منذ بداية حرب الإبادة التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، يسابق المحتل الزمن لتقسيم القطاع إلى كانتونات معزولة، عبر تدشين محاور منفصلة تقسم غزة إلى مناطق متفرقة ومعسكرات اعتقال كبيرة.
يأتي هذا التحرك في سياق المخطط الإسرائيلي بشأن إعادة هندسة القطاع ديموغرافيًا، تمهيدًا لإعادة احتلاله مرة أخرى بأبجديات واستراتيجيات مختلفة، عملياتيًا ولوجستيًا، عمّا كانت عليه سابقًا. ويستهدف هذا المخطط غلق كافة نوافذ الحياة أمام الغزيين، ما يدفعهم، قهرًا أو طوعًا، نحو الهجرة وتفريغ القطاع من سكانه.
وكان جيش الاحتلال قد أعلن صباح الأربعاء 16 يوليو/تموز 2025 عن استكمال شق محور جديد في جنوب غزة، بطول نحو 15 كيلومترًا، يفصل شرق خان يونس عن غربها، في أحدث حلقات مسلسل المحاور الذي لا ينتهي، والذي يقسّم القطاع ويقطع أوصاله ويعزل مواطنيه، تمهيدًا لفرض سيطرة طويلة الأمد.
في هذه الإطلالة، نستعرض المحاور التي دشّنتها قوات الاحتلال في القطاع منذ بداية الحرب، وتأثيرها الميداني والديموغرافي، وكيف حوّلت غزة إلى معسكرات متباعدة، وفسخت الروابط الاجتماعية بين السكان، وفرضت حصارًا معمّقًا إلى جانب الحصار العام والشامل المفروض على القطاع منذ أكثر من 650 يومًا، والأهداف التي يسعى الإسرائيلي لتحقيقها بعيدًا عن المبررات المزعومة.
محور نتساريم (مفرق الشهداء).. فصل شمال غزة عن وسط وجنوب القطاع
الموقع: يقع بين مدينة غزة والمحافظة الوسطى، ويبدأ من المنطقة المقابلة لكيبوتس “بئيري” شرقًا، وصولًا إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط غربًا. يحدّه شمالًا حي الزيتون، ومن الشمال الغربي منطقتا الصبرة والشيخ عجلين، فيما تحدّه مدينتا الزهراء والأسرى من جنوبه الأوسط وجنوبه الغربي، ويبلغ طوله حوالي 7 كيلومترات، وتجاوره منطقتا جحر الديك والمغراقة، ويقطعه شارع صلاح الدين من المنتصف.
كان ضمن خطة “الأصابع الخمسة” التي قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون عام 1971، عندما كان قائدًا للمنطقة الجنوبية، وكان الهدف منها تسهيل السيطرة الأمنية على القطاع من خلال تقسيمه إلى خمس كتل استيطانية.
سُمّي بهذا الاسم نسبة إلى مستوطنة “نتساريم” السابقة التي كانت مقامة فيه قبل عام 2005، كما يُطلق عليه كذلك “مفرق الشهداء” لكثرة الشهداء الذين ارتقوا فيه خلال الأيام الأولى من انتفاضة الأقصى، بينهم الطفل محمد الدرة، وسائق الإسعاف بسام البلبيسي.
ملامح الخريطة المتغيّرة: حوّل جيش الاحتلال “نتساريم” من مجرد شارع صغير إلى ممر رئيسي يبلغ عرضه 8 كيلومترات وطوله 7 كيلومترات، حيث جرف مساحات واسعة في محيط الممر وصلت إلى عمق 3 كيلومترات على جانبيه الشمالي والجنوبي، لتشكيل نقاط ارتكاز له. ويقطع هذا المحور القطاع بشكل عرضي من الشرق إلى الغرب، ويفصل مدينتي غزة والشمال عن وسط وجنوب القطاع.
