ترجمة وتحرير: نون بوست
حصل البعض على إعفاءات قانونية وحصل آخرون على عفو عن جرائمهم أو استفادوا من تغييرات في السياسات، لكن ما يجمعهم هو التبرعات التي قُدمت للمجموعات المفضلة لدى الرئيس دونالد ترامب. فوفقًا لتحليل أجرته صحيفة فاينانشال تايمز، حصل ما لا يقل عن 30 فردًا أو شركة تبرعوا مجتمعين بأكثر من 116 مليون دولار لتمويل ترامب على مزايا أو امتيازات من إجراءات البيت الأبيض، وفي بعض الأحيان، اتخذت الإدارة إجراءات بعد أيام قليلة من تقديم التبرعات.
يتنوع المانحون بين مليارديرات العملات المشفرة والتكنولوجيا الذين طوروا علاقات وثيقة مع العائلة الأولى وحصلوا على حق الوصول إلى الرئيس، وبين شركات التأمين الكبرى وشركات التبغ، وحتى مصنع ضمادات من الأنسجة البشرية، وقد قدمت هذه الأموال قبل تنصيبه وبعده.
لا يوجد دليل على وجود رشوة أو سلوك غير قانوني، لكن حجم النتائج الإيجابية للمتبرعين يثير التساؤل حول وجود ثقافة تبادل منافع في قلب الإدارة. تقدم الشركات والأفراد تبرعات ضخمة بانتظام لكل من الجمهوريين والديمقراطيين الذين يسعون إلى الرئاسة، ويكون ذلك غالبًا بغرض الحصول على سياسات مواتية لمصالحهم. وقد اتخذت الإدارات السابقة من كلا الحزبين سياسات استفاد منها كبار المانحين. فعلى سبيل المثال، أنفق الأفراد المرتبطون بشركة تصنيع الألواح الشمسية “فرست سولار” ما لا يقل عن 1.5 مليون دولار على حملة جو بايدن لسنة 2020 ، واستفادوا من الإعانات الضخمة للطاقة الخضراء في قانون خفض التضخم الذي أقره الرئيس السابق.
لكن مثل هذه الوقائع أصبحت أكثر شيوعًا ووضوحًا تحت قيادة ترامب، الذي لم يخفِ انفتاحه على قبول الهدايا أو صياغة سياسات مواتية للمانحين. يقول بوب باور، المستشار السابق للبيت الأبيض تحت إدارة باراك أوباما: “واجهت الإدارات السابقة اتهامات بأن المال يشتري الامتيازات، لكن ما يميز هذه الإدارة هو الطابع المفتوح للمعاملات الذي يميز أسلوب حكم دونالد ترامب”.
فتحت أثرى الشركات الأمريكية محافظها بعد فوز ترامب في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. فعلى سبيل المثال، جمع صندوق تنصيب ترامب تبرعات قياسية بلغت 240 مليون دولار، متجاوزًا بكثير مبلغ 62 مليون دولار الذي جمعه بايدن. ولم تتوقف التدفقات حتى الآن، فمن أصل 116.8 مليون دولار دفعها الأفراد والشركات التي استفادت من إجراءات إدارته، وصل منها أكثر من 92.5 مليون دولار بعد الانتخابات – على الرغم من أن الدستور يمنع ترامب من الترشح مرة أخرى.
تم تقديم العديد من التبرعات إلى لجنة العمل السياسي الكبرى “ماجا إنك”، وهي مؤسسة تأسست رسميًا لدعم حملات ترامب الرئاسية. ويقول الخبراء إن هذه الأموال قد تُستخدم أيضًا لتغطية النفقات المتعلقة برئاسته، بما في ذلك الرسوم القانونية أو المؤسسات غير الربحية مثل صندوق مكتبة ترامب الرئاسية. وقد جمعت المؤسسة ما يقارب 200 مليون دولار من التبرعات في النصف الأول من هذا العام وحده.
