وقفت مارسيل سيمون، المعروفة بـ”عميدة الطائفة اليهودية في مصر” ووالدة رئيسة الطائفة الحالية ماجدة هارون، في مارس/آذار 2017، لتُبدي قلقها بشأن مصير التراث اليهودي المصري، قائلة: “ربما تكون هناك رغبة في محو كل أثر ليهود مصر”، وتابعت: “وفقًا للتاريخ، اليهود موجودون في مصر منذ عهد الفراعنة. كيف تريدون محو قرون من التاريخ؟”.
كان هذا التصريح صادمًا حينها، وأثار حالة من الارتباك والبلبلة داخل الأوساط الثقافية والسياسية المصرية، محرّكًا المياه الراكدة في واحد من أكثر الملفات إثارة للجدل على الساحة المصرية، التراث اليهودي، الذي ظل لعقود طويلة ساحة مُتخمة بالتجاذبات والسجال، وكرةً ملتهبة تتقاذفها الأطراف المختلفة، تارة في ملعب الثقافة، وأخرى في مدرجات التاريخ.
وفي بلد تحتضن أمهات الحضارات العالمية، من الفرعونية إلى اليونانية والرومانية، ومن المسيحية إلى العربية والإسلامية، تعاني كثير من معالم هذا الإرث العريق من إهمال واضح لا تخطئه عين، في الوقت الذي تُسلّط فيه الأضواء بشكل لافت على التراث اليهودي، رغم أنه ربما يكون الأقل انتشارًا، والأقصر عمرًا، والأضعف حضورًا.
وقد شكّل هذا الملف، خلال السنوات الأخيرة، حالة استثنائية من الجدل، خاصة بعد الطفرة المفاجئة في عمليات الترميم والتطوير التي شهدها، بميزانيات ضخمة وفي وقت قصير، ما دفع كثيرين إلى التساؤل عن دوافع هذا الاهتمام “المبالغ فيه”، وما إذا كان يأتي في إطار رؤية ثقافية رسمية لحماية التراث المصري بكل أطيافه، أسوة بما جرى على صعيد الآثار الفرعونية، أم أن للسياسة يدًا خفية في هذا التوجه، خصوصًا في ظل محاولات بعض القوى الخارجية توظيف هذا الملف كورقة ضغط تُستخدم من حين لآخر لتحقيق أهداف سياسية متنوعة.
جذور الحضور اليهودي في مصر
يُعد يهود مصر من أقدم الجاليات اليهودية في العالم، إذ بدأت موجات الهجرة الكبرى لليهود السفارديم والقرائين إلى مصر في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، خاصة بعد طردهم من إسبانيا وبعض بلدان أوروبا، حيث وجدوا في مصر بيئة خصبة للنمو والازدهار، ليصبحوا لاحقًا واحدة من أكثر الجاليات تأثيرًا ونفوذًا في البلاد.
لا يوجد إحصاء رسمي دقيق لعدد اليهود المتبقّين في مصر اليوم، غير أن التقديرات تشير إلى أن الجالية اليهودية لم تعد تتجاوز أصابع اليد الواحدة، معظمهم من كبار السن، وغالبيتهم من النساء، وقد مرت الجالية اليهودية المصرية بعدة محطات مفصلية، يمكن تلخيص أبرزها فيما يلي:
– العصر الذهبي للجالية: بلغ عدد اليهود في مصر ذروته خلال الحقبة الملكية، إذ تجاوز 120 ألف شخص، ما جعلهم إحدى أكبر الجاليات الأجنبية المقيمة في البلاد، خاصة في مدن مثل القاهرة والإسكندرية.
– النصف الأول من القرن العشرين: بدأ العدد بالتناقص تدريجيًا، ليصل إلى نحو 85 ألف شخص، نتيجة موجات الهجرة إلى أوروبا وأميركا.
