في الحادي عشر من آب لهذا العام، عمّمَ رئيس الوزراء الأردنيّ جعفر حسّان على جميع الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية بعدم التعاون أو توجيه الدعوات لأي شخص لا يحمل عضوية نقابة الصحفيين، ومنع اصطحابهم لتغطية المناسبات أو اللقاءات أو زيارات الوفود الرسمية.
وشدّد على أن تغطية الفعاليات الرسمية يجب أن تقتصر على الأعضاء المسجلين في النقابة والعاملين في مؤسسات إعلامية مرخصة، استنادًا لقانون نقابة الصحفيين رقم (15) لسنة 1998 وقانون المطبوعات والنشر رقم (8) للسنة ذاتها وتعديلاتهما.
نقابة الصحفيين رحّبت بالقرار، واعتبرته استجابة لطلبها للحد من الفوضى الإعلامية التي تسبّب بها منتحلو صفة الصحفي على مواقع التواصل الاجتماعي، وأشادت بتعاون الحكومة مع الجسم الصحفي ودعمها لوسائل الإعلام المهنية والمسؤولة، بحسب وصفها.
معضلة النقابة
في الأردن، لا يكتسب الصحفي صفته القانونية إلا إذا كان عضوًا مسجلًا في نقابة الصحفيين، وفق ما يحدده قانون النقابة الذي يحصر تعريف الصحفي بـ”عضو النقابة المسجل في سجل الصحفيين واتخذ الصحافة مهنةً له”. هذا التعريف يستبعد خريجي كليات الإعلام من الجامعات الرسمية والخاصة ممن لم ينتسبوا للنقابة، فضلًا عن الصحفيين المستقلين الذين يمارسون العمل الميداني يوميًا.
العديد من الصحفيين يرون أن الانضمام للنقابة مسار مليء بالعقبات، إذ تتعارض نصوص القانون مع التعليمات والأنظمة الداخلية للنقابة، ما يكشف خللًا في فلسفة التشريع الذي كان يفترض أن ينظم المهنة لا أن يقيّدها.
شروط الانتساب تشمل اعتبارات وظيفية وأكاديمية، وفترات تدريب محددة، ومتطلبات التفرغ الكامل للعمل الصحفي، فضلًا عن الارتباط بمؤسسة مسجلة في الضمان الاجتماعي ودفع رسوم العضوية. هذه الشروط، – بحسب منتقديها -، تتناقض مع التزامات الأردن الدولية التي تحظر فرض قيود على ممارسة العمل الصحفي، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
فيما يستبعد قانون نقابة الصحفيين الأردنيين فئات واسعة من العاملين في المجال الإعلامي من تعريف الصحفي، ليقتصر اللقب على من ينطبق عليهم التصنيف القانوني الضيق. هذا الاستبعاد يشمل معدّي البرامج ومقدميها، والصحفيين الميدانيين والاستقصائيين، والمستقلين، والعاملين في الإعلام الرقمي، وصانعي الأفلام الوثائقية والتحقيقات المصورة، بالإضافة إلى المراسلين الأردنيين في القنوات العربية والعالمية سواء داخل البلاد أو خارجها.
ولا يكتفي القانون بوضع تعريفٍ مقيّد، بل يفرض عقوباتٍ على من يمارس العمل الصحفي دون عضويّة النقابة، واصفًا ذلك بالانتحال. وتنص المادة (12) من القانون المعدل لعام 2014 على منع أي شخصٍ من ممارسة المهنة قبل أداء اليمين، ودفع الرسوم، وتسجيل اسمه في سجل الصحفيين الممارسين. أما المادة (18) فتحظر على غير الأعضاء مراسلة الصحف الأجنبية أو التعريف بأنفسهم كصحفيين، وتفرض غراماتٍ ماليّة أو الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر، مع مضاعفة العقوبة عند التكرار.
غياب الإطار القانونيّ
مضت 6 سنوات مذ بدأ الصحفي محمود الشبول العمل الصحفيَّ المستقل في مجالات؛ التحقيقات والتقارير المعمقة وصحافة البيانات والمجال الثقافي والأدبي وإنتاج مواد مكتوبة ومرئية لعدد من المؤسسات الإعلامية المتنوعة، ومع ذَلك لا يمكنه -حتى الآن- الانتساب للنقابة.