بعد أسابيع قليلة من تدشينه في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت وسائل إعلام عبرية عن عمليات توسيع وبناء داخل المحور، حيث تم تشييد طرقات ومواقع عسكرية، وتزويده بأنظمة اتصالات وخطوط مياه وكهرباء ومعتقلات ومرافق سكنية للجنود، ما يشي بتأسيس وجود استيطاني مستقبلي داخله، فيما قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن المحور تحوّل من ورقة مساومة في المفاوضات، كما كان يُقال في البداية، إلى “قاطع إسرائيلي”، مع مواقع دائمة مريحة وشارع يرفرف فوقه العلم الإسرائيلي.
الأهداف الإسرائيلية: يشكّل هذا المحور أهمية كبرى للإسرائيليين، أبرزها: تسهيل عودة الاستيطان الإسرائيلي إلى قطاع غزة، والتحكم بحركة المدنيين شمالًا وجنوبًا، ومنع عودة النازحين إلى شمال القطاع، وتسهيل تقدّم الآليات الإسرائيلية شمالًا أو جنوبًا خلال دقائق، كما حدث في الاجتياح الثاني لمستشفى الشفاء ومخيم النصيرات، إلى جانب استخدامه كورقة ضغط في ملف تبادل الأسرى.
محور فيلادلفيا (صلاح الدين).. عزل قطاع غزة عن الحدود المصرية
الموقع: يقع على الأراضي الفلسطينية بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، على طول الحدود المصرية مع القطاع، ويمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالًا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبًا، حيث نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة ودولة الاحتلال، ويشكّل شريطًا عازلًا بين مصر والقطاع، يبلغ طوله نحو 14 كيلومترًا، وعرضه بضع مئات من الأمتار، وقد أُنشئ عليه معبر رفح البري، الذي يمثّل المنفذ الرئيسي للغزيين على العالم الخارجي.
تاريخ الإنشاء: بدأ جيش الاحتلال هجومًا على طول الحدود بين مصر والقطاع يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2023، بحجة تدمير الأنفاق التي تستخدمها المقاومة لتهريب الأسلحة، في الوقت الذي كشفت فيه هيئة البث الإسرائيلية عن نية حكومة الاحتلال الإسرائيلية السيطرة على محور فيلادلفيا. وبالفعل، تم الإعلان عن احتلال المحور بشكل كامل في يونيو/حزيران 2024، رغم مخالفة ذلك للملحق الأمني المرفق باتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979.
الأهداف الإسرائيلية: فصل قطاع غزة عن عمقه المصري، بما يُغلق الباب نهائيًا أمام أي احتمالات، ولو ضئيلة، بشأن تسريب مساعدات مصرية غير رسمية للقطاع، وخنق وحصار أهل غزة جنوبًا بالتوازي مع خنقهم شمالًا، بما يضعهم بين كماشة الحصار، كأحد استراتيجيات الضغط التي يمارسها المحتل على المقاومة لإطلاق سراح الأسرى المحتجزين.
كانت الأنفاق التي تم حفرها تحت محور فيلادلفيا تمثّل شريان الحياة لكثير من سكان غزة، خاصة في أوقات الحصار التي كان يفرضها الاحتلال بين الحين والآخر منذ سيطرة حماس على المحور عام 2007. وباحتلاله، قطع الجيش الإسرائيلي الشريان الأهم، وربما الوحيد، أمام أكثر من مليوني فلسطيني، الأمر الذي ساعده في إحكام الحصار وتأليب الجبهة الداخلية على المقاومة.
محور مفلاسيم (جباليا).. عزل شمال القطاع عن مدينة غزة
الموقع: يبدأ المحور من أقصى شرق بلدة جباليا، مرورًا بتقاطع شارع صلاح الدين، وصولًا إلى شاطئ بلدة بيت لاهيا غربًا، ويبلغ طوله نحو 6 إلى 6.5 كيلومترات، وتعود التسمية إلى كيبوتس يحمل الاسم نفسه، ويقع ضمن مستوطنات غلاف غزة، وقد تأسس هذا الكيبوتس عام 1949، ويقطنه مهاجرون يهود قادمون من دول أميركا الجنوبية، لا سيما أوروغواي والأرجنتين.
برز اسمه أثناء عملية “طوفان الأقصى”، عندما تمكّنت كتيبة جباليا التابعة لكتائب القسام من اقتحامه في الساعات الأولى للهجوم، وأسقطت موقعًا تابعًا لاستخبارات الوحدة 8200، وهو ما دفع الاحتلال للسيطرة عليه بشكل كامل وإخراجه من معادلة المقاومة بصورة نهائية.
