منذ اليوم الأول لحرب الإبادة التي شنّتها قوات الاحتلال الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تبنّى الإعلام الغربي خطابًا واضحًا ومباشرًا ومُعلنًا، اعتمد على مسارين لا ثالث لهما: شيطنة المقاومة على طول الخط من جانب، وتمرير السردية الإسرائيلية بشكل مطلق دون تقييم أو نقاش من جانب آخر.
اعتمد هذا الإعلام، بشتى أنواعه، على عدد من الاستراتيجيات المعروفة لدى خبراء المهنة، لعل أبرزها الانتقائية المُمنهجة، سواء في استخدام مصطلحات بعينها، أو انتقاء مصادر ذات توجهات معروفة مسبقًا، خلافًا لتعمد إخفاء أو إبراز أحداث معيّنة وإعادة صياغتها بشكل يخدم أجندة الاحتلال، فهو بذلك لا يُضلّل الرأي العام الغربي فحسب، بل يسعى – وبشكل متعمّد – إلى تكريس وجود الاحتلال وشرعنة جرائمه المرتكبة بحجة “الدفاع عن النفس”.
ولأن زمن الاستقلالية المزعومة للإعلام الغربي قد ولّى، بعدما سقطت كافة الأقنعة المُزيّفة التي خُدع بها العالم على مدار عقود، بات الانحياز الإعلامي الغربي للاحتلال في حربه الإجرامية ضد نساء وأطفال وشيوخ غزة، في حقيقته، ترجمة حرفية لإملاءات وتعليمات وتوجيهات الحكومات الغربية، المُقيّدة هي الأخرى بشبكة معقدة من المصالح والمقاربات، وهو ما انكشف جليًا بعد الإصرار على المضي قدمًا في هذا الانحياز الأعمى، رغم افتضاح كذب الكثير من الروايات والسرديات التي تم تمريرها خدمةً للأجندة الإسرائيلية.
لكن في الآونة الأخيرة، لوحظ تغيّر نسبي في هذا الخطاب، الذي سمح بمسارات جديدة في التغطية، ومُنحت مساحات معتبرة لتوجيه الانتقادات لممارسات وانتهاكات القوات الإسرائيلية في القطاع، وللتعاطف الإنساني الظاهري مع الفلسطينيين في مواجهة حرب التجويع المُشنّة بحقهم منذ أكثر من 650 يومًا.
اللافت هنا أن جلّ الانتقادات ومساحات الهجوم الممنوحة للإعلام الغربي اتخذت من “الشخصنة” مسارًا رئيسيًا لها، حيث وُضعت شخصية أو شخصيتان في مرمى الاستهداف، دون الاقتراب – لا من قريب ولا من بعيد – من “إسرائيل” ككيانٍ مُجرمٍ نازي، وكأنّ تلك الأسماء بعينها، وعلى رأسها وزيرا المالية والأمن القومي في الحكومة، سموتريتش وإيتمار بن غفير، هما المسؤولان الأولان والأخيران عن الانتهاكات المرتكبة.
ويقينًا بأن الإعلام الغربي لا يتحرك إلا بأمر، سلطوي كان أو تمويلي، فإن هذا التغيّر في منهجية التغطية لما يحدث في غزة لا يمكن التعامل معه كـ “استفاقة ضمير مهني أو إنساني”، ولا “عودة إلى الحق” بعد افتضاح كذب السرديات القديمة، كما أنه من السذاجة التعاطي معه كنتيجة لتغيّر مواقف الحكومات الغربية إزاء حليفها الإسرائيلي، فهذا لم ولن يحدث – على الأقل في الوقت الراهن – ما لم تكن هناك ضغوط قصوى تُجبر الجميع على إعادة تقييم المواقف وفق مقاربة الربح والخسارة، ليبقى السؤال: ماذا وراء هذا التغيّر في الخطاب الإعلامي الغربي؟
موجة انتقاد ممنهجة
في يوليو/تموز الحالي فقط بدأ الإعلام الغربي عبر كثير من منصاته في التخلي مرحليًا عن الانحياز الأحادي المطلق للرواية الإسرائيلية، والبدء في تبني الرواية المقابلة، حيث انتقاد الكيان المحتل وإدانة ممارساته في قطاع غزة، استنادًا إلى استراتيجية ذر الرماد في العيون، ويمكن الوقوف على ذلك من خلال بعض الاستشهادات والنماذج العامة:
-في 24 يوليو/تموز الجاري سلطت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية الضوء على المجاعة التي يتعرض لها سكان غزة، وتضييق الخناق على المساعدات الإنسانية، لافتة أن أكثر من 100 منظمة طالبت “إسرائيل” بالسماح بإيصال الغذاء والمياه، فيما يحذر الأمين العام لـ WHO من “مجاعة من صنع الإنسان” في غزة .