يقول لنون بوست إنه مع تنظيم قطاع الصحافة بيد أنَّ هذا التنظيم يتطلب إصلاحًا جذريًّا وتشريعاتٍ جديدة من ضمنها فتح باب الانتساب للنقابة وتخفيف القيود شبه التعجيزية للانضمام، خاصةً مع وجود آلاف الصحفيين ومن يعملون بمؤسساتٍ صحفيّةٍ وإعلاميّةٍ حكوميّةٍ وخاصة من غير المنتسبين للنقابة بسبب هذه القيود.
ومن هذا المنطلق يرى الشبول ضرورة فتح المجال للانتساب أو إعادة تعريف الصحفي ضمن شروط جديدة وهو ما سيدفع الجميع ليكونوا مع التنظيم، إذ أنَّ مثل هذه القرارات تضع قيودًا مباشرةً على حرية الحركة والتغطية المباشرة وتصبح أكثر تقييدًا للصحفيين المستقلين أو من يمتلكون الخبرة والمهارات اللازمة، كم سيكون لها آثار على المؤسسات الإعلامية المرخصة.
ويصطدم مرارًا بغيابٍ لإطارٍ قانونيٍّ واضح يعترف بالصحفيّ المستقل أو غير المنتسب للنقابة كفاعلٍ مهنيٍّ كامل الحقوق، إضافةً لضعف الحماية القانونية حال التعرض لأي ممارساتٍ أو تضييقٍ أثناء العمل، وهو ما يفتقده كصحفيٍّ مستقل يحتاج للحصول على تصاريح تغطية ميدانية أسوة بزملائه المنتسبين للنقابة وإطارٍ قانونيٍّ يحميه، إضافةً إلى إتاحة حقوق الحصول على المعلومات.
ولا يخفي الشبول رغبته بإعادة النظر بالتشريعات والقوانين الناظمة للانتساب للنقابة ولعمل الصحفيين وتصويب الأوضاع بناء عليها ومن ثم إصدار التعليمات وتقديم الشكاوى حتى لا تظهر القرارات عشوائية أو تؤخذ على أنها نوع من تقييد الحريات.
تأخير بالانتساب
وفي مكانٍ آخر كان أحمد ملكاوي قد قضى عامين ونصف في عمله الحالي بأحد المواقع الإلكترونيّة مع خبرة عشر سنواتٍ في العمل الصحفيّ. ومع نهاية عام 2023 كان عازمًا على الانتساب للنقابة غير أنَّ الأخيرة أوقفت طلبات الانتساب آنذاك بحجة أن بعض الصحف كان عليها مستحقات مالية للنقابة لم تقم بسدادها، علمًا بأن المؤسسة التي يعمل بها ملكاوي كانت قد سددت ما عليها من مستحقات، وأجرت تسوية مع النقابة، إلا أنَّ المشكلة في الأساس مع الصحف الورقية.
ويتطلب تقديم الطلب شهادة البكالوريوس في الصحافة، وكشف الضمان الاجتماعي، وكتاب تعيين من المؤسسة التي يعمل بها، بالإضافة إلى كتاب يثبت أن المؤسسة والنقابة قد أجرتا تسوية بشأن الإعلانات وشهادة عدم محكوميّة وغيرها من الأمور. وبعد وصول هذه الأوراق، يقوم مجلس النقابة بإحالتها إلى لجنة العضوية التي تتخذ قرارًا بشأنها، فإذا كانت مكتملة، يتم تحويل الطلب إلى سجل المتدربين، ويبدأ احتساب مدة عام قبل انتسابه الفعليّ للنقابة.
