في تطوّر جديد ضمن مسار التواصل غير التقليدي بين سوريا و”إسرائيل”، أعلنت السلطات السورية عن لقاء جمع وزير الخارجية، أسعد الشيباني، بوفد رسمي إسرائيلي في باريس، بوساطة أمريكية، في 19 من أغسطس/ آب الحالي، رغم عقود من القطيعة والعداء التاريخي.
اللقاء الذي جمع الوزير الشيباني مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، يُعدّ أول لقاء يتم الإعلان عنه رسميًا من الجانب السوري، والثاني خلال أقل من شهر في المدينة نفسها، وسط ظروف إقليمية وسورية معقّدة.
ويأتي اللقاء بعد أشهر من تكثيف “إسرائيل” ضرباتها الجوية داخل الأراضي السورية وتوغّلها في المنطقة العازلة جنوبًا، مستندة إلى ذرائع متعددة لإضعاف الحكم في دمشق، والذي تصفه بـ”الكيان الجهادي المتشدّد”، في حين تؤكد الإدارة السورية الجديدة على ضرورة الالتزام باتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974.
في هذا التقرير، يرصد “نون بوست” طبيعة اللقاء ويناقش مع خبراء وباحثين أبعاده، ومدى خطورة هذه الخطوة، وتشكيلها أرضية ترسم شكل العلاقة بين الطرفين، إلى جانب دور الولايات المتحدة في توجيه مسارات الاتصال بين دمشق وعدوٍّ معلنٍ لعقودٍ طويلة.
نقاشات في باريس.. “نقطة التقاء”
تركّزت النقاشات في لقاء باريس الأحدث على خفض التصعيد، وعدم التدخّل بالشأن السوري الداخلي، والتوصّل لتفاهمات تدعم الاستقرار في المنطقة، ومراقبة وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، وإعادة تفعيل اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974.
وتجري هذه النقاشات بوساطة أمريكية، في إطار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار في سوريا، والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
ولم تصدر توضيحات إسرائيلية بشأن اللقاء، في حين تُعدّ المرة الأولى التي يُقرّ فيها مسؤولون سوريون بإجراء محادثات وجهًا لوجه مع مسؤولين إسرائيليين، رغم إقرارٍ سابقٍ بوجود محادثات غير مباشرة لتهدئة التوترات.
من جهته، اعتبر مدير الشؤون الأمريكية في وزارة الخارجية السورية، قتيبة إدلبي، أن الإعلان عن لقاء سوري إسرائيلي في باريس يأتي في إطار مسؤولية الحكومة تجاه الشعب، ورغبتها في إخباره بشفافية عن كيفية تعاطيها مع القضايا المحيطة بسوريا اليوم.
ويقول إدلبي إن الاجتماعات تهدف بشكلٍ أساسي إلى إيجاد نقطة التقاء تُنهي التدخّلات الإسرائيلية وتُخفّف من التصعيد الحالي، محذّرًا من أن خروج الأمور عن السيطرة “سيجعل الجميع خاسرين في المنطقة”، وفق حديثه لقناة “LBCI” اللبنانية.
ويُضيف أن دمشق تستخدم الأدوات السياسية المتاحة، من حوارٍ وتفاوض، لمحاولة حلّ الإشكالات القائمة، بما في ذلك مع “إسرائيل”، مشيرًا إلى أن الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية واقعٌ يعيشه السوريون اليوم، مؤكّدًا أن الهدف ليس الدخول في حربٍ جديدة أو صدامٍ قد يجرّ سوريا والمنطقة إلى نتائج غير حميدة للجميع.