-في 23 يوليو/تموز 2025، نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن أكثر من 100 منظمة حقوقية تحذيراتها بشأن اقتراب سكان غزة من المجاعة بسبب الحصار والعمليات العسكرية، وقبلها بيومين فقط نشرت مقال رأي بعنوان “In Gaza, a war with no endgame leads to a humanitarian collapse”، وتحدثت عن فشل توزيع المساعدات ومقتل عشرات المدنيين عند نقاط التوزيع، كما انتقدت استخدام القوة الإسرائيلية من دون ضوابط .
وفي تقرير لها نشرته في 11 من الشهر الجاري انتقدت الصحيفة الأمريكية خطط الكيان الإسرائيلي لإنشاء “مخيمات إنسانية” شبيهة بـ”معسكرات الاعتقال”، مشيرة إلى تصاعد المخاوف بشأن ترجمة تعليمات ومناشدات سموتريتش وبن غفير حول التهجير القسري لسكان القطاع.
-في 23 يوليو/تموز نشرت مجلة “التايم” تقريرًا بعنوان “The Violent Gaza-ification of the West Bank” حذرت فيه من تصاعد العنف ضد الفلسطينيين في الضفة مع تواطؤ أمني إسرائيلي، فيما وصف التقرير ما يحدث في الضفة بمحاولة لـ “تحويل الضفة لغزة ثانية”، كما أدانت التصريحات الحكومية الداعمة للتوسع الاستيطاني في الضفة والمشجعة له وأبرزها وزيرا المالية والأمن القومي المتطرفين
-في 22 يوليو/تموز أفردت وسائل إعلام غربية مساحات كبيرة لبيان الإدانة الموقع من 30 دولة غربية والاتحاد الأوروبي والذي يتهم دولة الاحتلال بالقتل غير الإنساني للمدنيين في غزة، واصفة نموذج تقديم المساعدات في تل أبيب بأنه “خطير، ويؤجج عدم الاستقرار ويحرم سكان غزة من الكرامة الإنسانية”.
-في 19 يوليو/تموز نشرت مجلة “ذا نيو يوركر” تقريرًا عن استشهاد مدير المستشفى الإندونيسي، مروان سلطان، الذي ارتقى جراء قصف إسرائيلي للشقة التي يقيم فيها في منطقة تل الهوى في غزة، صبيحة الأربعاء 2 يوليو/تموز، محملة الكيان المحتل مسؤولية تلك الجريمة، كما أدانت استشهاد مئات الصحفيين والكوادر الطبية والتي وصفته بـ “الاستهداف الممنهج”.
-التحول في الخطاب انتقل من الصحافة إلى الفضائيات، حيث تراجع الصحفي البريطاني المعروف بدعمه الكامل للاحتلال، بيرس مورغان عن مواقفه السابقة، معترفًا ولأول مرة بأن ما يحدث في غزة هو تجويع وقتل جماعي للفلسطينيين، قائلاً “لم أعد أقاوم انتقاد إسرائيل” كما وجه انتقادات حادة للتصريحات المتطرفة الصادرة عن سموتريتش وبن غفير معتبرًا إياها بالعنصرية.
