في منتصف يونيو/ حزيران 2025، وافق البرلمان المصري على البروتوكول رقم (2) الملحق باتفاقية تجنب الازدواج الضريبي المُوقعة بين مصر والإمارات، والتي أُبرمت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 بأبوظبي، وصدّق عليها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بموجب القرار الجمهوري رقم 558 لعام 2020، وتم نشره بالجريدة الرسمية.
البروتوكول الجديد يضفي الصفة الرسمية على شركة “أبوظبي التنموية القابضة”، أحد أكبر الصناديق الاستثمارية السيادية في العالم، ويمنحها إعفاءات ضريبية شاملة على استثماراتها في مصر، وتُكتفى بدفع الضرائب في موطنها الأصلي، مقابل منح مزايا مماثلة لصندوق مصر السيادي داخل الإمارات، مع التزامه بدفع الضرائب المستحقة في مصر.
أثارت هذه الخطوة انتقادات واسعة، خصوصًا أنها جاءت في توقيت حرج، إذ تمر مصر بأصعب أزماتها الاقتصادية وسط تزايد عجز الموازنة، وضغوط قوية من المؤسسات المالية الدولية لزيادة الإيرادات عبر توسيع القاعدة الضريبية وتقليص الإعفاءات الاستثنائية التي تحرم الخزانة العامة من مليارات الجنيهات سنويًا، في حين يواجه المصريون والأنشطة الصغيرة زيادات متتالية في الرسوم والضرائب.
مكاسب غير متكافئة
تروّج الجهات الرسمية المصرية للبروتوكول الإضافي على أنه اتفاق يعتمد في جوهره على مبدأ التكافؤ، ويحقق توازنًا في المصالح بين الطرفين، وأشادت لجنة الخطة والموازنة البرلمانية بالبروتوكول، واعتبرته خطوة ضرورية تدعم التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتُعزز الاستثمارات المتبادلة، في وقت تواجه فيه مصر صعوبات في جذب رؤوس الأموال الأجنبية.
وتستند هذه السياسة إلى فرضية خاطئة مفادها أن تقديم الإعفاءات الضريبية السخية هو الطريقة الأنسب لجذب الاستثمار الأجنبي، الذي يتطلب في الواقع ما هو أبعد من التخفيضات الضريبية، مثل إصلاح البيئة التشريعية والإدارية، ومحاربة الفساد، ورفع كفاءة البنية التحتية، وتحسين قدرات القوى العاملة، وتعزيز الطلب المحلي.
هذا الحماس الرسمي المفرط غالبًا ما يخفي تناقضات أو مفارقات في جوهر الاتفاق، وتكشف قراءة متعمقة لمضمون الاتفاق خللاً واضحًا في أولويات السياسات الاقتصادية، وتباينًا صارخًا في ميزان المصالح بين الطرفين، وتشير المعطيات الاقتصادية إلى أن هذا النوع من الإعفاءات يخدم مصالح الطرف الإماراتي بشكل أكبر.
فعليًا، تُعرف الإمارات بسياساتها الضريبية المنخفضة والأقل صرامة من نظيرتها المصرية، فهي لا تُحمّل الشركات أعباء ضريبية كبيرة، ولا تفرض ضرائب فعلية شاملة على أغلب القطاعات، باستثناء بعض الرسوم المحدودة التي بدأت تُطبق مؤخرًا على أرباح الشركات الكبرى بنسب تقل كثيرًا عن المعدلات الدولية.
في هذا السياق، فإن الامتيازات الممنوحة لصندوق مصر السيادي داخل الإمارات، تبدو محدودة الأثر من الناحية الاقتصادية، ويبدو الاتفاق في مضمونه الاقتصادي أقرب إلى صفقة خاسرة من جانب مصر، هذا بخلاف ما ستخسره خزانتها فعليًا من ضرائب على أرباح وعوائد استثمارات الشركة الإماراتية، التي تتوسع بقوة داخل السوق المصري.
