فضحت المقرِّرة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، في تقريرها الذي عرضته على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في الأول من يوليو/تموز الجاري، قائمة الشركات العالمية المتواطئة والمشاركة بشكل مباشر ووطيد في الإبادة المرتكبة في غزة، والتي تتجاوز 60 شركة على أقل تقدير.
التقرير الذي جاء تحت عنوان “من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية”، كشف عن كيفية تحوُّل اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي إلى “اقتصاد إبادة” بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدعمٍ من كبريات الشركات العالمية ذات الانتشار الواسع والسمعة المعتبرة، فيما قالت ألبانيزي في كلمتها إن هناك دولًا تساند “إسرائيل” بشكل مباشر وعلني في مشروعها للهيمنة وتهجير الفلسطينيين، وطالبت بتعليق جميع الاتفاقات التجارية مع تل أبيب التي تسهم في “حرب الإبادة” بقطاع غزة.
تضمّن التقرير العديد من الشركات المتورطة في تلك الحرب، بشكل أو بآخر، على رأسها “إير بي إن بي” في مجال السياحة، و”كلير” و”ويليامز” في العقارات، و”أمازون” في التجارة الإلكترونية، و”مايكروسوفت” و”غوغل” في قطاع التكنولوجيا والمراقبة. وفي مجال السلاح، هناك “إلبيت” و”لوكهيد مارتن” وغيرهما ممن زوّدوا المحتل بسلاسل تصنيع شاملة لكافة القطاعات، ما عزّز من قدراته في تلك الحرب وأهّله للاستمرار فيها طيلة الـ21 شهرًا الماضية.
تُعدّ شراكات الطاقة أحد أبرز المجالات التي استُخدمت في تأجيج حرب الإبادة، حيث أبرم الكيان المحتل العديد من الاتفاقيات والصفقات مع بعض الدول والشركات العالمية منذ بداية المعركة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ساهمت بشكل كبير في تعزيز قوته ودعمه في تلك الحرب، وكان لها تأثير واضح في تمكينه ميدانيًا وتشديد الحصار المفروض على الغزيين.
دبلوماسية الطاقة
أبرم المحتل حزمة كبيرة من اتفاقيات الطاقة خلال العامين الماضيين، أربعة منها تُعدّ نقطة فاصلة في دعم عملياته العسكرية خلال حرب غزة الحالية:
اتفاقية “إنرجين” البريطانية اليونانية لتوريد الغاز للداخل الإسرائيلي: في يناير/كانون الثاني 2025، وقّعت شركة إنرجين (Energean)، وهي شركة نفط وغاز بريطانية-يونانية، اتفاقية لتوريد الغاز الطبيعي إلى شركة الطاقة الإسرائيلية “داليا باور إنرجيز” (Dalia Power Energies)، في صفقة تبلغ قيمتها 2 مليار دولار، مع توقّعات بزيادة الإنتاج في عام 2025 مدعومة بارتفاع الطلب على الكهرباء في البلاد.
بموجب الاتفاق، ستقوم إنرجين بتوريد ما يصل إلى 12 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي خلال فترة تمتد إلى 18 عامًا، من حقل كاريش للغاز الطبيعي الواقع قبالة الساحل المتوسطي لـ”إسرائيل”، إلى محطتي الكهرباء التابعتين لشركة داليا باور، وهما “داليا” و”إشكول”، ووفقًا لموقع الشركة، توفّر داليا باور نحو 16% من الكهرباء المنتجة من الغاز الطبيعي في “إسرائيل”.
وتعليقًا على تلك الاتفاقية، قال الرئيس التنفيذي لشركة إنرجين، ماثيوس ريغاس، إن شركته أبرمت خلال عام 2024 اتفاقيات مبيعات غاز جديدة طويلة الأجل في “إسرائيل” بقيمة تجاوزت 4 مليارات دولار، بما في ذلك شروط ملزمة بقيمة ملياري دولار مع شركة داليا إنرجي، ليقترب إجمالي قيمة العقود من 20 مليار دولار، مرجعًا ذلك إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء في الداخل الإسرائيلي وحاجتها الماسّة إلى مزيد من الإمدادات.
