ترجمة وتحرير: نون بوست
منذ عام 2021، توفّر “أمازون ويب سيرفيسز” خدمات متقدمة لمعالجة البيانات وتخزينها للحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك الجيش وأجهزة الاستخبارات، وذلك ضمن اتفاقية “مشروع نيمبوس” المثيرة للجدل. وكانت “الإنترسبت” قد كشف العام الماضي عن بند في العقد يُلزم أمازون وغوغل – الشريك الآخر في المشروع – ببيع خدمات الحوسبة السحابية لشركتي “رافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة” و”الصناعات الجوية الإسرائيلية”، وهما من أبرز مصنّعي الأسلحة في إسرائيل.
وتُظهر بيانات مالية داخلية جديدة ورسائل بريد إلكتروني متبادلة بين موظفي أمازون وعملائهم من الشركات والجهات الحكومية الإسرائيلية أن أمازون واصلت تزويد كل من “رافائيل” و”الصناعات الجوية الإسرائيلية” بالبرمجيات خلال عامي 2024 و2025، وهي الفترة التي استخدم فيها الجيش الإسرائيلي منتجات الشركتين في قتل المدنيين عشوائيًا وتدمير البنية التحتية المدنية. وقد اشترت “رافائيل” تقنيات الذكاء الاصطناعي المتاحة عبر خدمات أمازون السحابية، من بينها نموذج لغوي متقدم يُدعى “كلود”، طوّرته شركة أنثروبيك الناشئة.
وتشير الوثائق التي راجعها “الإنترسبت” إلى أن أمازون باعت خدمات الحوسبة السحابية لبرنامج إسرائيل النووي ولمكاتب الإدارة المدنية في الضفة الغربية، حيث يُعتبر الاحتلال العسكري الإسرائيلي وتهجير السكان وبناء المستوطنات انتهاكًا للقانون الدولي على نطاق واسع.
وتُعلن شركة أمازون عن التزامها الواسع بقيم حقوق الإنسان الدولية، شأنها في ذلك شأن معظم شركات التكنولوجيا الكبرى. وجاء في موقع “مبادئ أمازون العالمية لحقوق الإنسان”: “نحن ملتزمون بتحديد وتقييم وترتيب أولويات ومعالجة الآثار السلبية على حقوق الإنسان المرتبطة بأعمالنا”. وأضافت الشركة: “نُفعّل داخل عمليات أمازون آليات متعددة لإجراء العناية الواجبة، من خلال تقييم المخاطر والاستجابة لها على مستوى الشركة”، بما في ذلك “إجراء تقييمات لتأثيرات حقوق الإنسان لتحديد المخاطر الخاصة بأعمال أمازون، بما يشمل القطاعات والدول التي نعمل فيها”.
وقد امتنعت أمازون عن التعليق أو الرد على قائمة من الأسئلة التفصيلية، بما في ذلك ما إذا كانت قد أجرت تقييمًا لتأثيرات حقوق الإنسان فيما يتعلق ببيع خدماتها لشركات تصنيع الأسلحة التي تُستخدم منتجاتها في حرب يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها إبادة جماعية.
كما لم ترد شركة رافائيل، والصناعات الجوية الإسرائيلية، ووزارة الدفاع الإسرائيلية على طلب للتعليق.
ولا يزال من غير الواضح حجم المبالغ التي دفعتها رافائيل والصناعات الجوية الإسرائيلية لأمازون مقابل خدماتها. وتُظهر الوثائق التي اطلعت عليها “الإنترسبت” أن أمازون باعت خدمات الحوسبة السحابية لشركة رافائيل بسعر مخفّض، رغم أن نسبة الخصم الدقيقة لم يتم الكشف عنها. وتشير المواد إلى خصم بنسبة 35 بالمئة على الخدمات المقدمة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وهي أحد العملاء الرئيسيين في مشروع “نيمبوس”، لكن من غير المعروف ما إذا كانت هذه النسبة تنطبق أيضاً على رافائيل والصناعات الجوية الإسرائيلية.
