في الوقت الذي تٌنحر فيه غزة، وتنفذ دولة الاحتلال واحدة من أكبر مجازر التاريخ وحشية وإجرامًا، وتتعرض أمة بأكملها للتشريد والتجويع والقتل والتنكيل، بعدما فٌرض عليها حصارًا مطبقًا، حوّل القطاع إلى سجن كبير أشبه بمعسكرات النازية إبان الحرب العالمية الثانية، كان العرب على موعد آخر، في اتجاه معاكس.
وبينما كانت الأنظار تتجه للعواصم العربية كأحد “المٌخلّصين” المحتملين، في ظل ما تمتلكه من أوراق ضغط مٌعتبرة، على رأسها المقاطعة والعزلة الاقتصادية، كان المسار عكس عقارب الساعة، حيث شهدت التجارة بين عدد من البلدان العربية والكيان المحتل منذ بداية الحرب قفزات غير متوقعة، في مفارقة لا تقل أثرًا وإيلامًا في وقعها الرمزي والسياسي عن الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال.
فالحرب التي أسقطت أكثر من مائتي ألف فلسطيني، ما بين شهيد وجريح، ووضعت مئات الالاف من الأطفال والنساء على قوائم الموت البطيء، قصفًا وجوعًا، لم تؤثر مطلقًا على حجم التبادل التجاري بين العرب و”إسرائيل”، وهذا ما كشفته البيانات التفصيلية الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي.
البيانات أظهرت تناميًا غير منطقيًا في مؤشرات التجارة المتبادلة بين عدد من الدول العربية وتل أبيب، حيث أنعشت البضائع العربية الأسواق الإسرائيلية بصورة مضاعفة عما كانت عليه قبل الحرب، بما يٌلبي جميع احتياجات المواطن الإسرائيلي وحكومته في آن واحد، ما بين مواد غذائية ومستلزمات طبية وملابس ومنسوجات ومواد بناء ومنتجات زراعية وأسمدة وزيوت ومنظفات وصناعات هندسية وإلكترونية ومشروبات غازية.
يحدث هذا بينما تتساقط نساء غزة جوعًا في مشاهد مٌخزية قدر إيلامها، ويلفظ أطفالها أنفاسهم الأخيرة من ندرة الحليب الذي منع الاحتلال دخوله، وينتفض عظم مٌسنيها من بين اللحم الذي تجفف من قلة الغذاء، ويٌزج بالألاف نحو نادي “المعاقين” جراء فقد عضو أو كثر من أعضاء الجسد بعدما أغلقت المشافي واعتقلت الأطقم الطبية وحيل دون دخول الأدوية والمستلزمات العلاجية.
تضاعف حركة التبادل التجاري مع المحتل
حين اندلعت الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وسقط العرب في اختبار السياسة والمبادئ والقيم والمرتكزات الوطنية، بعجزهم عن دعم غزة وتركها فريسة بين أنياب الإسرائيلي النازي، راهن البعض على اختبار من نوع أخر، أقل كلفة، وأخفض ضريبة، وأهدأ صدامًا، خيار إن لم يلبي طموحات الغزيين في الدعم الكامل فعلى الأقل لا يمنح المحتل المعتدي قبلة الحياة في استمرارية بطشه وانتهاكاته.
كان التعويل وقتها على المقاطعة الاقتصادية، كأضعف الإيمان في مواجهة هذا الإجرام الصهيوني، تزامن ذلك مع شعارات رنانة صادرة عن الحكومات العربية، خطابات بلغات قوية، وبيانات حادة، كلها تعزف على وتر دعم الفلسطينيين ورفض وإدانة الاحتلال، والتعهد ببذل المستطاع لوقف تلك الحرب وإثناء نتنياهو وجنرالاته عن مخططاتهم.
إلا أن المفاجأة كانت صادمة، حيث كشف مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي عن تضاعف حجم التبادل التجاري بين عدد من البلدان العربية على رأسهم الخماسي المطبع ( مصر – الأردن – الإمارات- البحرين- المغرب) خلال أشهر الحرب الأولى، إذ وصل إلى 4 مليارات دولار، خلال الأشهر العشر الأولى من الحرب (أكتوبر/تشرين الأول 2023 – أغسطس/آب 2024) مقارنة بـ3.6 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من عامي 2022/2023 بزيادة قدرها 400 مليون دولار.
البيانات وضعت حكومات الخماسي العربي في حرج أخلاقي وسياسي فاضح، ففي الوقت الذي تطالب فيه بلدان غير عربية بإعادة تقييم العلاقات التجارية مع دولة الاحتلال كإحدى أوراق الضغط، لإجبارها على وقف الحرب المتوحشة التي تمارسها ضد المدنيين العزل في غزة، إذ بالدول العربية تهرول نحو تعزيز تعاونها الاقتصادي مع تل أبيب، لإنعاش خزائن حكومة الحرب التي تنفق منها على قتل الأطفال والنساء في القطاع.. تناقض يعكس وبشكل كبير المستوى المتدني الذي وصل إليه الخذلان العربي.