اتحاد عمّال موانئ في #اليونان يرفض تفريغ شحنة أسلحة عسكرية وُصفت بـ”شحنة القـ ــتـ ــل”، كانت متجهة إلى “إسرائيل”. pic.twitter.com/bjIn4bHGJg
— نون بوست (@NoonPost) July 9, 2025
تراخيص استكشاف الغاز لشركة “بي بي” البريطانية: في مارس/آذار الماضي، منح الكيان الإسرائيلي شركة “بريتيش بتروليوم” (بي بي) البريطانية ترخيصًا لاستكشاف الغاز الطبيعي في مناطق بحرية فلسطينية تستغلها “إسرائيل” بشكل غير قانوني، ورغم أن الاستكشاف لا يزال في مراحله الأولية، فإن الاتفاقية تُشير إلى إمكانية زيادة احتياطيات الغاز الإسرائيلي في المستقبل، ما قد يعزّز السوق المحلية ويُتيح التصدير إلى دول أخرى، ومن المؤكد أن أي غاز يُستخرج نتيجة لهذا المشروع سيُستخدم في تشغيل الجيش الإسرائيلي، وهياكل السجون، والمستوطنات غير القانونية.
وجدير بالذكر أن هذا المشروع – الاستكشاف – كان قد أُعلن عنه لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن انخراط الاحتلال في الحرب جمّده مؤقتًا، إلى أن أُعيد الإعلان عنه في مارس/آذار 2024، في توقيت تسعى فيه “إسرائيل” لإظهار الثقة بقطاع الطاقة لديها ووضعه على الخارطة الدولية رغم الاضطرابات التي تشهدها بسبب الحرب.
وتملك “إسرائيل” حاليًا احتياطيين رئيسيين من الغاز، هما حقلا “تمار” و”ليفياثان”، وكلاهما تديره شركة “شيفرون” الأمريكية، ويُعتبر حقل “تمار” المورِّد الرئيسي لشركة الكهرباء الإسرائيلية المملوكة للدولة، والتي تزوّد مؤسسات الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك القواعد العسكرية، السجون، والمستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة. كما تتحكم الشركة في شبكة الكهرباء الفلسطينية، التي من المفترض أن توفّر الكهرباء لقطاع غزة.
تعزيز الشراكة مع أذربيجان: في 17 مارس/آذار الماضي، وصل وفد رسمي من شركة النفط الوطنية الأذربيجانية (SOCAR) إلى “إسرائيل”، لتوقيع اتفاق تم الإعلان عنه سابقًا يتضمّن شراء حصة 10٪ في حقل تمار للغاز الإسرائيلي، والإعلان عن مشروعين جديدين للطاقة أكبر حجمًا داخل المياه الإسرائيلية قرب الحدود مع لبنان.
ووفقًا لمصادر إسرائيلية خاصة لمجلة “فوربس“، فإنه من المرجّح أن تشارك شركة “بي بي” البريطانية – الشريك التقليدي لشركة SOCAR – في صفقة خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان الشهيرة (التي عُرفت بـ”صفقة القرن” لنقل النفط من بحر قزوين إلى المتوسط)، وهي الصفقة التي ستحوّل الكيان الإسرائيلي إلى مركز طاقة عالمي، وحلقة وصل محورية في الربط بين الشرق والغرب على خارطة الطاقة.
ويقع حقل تمار للغاز الطبيعي، الذي من المقرّر أن تشتري الشركة الأذربيجانية 10% من حصته، في البحر، على بعد حوالي 90 كيلومترًا غرب مدينة حيفا، وتُقدَّر احتياطياته من الغاز الطبيعي بحوالي 389 مليار متر مكعب. وتملك شركة شيفرون الأميركية – وهي من أكبر منتجي الهيدروكربونات في العالم – حصة 25٪ في الحقل، وقد أعطت موافقتها لانضمام شركة SOCAR إلى التحالف الاستثماري.
