يكادُ يتفقُ العراقيون على أن سيناريوهاتِ ما بعد انتخاباتِ 2025، سوف لن تختلف عن سيناريوهاتِ ما بعد الانتخاباتِ النيابيةِ الخمسة التي أُجريت منذ إقرارِ الدستور عام 2005 وإلى حدِّ الآن، سواء من حيث تكرارِ هيمنةِ الكتلِ السياسيةِ ذاتِها على السلطاتِ التنفيذيةِ في البلد، أو من حيث طولِ فترةِ مفاوضاتِ تشكيلِ الحكومة التي عادةً ما تستمرُّ لشهورٍ طويلةٍ، أو من حيث عدمِ قدرةِ الفائزِ بأغلبيةِ أصواتِ الناخبين على تشكيلِ الحكومة.
وباختصار، يُؤمن العراقيون أن الانتخاباتِ ليست السبيلَ الأمثلَ لإحداثِ تغييرٍ وإصلاحٍ حقيقيٍّ للوضعِ في العراق، ويؤمنون بأن مخرجاتِها لن تنعكسَ إيجابيًا على حياةِ المواطنِ العراقيّ، أو إنهاءِ معاناتِه، وهذا ما يُفسّر لنا العزوفَ الكبيرَ للعراقيين عن المشاركةِ في الانتخابات.
لكن، هل سيناريوهاتُ الانتخاباتِ السابقةِ ستتكرر في انتخاباتِ 2025؟
ربما نجد صعوبةً في الإجابةِ بـ”نعم” أو “لا” بشكلٍ مطلق، فالمتوقع أن تكون سيناريوهاتُ ما بعد الانتخاباتِ المقبلة غيرَ مختلفةٍ بشكلٍ جذريٍّ عن سيناريوهاتِ ما بعد الانتخاباتِ الخمسة التي أُجريت منذ عام 2005 وحتى الآن، إلا أن هناك اختلافاتٍ صغيرةً ستحدث، لكنها في الوقتِ نفسه، اختلافاتٌ قويةٌ، بسبب التغييراتِ الجيوسياسيةِ التي حدثت في المنطقة.
بعد غزة، يبدو أن الاهتمام سينتقل إلى مناطق أخرى. العراق قد يكون التالي، ولكن ليس بصيغة حرب، أو صراع عنيف، بل بتغيير بارد سياسي، اقتصادي، أمني، هدفه الأساسي تكريس المصالح الاقتصادية الأميركية، وانهاء النفوذ الإيراني، وأخيرا تهيئة الاوضاع لدخول العراق في الاتفاقيات الإبراهيمية. ذلك…
— لقاء مكي (@liqaa_maki) October 26, 2025
تتهيأ الكتلُ السياسيةُ منذ الآن، لمرحلةِ ما بعد الانتخاباتِ المقبلة الشهرَ القادم، لإعادةِ توزيعِ السلطاتِ والمكاسبِ فيما بينها، وسيكون عددُ المقاعدِ البرلمانيةِ التي ستحصل عليها الكتلُ السياسيةُ هو الورقةَ التي تلعب بها في صراعِها البينيِّ على السلطةِ والمكاسب.
لكن ليس بالضرورة أن يكون سيناريو ما بعد الانتخاباتِ المقبلة مشابهًا لما بعد انتخاباتِ 2021 مثلًا، والتي شهدت تناطحًا شديدًا بين الكتلِ السياسيةِ الشيعية، وبالذات بين التيارِ الصدريِّ والإطارِ التنسيقي، حتى وصلت إلى مرحلةِ الاقتتال عند أبوابِ المنطقةِ الخضراء.
في مثل هذا اليوم 21 تشرين الاول/أكتوبر 2021.
حصل أفشل أنقلاب بالتاريخ كاد ان يشعل حربا اهلية
شيعية/ شيعية
حيث بدأت المواجهات التي استخدمت فيها الأسلحة الآلية والقذائف الصاروخية بعد نزول أتباع التيار الصدري الى المنطقة الخضراء غاضبين، إثر إعلان مقتدى الصدر اعتزاله السياسة… pic.twitter.com/sn1nZPdZ5d— 𝒂𝒍𝒊-𝒂𝒍𝒏𝒂𝒔𝒊𝒓𝒊 علي الناصري (@alialnasiri0901) October 21, 2025
ويعود السببُ في ذلك، إلى أن التيارَ الصدريَّ سوف لن يُشارك في الانتخاباتِ المقبلة، وبالتالي لن يدخل في أزمةِ صراعٍ على الحكمِ مع جماعةِ الإطارِ التنسيقي.