وينص النظام الداخلي على أن من يرغب في الانضمام إلى النقابة يجب أن يسجل أولًا في سجل المتدربين بعد قبول طلبه من لجنة العضوية، ويبقى في هذا السجل لمدة عام كامل لضمان حصوله على التدريب الصحفي اللازم، ومن ثم يخضع لدورة تدريبية وامتحان، وإذا اجتازهما يحلف يمين الانتساب. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه؛ ما الداعي لسنة كاملة من الانتظار لشخصٍ يعمل في الصحافة منذ سنوات؟! ولمَ لا يكون الضمان الاجتماعيّ إثباتًا كافيًا على العمل في أسوأ الأحوال؟
وبعد تقديمه للطلب، ينتظر ملكاوي الآن مرور سنةٍ للانتساب، ويضيف لنون بوست إنَّ تأخر قبول عضويته يشعره بأن تاريخه في العمل الصحفيّ قد تمَّ محوُه، وأن التقارير والتحقيقات والجوائز التي حصل عليها كانت بلا فائدة؛ فلا أحد يعترف بتاريخه المهني، ولا أحد يعترف بعمله، خصوصًا خلال السنوات الست الأخيرة التي كان يعمل بها بجدٍّ واجتهاد.
فيما يؤثر هذا تعميم رئيس الوزراء على تغطياته الصحفية المستقبلية، فقد يرغب في حضور فعالية ما خارج أوقات دوامه الرسمي، ليس بالضرورة لتغطيتها بشكل فوري، بل بصفته صحفيًا يرغب في الاستماع والمشاركة في منتدى أو حوار، ومن ثم إعداد مادة تحليلية عنه لاحقًا، إلا أنه قد لا يُسمح له بالدخول. وهو لا يعرف ما الذي قد يصدر عن النقابة بخصوص هذه النقطة، لكنه يتوقع أن يعتمدوا البطاقات الصادرة من المؤسسات الإعلامية نفسها، إذ صرحوا هم أنفسهم بأن الشكاوى المتعلقة بانتحال صفة الصحفي لن تشمل الصحفيين العاملين في المؤسسات المُرخصة حتى وإن لم يكونوا أعضاء في النقابة.
ويعارض ملكاوي الإجراءات الأخيرة، لكنه في الوقت ذاته يؤيد جزءًا منها، فالفوضى -بمنظوره- قد عمّت وسائل التواصل الاجتماعي، وكثيرون أصبحوا يسيئون لمهنة الصحافة، فبمجرد أن يحمل أحدهم (كاميرا وميكروفونًا) ويبدأ سؤال الناس في الشارع أي سؤال، حتى لو كان بلا قيمة إخبارية أو فكرية، فإنه قد يبث خطاب كراهية أو تحريضًا، أو ما يؤثر على الآداب والأخلاق العامة. هؤلاء الأشخاص لا يتحملون المسؤولية الصحفية الحقيقية، وهذا يسيء للصحافة بشكل أو بآخر.
وفي المقابل، يرى أنه يجب الحفاظ على حقوق الصحفيين المستقلين، فهناك الكثير منهم يعملون بشكل مستقل لصالح منظمات ومواقع ومؤسسات مختلفة دون أن يكونوا موظفين رسميين فيها. ومن حق هؤلاء أن يعملوا، فهم ينتجون مواد صحفية على أرض الواقع، ولديهم تقارير وتحقيقات ومواد تحليلية، كما أنهم حاصلون على تدريبات. ويتساءل كيف يمكن حرمانهم من ممارسة الصحافة وتغطية الأحداث؟!
ويعود ليؤكد أنَّ الانتظار الطويل مؤذٍ للغاية، ويُفترض أن يُطلب من النقابة تقليص مدة الانتظار. ومن ناحية أخرى، يشعر بأن كل هذا الإجراء يهدف إلى تشجيع الصحفيين المستقلين الذين تعمل مؤسساتهم بشكل غير مرخص لدى النقابة على التسجيل في سجل الأعضاء المؤازرين الذي لا يتمتع بكامل حقوق العضو المنتسب، فلا يحق له التصويت أو الترشح للانتخابات، غير أنَّ اسمه يكون موجودًا في النقابة، ويستطيع حضور فعالياتها، ويكون معروفًا لدى الهيئة العامة، وقد تكون لهم امتيازات في المستقبل، كالحصول على بطاقة عضو مؤازر، فهو يُعتبر صحفيًا غير مكتمل العضوية إلى حين تعديل النظام.