ويتجاوز الأمر الجانب الضريبي، ليكشف عن تفاوت صارخ في حجم استثمارات كل طرف في البلد الآخر، فالاستثمارات الإماراتية تتغلغل في أركان في الاقتصاد المصري، وتستحوذ على قطاعات حيوية بينما يظل الحضور الاستثماري المصري داخل الإمارات هامشيًا، ويتركز في أنشطة محدودة، ما يجعل الامتيازات المقدمة للطرف المصري بلا جدوى تقريبًا.
لنأخذ على سبيل المثال هذه الشركة المملوكة لإمارة أبوظبي برئاسة نائب حاكم الإماراة طحنون بن زايد، والتي انطلقت في عام 2018، وأصبحت في وقت قصير من أكبر الكيانات الاستثمارية السيادية في المنطقة، حيث تدير أصولاً تُقدَّر بعشرات المليارات من الدولارات، وتنتشر استثماراتها في السوق المصري في مجالات حيوية مثل الطاقة والأمن الغذائي والصناعات الدوائية.
وفي دلالة على تفاوت الوزن الاستثماري بين المؤسستين المعنيتين، أتمّت “أبوظبي القابضة” مؤخرًا صفقات للاستحواذ على حصص تتراوح بين 25% و35% في 3 شركات بترول مصرية (إيثيدكو والحفر الوطنية وإيلاب) بقيمة إجمالية بلغت 800 مليون دولار، وحصلت موانئ أبوظبي، التابعة لنفس الشركة، على حق تطوير منطقة “كيزاد شرق بورسعيد” بنظام حق الانتفاع لمدة 50 عامًا قابلة للتجديد، مقابل حصول الهيئة الاقتصادية لقناة السويس على 15% فقط من إيرادات المشروع.
بالعودة إلى البروتوكول الجديد الموقع مع صندوق أبوظبي، نجد أن البنود المُعلنة تشير إلى منح الشركة إعفاءات تشمل أرباحها وعوائدها الاستثمارية داخل مصر، وتطال هذه الامتيازات قطاعات لطالما اعتُبرت ركيزة أساسية لدعم الميزانية العامة، وهو ما يجعل من استثماراتها في السوق المصري صفقة رابحة على جميع الأصعدة، في حين لا توجد معلومات شفافة أو دقيقة حول حجم استثمارات “صندوق مصر السيادي” في الإمارات، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول مبدأ التكافؤ.
وهذا يعني أن هذه الامتيازات تمنح رؤوس الأموال الإماراتية أفضلية مطلقة، فهي لا تستفيد فقط من تراجع قيمة الجنيه، ومن التقييم المتدني لأصول الدولة، بل تستفيد فعليًا من الإعفاءات الممنوحة لها، والتي تشمل ضرائب الدخل والأرباح الرأسمالية وتوزيعات الأرباح والفوائد البنكية.
هذه الضرائب تمثل عادة جانبًا كبيرًا من العائد الاستثماري، وكان من الممكن أن تدر المليارات على خزانة الدولة المصرية، وتساهم في تلبية المتطلبات الاجتماعية والخدمية المتزايدة، لا سيما في ظل التحديات المالية التي تمر بها، وأزمة شح العملة الأجنبية، التي تفرض ضغوطًا متزايدة على الاقتصاد المحلي.
هذا الاختلال في أولويات السياسات الاقتصادية يفقد الاتفاق أحد مقوماته الأساسية المتمثلة في المعاملة المتكافئة، ويحوّل الإعفاءات الضريبية المقدمة إلى مكاسب للطرف الإماراتي دون غيره، في وقت تعاني فيه الخزانة العامة من أزمة حادة في مواردها المالية، وتواجه التزامات محلية وخارجية متزايدة.