أما بالنسبةِ لأحزابِ الإطارِ التنسيقي، فمن غيرِ المتوقّع أن ينشبَ صراعٌ كبيرٌ فيما بينها، كما حصل مع التيارِ الصدري، وذلك لأن هذه الأحزابَ القريبةَ من إيران، تشعر بالخطرِ من نوايا الولاياتِ المتحدة، وأن الأخيرةَ تريد إقصاءَها عن الحكم. وهذا الخطرُ من الاستئصالِ سيجعلُها تتوحّد تطبيقًا لسياسةِ القطيع، لأجلِ الحفاظِ على سلطتِها ومكاسبِها من العمليةِ السياسية.
وتأسيسًا على ذلك، فإن الصراعَ السياسيَّ القادمَ سيكون على مستوى آخر. فمن الراجح، مع غيابِ التيارِ الصدري، ستتفرد أحزابُ الإطارِ التنسيقي بحصّةِ المكوّنِ الشيعيِّ في البرلمان، مع انخفاضٍ بسيطٍ بعددِ مقاعدِها، بسبب مقاطعةِ التيارِ الصدري وبعضِ الكتلِ الشيعيةِ الأخرى.
وستظهر نتائجُ هذه المقاطعة في المناطقِ المختلطةِ طائفيًا، مثل محافظاتِ بغداد، وديالى، وبابل، وصلاحِ الدين، حيث ستكون حظوظُ الأحزابِ الشيعيةِ أقلَّ من المعتاد، لصالح الأحزابِ السنيةِ.
الأخطرُ من ذلك كلّه، هو خوفُ أحزابِ الإطارِ التنسيقيّ من إقدامِ الناخبين الشيعة على استخدامِ التصويتِ العقابي، وإعطاءِ أصواتِهم إلى كتلٍ سنّيّةٍ أو مدنيةٍ مناوئةٍ لأحزابِ الإطارِ التنسيقي، الأمرُ الذي سيُصعّب مهمةَ الإطارِ التنسيقي في تشكيلِ حكومةٍ داخل البرلمانِ العراقيّ.
وإذا ما علمنا أن عددًا ليس بالقليل من نوابِ الإطارِ التنسيقي سيكونون من الأحزابِ التي لديها فصائلُ مسلحةٌ، ومُدرَجةٌ على لائحةِ الإرهابِ الأمريكية، فإن الكتلَ السنّيةَ والكرديةَ سوف تجدُ نفسَها في حرجٍ شديدٍ من التحالفِ مع الإطارِ التنسيقي في هذا الظرفِ الجيوسياسيّ لتشكيلِ الحكومة. الأمرُ الذي سيخلق حالةً سياسيةً جديدةً لا يمكنُ التكهّنُ بها، وسيتحوّل إلى صراعٍ بين أحزابِ الإطارِ التنسيقي وأحزابٍ سنّيّةٍ وكرديةٍ لأجلِ تشكيلِ الحكومة.
لكن، ربما نشهد بعد انتخاباتِ 2025 تحالفاتٍ من نوعٍ جديد، غيرِ مألوفةٍ في المشهدِ السياسيِّ العراقي، من مثل تحالفِ الكردِ والسنّةِ مع بعضِ الأحزابِ المدنيةِ والمستقلين، لتشكيلِ الحكومة، وكسرِ العُرفِ السياسيِّ الذي يجعلُ رئاسةَ الحكومة من المكوّنِ الشيعيّ حصرًا. وهذا السيناريو، سيُمثّل أكبرَ مخاوفِ إيرانَ والأحزابِ العراقيةِ المُقرّبةِ لها.
وفي هذا الموضوع، أكّد النائبُ رعد الدهلكي عن كتلةِ “العزم” (السنّيّة)، أن “الأحزابَ السنّيّةَ تطمحُ للحصولِ على 150 مقعدًا نيابيًا، وإذا حصلت على الأغلبية، فمن حقّها أن تطالب بمنصبِ رئيسِ الوزراء، وهذا استحقاقٌ شعبيٌّ وليس هديةً من أحد”.
ماذا سيكون موقف الولايات المتحدة؟
في السنواتِ الأخيرة، قلّ تأثيرُ الولاياتِ المتحدةِ في المعادلةِ السياسيةِ العراقيةِ بشدّة، وتركت واشنطن أمورَ العراقِ إلى إيران لتستأثرَ بالنفوذِ الأكبرِ والأعلى فيه. لكن بعد “طوفان الأقصى” وما أحدثته من تداعياتٍ وتغييرٍ في موازينِ القوى في المنطقة، انعكس ذلك في رؤيةِ الولاياتِ المتحدةِ لإيران وأذرُعها العاملةِ في المنطقة.
