“مرحبًا، أنا ستيفن ميلر، قد يعرفني بعضكم أو لا يعرفني. ليس لدينا وقت للخوض في هذا الآن. أنا المرشح الوحيد هنا الذي يستحق الترشح، سأقول وأفعل ما لا يقوله أو يفعله أي شخص عاقل آخر، هل أنا الوحيد الذي سئم من تلقي الأوامر بجمع نفاياته، ولدينا الكثير من عمال النظافة الذين يتقاضون رواتبًا مقابل ذلك؟”.
بهذه العبارة المصحوبة بسؤال استفزازي، والتي ألقاها طالب مراهق في مدرسة سانتا مونيكا الثانوية حين كان مرشحًا لمجلس الطلبة، بدأ يرسم ملامح الشخصية التي سترافقه طوال مسيرته السياسية؛ الاستمتاع بإثارة الحشود، والتصميم على استفزاز خصومه بقدر ما يسعى إلى إقناع مؤيديه، وإثارة الجدل في العمل العام كوسيلة لجذب الانتباه وترسيخ النفوذ.
اليوم، وبعد عقدين من تلك اللحظة، أصبحت نبرته الاستفزازية سمة دائمة في حضوره السياسي، وأصبح الرجل الكاليفورني الذي يناهز الأربعين أحد أكثر الشخصيات نفوذًا وتأثيرًا في دوائر صنع القرار بواشنطن، والعقل المنظّر الذي يقف وراء كثير من سياسات دونالد ترامب، ويحرّك بقبضة حديدية أجندة إدارته “أمريكا أولًا” التي أعادت صياغة الخطاب اليميني الأمريكي، والمستشار الأكثر نفوذًا وتطرفًا في ملفات الهجرة، وصوت اليمين القومي المتشدد داخل البيت الأبيض.
رحلة صعود من أقصى اليمين
وُلد ميلر عام 1985 لأسرة يهودية ميسورة في سانتا مونيكا، المدينة الشاطئية الثرية التي تقوم رفاهيتها على أكتاف عمال مهاجرين من المكسيك وأمريكا الوسطى، غير أن كاليفورنيا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي كانت تغلي بموجات من العنصرية وردود الفعل المعادية للمهاجرين.
عندما كان في السادسة من عمره، اندلعت اضطرابات لوس أنجلوس عقب اعتداء الشرطة الوحشي على المواطن الأمريكي من أصل أفريقي رودني كينغ، وحين بلغ التاسعة، أُعيد انتخاب الحاكم الجمهوري بيت ويلسون مستندًا إلى برنامج معادٍ للمهاجرين، وقد كانت موجة اليمين الشعبوي في صعود، وفي قلبها تشكلت طفولة وملامح خطابه ميلر التحريضي.
نشأ ميلر في ضواحي لوس أنجلوس الثرية، وعاش طفولته في منزل فاخر، وله خدم من أمريكا اللاتينية يطبخون وينظفون، قبل أن تفقد العائلة جزءًا من ثروتها إثر زلزال دمّر كثيرًا من ممتلكات العائلة العقارية، وتضطر إلى بيع منزلها والانتقال إلى منطقة سكنية أقل ثراءًا، ما دفعه إلى التمرد على محيطه الليبرالي باكرًا.
لم يختبر ميلر الفقر، لكنه لمس طعم القلق الطبقي في سن مبكرة، ويبدو أن هذا القلق انقلب إلى عداء دفين تجاه من هم أدنى منه، حيث يتذكره زملاؤه في المدرسة كمراهق يميني يستمتع بإثارة الجدل واستفزاز الليبراليين، وكمَن يعبّر بلا مواربة عن احتقار الطلاب الأجانب والعاملين من خلفيات متواضعة.

في كتابها “مُروّج الكراهية” وهو السيرة الذاتية الوحيدة المنشورة عن ميلر حتى الآن، توثّق الصحفية جان غيريرو بدايات الناشط السياسي المستقبلي كـ”محرّض عنصري ناشئ”، وتروي حلقة واحدة من فترة مراهقته، عندما تخلى فجأة عن صديقه المقرب من أصول مكسيكية جيسون إيسلاس فقط بسبب عرقه، مبررًا قراره ببرود ولامبالاة تامة.