وجدير بالذكر أن شيفرون كانت قد زوّدت الاحتلال بالفحم والنفط والغاز المستخدم في حصار غزة وتجويع سكانها، كما استأنفت في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تزويد العملاء في “إسرائيل” والمنطقة بالغاز الطبيعي من حقل تمار البحري، بعد أن طلبت منها وزارة الطاقة الإسرائيلية استئناف الإنتاج، وهي التي كانت قد أصدرت تعليمات للشركة الأميركية التي تدير الحقل بإغلاقه في بداية الحرب.
وتُعدّ أذربيجان، الدولة العلمانية ذات الأغلبية الشيعية، أكبر مورّد للنفط إلى “إسرائيل”، وفي المقابل تُعدّ “إسرائيل” من أكبر مورّدي الأسلحة لأذربيجان – حيث قُدّر أنها زوّدت الأخيرة بـ70% من أسلحتها بين عامي 2016 و2020 – ومن ثم يُنظر إلى تلك الشراكة على أنها تتويج لأكثر من 30 عامًا من العلاقات الودية والمشاريع المشتركة بين البلدين في مجالات الدفاع والطاقة والثقافة والنقل الجوي والسياسة الخارجية.
ويستند الثلاثي: تل أبيب، باكو، وواشنطن، من خلال تعزيز تلك الشراكة النفطية، إلى تحقيق ثلاث ركائز متعدّدة؛ فالإسرائيلي يسعى لتنويع مصادر استثمارات الطاقة وضمان استقرار التصدير، مع فتح قنوات سياسية جديدة في العالم الإسلامي، أما الأذري فيعتبر الطاقة نقطة ارتكاز رئيسية في علاقته مع الإسرائيلي، تلك العلاقة الممتدة لأكثر من 30 عامًا، فيما يدعم الأميركي هذا المحور لتعزيز الاستقرار الإقليمي، وتقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، وموازنة النفوذ الإيراني في المنطقة.
ومن شأن تلك الاتفاقية، وحصول “سوكار” على حصة من حقل تمار، إعادة رسم خارطة استثمارات الغاز في شرق المتوسط، مع دخول أذربيجان كلاعب أساسي إلى جانب “إسرائيل” ومصر، وتحجيم تأثير تحالف تركيا–قطر–إيران في ملف الغاز بالمنطقة، بجانب تعزيز الأمن البحري الإسرائيلي عبر توسيع مشاريع الطاقة داخل مياهه الاقتصادية القريبة من لبنان، بدعم أذربيجاني وتمويل أميركي.
تعزيز التعاون مع مصر والأردن ودول “أبراهام”: في يونيو/حزيران، جُدّدت تلقائيًا مذكرة التفاهم بين مصر و”إسرائيل” والاتحاد الأوروبي بشأن ضخ الغاز لمصر ومعالجته وتصديره إلى أوروبا عبر الأردن، رغم التحذيرات من انتهاكات قانونية، وكان قد وُقّع عام 2023 اتفاق لتوريد حوالي 4 مليارات م³ من الغاز لمصر على مدى 11 سنة، دُفع به قُدمًا خلال الحرب رغم انقطاع قصير في بداية أكتوبر وعودة الإمداد لاحقًا.
أما الأردن، فظل ملتزمًا بالاتفاقية الموقعة عام 2016 لاستيراد الغاز (~1.6 تريليون قدم³ مقابل 10 مليارات دولار على مدى 15 عامًا)، رغم الضغوط الشعبية المطالِبة بوقف التوريد بسبب الحرب. وتشير التقديرات الرسمية الإسرائيلية إلى ارتفاع صادرات الغاز الإسرائيلي لكل من القاهرة وعمّان بنسبة 13.4% خلال عام 2024، رغم اشتعال الحرب والمطالبات المحلية والإقليمية والدولية بفرض عزلة اقتصادية على الكيان وقطع العلاقات التجارية معه كأحد الأوراق المتاحة للضغط عليه لوقف حرب الإبادة التي يشنّها ضد المدنيين في غزة.