وتأسست شركة رافائيل عام 1948 كمختبر حكومي لأبحاث الأسلحة، وأصبحت، على غرار نظيراتها الأمريكية مثل “رايثيون” و”لوكهيد”، مرادفًا للعسكرة الإسرائيلية. واليوم، تنتج هذه الشركة المملوكة للدولة ترسانة متنوعة من الصواريخ والقنابل والطائرات المسيّرة وغيرها من الأسلحة، للاستخدام المحلي وللتصدير الدولي. وقد شهدت الشركة ازدهارًا كبيرًا منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث سجلت إيرادات قياسية في عامي 2023 و2024، عزتها إلى القصف الإسرائيلي على غزة. وقال الرئيس التنفيذي، يوآف تورغمان، العام الماضي: “كان عام 2024 عاماً قياسياً لرافائيل، خلال أطول حرب متعددة الجبهات وأكثرها تعقيدًا في تاريخ إسرائيل”، في إشارة إلى الحرب المستمرة مع حماس والصراعات الإقليمية المرتبطة بها. وأضاف: “رافائيل لعبت دورًا محوريًا في إنجازات إسرائيل العسكرية على صعيد الهجوم والاستخبارات والدفاع”.
أما شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، وهي أيضًا شركة أسلحة مملوكة للدولة، فهي معروفة بتطويرها المشترك لمنظومة القبة الحديدية المضادة للصواريخ بالتعاون مع رافائيل. كما تنتج الشركة مجموعة واسعة من الطائرات العسكرية، بما في ذلك سلسلة الطائرات المسيّرة “هيرون”، التي تفاخر باستخدامها بفعالية كبيرة في الحرب على غزة. وقد أشارت مادة ترويجية نشرتها صحيفة جيروزالِم بوست في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 إلى أن “طائرة هيرون غير المأهولة أثبتت أهميتها الإستراتيجية في مواجهة تحديات 7 أكتوبر/ تشرين الأول، من خلال توفير معلومات استخبارية فورية، ودعم عمليات الاستهداف الدقيقة، والمساعدة في تحييد التهديدات”.
لقد استُخدمت الصواريخ وأنظمة الأسلحة الأخرى التي تصنعها شركتا “رافائيل” و”الصناعات الجوية الإسرائيلية” ضد الفلسطينيين طوال حرب غزة. ويُعدّ أحد أبرز الأسلحة التي طوّرتها شركة رافائيل هو سلسلة أنظمة توجيه الصواريخ المعروفة باسم سبايس، وهي اختصار لعبارة “ذكية، دقيقة التأثير، وفعّالة من حيث التكلفة”. وتعمل تقنية سبايس على تحويل القنابل “الغبية” التي تزن 1,000 أو 2,000 رطل إلى ذخائر “ذكية” موجهة بدقة. في سبتمبر/أيلول 2024، قصف الجيش الإسرائيلي مخيمًا للاجئين – كان قد صُنّف سابقًا من قبل الحكومة كـ”منطقة آمنة” للنازحين الفلسطينيين – باستخدام قنبلة موجهة من طراز سابيس زنتها 2,000 رطل، وفقًا لتقييمات خبراء الأسلحة. وقد أدانَت الأمم المتحدة هذا الهجوم ووصفته بأنه “عمل لا يمكن تبريره”، إذ أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 19 فلسطينيًا، بينهم نساء وأطفال، نتيجة انفجار هائل أدى إلى احتراق وتمزق ودفن بعض من لجأوا إلى الموقع طلباً للأمان. كما عُثر على شظايا من وحدة توجيه سابيس بين أنقاض غارة جوية إسرائيلية في ديسمبر/كانون الأول 2024 استهدفت منزلاً في وسط غزة، ويُعتقد أنها أسفرت عن مقتل 12 مدنيًا.

- أشخاص يتفقدون الموقع عقب الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مخيمًا من الخيام يؤوي نازحين في منطقة المواصي بمدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، في 10 سبتمبر/ أيلول 2024.