الفرد ملك المؤسسة
مروة خالد، اسمٌ مستعارٌ لصحفيّةٍ طلبت عدم الكشف عن اسمها، وهي تعمل في مؤسسةٍ غير منتسبةٍ للنقابة، وهي إحدى العقبات التي منعتها من الانتساب للنقابة؛ إذ تنطبق عليها شروط الانتساب فهي صحفية أردنية الجنسية، مقيمة في الأردن، وتعمل لدى مؤسسة مرخصة، وتحمل مؤهلاً أكاديمياً في الصحافة والإعلام (بكالوريوس)، ولديها عدد سنوات الخبرة المحدد في القانون كحدٍ أدنى للعضوية، وهو ما يعادل فترة التدريب.
إلا أنَّ هذا لا يزال غير كافٍ؛ لأن مؤسستها غير مسجلة لدى نقابة الصحفيين؛ إذ يجب على الصحفي أن يعمل لدى مؤسسة مسجلة في النقابة ليتمكن من الحصول على العضوية، وكأن مسيرته المهنية مرتبطة بالمؤسسة التي يعمل بها، وهذه أولى الإشكاليات؛ كما تصفها لنون بوست.
وتقول إنَّ القانون يحدد قيمةً من الاقتطاعات السنوية من إيرادات الإعلانات التي تحصل عليها هذه المؤسسات الصحفية، والموقع الصحفي الذي تعمل به لا يحصل على إعلاناتٍ أصلاً. لذا، هي لا تفهم لماذا تفترض النقابة أنهم يحصّلون على هذه النسبة، وما هو البدل عنها؟ وهل سيأخذون هذه القيمة من الميزانية؟ وإذا أرادوا التسجيل الآن لدى النقابة، فهل يتوجب عليهم دفع رسوم عن السنوات السابقة والمقبلة؟ ولماذا يدفعون هذه القيمة أصلاً؟ ما هي الامتيازات التي تقدمها النقابة في المقابل؟
كل هذه العقبات تمنعها كصحفية من أن تكون عضواً في النقابة. كما أن البيئة التشريعية لتسجيل وعضوية الصحفيين فيها غير واضحة وغير محددة، فهي فضفاضة وعامة جداً، وفي الوقت ذاته محدودة، إذ يبدو أنها تهدف إلى تسجيل فئة محددة دون غيرها.
أما الأسباب الشخصية، فهي تتساءل أحياناً؛ لماذا ترغب أصلاً في الانتساب لنقابة الصحفيين؟ خصوصاً إذا كانت النقابة لا تقوم بأدوارها، بل أصبحت أول جهة تحارب الصحفي بدلاً من حمايته. فأول ملف استلمه مجلس النقابة الحالي هو ملاحقة الصحفيين المستقلين وغير المسجلين في النقابة بحجة انتحال الشخصية، بدلاً من أن يعالجوا ملفات مثل التأمين الصحي، أو تصويب أوضاع الصحفيين المستقلين، أو حماية الصحفيين من الضغوط الأمنية التي يتعرضون لها بسبب التعبير عن الرأي.
وتوضح أنَّ لديها مشكلات جوهرية مع تعميم رئيس الوزراء لأنه يحل مشكلة غير موجودة، والحل المطروح أسوأ من المشكلة المزعومة. لقد صرحوا بأنهم اتخذوا هذا الإجراء لمواجهة ظاهرة انتحال صفة الصحفي، وأنه لا بد من الحد منها. ولكن في الحقيقة، لا يملك رئيس الوزراء ولا النقابة إحصائيات دقيقة ومنشورة عن حجم هذه الظاهرة التي يسعون لمعالجتها بهذه الطريقة.