وفي سياق التوسّع في مجال الشراكات الطاقوية، اقترحت “إسرائيل” إنشاء منتدى للطاقة مع الدول العربية المطبّعة والتي أبرمت اتفاقيات “أبراهام” (الإمارات، البحرين، المغرب، السودان)، كما طُرحت فكرة مشروع EuroAsia Interconnector لربط شبكات الكهرباء بين “إسرائيل” وقبرص واليونان ضمن بيئة طاقة خضراء.
دعم الاحتلال في حرب الإبادة
تُساعد تلك الصفقات والشراكات في مجالات الطاقة الكيانَ الإسرائيلي في حرب الإبادة التي يشنّها ضد الفلسطينيين من خلال ستة أوجه:
أولًا: تشغيل البنية التحتية العسكرية والمدنية المرتبطة بالاحتلال؛ فالغاز والنفط المستخرجان من حقلي ليفياثان وتمار يُستخدمان في تغذية القواعد العسكرية والمنشآت الأمنية بالطاقة اللازمة، وكذلك أنظمة الاتصالات وأجهزة الرادار والمراقبة، إلى جانب تشغيل محطات توليد الكهرباء داخل “إسرائيل” لصالح الجهات الحكومية والمستوطنات غير القانونية.
ثانيًا: يُغذّي الغاز المستخرج عبر تلك الشراكات شبكات الكهرباء التي تزوّد قطاع غزة بالطاقة، وهي شبكات تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، ما يتيح للمحتل استخدام هذا الأمر كورقة ضغط، يمارس من خلالها الابتزاز ضد القطاع عبر قطع الكهرباء عن مناطق معينة كنوع من العقاب، وتوفيرها لأخرى كأحد استراتيجيات المغازلة والضغط على المقاومة.
وفي هذا السياق، وكجزء من الحصار العسكري المفروض على قطاع غزة، دمّرت آلة الحرب الإسرائيلية البنية التحتية المدنية للطاقة في القطاع، وقصفت بشكل متكرّر محطة الطاقة الوحيدة المتبقية، كما حرمت السكان باستمرار من إمدادات الوقود الكافية، ما جعل شركة الكهرباء الإسرائيلية موردًا لا غنى عنه، إذ توفّر ما بين 30 إلى 50% من الكهرباء لقطاع غزة، وهي كميات تدفع تكاليفها السلطة الفلسطينية.
أرباح من دماء الفلسطينيين.. الخبيرة الأممية ألبانيزي تهاجم شركات تكنولوجية وعسكرية كبرى تجني أرباحًا من جرائم الاحتلال في #غزة. تعرّف على أبرز هذه الشركات👇 pic.twitter.com/fBjtgFVSRl
— نون بوست (@NoonPost) July 2, 2025
ثالثًا: تمويل اقتصاد الحرب؛ فالعائد الذي تحصده تل أبيب من صفقات بيع الغاز لكل من مصر والأردن وأوروبا، يُنعش خزائنها بعشرات المليارات من الدولارات، ما يساعدها في تمويل الجيش والعمليات العسكرية وصفقات التسليح وبناء المزيد من المستوطنات، ويدفعها للمضي قدمًا في إطالة أمد الحرب دون أي ضغوط اقتصادية. ومن جانب آخر، يُقلّل من تأثير دعوات العزلة الاقتصادية ويُجهِض التداعيات المحتملة لتوتير الأجواء في البحر الأحمر واستهداف موانئ الاحتلال ومطاراته.