إعفاءات حصرية
في ظل تسارع الحكومة المصرية نحو منح إعفاءات ضريبية واسعة لكيانات استثمارية خليجية، وعلى رأسها شركة “أبوظبي القابضة”، تواجه الدولة ضغوطًا متزايدة من جانب صندوق النقد الدولي، الذي يشدد على تقليص الامتيازات الضريبية الممنوحة لجهات عمل حكومية، لتعزيز قواعد المنافسة العادلة بين القطاعين العام والخاص، وتحسين آليات التحصيل الضريبي كجزء أساسي من جهود إصلاح العجز المالي وتحقيق الاستدامة الاقتصادية.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2023، عبّر الصندوق، في أحدث تقاريره المتعلقة بمتابعة أداء الاقتصاد المصري، عن قلقه إزاء استمرار الإفراط في الإعفاءات الضريبية على نطاق واسع، محذرًا من أن مثل هذه السياسات تحرم الموازنة من موارد أساسية في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تعزيز إيراداتها لمواجهة التضخم المتزايد وتنامي أعباء الديون المحلية والخارجية.
ويشير الصندوق إلى أن الاعتماد المفرط على استثمارات معفاة من الضرائب قد لا يسهم في تخفيف الضغوط الاقتصادية، بل قد يُعمق الاختلالات المالية القائمة، ويزيد الفجوة بين الإيرادات والمصروفات الحكومية، مما يضعف قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الاجتماعية والتنموية.
تنفيدًا لشرط صندوق النقد، وافقت الحكومة، في فبراير/ شباط 2024، على مشروع قانون لإلغاء إعفاءات ضريبية كانت تتمتع بها جهات حكومية تنشط في مجالات اقتصادية واستثمارية، لكن القرار استثنى كافة المشروعات التي تنفذها القوات المسلحة، رغم انخراطها في أنشطة اقتصادية تهيمن على السوق المصري.
ومع ذلك، تواصل الحكومة منح تسهيلات ضريبية كبرى لكيانات استثمارية أجنبية بحجم صندوق أبوظبي، الذي شارك في مشروعات كبرى مثل صفقة رأس الحكمة، وحصل على إعفاءات تشير إلى نهج اقتصادي مصري يفضل استقطاب رؤوس الأموال الخليجية، ويوفر لها تسهيلات كبيرة دون غيرها، حتى وإن جاء ذلك على حساب توازنات الاقتصاد المحلي واحتياجات الموازنة العامة المتزايدة.
في مقابل مواصلة تقديم هذه الحوافز لتشجيع الاستثمارات الإماراتية في الاقتصاد المحلي، كانت الحكومة أقل استجابة لمطالب كيانات دولية أخرى، فعلى سبيل المثال، طالبت شركة يوروكلير (Euroclear)، وهي منصة دولية لتسوية المعاملات المالية، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، بالحصول على إعفاء ضريبي على أذون وسندات الخزانة كشرط لمنح مصر إمكانية الوصول إلى سوق أدوات الدين الحكومية، وحتى الآن، لم تصدر الحكومة المصرية ردًا رسميًا على هذا الطلب.
هذا التوجه يرى عدد من المراقبين أنه لا ينفصل عن السياقين السياسي والإقليمي، حيث لعبت دول الخليج، وفي مقدمتها الإمارات والسعودية، دورًا رئيسيًا في دعم الاقتصاد المصري خلال السنوات الماضية، سواء عبر ودائع ضخمة بالبنك المركزي أو استثمارات واسعة النطاق ومساعدات مالية مباشرة.
منذ تصاعد الأزمات الاقتصادية التي بدأت تتوالى على مصر منذ عام 2016، تعمّق اعتماد الحكومة على الدعم الخليجي، ما أوجد نوعًا من التداخل بين العلاقات السياسية والاقتصادية، وانعكس بوضوح في التسهيلات التي تُمنح للشركات الخليجية، خصوصًا الإماراتية، على نحو يثير تساؤلات حول العدالة والجدوى.