في مدرسته الثانوية، اكتسب ميلر سمعة “الفتى المتمرد” الذي يتلذذ باستفزاز زملائه من أصول لاتينية، واشتهر بعبارته التي كانت تعبيرًا مبكرًا عن نزعة طبقية وعنصرية سترافقه لاحقًا، ونواةً لفكر أكبر تمثَّل في ازدراء العمال، وتقديس الهرمية الاجتماعية، واحتقار أي خطاب عن العدالة أو المساواة.
في السادسة عشرة من عمره، كتب ميلر مقالاً في موقع محلي انتقد فيه وجود طلاب يدرسون اللغة الإنجليزية، واتهم الإدارة بـ”التحيز الليبرالي” لقيامها بكتابة مذكرات مدرسية رسمية باللغة الإسبانية، كما هاجم مدرسته لدعوتها رجل دين مسلم محلي لإلقاء كلمة في الحرم الجامعي، واعتبرها “مكانًا قد يشعر فيه أسامة بن لادن بالترحيب”.
وبعد عامين، كتب مقالاً أكثر تطرفًا وعنصرية بعنوان “حان وقت القتل”، في صحيفة طلاب مدرسته الثانوية، مدافعًا عن الغزو الأمريكي لأفغانستان، وشبّه زملائه المعارضين للحرب بالإرهابيين، وزعم أن المسلمين حول العالم يفرحون بقتل غيرهم، لكنه لم يقدم أي دليل يدعم ادعاءاته، ما يعكس مبكرًا تركيزه العدائي تجاه المسلمين بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
Here is Stephen Miller’s 2002 op-ed in the Santa Monica high newspaper, “A Time to Kill.” pic.twitter.com/Eu7ZaaSxJD
— Ari Rosmarin (@A_Rosmarin) February 12, 2017
لاحقًا، أصبح ميلر تلميذًا لديفيد هوروفيتز، أحد أبرز المنشقين عن اليسار الأمريكي والمروّجين لليمين الثقافي الجديد، والذي فتح أمامه أبواب الإعلام المحافظ، وساعده على دخول جامعة ديوك بولاية نورث كارولينا، إحدى أعرق الجامعات الخاصة في البلاد، حيث واصل لعب دور “المستفز الدائم”، وصقل نزعته المحافظة المتشددة.
في الجامعة، وجد ميلر ضالته الفكرية وسط صعود “الحرب على الإرهاب”، فأصبح منسقًا وطنيًا لمشروع “الوعي بالإرهاب”، الذي حذّر من “الخطر الإسلام الفاشي”، ودعا للدفاع عن “حضارة الغرب”، كما أسّس فرعًا لـ”طلاب من أجل الحرية الأكاديمية”، وهاجم الحركات النسوية والتعددية الثقافية.
بينما كان في سنته الجامعية، صعد نجمه في الإعلام المحافظ بدفاعه الصاخب عن لاعبي فريق ديوك لاكروس البيض المتهمين باغتصاب امرأة سوداء عام 2006، وهي القضية التي جعلته وجهًا مألوفًا في برامج شبكة “فوكس نيوز”.
مع مرور الوقت، انغمس ميلر في أوساط اليمين القومي الأبيض، وتعاون مع شخصيات مثيرة للجدل مثل ريتشارد سبنسر، مروّج مصطلح “اليمين البديل”، والذي يعد من أبرز منظّري خطاب الكراهية ضد المسلمين والمهاجرين.
بعد تخرجه، قادته شهرته المتزايدة إلى واشنطن، حيث دخل الكونغرس مساعدًا للنائبة الجمهورية اليمينية ميشيل باكمان، ثم انتقل إلى مكتب السيناتور الجمهوري عن ولاية ألاباما آنذاك، جيف سيشنز، المعروف بمواقفه المناوئة للهجرة، والذي أصبح لاحقًا وزير العدل في إدارة ترامب الأولى، قبل أن تتوتر علاقتهما بسبب التحقيقات المرتبطة بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
من خلال عمله مع سيشنز الذي أصبح لاحقًا أول مسؤول يفتح له أبواب حملة ترامب الرئاسية، رسّخ ميلر سمعته كمهندس للسياسات المعادية للهجرة، وساهم في عام 2013 في إسقاط مشروع قانون للهجرة يحظى بدعم الحزبين، وكان سيمنح الملايين من المهاجرين غير النظاميين طريقًا إلى الجنسية مقابل تعزيز أمن الحدود، مُعلنًا نهاية ما تبقّى من جهود الحزب الجمهوري للتوصل إلى حل وسط بشأن الهجرة غير النظامية.