وقد وجدنا تأثيرَ ذلك في ضربِ حزبِ الله في لبنان للدرجةِ التي أخرجته من المعادلةِ العسكرية، ثم جاء التغييرُ في سوريا، والذي حصل على مباركةٍ أو غضِّ نظرٍ من أغلبِ الدولِ الفاعلةِ في سوريا، بضمنِها الولاياتُ المتحدة، وخرجت إيران من سوريا كأكبرِ الخاسرين، وتضرّرَ محورُها بشدّة.
تفكّر الآن واشنطن بأن انتزاعَ العراق من الهيمنةِ الإيرانيةِ هو واجبُ الوقت، وعليها فعلُ كلِّ شيءٍ من أجلِ هذا الهدف، وتجدُ أن فرصةَ الانتخاباتِ القادمة، هي فرصةٌ مثاليةٌ للتأثيرِ على مخرجاتِها، لتشكيلِ حكومةٍ ذاتِ هوىً أمريكيٍّ وليس إيرانيٍّ، حكومةٍ تعملُ على تفكيكِ وحلِّ الفصائلِ المسلحةِ العراقيةِ المُقرّبةِ من إيران.
وتماشيًا مع ما تم ذكرُه، فإن المتوقّع أن تدفعَ واشنطن بقوةٍ لترشيحِ شخصيةٍ شيعيةٍ أكثرَ قربًا لها، تعملُ على حلِّ الفصائلِ المسلحة، أو دمجِها ضمن القواتِ المسلحةِ الحكومية، والابتعادِ تدريجيًا عن إيران.
وفي هذا الصدد، نجدُ أن رئيسَ الوزراءِ الحالي محمد شياع السوداني، هو الشخصيةُ الأكثرُ حظًا في نيلِ رضا الأميركيين، لتناغمِه مع الشروطِ الأمريكية. ومن جانبِها، فإن واشنطن مستعدّةٌ للمراهنةِ عليه لتنفيذِ رؤيتها في العراق.
ومن الضروري معرفةُ أن السوداني، أو أيَّ حزبٍ سياسيٍّ شيعيٍّ، لن يكون بمقدوره تشكيلُ حكومةٍ لوحدِه دون التوافقِ مع أحزابٍ سنّيّةٍ وكردية، فليس مستغرَبًا أن تعملَ واشنطن على توفيرِ دعمٍ سياسيٍّ له داخل البرلمانِ العراقي، من قبلِ كتلٍ سنّيّةٍ وكردية، بالإضافةِ إلى بعضِ الأحزابِ المدنيةِ الصغيرة، وأحزابٍ شيعيةٍ مقرّبةٍ لها، حتى يتمكن من تشكيلِ حكومتِه القادمة.
سيناريو آخر يطرح نفسه في حال فشلِ السيناريوهاتِ المتوقعةِ أعلاه، فإن واشنطن يمكنُها المراهنةُ على موضوعِ شرعيةِ الانتخابات. فمن المعلومِ أن شرائحَ مجتمعيةً كبيرةً ستُقاطعُ الانتخاباتَ القادمة، بالإضافةِ إلى مقاطعةِ التيارِ الصدري، الذي سيؤثرُ بشدّةٍ على الجانبِ الشيعيِّ في المعادلةِ السياسية.
ويهدف الصدرُ وباقي المقاطعين إلى تقويضِ شرعيةِ العمليةِ الانتخابية، ووضعِ خصومِه السياسيين في موقفٍ صعب. وفي هذه الحالة، فإن واشنطن يمكنُها أن تلجأ إلى هذا السيناريو، والطعنِ بشرعيةِ الانتخابات إذا كانت مخرجاتُها غيرَ مريحةٍ لها، وستُحجمُ عن ممارسةِ دورِها السابق في تقديمِ الحكومةِ العراقيةِ للعالم كممثلٍ شرعيٍّ للشعبِ العراقي.
لا سيّما وأن الانتخاباتِ المقبلة ستُشاركُ فيها عددٌ من الفصائلِ المسلحةِ يُقدَّر عددُها بـ 20 كيانًا وقائمةً تمثّل “فصائلَ” وجماعاتٍ سياسيةً تملك “أجنحةً مسلحةً”، وهي مخالفةٌ صريحةٌ لأحكامِ الدستورِ العراقي، إذ يحظرُ الدستورُ مشاركةَ الفصائلِ المسلحةِ في العمليةِ الانتخابية.