وفي هذا الإطار، استفادت “أبوظبي القابضة” – بوصفها ذراع استثماري استراتيجي للإمارات – من هذا التوجه لتعزيز حضورها في السوق المصري من خلال تنفيذ سلسلة من صفقات الاستحواذ واسعة النطاق على حصص مملوكة للدولة المصرية في 5 من أبرز الشركات المقيدة بالبورصة، والتي يأتي جزء كبير من إيراداتها من العملة الأجنبية.
هذه الصفقة التي تزامنت مع تصاعد التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر في السنوات الأخيرة شملت البنك التجاري الدولي (أكبر بنك خاص في مصر)، وشركة أبو قير للأسمدة، ومصر لإنتاج الأسمدة، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع التي تعمل في أنشطة النقل والشحن الدولي، وتسعر خدماتها بالعملة الصعبة، وشركة فوري للمدفوعات الرقمية، صاحبة النصيب الأكبر من قطاع المدفوعات الرقمية داخل السوق المصرية، وبلغت قيمة الصفقة الإجمالية نحو 1.8 مليار دولار.
الشركات الخمس تتمتع بمكانة قوية داخل السوق المصري، حيث أُدرجت جميعها ضمن تصنيف “فوربس” لأقوى خمسين شركة في مصر، وتبلغ قيمتها السوقية مجتمعة قرابة 10 مليارات دولار، في حين تُقدر أصولها بما يناهز 19.6 مليار دولار، وتشكّل مجتمعة حوالي 39% من الوزن النسبي لمؤشر “EGX30” الرئيسي للبورصة المصرية.
وخلال ما يقرب من عامين ونصف من تنفيذ الصفقة، وتحديدًا منذ إتمام الصفقة في أبريل/ نيسان 2022 حتى يونيو/ حزيران 2024، تمكنت “أبوظبي القابضة” من تحقيق عوائد تشغيلية فقط – دون احتساب الأرباح الرأسمالية الناتجة عن ارتفاع قيمة الأسهم في السوق خلال نفس الفترة – بلغت نحو 890 مليون دولار، أي ما يعادل تقريبًا نصف قيمة الاستثمار الأصلي، ويُعد هذا الأداء لافتًا بالنظر إلى الفترة الزمنية القصيرة نسبيًا.
ومع تزايد نفوذها في السوق المحلية، ومع كل صفقة تبرمها “أبوظبي القابضة”، يتصاعد القلق التساؤلات بشأن معايير الشفافية، ودقة تقييم الأصول المصرية، فضلاً عن العائد الحقيقي لهذه الاستثمارات على الاقتصاد المحلي، بعيدًا عن الأرقام الرسمية التي تُعرض كدليل على النجاح، لكنها لا تنعكس دائمًا على مستوى معيشة المواطن أو تحسين المؤشرات الاقتصادية الفعلية.
ويخشى كثيرون أن تمضي مصر تدريجيًا في مسار يجعلها وجهة مفتوحة لرؤوس الأموال الأجنبية الباحثة عن ملاذ ات ضريبية استثنائية، دون ضمان تحقيق فائدة حقيقية للاقتصاد الوطني الذي يعاني من تحديات بنيوية وارتفاع معدلات الفقر.
من يدفع الثمن؟
تعد الحصيلة الضريبية العمود الفقري لتمويل الموازنة العامة في أي دولة، ما يتيح الإنفاق على قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، وتتضاعف أهمية هذه الموارد بالنسبة للجانب المصري، وسط ارتفاع مستويات الدين الخارجي وتراجع العوائد من مصادر أخرى نتيجة ضعف الأداء الاقتصادي وأزمة العملة الأجنبية.
في هذه الحالة، تُحرم الخزانة العامة المصرية من عائدات ضرائب كان يمكن تحصيلها من هذه العمليات الاستثمارية الضخمة، وتوجيهها لسد العجز المالي أو تحسين ظروف المعيشة، في حين يعاني المواطن من ضغوط معيشية متصاعدة، في ظل تراجع قيمة العملة، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتراجع جودتها.