رابعًا: شرعنة الاحتلال؛ فالتعاقد مع شركات عالمية مثل “بي بي”، و”شيفرون”، و”إيني”، و”سوكار”، ومنحها تصاريح الاستكشاف في المناطق المائية الفلسطينية، مثل سواحل غزة وغيرها، وضخ الاستثمارات الأجنبية المليارية في مثل تلك المشاريع، يمنح “إسرائيل” شرعية دولية غير مباشرة في استغلال تلك الموارد، رغم أنها ليست ملكًا لها، لتتحول بقوة الأمر الواقع إلى ملكية خاصة للكيان.
خامسًا: استقلالية إمدادات الطاقة؛ فعبر تلك الاتفاقيات والصفقات المبرمة، تُنعش “إسرائيل” مخزونها من الغاز المستخرج، مما يقلل من اعتمادها على الواردات القادمة من الخارج، ويُعفيها نسبيًا من الضغوط الناجمة عن مخاوف انقطاع الإمدادات من الدول المتعاطفة مع الفلسطينيين، ويمنحها الأريحية في مواصلة عملياتها العسكرية دون ابتزاز أو أوراق ضغط تُستخدم ضدها.
سادسًا: الطاقة كأداة تطبيع وتحييد للقوى العربية والدولية؛ فمنذ اكتشاف حقل ليفياثان قبالة سواحل حيفا عام 2010، يسعى الكيان المحتل لتوظيف هذا الاكتشاف لتوسيع نفوذه الطاقوي في المنطقة، واستخدام الغاز كوسيلة لتطبيع العلاقات مع بعض دول الجوار، وأحيانًا كأداة ابتزاز، وهو ما طُبّق حرفيًا مع مصر والأردن، البلدين العربيين اللذين يعتمدان بشكل أساسي على الغاز الإسرائيلي.
ومع مرور الوقت، وفي ظل تزايد الطلب المصري والأردني على الغاز الإسرائيلي، تحوّل هذا المورد إلى أداة ابتزاز إسرائيلية في مواجهة الدولتين، ومن ثم ضمن المحتل تحييدهما بشكل أو بآخر عن الحرب في غزة، ليكتفيا ببيانات إعلامية وتصريحات شعبوية دون أي تحرك عملي لنصرة الغزيين المحاصرين في قطاع لا يفصله عن حدود الدولتين سوى بضعة أمتار قليلة، أو على الأقل إنقاذهم من حرب التجويع التي يتعرضون لها على مرأى ومسمع من الجميع.
الوضع كذلك مع بلدان أوروبا، فبعد أن قدّمت “إسرائيل” نفسها كبديل جاهز للغاز الروسي، وعززت شراكاتها في مجالات الطاقة مع دول القارة، بات من الصعب تبني أي قرارات أو مواقف من شأنها توتير العلاقات مع تل أبيب، وحتى إن تم ذلك، فإن الأمور لا تتجاوز حدود التصريحات الإعلامية الجوفاء، دون أي إجراءات ملموسة، وهو ما تجلّى في مواقف فرنسا وألمانيا وبريطانيا على وجه التحديد.
وقد قوبلت تلك الصفقات والاتفاقيات بانتقادات حادة وتصعيد في خطاب المواجهة والمقاطعة تجاه الشركات والحكومات المتورطة بشكل أو بآخر في حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة، إلا أن لغة المصالح، السياسية والاقتصادية، كانت صاحبة الصوت الأعلى، لتفرض نفسها على المشهد، متقدمة على أي اعتبارات إنسانية أو أخلاقية.
في الختام، لم يكن السلاح وحده المتهم الرئيسي في جريمة الإبادة التي يتعرض لها سكان غزة، ولا حتى الغطاء السياسي واللوجستي الذي توفره الولايات المتحدة للحليف الإسرائيلي تحت قباب المنظمات الدولية، بل إن استثمارات الطاقة، بعد انكشاف وجهها القبيح، دخلت هي الأخرى كأداة دعم وتشجيع للإسرائيلي في تلك الحرب، بتواطؤ غربي وعربي وإسلامي متعدد الجنسيات، لتنكشف مجددًا حجم المؤامرة على فلسطين، ومحاولة استنساخ النكبة مرة أخرى، بأدوات السوق والقوة معًا.