إسرائيليون يعبرون الحدود السورية بهدف وضع “حجر أساس” لمستوطنة في #القنيطرة قبل أن يعيدهم جيش الاحتلال نحو الأراضي المحتلة.#سوريا pic.twitter.com/K1Z1ucaeNM
— نون سوريا (@NoonPostSY) August 19, 2025
وكان لقاءٌ قد جمع الجانبين في العاصمة الفرنسية باريس، واستمرّ لأربع ساعات، في 24 من يوليو/ تموز الماضي، برعاية المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس برّاك، حيث اتفق الجانبان على مواصلة الحوار وتهدئة الأوضاع وتخفيف التوتر جنوبي سوريا، في لقاءٍ وُصف بأنه أرفع مستوى من التواصل الرسمي بين “إسرائيل” وسوريا منذ أكثر من 25 عامًا.
ويعود أعلى مستوى من التواصل الرسمي بين الطرفين إلى الاجتماع الذي نظّمه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون عام 2000 في بلدة شيبردزتاون الأمريكية، والذي جمع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك، ووزير الخارجية السوري حينها فاروق الشرع.
ورغم التصريحات والنشاطات الدبلوماسية خلال الأشهر الماضية، نفى مصدرٌ في وزارة الإعلام السورية صحّة الأنباء المتداولة في يوليو/ تموز الماضي، حول انعقاد أي جلسات أو اجتماعات بين الرئيس السوري أحمد الشرع، ومسؤولين إسرائيليين خلال زيارة الشرع إلى الإمارات العربية المتحدة.
وفي 27 من مايو/ أيار الماضي، نفى قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء، أحمد الدالاتي، مشاركته في جلسات تفاوضية مباشرة مع “إسرائيل”، قائلًا إن هذه الادعاءات تفتقر إلى الدقّة والمصداقية، ولا أساس لها من الصحّة، وذلك بعد أن نقلت “رويترز” عن خمسة مصادر مطّلعة أن الاتصالات مع “إسرائيل” جرت بقيادة الدالاتي.
وكشف الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال مؤتمرٍ صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بقصر الإليزيه، في 7 من مايو/ أيار الماضي، عن وجود مفاوضات غير مباشرة مع “إسرائيل” عبر وسطاء، تهدف إلى “وقف الاعتداءات الإسرائيلية”.
عداء تاريخي
على امتداد أكثر من 70 عامًا، ظل الصراع السوري الإسرائيلي أحد أبرز وأطول المواجهات في الشرق الأوسط، يغذيه الرفض السوري الشديد لشرعية “دولة إسرائيل” منذ إعلان قيامها عام 1948.
ولم تفلح الحروب ولا المحادثات ولا المبادرات الدبلوماسية في إنهاء حالة العداء، والتي تعمّقت بعد حرب عام 1967، حين احتلت “إسرائيل” مرتفعات الجولان، لتتحول هذه المنطقة إلى محور صراع جيوسياسي معقّد.
ورغم اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974، بقي الجولان ساحة مفتوحة لتقاطع الحسابات الإقليمية والدولية، ثم دخل النزاع مرحلة جديدة بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011، إذ واصلت “إسرائيل” تنفيذ ضربات جوية داخل الأراضي السورية لاستهداف وتقليص نفوذ إيران و”حزب الله” خلال عهد بشار الأسد.
ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 من ديسمبر/ كانون الأول 2024، صعّدت “إسرائيل” عسكريًا وإعلاميًا تجاه سوريا، وكان استهدافها الأبرز بعد توتراتٍ أمنية شهدتها صحنايا وجرمانا بريف دمشق، حيث هدّدت بضرب أهداف حكومية، في حال تورّط الأخيرة بـ”ارتكاب أعمال عنف بحق الدروز”، ثم شنّت ضربات جوية قرب القصر الرئاسي في دمشق، في مايو/ أيار الماضي.
وإثر مواجهاتٍ دامية شهدتها محافظة السويداء جنوبي سوريا، بين فصائل محلية وقوات البدو، استدعت تدخّل القوات الحكومية، في يوليو/ تموز الماضي، تدخّلت “إسرائيل” عسكريًا واستهدفت عناصر من وزارة الدفاع السورية، ومبنى هيئة الأركان العامة، ومحيط القصر الرئاسي بدمشق، وطالبت أن يسحب الجيش السوري قواته من السويداء.