وصف ويس براينت، وهو ضابط متقاعد في سلاح الجو وخبير في استهداف الأسلحة، شركتي “رافائيل” و”الصناعات الجوية الإسرائيلية” بأنهما “جزء أساسي من المجمع الصناعي الدفاعي الإسرائيلي”، مشيرًا في حديثه لموقع الإنترسبت إلى تورط الشركتين في قتل المدنيين. وقد تعرضت إسرائيل لانتقادات بسبب استخدامها المتكرر للقنابل التي تزن 2000 رطل في قطاع غزة، أحد أكثر المناطق الحضرية كثافة في العالم. وقال براينت: “بإمكانها تسوية عدة منازل كبيرة في أحد أحياء الضواحي الأمريكية في نموذجي بالأرض”. وأضاف: “في الحروب الحضرية، ينبغي استخدامها فقط عند تحديد منشأة كبيرة أو محصنة تابعة للعدو، والتأكد من أنها تُستخدم بالكامل من قبل العدو، ولا تؤدي أي وظيفة مدنية، ولا يوجد مدنيون داخلها أو بالقرب منها معرضون للخطر”.
لقد تم تصميم صواريخ “سبايك” الموجهة بصريًا من إنتاج شركة “رافائيل” لاختراق وتدمير الدبابات الثقيلة أو قتل البشر، ويمكن إطلاقها من قواعد أرضية محمولة، بالإضافة إلى الطائرات المسيّرة أو المركبات الأخرى. وتستخدم بعض صواريخ “سبايك” رؤوسًا حربية ذات شحنة مشكلة، تُطلق مخروطًا من المعدن الحارق نحو الهدف عند الانفجار. وفي عام 2009، وصف مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأمريكية صاروخ “سبايك” لصحيفة هآرتس بأنه “صاروخ خاص قادر على تنفيذ انعطافات عالية السرعة، بحيث يمكنه مطاردة هدف متحرك يحاول الفرار”. وتشير مواد التسويق الخاصة بشركة “رافائيل” إلى أن أحد نماذج الصاروخ “يمكن استخدامه في القتال الحضري ضد أهداف بنيوية داخل المناطق الحضرية، للانفجار داخل الهيكل”. وقد نسب خبراء في الأسلحة في بعض الأحيان إصابات شظايا مروعة وواسعة النطاق لحقت بالمدنيين الفلسطينيين إلى صواريخ “سبايك”، التي يمكن أن تُعبّأ بجزيئات صغيرة من التنجستن. وعند إصابة الهدف، تنفجر مكعبات معدنية صغيرة بحجم 3 ملم في دائرة قطرها 65 قدمًا، مما يؤدي إلى تمزيق الأوعية الدموية، وخرق الأعضاء، وتهشيم أجساد كل من يتواجد في محيط الانفجار، وفقًا لتحليلات الخبراء.
في أبريل/ نيسان 2024، كشفت تحقيقات صحيفة “ذا تايمز” البريطانية أن إسرائيل استخدمت صاروخ “سبايك” أُطلق من طائرة مسيّرة، من إنتاج شركة “رافائيل”، لقتل سبعة من العاملين في مجال الإغاثة تابعين لمنظمة “مطابخ العالم المركزية”. ودعت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى إصدار لوائح اتهام عقب الهجوم، متزامنة مع الإدانات الدولية والمطالبات بالتحقيق في ما إذا كانت الغارة الجوية تُعدّ جريمة حرب.
وقال ويس براينت: “رغم أن جيش الاحتلال لا يكشف عن عدد الذخائر المستخدمة في حرب غزة، فإن صواريخ سبايك استُخدمت على نطاق واسع، ونُسبت إليها في العديد من التحقيقات حالات قتل لمدنيين، بينهم أطفال. ومن المرجّح أن إسرائيل استخدمت العشرات، إن لم يكن المئات، من صواريخ سبايك في أنحاء غزة منذ بداية الصراع”.