وبينما توقع البعض إعادة نظر في العلاقات الاقتصادية مع تل أبيب إثر الانتقادات الحادة والإيغال الإسرائيلي في ارتكاب الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني والتفنن في التنكيل به ليل نهار، جاء رد الفعل مٌخيبًا للآمال كالعادة، حيث واصل حجم التبادل التجاري العربي مع الكيان المحتل ارتفاعه ليصل في فبراير/شباط الماضي نحو 6.1 مليارات دولار، منها 4.57 مليارات دولار صادرات عربية لـ”إسرائيل”، و1.57 مليار دولار واردات إسرائيلية إلى الدول العربية.
وأظهرت الأرقام احتلال الإمارات مقدمة الدول الأكثر تبادلا مع الاحتلال، إذ شكلت العمود الفقري للتطبيع الاقتصادي، حيث استحوذت وحدها على ثلثي التبادل التجاري العربي-الإسرائيلي خلال الحرب، بقيمة بلغت 4.3 مليارات دولار، تلتها مصر التي بلغت قيمة التبادل التجاري بينها وبين تل أبيب 1.2 مليار دولار، اللافت هنا أنها رفعت وارداتها من إسرائيل بنسبة 290% خلال الحرب، لتصل إلى 271.5 مليون دولار، فيما بلغت صادراتها نحو 120.2 مليون دولار.
ويأتي الأردن في المرتبة الثالثة مع زيادة في الواردات بنسبة 35.3% لتصل إلى 67.8 مليون دولار، لكنه سجّل تراجعًا نسبيًا في حجم صادراته، التي وصلت إلى 192.7 مليون دولار خلال فترة الحرب، تلاه المغرب الذي ضاعف من وارداته بنسبة 144%، لتبلغ 109.5 ملايين دولار، إلا أن صادراته تراجعت قليلاً لتسجل 10.1 ملايين دولار فقط، مقارنة بـ 12 مليونًا في الفترات السابقة.
وفي الأخير تأتي مملكة البحرين التي اعتبرها مراقبون حدثًا استثنائيًا، حيث زادت صادراتها بنسبة 590%، بينما قفزت وارداتها بنسبة 1200% مقارنة بنفس الفترة من العامين السابقين، لتصل قيمة التبادل إلى 13.5 مليون دولار فقط.
وتنوعت الصادرات العربية للأسواق الإسرائيلية بما يلبي كافة احتياجات المستوطن الإسرائيلي أثناء الحرب، ما بين منتجات اللؤلؤ والمعادن النفيسة والمجوهرات، معدات كهربائية وآلات، مواد البناء (إسمنت، جبس، حديد، سيراميك)، منتجات غذائية ومشروبات، أسمدة زراعية، وملابس ومنتجات نسيجية.
إصرار على التعاون رغم المجازر
يٌصر الخماسي العربي على المضي قدمًا في ذات المسار بصرف النظر عن أي مستجدات في المشهد الغزي، وتجاهل الحليف الإسرائيلي لكافة المقاربات، وإحراجه سياسيًا وأخلاقيًا لحلفائه من الأنظمة المطبعة، فبينما يٌخرج نتنياهو لسانه لحكام العرب ضاربًا بكل الاعتبارات عرض الحائط، تلهث حكومات وأنظمة تلك الدول، طارقة أبواب الاسترضاء والتقارب الإسرائيلي، حتى وإن تبنت خطابًا شعبويًا لذر الرماد في العيون، لا يٌحرك ساكنًا ولا يُغيث ملهوفًا.
وبعيدًا عن حركة التبادل التجاري التقليدية، والتي حاول البعض تمريرها تحت سرديات ومزاعم غير مقنعة، شهدت الأشهر الأخيرة الماضية حدثان مهمان كشفا وأكدا بما لا يدع مجالا للشك الإصرار غير المشكوك فيه من قبل الحكومات العربية للمضي قدمًا في مسار دعم تل أبيب وتعويضها عن أي مساعي لعزلها أو حصارها اقتصاديَا.
الحدث الأول كان دخول اتفاق الشراكة الاستراتيجي الشامل بين الإمارات و”إسرائيل” حيز التنفيذ في أبريل/نيسان الماضي، والذي يعد الأول من نوعه من حيث المستوى والمحتوى، حيث يستهدف رفع حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين إلى 10 مليارات دولار سنويًا خلال خمس سنوات، واستثناء 96% من السلع المتبادلة من الرسوم الجمركية.