وفي 19 من يوليو/ تموز الماضي، جرى التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين سوريا و”إسرائيل”، بدعمٍ من الولايات المتحدة، تبنّته تركيا والأردن وجيرانهما، في حين تواصل “إسرائيل” الترويج لمشاريعها التوسّعية مثل “ممر داوود” و”إسرائيل الكبرى“، والتي تتجاوز منطق الاتفاقيات.
وبعد سقوط النظام السابق، احتلّت “إسرائيل” جبل الشيخ، وتوغّلت في الأراضي السورية، ونفّذت حملات في القنيطرة ودرعا للبحث عن السلاح، تخلّلها اعتقال مدنيين، وتعمل على إنشاء قواعد عسكرية في المناطق التي توغّلت فيها، وصل عددها إلى تسع، كما تعتزم بناء القاعدة العاشرة في بلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، إذ أظهرت صور الأقمار الصناعية تجريف 50 دونمًا من الأراضي فيها.
هذه التحركات على الأرض تخترق اتفاقية فضّ الاشتباك بين سوريا و”إسرائيل”، التي وُقّعت في 31 مايو/ أيار 1974، برعاية الأمم المتحدة ووساطة دولية، ونصّت على إنشاء منطقة عازلة بين سوريا وهضبة الجولان المحتلة، تخضع لمراقبة قوات “الأندوف” التابعة للأمم المتحدة، التي تقوم بدورياتٍ دورية وترفع تقاريرها إلى مجلس الأمن.
لقاء #باريس بين الوفد السوري والإسرائيلي يثير جدلًا واسعًا.. كيف علق مغردون؟#سوريا pic.twitter.com/qFWnrnOGh6
— نون سوريا (@NoonPostSY) August 20, 2025
في المقابل، بقيت الإدارة السورية الجديدة داعيةً إلى الالتزام باتفاق 1974، ومكرّرةً لخطاب عدم تشكيل سوريا وأراضيها أي تهديد لأي دولة في العالم، معتبرةً أن البلاد منهكة من الحروب، وبحاجةٍ لأن تنمو وتقوى، وأن مواجهة “إسرائيل” تكون بالضغط الدولي والأمم المتحدة.
تنازل مجاني أم تفاوض مشروع؟
في ظلّ هذه التحركات العدائية والتصعيد الإسرائيلي، أثار الإعلان عن لقاء وزير الخارجية السوري مع وفدٍ إسرائيلي جدلًا واسعًا على مواقع التواصل، وتنوّعت ردود الفعل بين من اعتبره ضعفًا، وعدم مراعاة لحساسية المرحلة، وبين من دافع عنه باعتباره مسارًا تفاوضيًا مشروعًا لحماية المصالح الوطنية.
في حين رفض آخرون تكرار اللقاءات المباشرة، مطالبين بحصرها بطريقة غير مباشرة، لأنها تجري مع سلطة احتلال غير شرعية، وسوريا لا تعترف بها، مع التأكيد على عدم السير في طريق التطبيع.
ويرى البعض أن التفاوض، سواء كان مباشرًا أو عبر وسطاء، يندرج ضمن تقديراتٍ سياسية تختلف باختلاف الظروف والضرورات، ويُقاس بنتائجه وما يحقّقه من ضماناتٍ أمنية، أو ما يؤمّنه من حمايةٍ للسيادة ووحدة البلاد.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي السوري إبراهيم الجبين أن اللقاءات بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين لا تؤسس لاتفاقيات، إنما تكسر القطيعة وتمهد لنوع من التطبيع الناعم من دون ثمن، متسائلًا عن المقابل في منح الإسرائيليين فرصة للجلوس مع أكبر مسؤول في الخارجية السورية في العاصمة الفرنسية.