كما يؤثر هذا القرار على مستويات مختلفة بالنسبة لها، أولها التغطية الميدانية؛ إذ ستضطر كصحفية إلى التحرك وكأنها تعمل في الخفاء. سيصبح تواصلها مع الناس والمسؤولين وعملها الميداني في الشارع والجامعات والدوائر الحكومية والمؤسسات الخاصة، وكل تغطية تقوم بها، سواء كانت تغطية يومية بسيطة أو تغطية احتجاجات ووقفات ومطالب عمالية أو حقوقية، أكثر صعوبة. وستكون دائماً حريصة على ألا يتم إلقاء القبض عليها أو اتهامها بانتحال الشخصية، وستجد نفسها دائماً في موقع الدفاع عن عملها الصحفي لإثبات أنه عمل حقيقي وجدير بالاحترام ولا ينقصه سوى هذه التغطية الرسمية.
هناك أيضاً تأثيرات طويلة الأمد، فالتفكير بهذه الطريقة والحد من ممارسة العمل الصحفي الميداني، الذي هو جوهر عمل الصحفيين وليس عملاً مكتبياً، يؤثر على المدى الطويل على حرية التعبير والرأي، وعلى قدرتها على إنجاز تغطيات ذات جودة عالية، والتعبير عن قضايا الشارع والهموم اليومية للمواطن الأردني، والتفاعل مع الأحداث اليومية بشكل مستمر. ولخّصت ذلك بأن سلامتها النفسية والجسدية ستصبحان هاجسًا، تمامًا كما أن تغطية الأخبار اليومية هاجس بحد ذاتها.
وتؤكد مروة أنَّ من حقها أن تنضوي في تنظيم نقابي، ووفقاً للدستور، من المفترض أن تتمكن من تأسيس نقابة للصحفيين غير النقابة الحالية. فما الذي يمنع تعدد النقابات، خصوصاً إذا لم تكن هذه النقابة شرطًا لمزاولة المهنة كما هي الحال بالنسبة للطبيب مثلاً؟ إذًا، يتم منعها من تأسيس نقابة بديلة، مع أن هذا حق لها، ومن إنشاء جسم يحميها ويوفر لها الاحتياجات والتي هي من صميم دور النقابة وفي الوقت نفسه، لا يُسمح لها بالانتساب إلى النقابة الرسمية القائمة التي مُنحت كل هذه الشرعية والاهتمام. وهذا يعني أن هناك رغبة في الحفاظ على تغطية إعلامية محددة والتحكم في سقفها. وهو ما يؤثر على استقلالية الإعلام، لأنه يجعله إما موالياً أو لا يكون. وهذا بدوره يؤثر على شكل النقابة ذاتها؛ فمجلسها الحالي أفرز هذا الشكل الذي يتبنى موقف الدولة أكثر من الدولة نفسها، على حدِّ قولها.
لا حضور للنقابة
يؤكد الحقوقيّ ومراسل مراسلون بلا حدود في الأردن محمد شما عدم وجود حضورٍ أو دورٍ يُذكر للنقابة، قائلًا “دورها صفر على الشمال”. ويقول إنه لا توجد مشكلة في موضوع الانتساب إلى النقابة، إلا في الأردن. فالمبدأ الأساسي لأي نقابة في العالم هو تنظيم المهنة واحتواء كل من ينشط ويعمل في هذا القطاع، ومحاولة تصويب الأداء المهني من خلال ضمهم وتدريبهم وتأهيلهم ومتابعتهم. وخلاف ذلك، لا يمكن إلا أن يكون هناك قلق على تطور المهنة، هذا إلى جانب عدم قبول العاملين في مجال الصحافة والإعلام.
ويعتقد خلال حديثه مع نون بوست أن مستقبل الصحافة، سواء كانت مستقلة أم غير مستقلة، في الأردن سيء. فعندما تغيب الحرية، يغيب الإعلام المستقل والإعلام المهني. في حين يتأثر مستقبل الصحافة بالقوانين المقيدة، مثل قانون الجرائم الإلكترونية، وقانون المطبوعات والنشر، وتغليظ العقوبات، بالإضافة إلى التطورات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. هذه هي العوامل التي تؤثر على مستقبل الصحافة وتحدد مدى استمراريتها. وفي ظل وجود القوانين المقيدة في الأردن كما في دول أخرى، فإن بقية العوامل، مثل النقابة، لا تأثير لها على الإطلاق، وهي خارج السياق تماماً.