سرعان ما رأى بعض المتبرعين لهذه الصناديق أن البيت الأبيض قد لبى مصالحهم، حيث تُظهر السجلات العامة للجنة الانتخابات الفيدرالية ولجنة الأوراق المالية والبورصات ووزارة العدل نمطًا متكررًا من العفو والإعفاءات التنظيمية والسياسات المواتية الممنوحة لأكثر الرعاة سخاء. من جهته، يرفض البيت الأبيض أي ادعاءات بتقديمه امتيازات، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض أبيجيل جاكسون: “أي ادعاءات بمعاملة خاصة هي ادعاءات كاذبة ولا أساس لها من الصحة – فإدارة ترامب والرئيس يتخذان قراراتهما بناءً على ما هو في مصلحة الشعب الأمريكي، ولا شيء سوى ذلك”.
لكن العديد من المجموعات الأخلاقية والمشرعين يقولون إن عدد حالات استفادة مانحي ترامب المحتملة من إجراءات البيت الأبيض لا مثيل له. ويقول ديلان هيدتلر-غوديت، مدير الشؤون الحكومية في مشروع الرقابة الحكومية، وهو منظمة رقابة غير ربحية: “نحن في عالم جديد غير مسبوق من تضارب المصالح المالية وتداخل الصناعة مع السياسة”.
كانت صناعة العملات المشفرة تعلق آمالًا كبيرة على ولاية ترامب الثانية في الرئاسة، وقد أنفقت بعض أكبر شركاتها بسخاء على مصالحه نتيجة لذلك. فبعد أن حذّر في وقت سابق من أن هذا القطاع قد يسهل “السلوك غير القانوني”، وعد ترامب خلال حملته الانتخابية الأخيرة بجعل الولايات المتحدة “عاصمة العملات المشفرة في العالم”، ويمتلك ترامب وعائلته الآن مصالح تجارية واسعة في هذا القطاع؛ حيث يبيعون العملات الرقمية الميمية والرموز الرقمية والعملات المستقرة.
بمجرد توليه منصبه، أنشأ ترامب نظامًا تنظيميًا أقل صرامة، وقامت وزارة العدل بحل وحدة إنفاذ القانون الخاصة بالعملات المشفرة. وقد قال نائب المدعي العام الأمريكي تود بلانش في مذكرة صدرت في ذلك الوقت إنه من الأفضل للجهات التنظيمية مثل هيئة الأوراق المالية والبورصات الإشراف على الأصول الرقمية “خارج إطار العدالة الجنائية العقابية”. وقد عيّن الرئيس أيضًا المدافع عن العملات المشفرة بول أتكينز رئيسًا لهيئة الأوراق المالية والبورصات، التي ألغت جدول الأعمال التنظيمي والإنفاذي الصارم الذي اعتمده سلفه غاري جينسلر.

يقول بعض المانحين إن هذا يتماشى مع أولوياتهم. يقول تيم دريبر، المستثمر الملياردير في العملات المشفرة الذي تبرع لكلا الحزبين في الماضي، إنه تبرع بمليون دولار لمؤسسة “ماجا إنك” في أبريل/ نيسان جزئيًا لأنه يعتقد أن البلاد “بحاجة إلى هيئة للأوراق المالية والبورصات أكثر ملاءمة للأعمال” مما هي عليه في عهد بايدن. مع ذلك، يظهر تحليل “فاينانشال تايمز” عددًا من الحالات التي أنهت فيها هيئة الأوراق المالية والبورصات تحقيقاتها في شركات العملات الرقمية التي تبرع مالكوها أو داعموها لمصالح ترامب، وأحيانًا بعد فترة وجيزة من تقديمهم تبرعاتهم.
أحد الأمثلة على ذلك هما تايلر وكاميرون وينكلفوس، اللذين تبرعا بأكثر من 3 ملايين دولار مجتمعة إلى للجان العمل السياسي التابعة لترامب، بما في ذلك مليون دولار لمؤسسة “ماجا إنك” في يناير/ كانون الثاني. وبعد أسابيع، أغلقت لجنة الأوراق المالية والبورصات تحقيقًا طويل الأمد في بورصة العملات المشفرة الخاصة بهما “جيميني”، ومنذ ذلك الحين، استثمر التوأمان في شركة أمريكان بيتكوين، وهي شركة تعدين عملات مشفرة شارك في تأسيسها نجلا ترامب دونالد الابن وإريك، وموّلا لجنة عمل سياسي جديدة لـ”دعم أبطال أجندة الرئيس ترامب في مجال العملات المشفرة”، وقد أدرجت “جيميني” مؤخرًا في بورصة ناسداك وتبلغ قيمتها السوقية حوالي 2.5 مليار دولار.