مورغان الذي اعتاد استضافة ضيوف داعمة للسردية الإسرائيلية انتقد الشفافية التي افتقدتها العملية العسكرية الإسرائيلية، وأشار إلى التناقض الواضح بين الأرقام التي تتحدث عنها إسرائيل وبين غياب الإحصاءات بشأن الخسائر في صفوف المدنيين، خصوصًا الأطفال، بل وصل الأمر إلى وصف الكيان بـ “الدولة المارقة” حيث كتب على حسابه على منصة “إكس” قائلا : متى اصبح العالم يقف مكتوفي الايدي ويسمح لحكومة مارقة خارجة عن السيطرة بشكل كبير ان تفعل هذا للسكان المدنيين بغزة يوما بعد يوم؟
وفي ذات السياق وجه الإعلامي كريس هايز خلال برنامجه المقدم على قناة (MSNBC) انتقادات لإسرائيل حول طريقة قصفها لمخيمات اللاجئين، فيما أدان جون ستيوارت ازدواجية المعايير في الحديث عن “حق الدفاع عن النفس” منتقدًا الخطاب العنصري في استهداف المدنيين الفلسطينيين سواء في القطاع أو الضفة.
من جانبه شن الصحفي البريطاني، وين جونز، هجومًا لاذعًا على سموتريتش بسبب تصريحاته التي هدد فيها بتقليل عدد السكان الفلسطينيين في غزة إلى النصف خلال عامين، متهما الإعلام الغربي بالانحياز للسردية الإسرائيلية عبر غض الطرف عن مثل تلك التصريحات التي تكشف نوايا القادة الإسرائيليين والتي ثبت أنها الخطة التي تُنفذها إسرائيل بدقة.
سموتريتش وبن غفير في مرمى الانتقادات
ركز الخطاب الإعلامي الغربي في انتقاداته للجرائم الإسرائيلية على الدعوات التي طالب بها سموتريتش وبن غفير تحديدًا، أبرزها التحريض نحو التهجير القسري وقطع المرافق العامة عن القطاع كسلاح ضغط معتبر، واستهداف البنية التحتية وتحويل غزة إلى أرض محروقة غير قابلة للحياة.
كما وضعت تصريحات الوزيرين المتطرفة في بؤرة حملة الهجوم، خاصة بعدما أثارت موجة انتقادات دولية، أبرزها حديث سموتريتش عن أن “غزة ستُدمَّر بالكامل”، مشيرا إلى ضرورة “رحيل الفلسطينيين بأعداد كبيرة إلى دول ثالثة” والتصريح بأن تجويع مليوني فلسطيني حتى تحرير الرهائن عملًا أخلاقيًا مبررًا، بجانب معارضته دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع قائلا إنه لن يسمح “حتى بحبة قمح واحدة” بالدخول إلى قطاع غزة.
لم يختلف عنه كثيرًا صديقه بن غفير، الذي وصف الفلسطينيين بالقرب من الحدود بأنهم “حيوانات بشرية”، وطالب بأن يُقتل أي شخص يقترب، حتى لو كان طفلا عبر إطلاق النار “في الرأس”، كما دعا إلى “تشجيع الهجرة الطوعية لسكان غزة”، كما عبّر في مناسبات مختلفة عن رغبته في “استبدال المسجد الأقصى بكنيس يهودي”، علاوة على تصريحاته العام الماضي حين قال إنه “لا حاجة لإدخال مساعدات إلى قطاع غزة، لديهم ما يكفي”، مضيفا أن قرار السماح بدخول المساعدات يُعدّ “خطأ جسيما وخطيرا”.
الحملة ضد الوزيرين تجاوزت سياقها الإعلامي إلى السياسي، حيث فرضت 5 دولة أوروبية ( بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والنرويج) عقوبات عليهما، بسبب تصريحاتهما المتطرفة وغير الإنسانية بحسب وصف البيان المشترك الصادر عن وزراء خارجية البلدان الخمسة والذي أشار إلى أن لكليهما دور في تأجيج العنف ضد الفلسطينيين.