واستنادًا إلى ما سبق، فإن واشنطن يمكنُها استغلالُ هذه النقطةِ لفرضِ إعادةِ إجراءِ الانتخابات، إذا لم تكن مخرجاتُ الانتخاباتِ بمثلِ ما تشتهي، وستفرضُ أيضًا إعادةَ صياغةِ قانونٍ انتخابيٍّ جديدٍ لن يكون مثلَ القانونِ الحالي، الذي يصبُّ في خدمةِ أحزابِ السلطة.
وبناءً على ذلك، فإن الأميركيين بدأوا منذ الآن بإثارة التشكيكات حول نزاهة العملية السياسية. ففي آخر تقريرٍ لصحيفة “ذا هيل” الأمريكية، كُشِف عن تسللِ عملاءَ لإيران إلى مفوضيةِ الانتخابات العراقية وتلاعبهم بالعملية قبل الإدلاء بأي صوت، مشيرةً إلى أن “النتائج تُكتب في طهران”. وذكرت الصحيفة أن “المقاعدَ البرلمانية تُقسَّم مسبقًا بين جماعاتٍ تشمل الميليشيات وحلفاء سياسيين مرتبطين بما يُسمى (المقاومة) المدعومة من إيران، ويشمل أيضًا جماعاتٍ كرديةً وعراقيةً انجذبت إلى فلك طهران”. ولفت التقرير إلى أن “النفوذَ الإيراني يمتد إلى كلِّ ركنٍ من أركان العراق، وعلى واشنطن أن تقرر قبل 11 تشرين الثاني/نوفمبر ما إذا كانت ستقاوم أم ستستسلم”. وأشار إلى أن “تراجعَ الولايات المتحدة بعد الانتخابات سيؤدي إلى عواقبَ أوسع، إذ سيزداد وكلاءُ إيران جرأةً، وتُحكِم طهران قبضتَها على المنطقة”.
وتساءل التقرير: “ما الرسالة التي ستُرسلها واشنطن إذا تخلّت عن العراق لأكبر خصومها الإقليميين؟”، مشددًا على أن “أمريكا مدينةٌ للعراق بفرصةِ العيشِ متحررًا من قبضةِ إيران”.
واشنطن ترفع سقف تهديدها.. عقوبات على المليشيات وضغوط لمنع تكرار حكومة موالية لإيران بعد الانتخابات
💥رسالة امريكية واضحة لا اعتراف بحكومة عراقية مليشياوية موالية لايران pic.twitter.com/Y8d98mViz1— كريم الحسيني (@Karimalhussaini) October 25, 2025
السيناريو الأخطر والأخير الذي قد تلجأ إليه إدارة ترامب، هو تسريع إقرار قانون “تحرير العراق من إيران”. وهو القانون الذي يعمل عليه عضو الكونغرس الأميركي جو ويلسون، مع السيناتور جيمي بانيتا من الحزب الديمقراطي، ويتضمن دعمَ تطلعاتِ الشعب العراقي للخلاص من النفوذ الإيراني، والعملَ على آلياتٍ لدعم الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان في العراق.
وبحسب نص القانون، فإن على وزير الخارجية، بالتعاون مع وزير الخزانة، والرئيس التنفيذي لوكالة الإعلام العالمية الأميركية، وضعَ استراتيجيةٍ وتقديمها إلى الكونغرس لدعم جهودِ الشعب العراقي في إزالةِ الميليشيات المدعومة من إيران، ومن ضمنها الحشد الشعبي، وإنهاءِ هيمنة إيران على النظام السياسي العراقي، ووقفِ المساعدات الأمنية الأميركية للحكومة العراقية، ما لم تُفكك جميعُ الميليشيات المدعومة من إيران، وتوقف دعمَ الإرهاب، وتُبعِد هذه الميليشيات عن أي منصبٍ حكومي. كما تحوي الخطةُ التنفيذية تصنيفَ جميع الميليشيات الإيرانية في العراق (من دون استثناء) منظماتٍ إرهابيةً أجنبية.
هل عاد قانون تحرير العراق من ايران ؟ pic.twitter.com/A0Y5ZlR2cf
— Rafid Jaboori رافد جبّوري (@RafidFJ) July 16, 2025
هذه بعضُ الإجراءات التي تضمّنها القانون، وقد قُدِّم إلى لجنة العلاقات الخارجية والقانونية، بانتظار قرار رئيس مجلس النواب في تحديدِ وقتِ إدراجه ضمن جدول أعمال الجلسة المقبلة والتصويت عليه. ومن مطالعة نصّ هذا القانون، يبدو أنه إعلانُ حربٍ على إيران داخل العراق، وتجريدٌ لها من كل أدواتِ نفوذها في البلاد.