تزوّد شركتا “رافائيل” و”الصناعات الجوية الإسرائيلية” الجيش الإسرائيلي بما يُعرف بالذخائر الانتحارية: وهي طائرات مسيّرة قادرة على التحليق لفترات طويلة بحثًا عن أهداف، ثم الاندفاع نحو الأرض والانفجار برأس حربي محمّل. وغالبًا ما تُروّج الأسلحة التي تنتجها الشركتان عندما يسعى المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي إلى إبراز تفوقه التكنولوجي. ففي يوليو/ تموز، نشرت “رافائيل” مقطعًا ترويجيًا يظهر فيه صاروخ من طراز “فايرفلاي” يقتل شخصًا يبدو غير مسلح أثناء سيره في أحد شوارع غزة غير المحددة. كما وثّقت هجمات بهذه الطائرات الانتحارية في الضفة الغربية المحتلة؛ إذ أظهر مقطع مصوّر في ديسمبر/ كانون الأول 2023 انفجارًا لصاروخ “فايرفلاي” داخل ساحة مكتظة.
وروّج الجيش الإسرائيلي بشكل مشابه لاستخدام قاذفة الصواريخ المحمولة على الكتف “ماتادور”، التي تم تطويرها بشكل مشترك مع شركة “رافائيل”، في مقطع فيديو نُشر في مارس/ أذار 2024 وأوردته وكالة الإعلام الإسرائيلية “واي نت”: “في المقطع، أطلق أحد الإرهابيين النار من غرفة داخل شقة – وتم استخدام صاروخ ماتادور لاستهدافه بدقة من أجل القضاء على التهديد”. وأشارت الوكالة إلى وجود “امرأة وطفلين” في الغرفة المجاورة، وادّعت أنهم لم يتعرضوا للأذى في الهجوم الصاروخي على منزلهم.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب التعليق.
وتُظهر الوثائق أن شركة “رافائيل” حصلت على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي عبر شركة أمازون. ففي عام 2024، سعت الشركة إلى بدء اختبار خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي المتاحة من خلال خدمة “بيدروك” التابعة لأمازون، والتي توفر للعملاء أدوات تعلم آلي، بما في ذلك تلك التي تصنعها شركات طرف ثالث. ووفقًا للملفات، أرادت “رافائيل” استخدام كل من نموذج اللغة الكبير “تايتان جي 1” من أمازون، ونموذج “كلود” المتقدم الذي أنشأته شركة “أنثروبيك”.
وقد سارت “أنثروبيك” مؤخرًا على خطى منافستها “أوبن إيه آي” في الاتجاه نحو التعاقدات العسكرية، معلنة عن صفقة بقيمة 200 مليون دولار مع البنتاغون في يوليو/ تموز الماضي. وتحظر سياسة الاستخدام المسموح به لدى “أنثروبيك” استخدام تقنيتها لـ”إنتاج أو تعديل أو تصميم أو الحصول على أسلحة بشكل غير قانوني”، وكذلك لـ”تصميم أو تطوير عمليات تسليح وآليات إيصال الأسلحة”. ومن غير الواضح كيف يمكن أن يتوافق استخدام “رافائيل” لنموذج “كلود” – وهي شركة قائمة على تصميم وتطوير وتسليم الأسلحة – مع هذه السياسة، وتشير الوثائق التي راجعتها “الإنترسبت” إلى أن “رافائيل” تمكنت من شراء حق الوصول إلى هذه النماذج، لكنها لا تكشف الكيفية التي تُستخدم بها.
لم ترد “أنثروبيك” على الأسئلة المتعلقة باستخدام “رافائيل” لنموذج “كلود”، أو ما إذا كانت ستسمح لشركة أسلحة باستخدام خدماتها رغم الحظر الواضح على ذلك تحديدًا. قال المتحدث باسم الشركة، إدواردو مايا سيلفا، في بيان له: “خدمات أنثروبيك متاحة للمستخدمين، بما في ذلك الحكومات، في معظم البلدان والمناطق حول العالم بموجب سياسة الاستخدام التجارية القياسية لدينا. ويُطلب من المستخدمين الالتزام بسياسات الاستخدام الخاصة بنا، والتي تشمل قيودًا وحظرًا على كيفية استخدام نموذج كلود”.