تاريخ الإنشاء: في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن خريطة لقطاع غزة أظهرت شقّ الجيش الإسرائيلي محورًا عسكريًا ميدانيًا يفصل محافظة شمال القطاع عن مدينة غزة، وذلك بعد المقاومة الشرسة التي صُدم بها الاحتلال خلال معاركه في الشمال.
الأهداف الإسرائيلية: يهدف المحور إلى عزل محافظة شمال القطاع – التي تضم بيت حانون وبيت لاهيا ومخيم جباليا – عن مدينة غزة، وتفريغ المنطقة ديموغرافيًا، وتحويلها إلى منطقة عسكرية مغلقة، من أجل تحييد المناطق التي شكّلت بؤرًا رئيسية في عملية “طوفان الأقصى”، وتقليل معدلات وفرص الاحتكاك بالمقاومة.
كان المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوآف زيتون، قد أشار إلى أن “الغاية من إنشاء محور مفلاسيم هي بناء جدار دفاعي متقدّم داخل القطاع، بهدف إحكام السيطرة والضغط على المقاومة”، وذلك بالتزامن مع الترويج لما عُرف بـ”خطة الجنرالات”، التي هدفت إلى إفراغ شمال قطاع غزة من سكانه تمهيدًا لإعادة النشاط الاستيطاني.
وفي ظل المقاومة الشرسة والصمود الأسطوري لسكان الشمال، انسحبت القوات الإسرائيلية من المحور، وذلك في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس الموقع في يناير/كانون الثاني 2025، وإن كان هدف إقامته مجددًا لا يزال قائمًا في ظلّ مخطط التهجير وتفسيخ القطاع، وهو ما تبرهنه العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة هناك بين الحين والآخر.
محور كيسوفيم.. فصل رفح وخان يونس عن القطاع
الموقع: يقع شرق قطاع غزة بين مدينتي دير البلح وخان يونس، وكان محورًا مركزيًا لسكان مستوطنة “غوش قطيف” التي كانت تقع جنوب القطاع، لكنه أُغلق منذ انسحاب الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005.
تاريخ الإنشاء: ظل المعبر مغلقًا منذ عام 2005، لكن جيش الاحتلال أعلن عن إعادة افتتاحه مجددًا في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بعد إعادة تأهيله فنيًا ولوجستيًا، بحجة إدخال مساعدات إلى جنوب القطاع.
الأهداف الإسرائيلية: من حيث الشكل، يُمثّل إعادة فتح المعبر استجابة للمطالب الأميركية بتوسيع إيصال المعونات الإنسانية إلى قطاع غزة، لمنع وقوع “المجاعة” كما تزعم واشنطن، لكن عمليًا، يهدف الاحتلال من وراء إعادة افتتاح هذا المحور إلى فصل مدينتي رفح وخان يونس في الجنوب عن بقية مناطق القطاع.
في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نشرت “إسرائيل” صورًا لعمليات بناء وترميم هندسية في المنطقة قبيل إعادة فتح المعبر، فيما دمّر الجيش غالبية المنازل وأعاد بناء بعض التمركزات العسكرية واللوجستية، إلا أن عملية الانتهاء من البناء لم تكتمل بشكل نهائي، فيما ذهبت مصادر محلية فلسطينية إلى أن الجيش يخطط للاستيلاء على هذا المحور لاحقًا، ويقوم بعمليات عسكرية فيه بين الحين والآخر لتحقيق هذا الهدف.
يتمتع هذا المحور بأهمية استراتيجية مزدوجة، إذ يتيح التقدم نحو مناطق الوسط والجنوب، مثل مدينة القرارة وخان يونس، كما يفتح الطريق باتجاه دير البلح، التي يصفها البعض بأنها “خاصرة لينة” بالنسبة للمقاومة الفلسطينية.