أما عن الآليات الممكنة للدفاع عن الصحفيين وضمان عملهم بحرية، فيرى أن الأردن جزء من المنظومة العالمية التي يتعلق جزء منها بحق الوصول إلى المعلومات وضمان تيسيره للمواطنين عموماً، وليس للصحفيين فقط. مشيرًا إلى أن هذا الحق مكفول للجميع، فهو ليس مقترنًا بالصحفيين وحدهم، وإنما بعموم الناس. وبالتالي، يُطرح التساؤل عن مدى كفالة الأردن لحق المواطن في الوصول إلى المعلومات واستقائها وتوفيرها، وتمكينه من ذلك بكل سهولة ويسر.
ويلفت شما إلى أنَّ كل آلية دولية تتضمن ضمانات؛ فعلى مستوى منظمة الشفافية الدولية، وعلى مستوى الاتفاقيات الدولية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وعلى مستوى الاتفاقيات المتخصصة كاتفاقية مناهضة التعذيب (CAT) وغيرها، كلها تتحدث بشكل أو بآخر عن ضمان وصول الناس إلى المعلومات ومعرفة حقوقهم. والإعلام هو إحدى هذه المنصات والأدوات، وإذا انتفى دوره وقُيّد عمله، فإن المواطن هو من يتأثر في المقام الأول، وليس الصحفي فحسب، وإن كان هو الأساس، ولكن بالمعنى الشمولي، المواطن هو المتضرر الأكبر.
أما الخبير القانونيّ حمادة أبو نجمة فيرى أنَّ رفض النقابة انتساب أي عضوٍ لها قابلٌ للطعن أمام المحكمة. منوهًا إلى وجود مزاجيّةٍ في قبول طلبات الانتساب والتعامل معها في النقابة. كما أنَّ القانون يُعرّف الصحفيّ بأنه المسجل في النقابة.
ويتابع خلال حديثه مع نون بوست أنَّ هناك صحفيين يحاولون منذ عشرٍ سنواتٍ الانتساب للنقابة إلا أنَّ طلباتهم استقبلت بالرفض، وهو ما يدّل على تعقيدات الانتساب لها. ومع ذَلك يرى أهميّةَ طعن الصحفيين في قرارات عدم قبولهم وتسجيلهم في النقابة.
وبعد انتهاء مهلة الثلاثين يومًا التي منحتها النقابة لتصويب الأوضاع، أعلن مجلس النقابة في 30 حزيران 2025، بدء اتخاذ إجراءات قانونية ضد من يصفهم بمنتحلي صفة الصحفي أو الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي وخارجها، ممن لا يحملون عضوية النقابة أو لا يعملون في مؤسسات إعلامية مرخصة.
وأوضحت أن فترة المهلة خُصصت لحذف الألقاب والبيانات التعريفية التي توحي بممارسة المهنة دون سند قانوني، وتصحيح أوضاع المخالفين. وبانتهائها، قرر المجلس إحالة من لم يلتزم إلى القضاء، في إطار حملة لحماية المهنة من التعديات والممارسات غير القانونية.
كما وجّه المجلس خطابات إلى السلطات الثلاث، وإلى غرف الصناعة والتجارة، والنقابات، والأحزاب، طالب فيها بعدم التعامل مع أي جهة أو فرد خارج عضوية النقابة، باستثناء العاملين في المؤسسات الإعلامية المرخصة. وأعلن عن تشكيل لجنة خاصة لرصد الشكاوى وتتبع تغوّل منتحلي الصفة في الواقع وعلى الفضاء الرقمي.
وفي تموز شرعت لجنة حماية المهنة في النقابة بتنفيذ المرحلة الأولى من خطة رصد ومتابعة النشاطات الصحفية التي يمارسها أشخاص غير منتسبين للنقابة أو غير مسجلين بسجلاتها. وأكدت النقابة في بيان رسمي أن القانون يمنع ممارسة أي عمل صحفي في المؤسسات الإعلامية أو عبر صفحات التواصل الاجتماعي، بما يشمل مجموعات “واتساب” و”تلغرام”، من قبل غير الأعضاء أو غير الحاصلين على صفة قانونية تخولهم للعمل في المجال الصحفي.