يُزعم أن التوأم وينكلفوس قد ضغطا على براين كوينتينز، المرشح من قبل البيت الأبيض لرئاسة لجنة تداول السلع الآجلة للحصول على مساعدته، في إشارة إلى كيفية توقعهما لتنفيذ إدارة ترامب لرغبات صناعة العملات المشفرة. نشر كوينتينز الشهر الماضي محادثة خاصة طلب فيها تايلر وينكلفوس منه مراجعة قضية رفعتها الوكالة ضد “جيميني” في عهد إدارة بايدن، وكتب وينكلفوس: “يجب أن يكون تصحيح ما حدث لنا أولوية قصوى”.
وتُظهر الرسائل أن كوينتينز، الذي تم سحب ترشيحه لاحقًا من قبل البيت الأبيض، رفض إبداء رأي في الأمر. قال كوينتينز على منصة “إكس”: “أعتقد أن هذه الرسائل توضح ما كانوا يريدونه مني، وما رفضت أن أعد به”. وادعى أن تايلر وينكلفوس ذهب بعد ذلك إلى البيت الأبيض وحاول سحب ترشيحه. وتجدر الإشارة إلى أن كلا من تايلر وكاميرون وينكلفوس وجيميني رفضوا التعليق.
في مثال آخر، تبرعت “كوينبيز” ومؤسسها المشارك فريد إيرسام بمليون دولار لحفل تنصيب ترامب، كما تبرع مستثمرا رأس المال المخاطر مارك أندريسن وبن هورويتز، اللذان كانت شركتهما من أوائل المستثمرين الكبار في “كوينبيز” وأكثر من 100 شركة أخرى تعمل في مجال العملات المشفرة، بنحو 14 مليون دولار إلى اللجان السياسية المؤيدة لترامب منذ يوليو/ تموز 2024. وفي فبراير/ شباط، سحبت هيئة الأوراق المالية والبورصات دعوى قضائية كبيرة ضد كوينبيز، منهية معركة استمرت لسنوات. لم ترد كوينبيز وإيرسام وأندريسن هورويتز على طلبات التعليق.
قدمت الشركة الأم لـ”كريبتو.كوم”، وهي متبرع آخر لحفل تنصيب ترامب، 10 ملايين دولار لمؤسسة “ماجا إنك” في 14 فبراير/ شباط. بعد ستة أسابيع، أغلقت هيئة الأوراق المالية والبورصات تحقيقها بشأن “كريبتو.كوم” في أغسطس/ آب، كما وقعت مجموعة وسائل الإعلام التابعة لعائلة ترامب أيضًا صفقة بمليارات الدولارات لشراء العملة الرقمية الصادرة عن “كريبتو.كوم” وارتفع سعرها بشكل كبير. ومن جهتها، رفضت “كريبتو.كوم” التعليق.
أسقطت هيئة الأوراق المالية والبورصات أيضًا قضايا ضد نوفا لابز، الشركة التي تقف وراء شبكة “بلوكتشين هيليوم” ومنصة التداول “أوبن سي” – وكلاهما مدعوم من أندريسن هورويتز. لم ترد نوفا لابز وأوبن سي على طلبات التعليق.
شهد ثري آخر في العملات الرقمية تغييرًا في ثروته بعد إنفاق المال على مجموعات مرتبطة بترامب هو جاستن صن المولود في الصين. كمواطن أجنبي، يُحظر على صن التبرع مباشرة للانتخابات السياسية الأمريكية. لكن بين نوفمبر/ تشرين الثاني ويناير/ كانون الثاني، أنفق 75 مليون دولار على العملات المشفرة الصادرة عن “وورلد ليبرتي فاينانشال”، وهي شركة عملات رقمية تسيطر عليها عائلة ترامب. وفي فبراير/ شباط، قبلت محكمة اتحادية طلب هيئة الأوراق المالية والبورصات وصن لوقف قضية رفعتها الوكالة ضده وضد شركاته.
أنفق صن ملايين الدولارات الأخرى على عملة ترامب الرقمية الميمية ليصبح أكبر حامل لها ويضمن دعوة إلى عشاء أقامه الرئيس في نادي ترامب الوطني للجولف في مايو/ أيار، وتعهد لاحقًا بشراء ما قيمته 100 مليون دولار إضافية من العملة المشفرة. كتب صن على منصة “إكس” في ذلك الشهر: “لقبي الجديد: أكبر معجب بترامب”.