واعتبر الجبين أن اللقاء خطوة تندرج ضمن ما وصفه بـ”أخطاء الحكومة السورية”، التي تجد أن اللقاء مع الإسرائيلي في باريس هو أقصر من أن تتفاهم أو تتفاوض مع بقية المكونات والقوى المدنية في سوريا كي تتجنب المشكلات التي تواجهها وعلى رأسها فرض شرعيتها، وذلك في مقابلة له مع قناة “الجزيرة“.
ويعتقد الجبين أن الحكومة السورية انتقالية وغير مفوّضة بالجلوس مع “إسرائيل”، معتبرًا أن تدخل الإسرائيليين في الشأن السوري، بذريعة حماية الدروز، كان يهدف أساسًا إلى تكريس حضورهم كطرف فاعل على الطاولة السورية، والمساهمة في صناعة شكل الإدارة الجديدة في دمشق، وهو ما يرى أنه تحقق بالفعل من خلال هذا اللقاء.
أما الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي، فيرى أن اللقاء من أجل المفاوضات ليس خطأ ولا خطيئة، إنما أمر طبيعي يحصل حتى بين الأعداء، ويحدث إما لتفعيل اتفاقيات قائمة، مثل اتفاق 1974، أو لتوقيع اتفاقيات جديدة، أو إنهاء أخرى سابقة، مشيرًا إلى أن اللقاء لم يُعقد على أرض أي من الطرفين، بل في بلد محايد، ويعتقد أن اللقاء لا يعد شرعنة لوجود الاحتلال، فجميع القوى المتصارعة تلتقي، سواء كانت قوى احتلال أو غيرها.
ويقول علاوي في حديثه لـ”نون بوست” إن من إيجابيات اللقاء أنه يمنح الحكومة الجديدة اعترافًا دوليًا، ويعزز موقعها في مسار المفاوضات، إضافة إلى ربطها بمحور تقوده المملكة العربية السعودية، عدا عن أنها عملية إيضاح سياسية سورية لما يحدث، فيما تتمثل سلبياته في ضعف موقف الحكومة السورية، التي لا تمتلك أوراق ضغط كافية تجعلها تفاوض من موقع قوة.
برعاية واشنطن.. “اتفاق أمني واستبعاد للتطبيع”
تصاعد الحديث عن وجود نقاشاتٍ بين سوريا و”إسرائيل”، بوساطة أمريكية وتركية وعربية، وتعدّدت السيناريوهات المطروحة بين اتفاقياتٍ أمنية، أو انضمام سوريا إلى اتفاقيات “أبراهام”، أو الالتزام باتفاقية فضّ الاشتباك عام 1974.
تلعب واشنطن دورًا محوريًا في هذا السياق، لا سيما توماس برّاك، المنخرط في هذه المساعي، وكان سبّاقًا في إعلان المحادثات بين الطرفين، ومنها حين قال إن الحكومة السورية الجديدة تفتح الآن حوارًا مع “إسرائيل”، وذلك خلال مؤتمرٍ صحفي عقده في بيروت، في 7 من يوليو/ تموز الماضي.
وفي 14 من مايو/ أيار الماضي، أعاد لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في السعودية، طرح ملف التطبيع مع “إسرائيل” عبر اتفاقيات “أبراهام“، إذ حثّ ترامب الشرع على الانضمام، مشيرًا إلى أن الأخير أبدى موافقةً مبدئية. وقال ترامب إن سوريا “ستنضمّ في نهاية المطاف” إلى الاتفاقيات، وربط هذه الخطوة باستقرار الأوضاع الداخلية في سوريا.
وبعد لقاء باريس، نقلت قناة “i24” الإسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم إن التطبيع مع سوريا لا يزال بعيد المنال، إلا أن هناك أساسًا للتعاون الأمني، فيما قال مسؤولٌ سوري إن سوريا تقترب من اتفاقيةٍ أمنية من المزمع عرضها على الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول المقبل، لكن تبعه نفي الخارجية السورية صحة توقيع الاتفاق الأمني المرتقب.