تلك الاتفاقية التي تٌنعش المحتل بمليارات الدولارات سنويًا، تحقق له الأمان الاقتصادي وتمنحه الأريحية الكاملة في تغطية كلفة حرب الإبادة التي يشنها ضد المدنيين في غزة، وهو ما تترجمه لغة الأرقام الحالية، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين إسرائيل والإمارات خلال شهر مايو/1ايار الماضي فقط حوالي 201.4 مليون دولار، بزيادة 130 % عن نفس الشهر من العام السابق
أما الحدث الثاني فهو التعديل الذي أجرته مصر على اتفاقية استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، والذي يتضمن بيع نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي لمصر حتى عام 2040 بقيمة إجمالية وصلت لـ 35 مليار دولار، في صفقة وُصفت بأنها “الأكبر في تاريخ الكيان”، وفقا لوزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، كما أنها ستٌرسخ مكانة تل أبيب كقوة إقليمية رائدة في مجال الطاقة يعتمد عليها جيرانها ويحتاجون إليها، على حد تعبيره.
المسار ذاته سلكته البلدان الثلاثة الأخرى، حيث ارتفع حجم التجارة بين الأردن وإسرائيل لنحو 55 مليون دولار، بزيادة 54% عن العام الماضي، كما وصلت قيمة الصفقات التجارية مع المغرب إلى 3.1 مليون دولار هذا العام، محققة زيادة قدرها 94%، وفق ما ذكرته النشرة الشهرية لمعهد فريدمان.
أما البحرين فتعتبر الحالة الأكثر تناقضًا، فبينما أعلن مجلس النواب البحريني في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وقف العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، واستدعاء السفير البحريني، وطرد السفير الإسرائيلي ، سجلت البيانات التجارية نمواً هائلاً. فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 879% خلال النصف الأول من عام 2024، ليصل إلى 70.5 مليون دولار، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.
اللافت أن الطفرة الكبيرة في حجم التبادل التجاري مع “إسرائيل” لم تقتصر على البلدان العربية الخمسة المطبعة مع تل أبيب فقط، بل شمت بلدانًا أخرى إسلامية، حيث ارتفعت قيمة التجارة مع بلدان منظمة التعاون الإسلامي الـ14 بنحو 11%، ليصل حجم التجارة بين الدول الـ19 ( 5 دول عربية و14 دولة عضو بالمنظمة) و”إسرائيل” نحو 7 مليارات دولار، تشكل نسبة 10% من مجمل التجارة الإسرائيلية مع العالم خلال تلك العام الأول من الحرب، لتساهم بشكل لافت في تخفيف أزمة التجارة الخارجية للكيان المحتل بسبب الحرب التي خفضت الصادرات الإسرائيلية بنسبة 6% ووارداتها بنحو 5%.
الغرب يفضح الخذلان العربي
بينما العرب يتسابقون لاسترضاء الحليف الإسرائيلي تتصاعد موجات الإدانة الأوروبية للإجرام الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، رافعين مطالب المقاطعة الاقتصادية وتجميد الاتفاقيات التجارية وفرض عقوبات لوجستية مع تل أبيب كورقة ضغط لتلجيم نتنياهو وجيشه، حيث أعلنت ألمانيا تعليق الصادرات العسكرية إلى إسرائيل، فيما فرضت سلوفينيا حظرًا كاملا على تسليح الكيان كاول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تتخذ هذا الإجراء.
وبالتوازي مع ذلك يدرس الاتحاد الأوروبي تعليق وصول الشركات الإسرائيلية إلى تمويل من برامج “Horizon Europe”، خصوصًا عبر صندوق الابتكار التابع للمجلس الأوروبي، وهو تمويل يُقدّر بـ200 مليون يورو منذ 2021، كذلك أبدت كل من إيرلندا وبلجيكا وإسبانيا دعمًا لفكرة تعليق اتفاقيات التجارة الحرة أو تطبيق عقوبات اقتصادية.
وكان رئيس الوزراء الأيرلندي سايمون هاريس، قد حث الاتحاد الأوروبي في 29 من أكتوبر/تشرين الأول 2024 لإعادة النظر في العلاقات التجارية مع الكيان الإسرائيلي بسبب انتهاكاته التي لا تتوقف في غزة، الدعوة ذاتها طالبت بها حكومات كل من إسبانيا وبلجيكا وسلوفينيا وغيرها، التي اتخذت إجراءات عملية لتقويض العلاقات الاقتصادية مع تل أبيب.
أما على مستوى المجتمع المدني فطالبت أحزاب سياسية في تلك البلدان بوقف استيراد المحاصيل والسلع من المستوطنات الإسرائيلية المقامة فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما حدد حزبا “شين فين” و”الديمقراطيون الاجتماعيون” الأيرلنديان جلسة خاصة في برلمان بلادهم الأسبوع المقبل لمناقشة مشروع قانون الأراضي المحتلة، وبحث قرار منع الواردات الإسرائيلية في ظل استمرار حرب الإبادة ضد الفلسطينيين.