هذه الأزمة لا تنفصل عن توجهات اقتصادية تمنح الأفضلية للمستثمرين الأجانب على حساب الاحتياجات الأساسية للغالبية، وهو ما يزيد من الضغط على الفئات الفقيرة ومحدودي الدخل، لا سيما في ظل توسع الدولة في فرض الضرائب غير المباشرة والرسوم التصاعدية على السلع الخدمات، مثل الكهرباء والمياه، التي يتحملها المواطن العادي في حياته اليومية.
وفي تكريس واضح لغياب العدالة في توزيع الأعباء، تتجه الحكومة لفرض مزيد من الأعباء المالية على المواطنين، في مقابل إعفاء الكيانات الاستثمارية الأجنبية الكبرى من الالتزامات الضريبية، وقد فعلت ذلك مؤخرًا حين اتجهت للاعتماد شبه الكامل على الضرائب في موازنة العام الجديد، وتستهدف تحصيل أكثر من 2.6 تريليون جنيه، بنسبة 85% من إيرادات الدولة، مقارنة بـ77% فقط قيمة الضرائب في موازنة العام الماضي.
وفي ظل تردي مستويات المعيشة وارتفاع مستمر في تكاليف الحياة، تتحمل الطبقة المتوسطة والفقيرة التبعات، حيث تدفع هذه الفئات الضعيفة نصف إيرادات الضرائب التي ضرائب الدخل على الموظفين والمهن الحرة، وضريبة القيمة المضافة التي تدر وحدها أكثر من 780 مليار دولار، بزيادة تفوق 43% عن إيراداتها في العام المالي السابق، ما يعني أن الضرائب التي يدفعها المواطن سيتم مضاعفتها خلال العام المالي الجديد، ما يزيد أعباء المواطن، ويستنزف ميزانيته بعد إلغاء دعم الوقود.
وتتزامن زيادة الضرائب مع ارتفاع تكاليف خدمة الدين العام (فوائد وأقساط قروض) الذي يلتهم إيرادات الدولة، ويستنزف أكثر ما يقرب من 65% من الموازنة، ويتجاوز الاقتراض الجديد في موازنة السنة المالية القادمة 3.5 تريليون جنيه، لذا تلجأ الحكومة باستمرار لجعل جيب المواطن هدفًا لفشل سياساتها القائمة على قوانين تفرض مزيدًا من الجبايات.
تؤدي هذه السياسات – التي تُمرر من خلال برلمان يصوت دائمًا مع الحكومة – إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي، وتزيد من اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، بما يُهدد بتصاعد التوترات الاجتماعية مستقبلاً، خصوصًا في ظل غياب لأي مؤشرات حقيقية على وجود حلول اقتصادية فعالة أو إصلاحات تضمن توزيعًا أكثر عدالة للثروة والموارد.
في هذا الإطار، تثير الامتيازات الممنوحة لرؤوس الأموال الأجنبية، خاصة الصناديق الخليجية، وتمتد لجهات سيادية محلية تستثمر في الداخل دون الالتزام بسداد ضريبي فعلي، تساؤلات جوهرية حول الجهة الحقيقية التي تتحمل العبء الضريبي، ومدى توازن نموذج اقتصادي حالي يُثقل كاهل المواطن الذي تُرك يواجه وحده تبعات الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.
في ظل هذه المعادلة غير المتكافئة، يبدو أن الاقتصاد المصري، برغم هشاشته وتزايد معدلات الفقر فيه، يدعم بصورة غير مباشرة أحد أقوى الاقتصادات السيادية في المنطقة، مانحًا التسهيلات لكيانات كبرى تتضاعف أرباحها في بيئة اقتصادية مجهدة أصلًا، دون ضمان انعكاس حقيقي لهذه الاستثمارات على الاقتصاد الكلي أو حياة الناس اليومية، ما يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول جدوى هذه السياسات ومدى عدالتها واستدامتها.