وكان مشروع “نيمبوس” برنامجًا عسكريًا منذ بدايته؛ فقد أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية في عام 2021 أن هدفه هو “توفير حل سحابي شامل للحكومة والمؤسسة الدفاعية وغيرها”. وقد نفت “غوغل”، المتعاقدة المشاركة مع أمازون في المشروع، مرارًا أن “نيمبوس” يشمل “أعباء عمل حساسة للغاية أو سرية أو عسكرية تتعلق بالأسلحة أو خدمات الاستخبارات”، بينما امتنعت أمازون عن التعليق تمامًا.
وتُظهر وثيقة داخلية منفصلة من أمازون حصلت عليها “الإنترسبت” أن الشركة كانت تضغط بهدوء على إسرائيل للسماح لها بالتعامل مع المواد السرية من مجتمع الدفاع والاستخبارات في البلاد. وتشرح الوثيقة، التي تقدم نظرة عامة على المشهد التنظيمي في إسرائيل، أن الجيش ووكالات التجسس الإسرائيلية كانت مترددة في نقل البيانات السرية إلى خوادم أمازون السحابية. لكن الوثيقة تشير أيضًا إلى أن أمازون كانت تحاول التأثير على الجهات التنظيمية الحكومية لتغيير هذا الموقف، وبدأت العمل مع جهة حكومية رئيسية لم يُذكر اسمها لنقل بعض المواد السرية إلى خدمات أمازون ويب “AWS”.
وتُظهر أجزاء من المواد المالية الداخلية بالضبط إلى خدمات أمازون التي تستخدمها وزارة الدفاع الإسرائيلية وشركات الأسلحة المملوكة للدولة، وتشمل المشتريات عشرات من أدوات الشبكات والتخزين والأمن، بما في ذلك خدمة “إلاستيك كومبيوت كلاود”، التي تتيح للعملاء تشغيل البرامج في حواسيب افتراضية تستضيفها أمازون. وتُظهر عدة وثائق أن وزارة الدفاع الإسرائيلية اشترت حق الوصول إلى خدمة “ريكونيجنيشن” من أمازون، وهي أداة التعرف على الوجوه التابعة للشركة، بما في ذلك مشروع استخبارات مفتوحة المصدر غير محدد تابع للقيادة المركزية للجيش الإسرائيلي. وقد تعرضت خدمة “ريكونيجنيشن” سابقًا لانتقادات بسبب انخفاض معدلات الدقة مع النساء والأشخاص ذوي البشرة الملونة؛ وفي عام 2020، أعلنت الشركة عن وقف طوعي لمدة عام لاستخدام الشرطة لهذه الخدمة، مشيرة إلى الحاجة إلى “لوائح أقوى لتنظيم الاستخدام الأخلاقي لتقنية التعرف على الوجوه”. ووفقًا لأمازون، فإن النظام ليس قادرًا فقط على التعرف على الوجوه، بل أيضًا على مجموعة من المشاعر، بما في ذلك “الخوف”.
وتُظهر الوثائق أن الجيش الإسرائيلي استخدم أيضًا تقنية أمازون لاختبار نماذج اللغة الكبيرة، رغم أن النماذج أو التطبيقات المحددة لم تُذكر. ويشمل أحد أسماء المستخدمين العسكرية الإسرائيلية الرقم 9900، وهو مؤشر محتمل على استخدام وحدة 9900 التابعة للجيش الإسرائيلي، وهي وحدة استخبارات جغرافية مكانية ساعدت في التخطيط للضربات في غزة، بما في ذلك من خلال استخدام قمر صناعي تجسسي طورته شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية. وقد اشترت وحدة 9900 أيضًا خدمات سحابية من “مايكروسوفت”، وفقًا لتقرير نُشر في يناير/ كانون الثاني من قبل “الغارديان” ومجلة “+972”.