في خطوة وصفتها الصحف الإسرائيلية بـ"الزلزال السياسي".. أعلنت #ألمانيا مؤخرًا تعليق تصدير أي أسلحة أو مكوّنات إلى الكيان الإسرائيلي يمكن استخدامها في العمليات داخل قطاع #غزة.
📌تفاصيل أكثر عبر موقعنا الإلكترونيhttps://t.co/HmcdXpFQDx pic.twitter.com/Z7N05ThZYT
— نون بوست (@NoonPost) August 12, 2025
المخزي هنا أن الخماسي المطبع (الإمارات – الأردن – البحرين – المغرب) عوض “إسرائيل” عن الحصار الذي فرضه الحوثيون عليها في البحر الأحمر، حين منعوا السفن الذاهبة إلى موانئ الاحتلال من العبور عبر مضيق باب المندب ثم إلى قناة السويس، ما أصاب موانئ إيلات وأسدود وحيفا بالشلل التام ودفعهم لتسريح العمالة بهم.
وبخلاف الجسر البري الذي دشنته الإمارات، مرورًا بالسعودية والأردن، لدعم الإسرائيليين بالمنتجات والبضائع اللازمة، في الوقت الذي يعاني فيه مليونا فلسطيني من الحصار المطبق، فتحت مصر موانئها على البحر المتوسط لاستقبال السفن المتجهة من وإلى “إسرائيل”، وفق ما كشفته المصادر المفتوحة للمواقع البحرية الراصدة لحركة السفن بين الموانئ، وإن بررت ذلك بالتزامها بقانون التجارة البحرية والممرات المائية.
وتكشف تلك الأرقام الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية، والمٌحدثة بين الشهر والأخر، والتي تؤكدها البيانات المنشورة على مواقع الجهات الرسمية العربية أن هناك إصرار ممنهج وغير مفهوم من الحكومات العربية على خذلان القضية الفلسطينية وطعن الفلسطينيين بخنجر دعم الاحتلال في جميع المجالات، والانبطاح المخزي لتل أبيب وحلفائها ولو على حساب الإنسانية، ناهيك عن القضية العروبية الأهم.
الثمن لن يدفعه الفلسطينيون فقط
مُخطئة هي الأنظمة العربية حين تتوهم أن تقديم طوق النجاة للاحتلال عبر تعزيز التبادل التجاري معه، أيًا كانت المقاربات، سيساعد في ترسيخ أركانها وحمايتها من أي تبعات محتملة، فالاستثمار على أشلاء الفلسطينيين، والمشاركة في إطباق الحصار عليهم، والاصطفاف إلى جانب الكيان الإسرائيلي على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، عار سيظل يلاحق تلك الأنظمة، مهما تمترست خلف جدران الاحتواء والرضا الصهيوأمريكي.
وفي ذات السياق لن يُثني هذا الانبطاح أيادي إسرائيل عن التمدد نحو الجغرافيا العربية، وتهديد دول الجوار، حتى الحلفاء أبناء أبراهام وكامب ديفيد ووادي عربة، وهو ما كشفه نتنياهو صراحة في تصريحاته خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة “i24” الإسرائيلية، حين قال: “إنني في مهمة تاريخية وروحانية ومرتبط عاطفيا برؤية إسرائيل الكبرى” التي تتضمن إلى جانب فلسطين بعض الأجزاء من مصر والأردن وسوريا ولبنان.
لم يجد رئيس وزراء الاحتلال أي حرج على الإطلاق في الكشف عن حلمه التوسعي الاستيطاني، والذي يمتد لدول الجوار، بصرف النظر عن ردود فعل حلفائه الذين قدموا له ما لم يقدموه لإخوانهم في فلسطين، ضاربًا بكل المقاربات عرض الحائط، إذ لم تشفع للدول المطبعة انهزاميتها وانبطاحها وخذلانها وتسليمها لغزة على طبق من ذهب.
في الأخير من يظن أن حبال التقارب مع الكيان، وتقديم يد العون له، عبر خيانة غزة وأهلها وتصفية القضية الفلسطينية، من الممكن أن يكون منجاة من الاستهداف الإسرائيلي، واهم ومٌغيب، وقارئ غير جيد للمشهد الذي يتكشف رويدًا رويدًا، فالإسرائيلي أمام حلمه لن يرى أحد، ولن يراعي أي مقاربة مهما كان اعتبارها، فمعضلته ليست طوفان الأقصى كما يدندن المطبعون، وهدفه الرئيسي ليس غزة كما يٌمني الخائفون النفس.