في يونيو/ حزيران، بدأت “وورلد ليبرتي فاينانشال” في سك عملتها الرقمية “USD1” على بلوكتشين “ترون” التابع لصن، مما زاد من حجمها ورسومها. لكن بعد بضعة أشهر، ادعى صن أن العملات الرقمية التي كان يمتلكها في المشروع قد تم تجميدها “بشكل غير معقول” من قبل الشركة. ودعا الديمقراطيون إلى إجراء تحقيق بشأن شركة صن، مشيرين إلى “قضايا أمنية وطنية كبيرة” و”علاقات مقلقة مع الرئيس ترامب وعائلته”. ولم يرد صن وترون على طلبات التعليق.
أسقطت هيئة الأوراق المالية والبورصات أو أنهت بسرعة قضايا ضد ما لا يقل عن 10 شركات عملات رقمية هذا العام، بما في ذلك الشركات التي لم تسجل تبرعات لترامب، سواء قبل أو بعد تعيين أتكينز كرئيس. قال بول أتكينز في بيان له: “تحت قيادتي، ستقوم هيئة الأوراق المالية والبورصات بتنفيذ جدول أعمال تنظيمي شفاف بدلاً من التنظيم من خلال الإنفاذ. وسيتم إزالة السياسة من عمل اللجنة. وتقوم هيئة الأوراق المالية والبورصات بإنفاذ القانون”. لكن خبراء الأخلاقيات يقولون إن العدد الهائل من حالات تضارب المصالح المحتملة التي حددتها صحيفة فاينانشال تايمز مقلق للغاية. تقول فيرجينيا كانتر، المستشارة السابقة للرئيسين أوباما وبيل كلينتون في البيت الأبيض ومحامية الأخلاقيات في هيئة الأوراق المالية والبورصات: “يبدو الأمر وكأنه رشوة”.
لقد عفا العديد من الرؤساء عن حلفائهم. فقد عفا كلينتون عن تاجر النفط مارك ريتش، الذي خرق العقوبات، والذي كانت زوجته السابقة من المتبرعين للحزب الديمقراطي ولعائلة كلينتون. وقد تعرض بايدن لانتقادات واسعة النطاق بسبب عفوه الوقائي عن ابنه هانتر في الأسابيع الأخيرة قبل مغادرته البيت الأبيض.
لكن بعض قرارات العفو التي منحها ترامب جاء بعد فترة وجيزة من التبرعات لقضاياه، ومن بينها قضية تريفور ميلتون، مؤسس شركة نيكولا لصناعة السيارات الكهربائية، الذي حُكم عليه في عام 2023 بالسجن أربع سنوات بتهمة الاحتيال على المستثمرين. تبرع ميلتون بمبلغ 920 ألف دولار إلى لجنة عمل سياسي موالية لترامب في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، خلال الأسابيع الأخيرة من سباق الرئاسة.
عفا ترامب عن ميلتون في مارس/ آذار، مشيرًا إلى أن رجل الأعمال من يوتا قد تم استهدافه بسبب آرائه السياسية. وفي 11 سبتمبر/ أيلول، أسقطت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية أيضًا قضيتها ضد ميلتون. ورفض ميلتون التعليق على هذه القصة. وفي أبريل/ نيسان، تبرعت سيدة الأعمال من فلوريدا إليزابيث فاغو بمبلغ مليون دولار لمؤسسة “ماجا إنك” التابعة لترامب. وبعد أسابيع، عفا الرئيس عن ابنها، بول والزاك، الرئيس السابق لدار رعاية المسنين الذي أُدين بعدم دفع ملايين الدولارات من الضرائب وإنفاق الأموال على نمط حياة فاخر. ورفضت فاغو التعليق على الأمر عبر محامي والزاك.
عفا ترامب أيضًا عن أشخاص ليس لديهم سجل في التبرع له؛ حيث عفا أو خفف الأحكام عن ما لا يقل عن 1,600 شخص حتى الآن في فترته الثانية، بعد أن أصدر 237 قرار عفو فقط في أول أربع سنوات له في المنصب. ولكن أكثر من 1,500 من هؤلاء كانوا من المؤيدين المدانين لدورهم في التمرد العنيف في مبنى الكابيتول الأمريكي في واشنطن في 6 يناير/ كانون الثاني 2021.
