل شبكة “الترحيل العالمية”، حيث يُنقلون إلى دول لا تربطهم بها أي صلة.
وقال متحدث باسم وزارة الأمن الداخلي الأمريكية عقب حكم المحكمة العليا الشهر الماضي بشأن ترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة: “شغّلوا طائرات الترحيل”.
وقد أدين المحتجزون الثمانية بجرائم خطيرة في الولايات المتحدة، وقضى العديد منهم فترات سجن طويلة. ومنذ أسابيع، يُحتجزون في معسكر لومونييه في جيبوتي تحت حراسة مشددة. ووفقًا لمحاميهم، فإنهم يُقيّدون بالسلاسل من أقدامهم باستمرار، باستثناء فترات استخدام الحمّام أو الاستحمام، التي يُسمح لهم بها مرة كل يومين.
وكتبت القاضية سونيا سوتومايور: “ما تسعى إليه الحكومة فعلياً هو ترحيل ثمانية أشخاص غير مواطنين، تم إخراجهم من الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، من جيبوتي إلى جنوب السودان، حيث سيتم تسليمهم للسلطات المحلية دون أي اعتبار لاحتمال تعرضهم للتعذيب أو القتل”.
وأضافت بلهجة حادة: “أمر المحكمة اليوم يوضح شيئًا واحدًا فقط: على الجميع الالتزام بالقواعد، باستثناء الإدارة التي يمكنها الاتصال بالمحكمة العليا متى شاءت”.
المصدر: ذا إنترسبت