وتشير الوثائق إلى أن أحد عملاء أمازون الآخرين من خلال عقد “نيمبوس” هو مركز “سوريك” للأبحاث النووية، وهي منشأة علمية تديرها الدولة الإسرائيلية وتم إنشاؤها بالتعاون مع الولايات المتحدة في خمسينيات القرن الماضي. وعلى الرغم من أن ترسانة إسرائيل النووية تُعد سرية من الناحية التقنية وغير معترف بها رسميًا من قبل الحكومة، فإن “سوريك” يعمل بشكل علني، ويُفترض أنه جزء من برنامج الطاقة الذرية المدني في البلاد. وعلى عكس مركز “نيغيف” للأبحاث النووية المصنف للغاية، لا يُعتقد أن “سوريك” يساهم بشكل كبير في قدرات الأسلحة النووية للبلاد. ومع ذلك، أفادت دراسة للبنتاغون عام 1987 أن منشأة “سوريك” “تُجري كامل الأنشطة النووية المطلوبة لتصميم وتصنيع الأسلحة النووية”. وذكر تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام عام 2002 أن “مركز سوريك يشترك في منطقة أمنية مع قاعدة “بالميخيم” الجوية”، وهي قاعدة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، “حيث يتم تجميع الصواريخ وإطلاقها تجريبيًا في البحر الأبيض المتوسط”.
وتشير وثيقة منفصلة بإيجاز إلى مكاتب حكومية غير محددة في “يهودا والسامرة”، وهو المصطلح الإسرائيلي للضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل بشكل غير قانوني منذ عام 1967، كمستخدمين لخدمات أمازون ويب. وقال يوانيس كالبوزوس، الأستاذ الزائر في كلية الحقوق بجامعة هارفارد وخبير في قانون حقوق الإنسان وقوانين الحرب، لـ”الإنترسبت” إن عمل أمازون مع صانعي الأسلحة الإسرائيليين يمكن أن يخلق مسؤولية قانونية دولية محتملة اعتمادًا على “ما إذا كان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى ارتكاب جرائم دولية”.
وقال كالبوزوس: “لا حاجة لوجود نية الإبادة الجماعية لتحميل المسؤولية التبعية في المساعدة على ارتكاب الإبادة الجماعية من قبل الفاعل الرئيسي”.
ليس من الواضح إلى أي مدى تدرك أمازون كيفية استخدام خدماتها من قبل الشركات التي تصنع قنابل إسرائيل أو الجيش الذي يُسقطها، وقد سبق أن أوردت “الإنترسبت” تقارير عن وجود قلق داخلي خلال عملية تقديم العطاءات في “غوغل”؛ حيث أعربت القيادة عن خشيتها من أن المشروع قد تم تنظيمه بطريقة تُبقي الشركة في حالة جهل تام بشأن كيفية استخدام تقنيتها بالضبط، مما قد يشكل انتهاكًا لمعايير حقوق الإنسان. وبينما يشمل تقديم الخدمات للحكومة الإسرائيلية العديد من التطبيقات العادية – مثل النقل والمدارس والمستشفيات – إلى جانب الجيش، أن هناك القليل من الفروق الدقيقة في عمليات شركة “رافائيل” وشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، وحتى لو كانت أمازون تفتقر إلى القدرة على مراقبة هؤلاء العملاء، قال براينت إنه لا يوجد غموض كبير عندما يتعلق الأمر بالغرض من أعمالهم: تصنيع وبيع الأسلحة.
وقال براينت، الذي قاد سابقًا تقييمات الأضرار المدنية في البنتاغون: “لا أرى كيف يمكن لأمازون أن تدّعي عدم التواطؤ في القتل، حتى لو لم تكن تعرف تمامًا ما الذي تستخدم خدماتهم لأجله”.
المصدر: الإنترسبت