يأتي واحد من أبرز طلبات العفو من الملياردير تشينغ بينغ تشاو، قطب العملات الرقمية المعروف باسم “سي زي”، والذي قاد بورصة “بينانس” وأقر في عام 2023 بالذنب في تهمة جنائية أمريكية بعدم الحماية ضد غسيل الأموال وقضى أربعة أشهر في السجن الأمريكي في عام 2024، ومثل صن، لا يُسمح له بالتبرع للسياسيين الأمريكيين باعتباره أجنبيًا.
في مارس/ آذار، قبلت “بينانس” استثمارًا بقيمة ملياري دولار من مجموعة “إم جي إكس” في أبوظبي تم دفعه بالكامل بعملة “USD1” المستقرة الصادرة عن شركة “وورلد ليبرتي فاينانشال”، وقالت مجموعة أبوظبي إنها اختارت استخدام العملة بناءً على عوامل من بينها “تاريخ الامتثال” الخاص بها.
إذا قررت “بينانس” البيع – بتحويل رصيد العملة المستقرة إلى دولارات أو عملة أخرى، على سبيل المثال – فإن عائلة ترامب ستخسر الفوائد والرسوم التي تحققها شركة “وورلد ليبرتي فاينانشال” من حيازات “بينانس” من “USD1″، والتي بلغت حتى الآن حوالي 40 مليون دولار، وفقًا لتقديرات فاينانشال تايمز.
بعد صفقة “USD1” الكبيرة التي أبرمتها بينانس، أسقطت هيئة الأوراق المالية والبورصات دعوى قضائية ضد البورصة ومؤسسها المشارك، ولم يحصل “سي زي” بعد على العفو.
قال محامو “بينانس” و”سي زي” إن القضية كانت واحدة من عدد من الدعاوى القضائية المتعلقة بالعملات الرقمية التي تم رفضها بحق، بعد أن تحرك ترامب “لتصحيح ‘تسليح’ النظام القانوني الأمريكي” ضد صناعة العملات الرقمية. وأضافوا أن صفقة “إم جي إكس” لم تكن “بأي شكل من الأشكال” مرتبطة بأي طلب للعفو.
وقد كانت تحركات وسياسات ترامب – بما في ذلك التغييرات الملحوظة – مفيدة لمانحيه أحيانًا. ففي ولايته الأولى، وعد ترامب بحظر تطبيق تيك توك، معتبرًا أن التطبيق الذي أسسه رواد أعمال صينيون يشكل تهديدًا للأمن القومي، وخلفه بايدن في عام 2024 بإنذار نهائي للشركة الأم الصينية “بايت دانس” لبيع التطبيق لمشتري معتمد من الولايات المتحدة أو مواجهة الحظر. لكن موقف ترامب من تيك توك تغير عندما عاد إلى الرئاسة؛ حيث وقع أمرًا تنفيذيًا لتأجيل الحظر في أول يوم له في المكتب البيضاوي.
قدم المدير التنفيذي في وادي السيليكون جيف ياس، وهو مستثمر كبير في بايت دانس، 16 مليون دولار إلى مؤسسة “ماجا إنك” هذا العام، الغالبية العظمى منها في 6 مارس/ آذار، في نفس اليوم الذي قال فيه الرئيس الأمريكي إنه “ربما” سيمدد الموعد النهائي أكثر. وحتى عندما أخذ ترامب الولايات المتحدة إلى حرب تجارية جديدة مع الصين هذا العام، عمل على إيجاد مشترٍ أمريكي لتطبيق يعتقد أنه ساعده في الفوز بإعادة الانتخاب.
في 25 سبتمبر/ أيلول، أعلن البيت الأبيض أنه توصل إلى اتفاق سيحتفظ بموجبه المستثمرون الأمريكيون الحاليون، بما في ذلك جنرال أتلانتيك – التي يديرها المانح الكبير لترامب بيل فورد – وشركة سوسكويهانا التابعة لياس بحصصهم. ولم يرد أي منهما على طلب للتعليق.