الباحث السوري عبد الرحمن الحاج، يقول لموقع “نون بوست” إن التصريحات عقب لقاء باريس لا تحمل جديدًا أو مفاجأة، مذكّرًا بحديث الرئيس أحمد الشرع في قصر الإليزيه عن وجود مفاوضاتٍ غير مباشرة عبر وسطاء مع الإسرائيليين.
ويعتقد الحاج أن احتمالات التطبيع بعيدة، وأن النقاشات تتركّز على اتفاق فصل القوات لعام 1974، وتعديلاته التي يطالب بها الإسرائيليون، أي العودة إلى ما قبل 2011 بخصوص المنطقة العازلة، وإزالة القواعد العسكرية التسع الجديدة، والانسحاب من قمّة جبل الشيخ، ما يشير إلى أن النقاش والاتفاق الجاري ذو طابعٍ أمني.
التطبيع بالنسبة للسوريين ليس قرارًا عاديًا بل اختبار للثوابت وامتحان أخلاقي يصعب الإجابة عليه في ظل ظروف ميدانية معقدة
هل استطاعت “إسرائيل” تقويض وحدة الدولة السورية الناشئة وسحبها لخيارات صعبة؟
عبد الرحمن دالاتي يجيب.. @abdulr7man_da #سوريا pic.twitter.com/3Yqc2Uen8f
— نون سوريا (@NoonPostSY) July 22, 2025
من جانبه، يقول الباحث آرون لوند، وهو زميل في مؤسسة “Century International” البحثية، إن البيانات العلنية للقاء لم تتضمّن ذكرًا للتطبيع أو محادثاتٍ للسلام، معتبرًا أن حلّ الصراع السوري الإسرائيلي يُعدّ أصعب من حلّ الصراعات بين “إسرائيل” ومعظم الدول العربية الأخرى.
ويشير إلى أن الولايات المتحدة تشارك في هذه العملية عبر حثّ توماس برّاك “إسرائيل” على التواصل مع القيادة السورية الجديدة بدلًا من الاكتفاء بقصف سوريا، مع الضغط على سوريا لتحسين علاقاتها مع “إسرائيل”.
ويُضيف لوند في حديثه لـ”نون بوست” أن احتمالية حدوث اتفاق سلام أو تطبيع، على غرار الاتفاقات التي أُبرمت سابقًا بين “إسرائيل” والأردن أو “إسرائيل” والإمارات العربية المتحدة، تبدو غير مرجّحة، بسبب ضمّ “إسرائيل” لمرتفعات الجولان، الذي أيّدته الولايات المتحدة.
وخلال الفترة الرئاسية الأولى لدونالد ترامب، وقّع الأخير قرار الاعتراف بسيادة “إسرائيل” على مرتفعات الجولان، في 25 مارس/ آذار 2019، وذلك خلال مؤتمرٍ صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض.
ومع ذلك، يرى الباحث لوند أن الولايات المتحدة تعمل على تحقيق نوعٍ من التهدئة وتحسين العلاقات، مضيفًا إن إجراء هذه المحادثات علنًا سيساعد في تقليل المحرّمات السورية ضد الاجتماع مع الإسرائيليين، وهذا تقدّم بحد ذاته من وجهة نظر واشنطن، حسب قوله.
ويعتقد لوند أن حكومة الشرع تجد هذه العملية غير مريحة سياسيًا، وتفضّل عدم إجراء هذه المحادثات، لكن يتعيّن على القيادة السورية الجديدة أن تستجيب لمطالب الولايات المتحدة، لسببين: الأول، أن سوريا تحتاج بشكلٍ عاجل إلى الدعم والتسهيلات الأمريكية للتعافي اقتصاديًا، حتى بعد رفع العقوبات، والثاني، أنه لا أحد سوى الولايات المتحدة قادر على كبح جماح “إسرائيل”.
وختم الباحث حديثه بأن كلا الأمرين يتطلبان علاقاتٍ جيدة مع الولايات المتحدة، وهو ما يستدعي بدوره التعاون عندما تطالب واشنطن بضرورة إجراء محادثات بين “إسرائيل” وسوريا.