ويشير الخبراء إلى أن تدشين هذا المعبر مجددًا بعد غلقه لسنوات، يُعد جزءًا من استراتيجية عسكرية تستند إلى خطة تقضي بتقسيم القطاع إلى خمسة محاور هجومية، في إشارة إلى استراتيجية “الأصابع الخمسة” التي كان يتبناها أرييل شارون، والتي تعني عمليًا تشريح القطاع إلى أجزاء يسهل السيطرة عليها ميدانيًا، ومن ثم إضعاف قدرة المقاومة على التحرك بين مناطقه.
محور موراج (فيلادلفيا 2).. فصل خان يونس عن رفح
الموقع: يمتد محور موراج (الذي يُطلق عليه نتنياهو “فيلادلفيا 2”) من الشرق إلى الغرب بين مدينتي رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة، وسُمي بهذا الاسم نسبة إلى مستوطنة إسرائيلية سابقة كانت جزءًا من تجمع مستوطنات “غوش قطيف”، التي أُنشئت عام 1972 كموقع عسكري، ثم تحولت إلى مجمع زراعي واسع، قبل أن تنسحب “إسرائيل” من قطاع غزة عام 2005 في عهد أريئيل شارون.
تُعد منطقة موراج المُصدِّر الرئيسي للغذاء في قطاع غزة، وهي السلة الغذائية الأوسع لسكان الجنوب، حيث تشتهر بتربتها الخصبة ومصانعها المرتبطة بالإنتاج الزراعي، وكانت مصدرًا أساسيًا للتصدير إلى الخارج قبل الحرب، وأحد المناطق اللوجستية المحورية بالنسبة لسكان القطاع.
تاريخ الإنشاء: أعلنت “إسرائيل” عن إنشائه في أبريل/نيسان الماضي، في خضم المفاوضات الجارية بينها وبين حركة حماس للتوصل إلى اتفاق تهدئة، فيما اعتبره البعض محاولة من نتنياهو لإفساد المسار التفاوضي.
يتشبث نتنياهو بالبقاء في هذا المحور الذي دُشّن قبل ثلاثة أشهر، وهو ما يُعد بحسب الإعلام العبري مخالفًا لتوصيات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ومنافيًا للهدف الذي أُقيم من أجله، حيث كان من المفترض أن يكون جزءًا من سلسلة من الترتيبات العسكرية العملياتية والإجراءات الأمنية الميدانية المؤقتة، المرهونة بقاؤها بالتوصل إلى اتفاق وإنهاء الحرب.
الأهداف الإسرائيلية: يفصل المحور بين خان يونس ورفح جنوبي القطاع، والبقاء فيه يعني عمليًا فصل رفح عن قطاع غزة، ولوجستيًا، يتيح استمرار التواجد العسكري الإسرائيلي بما يسمح له باستئناف عملياته في أي وقت ودون عراقيل.
البقاء العسكري في تلك المنطقة، أيًا كان مستواه أو حجمه، يخدم وبشكل كبير مخطط التهجير الذي يسعى إليه نتنياهو، ومن خلفه ترامب، وقبلهم اليمين المتطرف في الداخل الإسرائيلي، حيث جرى حشر مئات الآلاف من الغزيين في تلك المساحة الضيقة، ودفعهم، طوعًا أو قسرًا، لمغادرة القطاع.
ويشير خبراء إلى أن احتلال إسرائيل لـ”محور موراج” يعني السيطرة على مساحة 74 كيلومترًا مربعًا من قطاع غزة، أي ما يعادل 20% من مساحته الإجمالية، كما أنه يُعيد رسم الخريطة الديموغرافية للقطاع عبر الضغط المستمر على السكان في الجنوب، ويخلق بيئة طاردة لهم، فضلًا عن أنه يشكّل ضربة قاسية للأمن الغذائي، مع تزايد شبح المجاعة.
محور ماجين عور.. فصل شرق خان يونس عن غربها
الموقع: يمتد المحور الجديد من غرب مدينة خان يونس مرورًا بوسطها، وصولًا إلى محيط مستوطنة “كيسوفيم” شرقًا، قاطعًا المدينة إلى قسمين، ويلتهم في طريقه عشرات الكيلومترات من المناطق السكنية والزراعية، ويعزل أحياء كاملة داخل المدينة، لا سيما في مناطق بني سهيلا، وعبسان الجديدة، وعبسان الكبيرة.