سيحصل صندوق “إم جي إكس”، صندوق أبوظبي الذي قام بصفقة كبيرة في العملة المستقرة لشركة “وورلد ليبرتي فاينانشال”، أيضًا على حصة ملكية مربحة في الفرع الأمريكي لتيك توك كجزء من الصفقة التي توسط فيها ترامب. وقد تلا أو سبق هذه الخطوات السياسية تبرعات كبيرة للجان السياسية الكبرى التابعة لترامب.
تبرعت شركة التبغ “راي سيرفيسز” بمبلغ 10 ملايين دولار إلى لجنة العمل السياسي الرئيسية المؤيدة لترامب في عام 2024، وبعد ذلك ألغت إدارة ترامب خطة عهد بايدن لحظر السجائر المنثولية والسيجار المنكه، وتبرعت “راي سيرفيسز” ومجموعة التبغ الأخرى “ألتريا” لاحقًا بمبلغ 2 مليون دولار و مليون دولار على التوالي إلى مؤسسة “ماجا إنك” . لم ترد “راي سيرفيسز” ولا “ألتريا” على طلبات التعليق.
تبرعت شركة “يونايتد هيلثكير سيرفيسز” بمبلغ 5 ملايين دولار لمؤسسة “ماجا إنك” في يناير/ كانون الثاني. وبعد ثلاثة أشهر، أقرت إدارة ترامب معدلات أعلى لبرنامج “ميديكير أدفانتج” لعام 2026 مما كان مقترحًا في البداية، وهو ما شكل دفعة قوية لقطاع الرعاية الصحية بأسره، ولا سيما لشركة “يونايتد هيلثكير”، أكبر شركة تأمين في هذا النظام. وقد رفضت الشركة التعليق على الأمر.
لم تحقق العديد من الشركات والأفراد الذين تبرعوا بمبالغ كبيرة لترامب نتائج جيدة في ظل رئاسته. فعلى سبيل المثال، تبرعت شركات الأدوية العملاقة، بما في ذلك “ميرك” و”جونسون آند جونسون”، لحفل التنصيب، لكنها تعرضت منذ ذلك الحين لضربات من الرسوم الجمركية وخطط الإدارة لخفض أسعار الأدوية.
لا تزال شركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك “ميتا” التي تبرعت لحفل تنصيب ترامب، تواجه أيضًا دعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار وتحقيقات أخرى في ظل إدارة ترامب. ولكن حتى في أكثر الصناعات تخصصًا، أثرت التعديلات الصغيرة في اللوائح على أعمال المتبرعين.
في العام الماضي، تحركت إدارة بايدن للحد من تغطية برنامج “ميدكير” للضمادات الرقيقة للغاية والمكلفة المصنوعة من نفايات الأنسجة البشرية. كلفت المنتجات المسماة “بدائل الجلد” الوكالة 10 مليارات دولار في عام 2024، وجاء التغيير بينما كان البيت الأبيض يسعى لخفض “الإنفاق المهدر على شركات الأدوية الكبرى“.
في فبراير/ شباط، بعد فترة وجيزة من تولي ترامب منصبه، تبرعت شركة “إكستريميتي كير” — وهي مزود رائد للضمادات — بمبلغ 5 ملايين دولار إلى مؤسسة “ماجا إنك”. كما تبرع مالكوها المشاركون سكوت مادين وأوليفر بوركهاردت بمبلغ 2.5 مليون دولار لكل منهما. وكذلك فعلت شركاتها التابعة كولي باو هولدينغ وبوكو وان.
وبعد حوالي ستة أسابيع من جمع 15 مليون دولار لمؤسسة “ماجا إنك”، أجلت إدارة ترامب تغيير السياسة حتى عام 2026. وفي إشارة إلى استمرار العلاقة الوثيقة بين البيت الأبيض والمانحين، انضم العشرات من المساهمين في تمويل ترامب إلى الرئيس مساء الأربعاء في حفل عشاء فاخر لجمع الأموال لصالة الرقص الجديدة في البيت الأبيض التي طالما كان يرغب في بنائها. وكان من بين الحاضرين ممثلون عن شركة “كوين بيز” وشركة “ألتريا” وشركة “راي”، بالإضافة إلى الأخوين وينكلفوس.
المصدر: فاينانشال تايمز