ليسا وحدهما.. العنصرية ركيزة المشروع الصهيوني
لا يٌنكر متابع حجم العنصرية والتطرف في تصريحات بن غفير وسموتريتش، والتي تستوجب محاكمتهما دوليًا، والزج بهما داخل السجون مدى الحياة، لكن تلك التصريحات ليست مفاجئة ولا وليدة اليوم، كما أنهما ليسا الوحيدين اللذين تورطا في هجوم عنصري بهذه الكيفية التي قوبلت بحملة انتقادات مركزة.
مثل تلك التصريحات ربما تنسجم نسبيًا مع الخلفية الأيديولوجية التي ينتمي إليها الوزيران، فهما ابنا المعسكر اليميني المتطرف، مقارنة بغيرهما من أبناء التيارات التي تدعي الوسطية واليسارية والمحافظة، والذين وقعوا في ذات الفخ، وتبنوا خطابًا عنصريًا بامتياز، على رأسهم وزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، الذي وصف الشعب الفلسطيني بأنهم “حيوانات” تستوجب التعامل معها وفقًا لهذا التوصيف، كما أعلن بداية الحرب عن خطة حصار نازية، تشمل قطع المياه والكهرباء والغذاء والوقود عن غزة، ووضعهم داخل ما يشبه بالمعسكرات المحاصرة.
كذلك وزير التراث، عميحاي بن إلياهو، الذي له نصيب كبير من تلك التصريحات الفاشية ضد الفلسطينيين، فهو الذي دعا إلى إلقاء قنبلة نووية على غزة وإبادة شعبها بأكمله، فهو ابن الحاخام شموئيل إلياهو الذي أفتى حرمة تأجير البيوت والأراضي أو بيعها للعرب، والذي قال عن الزلزال المزدوج الذي ضرب تركيا وسوريا في فبراير/شباط 2023 إنه “عدالة إلهية”، وشبهه بحادثة إغراق جنود فرعون في البحر.
أيضًا عضوة الكنيست، ريفيتال غوتليف، التي طالبت هي الأخرى بقصف غزة نوويًا، حيث نشرت رسالة على حسابها على السوشيال ميديا قالت فيها: “وحده انفجار يهز الشرق الأوسط هو الذي يمكن أن يعيد كرامة هذا البلد وقوته وأمنه. لقد حان الوقت لمواجهة يوم القيامة” وتابعت “إطلاق صواريخ قوية بلا حدود، لا تسوّي حياً بالأرض، بل تسحق غزة وتسويها بالأرض، بلا رحمة! بلا رحمة!”
حتى وزير الدفاع الأسبق، بيني غانتس، والذي يراه البعض حاليًا من التيار المعتدل، يعاني من تخمة في الأفكار العنصرية المتطرفة ضد الفلسطينيين، فهو الذي افتتح حملته الانتخابية عام 2019 كمرشح وسطي ضد نتنياهو، متفاخرًا بعدد الفلسطينيين الذين قتلهم، وبأنه “أعاد غزة إلى العصر الحجري”.
ذات التوجه تبناه نائب وزير الدفاع الأسبق، متان فلنائي، الذي حذر في 2008 من أن الفلسطينيين في غزة سيواجهون “هولوكوست”، قبل أقل من عام على شن عملية “الرصاص المصبوب” التي أسفرت عن مقتل نحو 1400 فلسطيني خلال ثلاثة أسابيع، ومن قبله مردخاي غور، رئيس الأركان الذي أصبح وزير دفاع لاحقًا عن حزب العمل، والذي له تصريحات عام 1978 قال فيها إنه قصف أربع قرى في جنوب لبنان “دون تفويض” ودون تمييز بين المدنيين والمقاتلين، مؤكدًا أنه لم يكن لديه أدنى شك في ضرورة “معاقبة” المدنيين الفلسطينيين هناك.