– بعد نكبة 1948: عقب إعلان قيام دولة الاحتلال واندلاع الحرب في فلسطين، هاجر نحو 20 ألف يهودي من مصر خلال أربع سنوات فقط، ليصل العدد إلى حوالي 65 ألفًا.
– الحقبة الناصرية: شهدت خمسينيات وستينيات القرن الماضي استمرار نزيف الهجرة، على خلفية توتر العلاقات بين نظام عبد الناصر وتل أبيب، واتهامات متكررة بالتجسس ضد أفراد من الجالية.
– تأميم قناة السويس عام 1956: مثّل هذا الحدث نقطة تحول حادة، حيث تعرّض العديد من اليهود للاعتقال والملاحقة، ما عجّل بخروج أعداد إضافية منهم خارج البلاد.
– حرب 1967: قُدّر عدد اليهود المتبقين في مصر حينها بنحو 12 ألف شخص، لكن أجواء ما بعد الهزيمة دفعت أعدادًا جديدة للهجرة، وسط تصاعد حالة الريبة السياسية والاجتماعية.
– ما بعد كامب ديفيد: رغم توقيع اتفاقية السلام مع “إسرائيل” في أواخر السبعينيات، لم يشهد عدد اليهود في مصر نموًا يُذكر، بل استقر عند حدود 20 فردًا، بعضهم عاد مؤقتًا من أوروبا مع استقرار الأوضاع.
– الوضع الحالي: تشير التقديرات الحديثة إلى أن عدد اليهود المتبقين في مصر لا يتجاوز 18 شخصًا، بينهم 6 نساء في القاهرة و12 في الإسكندرية، معظمهم مسنات. بينما تذهب تقديرات أخرى إلى أن العدد الفعلي لا يتعدى 4 أو 5 سيدات فقط.
دبلوماسية التراث
لفت الكاتب الإسرائيلي أرئيل لافين، في مقال له، إلى مساعي الحكومة المصرية منذ عام 2015 لتقديم صورة إيجابية عن اليهود في مصر، وذلك من خلال سلسلة من الإجراءات والتحركات الفنية والثقافية، من بينها مسلسل “الحي اليهودي”، الذي سعى إلى تسليط الضوء على تاريخ اليهود المصريين، وإبراز عمق علاقاتهم الأخوية مع بقية أطياف المجتمع المصري، كما أشار لافين إلى التنسيق الذي جرى بين وزارتي الآثار في مصر و”إسرائيل”، والذي أسفر عن ترميم سقف الكنيس اليهودي في الإسكندرية، بتمويل إسرائيلي قُدّر بنحو 6 ملايين دولار.
ويرى لافين أن هذا التحول اللافت في موقف الحكومة المصرية من التراث اليهودي، مقارنة بالمراحل السابقة، يعود إلى رغبتها في تعزيز التقارب مع الغرب، وطمأنة المنظمات اليهودية الدولية بشأن وضع التراث اليهودي في مصر، فضلًا عن السعي لاستقطاب السائحين اليهود، بما يحقق مكاسب اقتصادية وسياسية.
وفي تحليل نشره عام 2018، استعرض الباحث الأكاديمي هيثم حسنين، الزميل المشارك في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ثلاثة دوافع رئيسية تقف خلف الاهتمام المصري المتزايد بهذا الملف، أولها: تحسين صورة مصر في واشنطن، بغرض تقوية العلاقات مع الإدارة الأمريكية. ثانيًا: تنشيط قطاع السياحة الذي تضرر بشدة عقب أحداث يوليو/تموز 2013. وثالثًا: تقديم الدولة لنفسها باعتبارها راعية للاعتدال، ومهتمة بكافة الأديان السماوية دون تمييز.