وفي حال نجح السيناريو الذي تنوي واشنطن تطبيقه في العراق، وضمنت وجودَ حكومةٍ قريبةٍ من توجهاتها وأكثرَ بعدًا عن إيران، ستأتي المرحلة اللاحقة والأكثر أهمية. مرحلةُ تفكيكِ وحلِّ الفصائلِ المقرّبة من إيران، وهي المهمة التي تتوافق مع “قانون تحرير العراق من إيران” في حال إقراره. فالمتوقع أن الولايات المتحدة سترمي بثقلها لدعم الحكومة الجديدة، وبمشاركة جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، وبغطاءٍ جويٍّ أميركيٍّ كامل، للتعامل مع تلك الفصائل في حال امتنعت عن حلِّ نفسها ونزعِ سلاحها.
هذه المهمة، وإن كانت شاقة على الحكومة العراقية، فإنها ستلقى دعمًا شعبيًا واسعًا من العراقيين، الذين طالما شكوا من تغوّلِ الفصائل المسلحة في كل شؤون حياتهم واستيلائها على مقدرات البلد.
ونحن مقبلين على انتخابات نيابية، و #السوداني يحرص على الفوز بها
لماذا لا يقوم باجراء فعلي وحازم ضد الميليشيات لحلها أو تحجيمها
لو فعل ذلك، اعتقد إنه سيحصد عدد عظيم من الأصوات لصالحه.
حلقة كاملة https://t.co/5Z2kx4uvXo pic.twitter.com/tUFWEwMpY4— نظير الكندوري (@nadheer2) October 1, 2025
موقف إيران من الانتخابات
تخشى إيران خسارة نفوذها في العراق، لأن ذلك يعني فقدانها لأهم أوراق نفوذها حاليًا في الشرق الأوسط، بعد خسارتها لاثنتين من العواصم الأربع التي كانت تتباهى بالسيطرة عليها. ففي الوقت الذي أضعفت الحربُ مع إسرائيل حليفَها حزبَ الله في لبنان، وخسرت سوريا لصالح منافسين آخرين في المنطقة، باتت أميركا أمام فرصةٍ حقيقيةٍ لتغيير الأوضاع السياسية في العراق وتعزيز نفوذها.
ومن الجدير بالإشارة، أن العراق يُعد أحدَ أهمِّ البلدان بالنسبة لإيران، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاستراتيجية. فهي تستفيد منه كمنفذٍ لتجاوز العقوبات المفروضة عليها، فيما تهيمن الميليشياتُ العراقيةُ المواليةُ لإيران، مثل عصائبِ أهلِ الحق وكتائبِ حزبِ الله، على حصةٍ كبيرةٍ من الاقتصاد العراقي، ما يسمح لطهران بتمويلِ عملياتها في المنطقة.
ولأجل عدمِ خسارةِ إيران للعراق، أقدمت على تقديمِ تنازلاتٍ عديدةٍ وكبيرة، خشيةَ من إثارةِ غضبِ الأميركيين وضربِ مواليها من الفصائلِ والأحزاب وتدميرِ نفوذِها هناك، فقد نصحت إيران الفصائلَ المرتبطة بها في العراق بإيقافِ هجماتها خشيةَ ردِّ الفعل الأميركي. كما أوعزت إيران لأطرافِها العراقية، بإطلاقِ سراحِ المختطفةِ إليزابيث تسوركوف، وتمريرِ تعديلٍ ماليٍّ تم رفضُه سابقًا لصالح الأكراد المتحالفين مع أميركا، وحذفِ مذكرةِ اعتقالٍ ضد الرئيسِ الأميركي دونالد ترامب.
مع ذلك، فإن إيران، وبالرغم من ضعفِ نفوذِها النسبيِّ في العراق، لا تزال تمتلك أدواتٍ فاعلةً فيه. فهي قادرةٌ على التأثيرِ بالانتخاباتِ العراقية، كما فعلت في معظمِ الانتخاباتِ النيابيةِ السابقةِ التي جرت في العراق، وتمكنت من تشكيلِ حكوماتٍ قريبةٍ منها. وبالتالي، فهي تريد تكرارَ ذاتِ الشيء في الانتخاباتِ المقبلة، لاسيما وأن لها نفوذًا معتبرًا على مفوضيةِ الانتخابات، والمحكمةِ الاتحاديةِ التي تُصادق على نتائجِ الانتخابات.
لكن، إذا ما أصرت الولاياتُ المتحدة هذه المرة على مراقبةِ الانتخاباتِ العراقية المقبلة في أكتوبر/تشرين الأول 2025، وضمانِ شفافيتِها، فسيكون بإمكانِها الحدُّ من التأثيرِ الإيراني على نتائجِ الانتخابات.