في تلك الفترة، تعمّقت صلات ميلر بحلقة اليمين المتطرف، وبخاصة ستيف بانون، وبدأ يتعاون مع موقع “بريتبارت” الإخباري اليميني المتشدد (كان يترأسه بانون حينها) للتأثير على الرأي العام ضد مشروع الهجرة، وضغط بشكل متكرر للاستشهاد بتقارير من مركز دراسات الهجرة، وهو مركز أبحاث أسسه جون تانتون، المناهض للهجرة بشكل صريح.
في رسائل بريد إلكتروني مسربة، شجَّع ميلر الموقع الإخباري المحافظ بحماس على إجراء مقارنات بين سياسة الهجرة الأمريكية، وروايات عن “غزو المهاجرين” مثل “معسكر القديسين”، التي تُعَدّ مرجعًا أيديولوجيًا لليمين القومي الأبيض، ووجهة المتطرفين والعنصريين في الغرب، منهم بانون الذي صرّح في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، وقبل أسابيع من توليه منصب المستشار الأمني لترامب، بأن “أوروبا تشهد غزوًا قديسيًا”، في إشارة تحذيرية من تزايد أعداد المهاجرين إلى أوروبا وأمريكا.
المهاجر الكاره للمهاجرين
حين أعلن ترامب ترشحه للرئاسة عام 2015 بخطاب هجومي ضد المهاجرين، متعهدًا ببناء الجدار الحدودي مع المكسيك، وجد ميلر في شخصه تجسيدًا لأفكاره، فكان أول من انضم إلى حملته، ووجد ترامب في ميلر صوتًا قادرًا على تحويل الغضب إلى سياسة، فجعله منذ ذلك الحين كاتب خطاباته المفضل ومستشار السياسات الأقرب، حتى صار اسمه مرادفًا للسياسات التي تربط “الهوية القومية” بالنقاء العرقي والثقافي.
منذ اليوم الأول لوصول ترامب إلى البيت الأبيض، رسم ميلر ملامح ولايته، فكتب له خطاب “المذبحة الأمريكية” الشهير الذي ألقاه الرئيس في حفل تنصيبه عام 2017، وافتتحه بعبارة: “هذه المذبحة الأمريكية ستتوقف هنا والآن”. ومنذ ذلك اليوم، كان روح الإدارة الجديدة، ومحرِّكها الأيديولوجي، ومهندس سياسات تجاوزت أقصى ما تصوَّره اليمين الأمريكي في نصف قرن.
وسرعان ما تلى ذلك موجة من الأوامر التنفيذية التي تمكّن سلطات الهجرة والجمارك، وتستهدف مدن اللجوء، وتأمر ببناء جدار حدودي، فقد قاد ميلر حملة لإلغاء برنامج “الحماية المؤقتة للأطفال المهاجرين”، وخفّض بشكل كبير عدد اللاجئين، رغم أن أجداده هربوا إلى أمريكا فرارًا من مذابح روسيا القيصرية في بدايات القرن العشرين.
وكان ميلر أيضًا مهندس المرسوم التنفيذي الذي حظر دخول مواطني 7 دول ذات أغلبية مسلمة إلى أمريكا، وبرز كواحد من أبرز المدافعين عن سياسة فصل الأطفال المهاجرين عن ذويهم على الحدود الجنوبية، وهي ممارسة صُممت عمدًا لتكون عقابية وردعية، وهو أيضًا مَنْ جعل عصابة “MS-13″ السلفادورية، التي كانت غامضة في السابق، هاجسًا لإدارة ترامب.
تلك الإجراءات جعلته بالنسبة لمنتقديه تجسيدًا لأكثر جوانب إدارة ترامب بشاعة ووحشية. ومع كل موجة انتقاد، كان يزداد نفوذه، حتى داخل عائلته، وُجهت إليه اتهامات أخلاقية قاسية، وأعلن أقاربه قطيعتهم معه، واصفينه بـ”النازي” و”ناكر لتاريخ أسرته التي لجأت إلى أمريكا هربًا من الاضطهاد”.