جدير بالذكر أن المطالب اليهودية المتعلقة بتراثهم في مصر لم تقتصر على الدعوة إلى الحفاظ والترميم، بل تجاوزت ذلك إلى المطالبة بتعويضات مالية من الحكومة المصرية عن المعابد والمنازل والممتلكات التي تركها اليهود قبل هجرتهم من البلاد، ففي عام 2006، نُظّم في القدس المحتلة مؤتمر بعنوان “العدالة لليهود النازحين من الدول العربية”، برعاية وزارة العدل الإسرائيلية، وبمشاركة وفد من 40 جمعية يهودية حول العالم، طالبوا خلاله بتعويضات تُقدّر بنحو 100 مليار دولار من الدول العربية.
ولم تقف المطالب عند حدود المؤتمرات والمناشدات الإعلامية والسياسية، بل وصلت إلى ساحات المحاكم، فقد بلغ عدد القضايا المرفوعة ضد الحكومة المصرية، من قبل يهود كانوا مقيمين في مصر، أكثر من 3500 دعوى، طالبوا فيها بتعويضات تجاوزت قيمتها 6 مليارات جنيه مصري.
محطات تطور الاهتمام الحكومي بالتراث اليهودي
رغم أن الجالية اليهودية في مصر، كما أشرنا سابقًا، لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلا أن صوتها كان صاخبًا وفعّالًا في قضية تطوير التراث اليهودي، فقد دُشّنت حملات داخلية وإقليمية ودولية للضغط على الحكومة المصرية من أجل وضع هذا التراث رغم تواضعه تحت مجهر العناية والاهتمام، في وقتٍ كانت تعاني فيه الدولة من أزمات اقتصادية خانقة، وقد مرت عملية إحياء هذا التراث بعدة محطات محورية، أبرزها:
فبراير/شباط 2016: تقدّمت 11 مؤسسة يهودية من مختلف دول العالم، أبرزها “اللجنة الأمريكية اليهودية”، بمذكرة مطوّلة إلى الحكومة المصرية تطالب فيها بالاعتراف بالتراث اليهودي في مصر، والحفاظ عليه أسوة بتراث الديانات الأخرى، وانتقدت المذكرة ما اعتبرته “تقليلًا من شأن اليهود في مصر” خلال السنوات السابقة، متهمة السلطات بالتقصير على مدى 14 عامًا.
مارس/آذار 2017: وجّهت مارسيل سيمون، المعروفة بـ”مارسيل هارون” وزعيمة الطائفة اليهودية في مصر حينها، اتهامات مباشرة للحكومة المصرية بأنها تسعى إلى محو كل أثر لليهود في مصر، قائلة: “كيف تريدون محو قرون من التاريخ؟”.
أغسطس/آب 2017: بعد خمسة أشهر من تصريحات مارسيل، أعلنت وزارة الآثار المصرية عن إطلاق مشروع لترميم المعبد اليهودي في الإسكندرية بميزانية بلغت 100 مليون جنيه، وفي العام ذاته، أطلقت السفارة الأمريكية مشروعًا موازٍ لحفظ مقابر اليهود في منطقة البساتين بالقاهرة، نُفّذ عبر المركز الأمريكي للبحوث بالتعاون مع جمعية “قطرة اللبن”، وبتمويل أمريكي.
سبتمبر/أيلول 2017: كشفت مجلة الإيكونوميست عن تأسيس عدة جمعيات مصرية لدعم مشروعات ترميم التراث اليهودي، منها “جمعية الصداقة المصرية–الإسرائيلية”، التي تهدف إلى إحياء هذا التراث، وفهرسة نحو 20 ألف كتاب في الطابق السفلي لمعبد “أبواب السماء”، بالإضافة إلى حماية مواقع مثل المقبرة اليهودية في القاهرة.
نوفمبر/تشرين الثاني 2018: خلال كلمته في مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، صرّح الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن للمواطنين الحق في العبادة، مضيفًا: “لو كان عندنا ديانات أخرى، سنبني لهم دور عبادة، ولو كان في يهود، سنبني لهم، لأن ده حق المواطن أن يعبد ما يشاء أو لا يعبد”.
