ترجمة وتحرير: نون بوست
يبدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفاؤله بشأن خطة السلام التي وضعتها إدارته وتتكون من 21 بندًا لإنهاء الحرب في غزة، والتي حظيت بدعم مبدئي من بعض دول المنطقة. لكن إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالموافقة عليها هو أمر مختلف تمامًا.
قال ترامب يوم الجمعة إنه يعتقد أن الاتفاق الذي يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعودة جميع الرهائن، “قريب جدًا” من التحقق، وذلك في الوقت الذي تعهد فيه نتنياهو بـ”إنهاء المهمة” مع حركة حماس في غزة خلال خطاب مليء بنبرة التحدي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قوبل بانسحاب عدة وفود.
عندما التقي الزعيمان مجددًا في البيت الأبيض يوم الإثنين، حاول الرئيس الأمريكي سد الفجوة مع نتنياهو. ووفقًا لاثنين من كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية طلبا عدم الكشف عن هويتهما، فإن ترامب يعتقد أن نتنياهو بدأ يفقد قبضته على السلطة.
وقال أحد المسؤولين: “بيبي يعيش في جزيرته الخاصة. ليس فقط بعيدًا عنا، بل حتى عن حكومته نفسها”.
حتى إن حصل ترامب على دعم نتنياهو لخطة “اليوم التالي”، فإن الوساطة الدبلوماسية النشطة بين إسرائيل وحماس لإنهاء القتال تكاد تكون معدومة.
تتضمن خطة ترامب ذات الـ21 بندًا، والتي ساهم في صياغتها جاريد كوشنر ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، عدم ضم إسرائيل للضفة الغربية، ووصاية دولية على غزة مع تنسيق رمزي مع السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى قوة أمنية دولية عربية وإسلامية، وفقًا لمصدر مطلع على الخطة.
وأضاف المصدر أن اللجنة التنفيذية ستضم أيضًا تكنوقراط فلسطينيين، وستعمل لاحقًا على ضم السلطة الفلسطينية تحت مظلتها وإعادة توحيد غزة مع الضفة الغربية، بعد فترة زمنية يتم التفاوض عليها. ولا تتضمن الخطة السماح بتهجير جماعي للفلسطينيين، كما أن تفاصيل أخرى بشأن إعادة التوطين لا تزال بحاجة إلى تفاوض.
وترفض إسرائيل التعاون مع السلطة الفلسطينية، معتبرة أنها سلطة فاسدة لا ترغب في إقامة دولة مستقلة بجوار إسرائيل.
وقال المسؤول إن قرار نتنياهو بشن الهجوم على مسؤولي حماس بالدوحة في وقت سابق من هذا الشهر، جاء خلافًا لنصيحة بعض المسؤولين الإسرائيليين رفيعي المستوى داخل حكومته. لم تخطئ الغارات أهدافها فحسب، بل أثارت غضب القيادة القطرية والرئيس ترامب، الذي اضطر إلى الاعتذار لحليف إقليمي رئيسي.
وقال المسؤول الكبير: “هذا فشل ذريع، لا يمكنك القيام بأمور كهذه. إذا قمت بأمور بهذه الخطورة، فيجب أن تنجح”.
كان ترامب “غاضبًا جدًا” خلال مكالمته مع نتنياهو مباشرة بعد الضربة، وفقًا لما أفاد به مسؤول كبير ثانٍ ومصدر مطلع على المكالمة، وقد زادت إصراره على الدفع نحو اتفاق سلام خلال الأسابيع التالية. وخلال اجتماع يوم الثلاثاء مع قادة عرب ومسلمين في نيويورك، وعد ترامب بأنه لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، خلافًا لغزة التي تسيطر عليها حماس.
وأكد ترامب تلك التصريحات، التي نُشرت أولًا عبر صحيفة “بوليتيكو”، في المكتب البيضاوي يوم الخميس، ولم يُجامل في كلماته. قال: “لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية. لقد طفح الكيل. حان الوقت للتوقف الآن”.
وقال المسؤول الكبير الثاني إن تعبير ترامب عن موقفه بشكل صارم من ضم الضفة الغربية كان بهدف “إظهار الحزم علنًا مع ترك مجال للتفاوض خلف الكواليس”. ورغم تزايد استياء الرئيس ترامب من نتنياهو، “فإنه سيحاول دفعه للموافقة على بعض البنود التي يمكن لاحقًا عرضها على [حماس] لتحقيق تقدم فعلي”.
وأضاف المسؤول “لكن الأمور قد تخرج عن السيطرة أيضًا”.
حتى الآن، لم يفعل ترامب الكثير لوقف الحملة الإسرائيلية المتسارعة في الضفة الغربية، والتي شهدت توسعًا في المستوطنات وتصاعدًا في العنف بهدف تهجير الفلسطينيين. كما حذر ترامب حلفاء الولايات المتحدة من الاعتراف بدولة فلسطينية، معتبرًا أن ذلك في جوهره “مكافأة لحماس”.
ويُعد الرئيس ترامب الوحيد بين قادة الديمقراطيات الكبرى في العالم الذي لا يعامل نتنياهو كقائد منبوذ, وقد اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى تجنب الطيران فوق أوروبا في طريقه إلى الولايات المتحدة الأسبوع الماضي خوفًا من أن تعتقله المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وقال ريتشارد هاس، الدبلوماسي والرئيس السابق لمجلس العلاقات الخارجية: “يتصور الرئيس ترامب نفسه صانع سلام، لكن تساهله يهدد ما تبقى من احتمالات ضئيلة لإنشاء دولة فلسطينية، وكذلك توسيع اتفاقيات أبراهام، التي تُعد إنجازًا بارزًا في ولايته الأولى”. وأضاف: “وزير الخارجية روبيو عبّر عن رأيه بأن إنهاء الحرب في غزة قد يكون مستحيلًا، متجاهلًا الإشارة إلى أن السبب الرئيسي لاستمرار الحرب هو غياب جهد دبلوماسي أمريكي جاد ومستمر لإنهائها”.
أبدى ترامب دعمه مرارًا لمهمة نتنياهو في القضاء على حماس في غزة خلال الصراع المستمر منذ ما يقرب من عامين، والذي بدأ بعد هجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، متجاهلًا تقريرًا صادرًا عن الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر خلص إلى أن ما يحدث في غزة يُعد إبادة جماعية.
وكان نتنياهو أول زعيم أجنبي يزور البيت الأبيض بعد تنصيب ترامب في يناير/ كانون الثاني، وقد أبدى إعجابه برؤية الرئيس الجريئة لتهجير الفلسطينيين بالقوة وتطوير “ريفييرا” ما بعد الحرب، من خلال بناء الفنادق الفاخرة والكازينوهات على شاطئ غزة. لكن علاقتهما تدهورت إلى حد ما بعد تقارب ترامب مع عدة دول عربية، وسعيه للعب دور صانع السلام في المنطقة وخارجها.
المصدر: بوليتيكو