في 2018، كتب عمه ديفيد غلوسر مقالاً في مجلة “بوليتيكو” وصف فيه ميلر بأنه “منافق بشأن الهجرة”، وأنه خان جذوره الإنسانية، وحوّل إرث عائلته من اللجوء إلى القسوة بتبنيه سياسات تنكر حق اللجوء الذي أنقذ أسلافه من المذابح العنيفة والتجنيد الإجباري في جيش القيصر منذ الطفولة”، معتبرًا أن أفكاره بشأن الهجرة لو كانت سارية المفعول قبل قرن من الزمان، لكانت عائلته قد مُحيت.
في الفترة الانتقالية بين الولايتين الأولى والثانية، امتلك ميلر الوقت لإعادة صياغة خطابه بدقة، وحوّل اهتمامه إلى تأسيس منظمة غير ربحية باسم “أمريكا أولاً القانونية”، قاد منها حربًا قانونية وإعلامية، التي أغرقت المحاكم بسيل من الدعاوى ضد سياسات الهجرة والتعليم وحقوق الأقليات، تمهيدًا لما يفعله اليوم في البيت الأبيض. ورغم أنه ليس محاميًا، فإن بصمته القانونية واضحة في معظم أوامر ترامب التنفيذية في ولايته الثانية.
وحين عاد ترامب بالفعل إلى البيت الأبيض، كان ميلر قد أصبح أكثر تشددًا وتأثيرًا من أي وقت مضى، وبدت بصماته واضحة في جميع المبادرات المبكرة لولاية ترامب الثانية، وفي موجة الأوامر التنفيذية التي أربكت الإعلام، وأغرقت المؤسسات الفدرالية والنظام القضائي عمدًا لإرهاق المحاكم وانتزاع مزيد من صلاحيات السلطة التنفيذية.
لم يكن أي أمر أكثر تجسيدًا لميلر من ذلك الذي صدر يوم تنصيب ترامب الثاني في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، والذي حاول إلغاء “حق المواطنة بالولادة” لأبناء المهاجرين غير النظاميين، وهو إجراء اعتبره خصومه “انقلابًا دستوريًا”، ووصل حاليًا إلى المحكمة العليا بعد أن طعنت الإدارة في قدرة المحاكم الأدنى على إصدار أوامر قضائية على مستوى البلاد تدعم حقًّا يكفله الدستور الأمريكي.
وتجاوز حماس ميلر المناهض للهجرة في بعض الأحيان حماس ترامب نفسه، الذي قال، بحسب لصحيفة “نيويورك تايمز“، في اجتماع انتخابي العام الماضي: “لو كان الأمر بيد ميلر، لكان عدد سكان أمريكا لا يتجاوز 100 مليون شخص، وجميعهم يشبهونه”.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض كأحد أفراد “عصابة ترامب“، لم يلين ميلر، فقبل أسابيع من موجة المداهمات المسلحة التي شنتها وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك على أماكن العمل، والتي أشعلت مظاهرات حاشدة في لوس أنجلوس، هاجم ميلر مسؤولي الوكالة لعدم تحقيقهم “معدل الاعتقالات المطلوب”، مؤكدًا أن البلاد بحاجة إلى 3 آلاف اعتقال يومي لتفي الإدارة بوعد ترامب بترحيل مليون مهاجر غير نظامي في عامه الأول من الولاية الثانية.
وفي مايو/ أيار الماضي، لوّح ميلر بإمكانية تعليق حق المثول أمام القضاء – وهو حماية دستورية من الاحتجاز غير القانوني – بذريعة تسريع عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين، في خطوة تُذكّر بعصور الطوارئ العسكرية. وبينما يعترض القضاء الفيدرالي على كثير من هذه الإجراءات، يهاجم ميلر القضاة بوصفهم “ماركسيين ينفذون انقلابًا قضائيًا على سلطة الرئيس”.
The fundamental error in how immigration is being discussed in the courts and media is pretending that what happened to us over the last four years is a routine civil enforcement matter.
NO.
We were invaded and occupied. Entire neighborhoods were conquered.