مارس/آذار 2018: نشرت صحيفة معاريف العبرية تقريرًا عن مبادرة أطلقها يهود مصريون لتجديد المعابد، بدأت بتنظيف وتطوير معبد “مائير عينايم” في المعادي، وسط تغطية إعلامية داخلية وخارجية رحبت بالمبادرة.
أبريل/نيسان 2018: وافق البرلمان المصري على تعديل القانون رقم 117 لسنة 1983 لحماية الآثار، حيث شملت التعديلات تغيير مسمى “اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية” إلى “اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية”، ما أدرج رسميًا الآثار اليهودية ضمن المنظومة الأثرية الوطنية.
ديسمبر/كانون الأول 2018: أصدر الرئيس السيسي قرارًا بتخصيص مليار و270 مليون جنيه (نحو 71 مليون دولار حينها) لترميم التراث اليهودي. وأكد وزير الآثار آنذاك، خالد العناني، خلال اجتماع بمجلس النواب، أن التراث اليهودي جزء من التراث المصري، وفي الشهر ذاته، رعت الحكومة المصرية احتفالين لإضاءة شموع “عيد الأنوار” في معبدين بالقاهرة، بحضور السفير الإسرائيلي دافيد غوفرين، وهو حدث غير مسبوق أعطى إشارات واضحة عن التحول في تعاطي الدولة مع هذا الملف.
فبراير/شباط 2019: التقى السيسي بوفد أمريكي يهودي برئاسة عزرا فريدلاندر، مؤسس اللجنة الأمريكية اليهودية، حيث دعا إلى عودة اليهود إلى مصر، مشيدًا بـ”العصر الذهبي” لوجودهم في البلاد، ووعد بتوفير احتياجاتهم الدينية وتطوير مقابرهم، لا سيما في البساتين، وفقًا لصحيفة جيروزاليم بوست.
أما من حيث شكل الاهتمام بالتراث اليهودي في مصر، فقد مرّ بمرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى: مرحلة السرية
في هذه المرحلة، كانت أعمال الترميم والتطوير تتم “من تحت الطاولة”، بعيدًا عن الأعين وبشكل غير معلن، تفاديًا لإثارة غضب الشارع، واحتواءً للاحتقان الشعبي المتوقع في حال الإعلان عن مثل هذه المشاريع، خاصة في ظل التوتر الذي كان يخيّم على العلاقة بين القاهرة وتل أبيب بسبب انتهاكات الأخيرة بحق الشعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق، صرّح الحاخام أندرو بيكر، مدير الشؤون اليهودية الدولية في “اللجنة اليهودية الأمريكية”، لصحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 7 سبتمبر/أيلول 2009 قائلًا: “أخبرونا أننا نفعل هذه الأشياء، لكن لا يمكنك أن تخبر أحدًا بذلك. ففي مصر، كانوا يفعلون الأشياء، لكنهم يهمسون: لا تدع أحدًا يعلم!”، في إشارة إلى عدد من المشاريع التي كانت تُنفذ بسرية تامة في ذلك الوقت.
المرحلة الثانية: مرحلة العلن والعمل تحت الأضواء
مع مرور الوقت، بدأت الحكومة المصرية تتعامل مع ملف التراث اليهودي علنًا، بل وتتباهى به، وتضع مشاريعه في مقدّمة أولوياتها الثقافية والتراثية، وقد خُصصت له ميزانيات ضخمة، رغم الأزمة الاقتصادية التي دفعت الدولة إلى تبنّي سياسات تقشفية شملت قطاعات حيوية تمس حياة المواطن، من غذاء وسكن وصحة.
أثارت هذه النقلة المحورية في تعاطي الدولة مع التراث اليهودي، من السر إلى العلن، ومن التجاهل إلى التعامل معه كـ”ملف استراتيجي” أو حتى كجزء من قضايا الأمن القومي الكثير من التساؤلات حول دوافع هذا التحول الجذري، خاصة مع تزايد الحديث عن توظيف هذا الملف سياسيًا كورقة ضغط في سياقات إقليمية ودولية متعددة.