تاريخ الإنشاء: في 16 يوليو/تموز 2025، وفي الوقت الذي تتكثف فيه جهود الوسطاء للدفع نحو وقف لإطلاق النار وتبادل الأسرى بين “إسرائيل” والفصائل الفلسطينية، أعلن جيش الاحتلال في بيان له: “استكملت قوات اللواء 188 ولواء غولاني فتح محور ماجين عوز، الذي يفصل بين شرق وغرب خان يونس”، موضحًا أن المحور يمتد لمسافة نحو 15 كيلومترًا، ويُستخدم للضغط على “حماس” في المدينة.
الأهداف الإسرائيلية: تقسيم مدينة خان يونس، ثاني أكبر مدن قطاع غزة من حيث التعداد السكاني والمساحة، وفصل المناطق الواقعة شرق المدينة، التي تضم (عبسان الكبيرة، وعبسان الجديدة، وبني سهيلا، وخزاعة، والقرارة – شمال شرق المدينة، والفخاري، وجورة اللوت)، عن المناطق الواقعة غربها (معن، وجورت اللوت، وقيزان النجار، وقيزان أبو رشوان، والسلام).
وأشار موقع “والا” العبري إلى أن الجيش ينفذ عملية هندسية تهدف إلى تعزيز وجوده وتوسيع قواعده في المنطقة العازلة، ناقلًا عن مصادر عسكرية قولها إن المؤسسة العسكرية تصمم الميدان بطريقة تُمكّنها من فرض سيطرة أفضل خلال وقف إطلاق النار وما بعده، مضيفة أن الأنشطة الهندسية للجيش تبعث برسالة واضحة بأنه يستعد للبقاء طويلًا.
ويُشكّل هذا الطريق، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، جزءًا أساسيًا من استراتيجية الضغط على حركة حماس ومواجهة “لواء خان يونس”. ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية أن الجيش الإسرائيلي “قتل عشرات المقاتلين ودمّر أنفاقًا ومخابئ أسلحة لحركة حماس خلال عمليات الفرقة في خان يونس”.
خطة ممنهجة لإطالة أمد الحصار والشتات
بتلك المحاور، تُقطّع “إسرائيل” أوصال قطاع غزة، وتفصل الشمال عن الوسط والجنوب، والشرق عن الغرب، والجنوب الغربي عن نظيره الشرقي، وتقسمه ديموغرافيًا إلى معسكرات بشرية متباعدة، وفي الوقت ذاته، تستهدف تجميع الغزيين في تكتلات مكتظة، وتفرض عليهم كماشات محكمة، وذلك تحقيقًا لعدة أهداف:
- تنفيذ مخطط التهجير التدريجي من خلال استراتيجيات “الكماشة” والمناطق الإنسانية، وإجبار الغزيين على النزوح القسري، وإن جاء في صورة طوعية، بعد وأد كافة مقومات الحياة وغلق سُبلها أمامهم، خاصة بعد فشل خطة ترامب بشأن تهجير سكان القطاع إلى مصر والأردن، وصمود الأهالي في مواجهة المؤامرة.
- تقسيم القطاع إلى كانتونات منعزلة تقضي على تماسك الجبهة الداخلية، التي ظلّت لعقود عصب المقاومة الأبرز.
- إعادة هندسة القطاع ديموغرافيًا بما يعبّد الطريق نحو إطالة أمد البقاء العسكري الإسرائيلي داخله.
- توسعة العمق الأمني الإسرائيلي داخل القطاع بما يتجاوز غلاف غزة، خاصة بعد اختراقه في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
- تحييد القطاع عن معادلة المقاومة وعرقلة المخططات التوسعية الإسرائيلية التي تستند إلى توازن الردع.
- تجريد المقاومة من حواضنها الشعبية وبث الفتنة بينها وبين الغزيين من خلال الضغط المعيشي والانقسام المكاني.
- استخدام المحاور كورقة مساومة وابتزاز لحركة حماس وبقية الفصائل، بهدف إجبارها على تقديم تنازلات على طاولة المفاوضات.