Entire towns were…
— Stephen Miller (@StephenM) March 29, 2025
مستشار بصلاحيات رئيس
منذ عودة ترامب إلى السلطة، كان ميلر هو من أعدَّ عشرات المراسيم التنفيذية التي وقَّعها الرئيس في أسابيعه الأولى، من إعلان حالة الطوارئ على الحدود الجنوبية، إلى تفكيك برامج التنوع في الجهاز الفيدرالي، وانسحاب أمريكا من منظمة الصحة العالمية.
وبصفته المهندس الأيديولوجي الأول في إدارة ترامب، تقع على عاتقه سياسات أثارت الجدل، فقد برز اسمه مع نشر قوات الحرس الوطني لقمع الاحتجاجات في لوس أنجلوس وواشنطن، وأدار حملات دائرة الهجرة والجمارك على المدن الكبرى، وقاد هجومًا واسعًا على الجامعات وبرامج “التنوع والإنصاف والشمول”، ووضعته حركة “لا للملوك” في واجهة الانتقادات كحامٍ ومنفذ لسياسات ترامب “المثيرة للجدل”.
كما ارتبط اسمه بظهور عناصر أمنية مقنّعة في الشوارع، ونظام محاكم هجرة صارم، وتعليق المساعدات الخارجية، والضغط على شركات التكنولوجيا الكبرى لحظر مبادرات التنوع، بل واتهامات بتنفيذ عمليات قنص خارج القانون لمهربي مخدرات في مياه دولية.

واليوم، يوصف الرجل في دوائر واشنطن بأنه “الضمير الغريزي للرئيس”، وبأنه “الرجل الذي يعبّر عن أفكار ترامب الأكثر تطرفًا، وينفّذها ببراغماتية باردة”، ويصفه السيناتور الجمهوري تيد كروز، الذي عرفه منذ معركتهما ضد إصلاح الهجرة عام 2013، بإنه “كان موظفًا فعالاً في الكونغرس، وهو اليوم أكثر فاعلية بأضعاف في البيت الأبيض. إنه المهندس الرئيسي لنجاح الرئيس في تأمين الحدود”.
ويقارن بعض المحللين تأثيره في الإدارة بتأثير ديك تشيني الذي مارس نفوذًا واسعًا كنائب للرئيس في عهد جورج بوش الابن. في المقابل، يرى منتقدوه أنه “أصل كل الشرور في البيت الأبيض، ويصفه السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيو مكسيكو، بن راي لوجان بانه “العقل الذي صاغ أبشع سياسات إدارة ترامب الأولى”.
وحتى داخل البيت الأبيض، يعترف كثيرون بأنهم يخشونه، ويصفه بعضهم بأنه “لا يُستفز دون أن ينتقم”، ويتهامس آخرون بأنه الرجل الذي لا يُذكر اسمه في الممرات دون توتر. ومع زوجته كاتي ميلر، أصبحا ثنائيًّا نافذًا لا يُمس داخل إدارة ترامب، يصفهما بعض المسؤولين بأنهما “الظل الدائم للرئيس”.
وفي حين يمكن السخرية من ترامب بسهولة، يمثل ميلر الوجه الأكثر ظلمة وبرودًا في تلك المنظومة. والنتيجة أن حضوره بات واضحًا في جميع مجالات السياسة، فإلى جانب إحكام قبضته على ملف الأمن الداخلي، حيث يروّج لسياسات تهدد بإعادة صياغة مفهوم المواطنة ذاته، امتد نفوذه إلى وزارة الخارجية، حيث ساهم في تعيين حليفه كريستوفر لاندو نائبًا لوزير الخارجية المؤقت ماركو روبيو، بهدف إحكام السيطرة على سياسات التأشيرات والهجرة، ومنع تدفق الأجانب إلى أمريكا.
باختصار، يقف ستيفن ميلر اليوم في قلب إدارة ترامب الثانية بوصفه المدير الفعلي لمشروع إعادة تشكيل الدولة الأمريكية على أسس قومية محافظة واستبدادية الطابع، ومع كل خطوة جديدة، تتضح أكثر ملامح البيت الأبيض الذي يحكمه رجال لا ينتخبهم أحد، لكنهم يحكمون من وراء الستار، باسم الرئيس ولصالح أنفسهم.
 
         
         
         
         
         
		 
            


 
									