كيف وظّفت الأنظمة المصرية ملف اليهود سياسيًا؟
بجانب المبررات التي قدّمتها الحكومة المصرية بشأن اهتمامها بالتراث اليهودي، في إطار التوجّه الرسمي للعناية بكافة المعالم الأثرية لمختلف الحضارات والحقب التاريخية التي شهدتها مصر، إلا أن جملة من المؤشرات والأحداث تكشف أن هذا لم يكن السبب الوحيد، في ظل وصف هذا الاهتمام في أكثر من مناسبة بأنه “مبالغ فيه”.
تلعب السياسة دورًا محوريًا في هذا المشهد، إذ تتصدر قائمة الدوافع التي حرّكت الدولة نحو إطلاق حملة تطوير شاملة لهذا التراث، رغم ما تعانيه من أزمات اقتصادية طاحنة، دفعتها إلى تبني سياسات تقشفية وإيقاف العديد من المشروعات القومية، ويمكن رصد البعد السياسي لهذا الملف من خلال مشاهد رئيسية عبر الحقب المختلفة:
عهد السادات: طلبت “إسرائيل” الإشراف على مقابر البساتين وتحمل كلفة ترميمها، تمهيدًا لإدارتها لاحقًا، بزعم أنها أملاك يهودية خالصة. وقد رُوّج لهذا الطلب باعتباره بادرة لحماية التراث، بينما فُسّر سياسيًا كمحاولة لاستخدام المقابر كورقة ضغط على القاهرة، إلا أن الرئيس أنور السادات رفض ذلك صراحة، مؤكدًا أن المقابر تخضع بالكامل لإشراف الدولة المصرية وحدها.
عهد مبارك: في عام 2009، أعلن وزير الثقافة حينها، فاروق حسني، بشكل مفاجئ، عن ترميم معبد موسى بن ميمون وسط القاهرة، ما أثار جدلًا واسعًا، سرعان ما هدأ بعد الكشف عن خلفيات الترشح لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو، إذ اعتُبرت الخطوة محاولة مغازلة سياسية للولايات المتحدة و”إسرائيل” لكسب دعمهما، وهو ما لم يُثمر، إذ خسر المرشح المصري الانتخابات.
عهد السيسي: تكرّر المشهد بشكل مشابه، ففي عام 2016، أعلنت الحكومة عن مشروع ترميم المعبد اليهودي في الإسكندرية، ما أعاد إلى الأذهان سيناريو 2009. لاحقًا، في عام 2017، ترشحت السفيرة مشيرة خطاب لرئاسة اليونسكو، لكن الحملة لم تُكلل بالنجاح، ما عزز الاعتقاد بأن هذا الاهتمام المفاجئ بالتراث اليهودي جاء ضمن تحرّك سياسي محسوب أكثر منه ثقافي أو تراثي صرف.
في المحصلة، لا يمكن فصل موجة الاهتمام المفاجئ والمكثّف بالتراث اليهودي في مصر عن السياق السياسي الأوسع، الذي تسعى فيه الدولة إلى تحسين صورتها أمام العواصم الغربية، وكسب ودّ الدوائر اليهودية المؤثرة في واشنطن وتل أبيب، وفتح قنوات تطبيع إضافية غير مباشرة، تحت غطاء “الاهتمام بالتراث والتعددية”.
ورغم أن هذه المقاربة قد تحقق بعض المكاسب الدبلوماسية على المدى القصير، إلا أن الاستمرار في توظيف الذاكرة والتراث كأدوات تفاوض سياسي، بدلًا من التعامل معها كقيمة وطنية خالصة، يبقي هذا الملف رهينة لتقلّبات المصالح، ويضعه دومًا على حافة التسييس والتوظيف الخارجي.