في الأخير لا يمكن النظر إلى غوتليف ومن قبله غور وفلنائي وبيني غانتس، وصولا إلى سموتريتش وبن غفير وإلياهو وغالانت، إلا كونهم امتدادًا أيديولوجيًا لزعيم الصهيونية المتطرفة، أول رئيس وزراء للكيان المحتل ومهندس نكبة 1948، ديفيد بن غوريون، الذي عندما سُئل عما يجب فعله بالفلسطينيين في اللد والرملة بعد احتلالهما، أشار بيده لطردهم.
نظرية العصابة والشرير
يحاول الإعلام الغربي – الذي لا يتحرك من بنات أفكاره- تصدير صورة مختزلة عن الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة، مختصرًا إياها في شيطنة سموتريتش وبن غفير كونهما النقطتان السوداويتان الوحيدتان اللتان تلوثا ثوب الكيان ناصع البياض، مستخدما في التعامل معهما خطابًا هجوميًا حادًا.
وكما يحدث في الأفلام المصرية القديمة حين يفتضح أمر عصابة النخبة من الأوليغارشية، وتصبح أقرب للسقوط، يتم التضحية بأحد أفراد العصابة لتحمل كافة المسؤولية (يشيل الشيلة) من أجل حماية البقية، يحاول الإعلام الغربي تكرار السيناريو ذاته مع “إسرائيل”، حيث شيطنة سياسي متطرف أو اثنين، وتحميلهما وحدهما مسؤولية الانتهاكات المرتكبة، وتحويلهما إلى هدف مشروع لاستيعاب كل سهام النقد والتوبيخ وإفراغ الحناجر الصوتية التي تعاني من تأنيب الضمير من قنابلها الفارغة.
بهذه الطريقة، يصبح سموتريتش وبن غفير “الأشرار” الذي يمكن لليهود الأميركيين والأوروبيين أن يتوحدوا ضدهما، كونهما النقطة السوداء في سجل الكيان الوردي، فيما يبقى المشروع الصهيوني العنصري بشتى أضلاعه، بدءً من بن غوريون وحتى بن إلياهو وشيكلي أبطالا في أعين الجميع، رغم جرائمهم المرتكبة وتصريحاتهم التي أودت بحياة الالاف من الفلسطينيين في الداخل والخارج.
وبات هذا السيناريو مكشوفًا للجميع حين رفض مجلس نواب اليهود البريطانيين التعامل علنيًا مع سموتريتش، لكن في الوقت ذاته لا يجد أي حرج على الإطلاق في عقد لقاءات مطولة وحميمية مع شخصيات يمينية متطرفة أخرى مثل السفيرة تسيبي هوتوفيلي ووزير الشتات عاميخاي شيكلي.
في الأخير.. لم يحصل الإعلام الغربي على الضوء الأخضر لانتقاد الإجرام الإسرائيلي إلا بعد أن فاحت رائحة الانتهاكات العنصرية العفنة من داخل قطاع غزة، وزكمت حرب الإبادة هناك أنوف الرأي العام العالمي، ووصمت صور الهياكل العظيمة للأطفال وهي تتساقط كحبات المطر جوعًا الإنسانية بالعار الذي لن يٌمحى، مما شكل ضغطًا على الحكومات والأنظمة التي -رغم استمرار دعمها اللا محدود لجيش الاحتلال- حاولت الالتفات على الضمير الإنساني باستراتيجية المراوغة والتضليل التي تجيدها ببراعة واستحقاق.
وبدلًا من اتخاذ موقف إنساني ضد “إسرائيل” ككيان مارق مجرم، واستهداف قادته وفضحهم عما ارتكبوه من إجرام غير مسبوق، تسعى الآلة الإعلامية الغربية، المدفوعة من حكومات بلادها، جاهدة لتجميل صورتها وتبرئة ساحتها وإظهارها في ثياب الحمل الوديع، الذي لا يضره شذوذ عدد محدود من القطيع.